بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
تحفةُ الأحوذي بشرح " جامع الترمذي " .
للإمام الحافظ / أبي العلا محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم
المباركفوري ( 1353 هـ ) .
(رقمُ الفائدة – رقم الصفحة )
معرفة المسنِد ، والحافظ ، والمحدّث
( 1 / 8 -9 –10) حدُّ المسـنِد : من
يرويْ الحديثَ بإسنادِه ، سواء كان عندهُ علمٌ به ، أو ليس له إلا مجرد
الرواية ، وعن مالكٍ أنّه قال : لا يؤخذ عن
مبتدعٍ يدعو إلى بدعة ، ولا عن سفيهٍ يعلن بالسفه ، ولا عمن يكذبُ في
أحاديث الناس ، وإن كان يصدق في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا
عمن يعرف في هذا الشأن .
قال الشيخ فتح الدين بن سيد الناس : وأما
المحدّث في عصرنا ، فهوَ من اشتغلَ بالحديثِ روايةً ، ودرايةً ، واطلع
على كثيرٍ من الروايات والرواة في عصره ، واشتهر فيه ضبطه ، فإن توسع
حتى عرفَ شيوخه ، وشيخ شيوخه ، طبقة بعد طبقة ، بحيث ما يكون ما يعرفه
في كل طبقة أكثر مما يجهل فهو الحافظ ، وقال غيره :
إن ذلك يختلف باختلاف الأزمان
وقيل الحافظ : من أحاط بـ مائة ألف حديث ،
وقيل الحجة : من أحاط بـ ثلاثمائة حديث
والحاكم :من أحاط علمه بجميع الأحاديث
المروية سندًا ومتنًا ، وجرحاً وتعديلاً ، وتاريخًا .
فضل علم الحديثِ وأهله
( 2 / 11 ) لولاهُ
لقالَ من شاءَ ما شاءَ ، وخبَطَ النّاسُ خبطَ عشواءَ ، وركبوا متنَ
عمـياءَ ، ويا له من علمٍ نيط بدمه الحق والهدى ، ونيط بعنقه الفوز
بالدرجات العلى {أهلِ الحديث همُ أهل النبي وإن
– لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا}
الحديث الأول : قال رسول الله صلى عليه وسلم
{ أولى النّاسِ بي يومَ القيامةِ أكثرُهم عليَّ
صلاةً } يصلون قولًا وفعلًا
الحديثُ الثاني : عن ابنِ مسعودٍ مرفوعًا {
نضّر الله امرءا سمعَ منّي شيئا فبلّغه كما سمعه ،
فربّ مبلّغ أوعى له من سامع}
قال القاضي أبو بكر بن العربي : قال علماء
الحديث : ما منْ رجلٍ يطلبُ الحديثَ إلا كان على وجهه نضرة لحديث...
الحديث الثالث : عن ابن عباسٍ مرفوعا {
اللهم ارحمْ خلفائي ، قلنا يا رسول الله ومن خلفاؤك
؟ قال : الذين يروون أحاديثي ويعلمونها النّاس }
الحديثُ الرابع : عن إبراهيم العذري مرفوعًا
{ يحملُ هذا العلمَِ من كلّ خلفٍ عدولُه ، ينفونَ
عنهُ تحريفَ الغالين ، وانتحالَ المبطِلين ، وتأويل الجاهلين }
ضعف طرقها كلها الدارقطني ، وابن عبد البر ، لكن جزم العلائي بحسنه
لطرقه .
الحديث الخامس : عن معاوية بن قرة عنْ أبيه
مرفوعا { إذا فسد أهلُ الشامِ فلا خيرَ فيكم ، لا
تزال طائفة من أمتي منصورين ، لا يضرّهم من خذلهم حتى تقوم الساعة
} قال الترمذي : حسنٌ صحيحٌ ، وقال ابن المديني:أصحابُ الحديث
فيما
يتعلق بتدوين الحديث
( 3 / 22 ) آثارُ النبي صلى
الله عليه وسلم لم تكنْ في عصرِه ولا في عصر الصحابةِ وتبعهم مدونة
ومرتبة لوجهين :
أحدهما : أنّهم قد نُهوا عنه في ابتداء
الحال ، خشيةَ أن يختلطَ بعضه بالقرآن العظيم .
الثاني : سعةُ حفظهم ، وسيلان أذهانهم ،
ولأن أكثرهم لم يعرف الكتابة ثم حديث في آخر عصر التابعين التدوين .
قلتُ : وراجع الكلام على هذا الفصل في تلخيص
" المنهاج " للنووي ، فلا حاجة للتكرار!
وما يدلُّ أنَّ بعضهم كان يكتب ما ورد عن عبد الله بن عمرو {
اكتبْ ! فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا الحق
}
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم { اكتبوا لأبي شاة
} وحفظُ أبي هريرة رضي اللهُ عنه ، ولم يكن ينس! وصحيفة ابن حزم ،
وصحيفة أبي بكر في " الزكاة " .
ويجمع بينهما : أنّ النهي خاصٌّ وقتَ نزولِ
القرآن ، أو نسخ الإذن للنهي ، أو النهي خاص لمن يلتبس عليه .
حملةُ العلمِ في الإسلامِ أكثرُهم من
العجم
( 4 / 38 ) كان صاحبُ صناعة
النحو ( سيبـويه والزجّاج والفارسي ) وكلهم
عجمٌ ، وكذلك حملةُ الحديث ، وعلماءُ أصولِ الفقه ، وأكثرُ المفسرين ،
إذْ العرب قد أشغلتهم الرياسة في الدولة العباسية .
وراجعْ مقدَّمة ابنِ الصلاح :
روينا عن ( الزهري ) قال : قدمت على ( عبد الملك
بن مروان ) فقال : من أين قدمت يا زهري ؟ قلت : من مكة . قال : فمن
خلفت بها يسود أهلها ؟ قلت : ( عطاء بن أبي رباح ) . قال : فمن العرب
أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : وبم سادهم ؟ قلت :
بالديانة والرواية . قال : إن أهل الديانة الرواية لينبغي أن يسودوا .
قال : فمن يسود أهل اليمن ؟ قال : قلت : ( طاووس بن كيسان ) . قال :
فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : وبم سادهم ؟
قلت : بما سادهم به عطاء . قال : إنه لينبغي . قال : فمن يسود أهل مصر
؟ قال : قلت : ( يزيد بن أبي حبيب ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟
قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل الشام ؟ قال : قلت :
مكحول . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي عبد
نوبي أعتقته امرأة من هذيل . قال : فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قلت : (
ميمون بن مهران ) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من
الموالي . قال : فمن يسود أهل خراسان ؟ قال : قلت : ( الضحاك بن مزاحم
) . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال :
فمن يسود أهل البصرة ؟ قال : قلت : ( الحسن بن أبي الحسن ) . قال : فمن
العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : ويلك فمن يسود
أهل الكوفة ؟ قال : قلت : ( إبراهيم النخعي ) . قال : فمن العرب أم من
الموالي ؟ قال : قلت : من العرب . قال : ويلك يا زهري فرجت عني والله
لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها . قال
: قلت : يا أمير المؤمنين ؟ إنما هو أمر الله ودينه من حفظه ساد ومن
ضيعه سقط
وفيما نرويه عن ( عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ) قال
: لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة
فإن الله خصها بقرشي فكان فقيه أهل المدينة ( سعيد بن المسيب ) غير
مدافع
( 245 ) قلت : وفي هذا بعض الميل فقد كان حينئذ من
العرب غير ( ابن المسيب ) فقهاء أئمة مشاهير منهم ( الشعبي والنخعي )
وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ( ابن المسيب ) عرب إلا ( سليمان بن
يسار ) والله أعلم
طبقات الكتب الحديثية
( 5 / 44 – 45 )
الطبقةُ الأولى : الموطأ ، والصحيـحانُ ،
فقد اتفـقَ المحدثون على أنّ جميعَ ما فيهما من المتصل المرفوع صحيحٌ
بالقطع ، وأنهما متواتران إلى مصنّفيهما ، واستدركَ عليه الحاكم ،
وأصاب بعضًا ، وأخطأ بعضًا ، لكن الشيخان لا يقولان بكثيرٍ ما يقوله
الحاكم ، وأما الموطأ فكله صحيحٌ على رأيِهِ
، وأما قول غيره فإنه لا يوجد مرسل ومنقطعٌ إلا قد اتصلَ به السند من
طرقٍ أخرى ، فلا جرم أنها صحيحةٌ من هذا الوجه .
الطبقةُ الثانيةُ : كتبٌ لم تبلغ درجة
الموطأ والصحيحين ، ولكن أهلها معروفون بالتبحر والعدالة ، كسنن أبي
داود ، وجامع الترمذي ، ومجتبى النسائي .
الطبقةُ الثالثةُ : مسانيد وجوامع ومصنفات ،
صنفت قبل البخاري ومسلم وزمنهما ، وبعدهما ، جمعت بين الصحيح والحسن
والضعيف ، ولم يفحصْ عن صحتها وسقمهما المحدثون كثير فحْصٍ ، كمصنّف
عبد الرزاق وابن أبي شيبة ، ومسند عبد بن حميد ، وأبي داود الطيالسي ،
وكتب البيهقي ، والطحاوي ، والطبراني ، وكان مقصودهم الجمع!
الطبقةُ الرابعةُ : قصد مصنّفوها بعد قرون
متطاولة ، جمع ما لو يوجد في الطبقتين الأوليين ، وكانتْ على ألسنةِ من
لم يكتبْ حديثه المحدثون ، ككثيرٍ من الوعّاظ المتشدقين ، والضعفاء ،
والحكماء ، وأخبار بني إسرائيل ، ومظنّة هذه الأحاديث كتاب
" الضعفاء " لابن حبان و "
الكامل " لابن عدي وكتب الخطيب وأبي نعيم
وابن عساكر وابن النجار والديلمي ، وأصلح
هذه الطبقة ما كان ضعيفًا محتمِلًا ، وأسؤها ما كان موضوعًا شديد
النكارة .
الطبقةُ الخامسةُ : ما اشتهرَ على ألسنةِ
الفقهاء والمؤرخين والصوفية ، وليس له أصل في هذه الطبقات الأربع ،
ومنها ما دسّه الماجن في دينه ، والعالم بلسانه .
أما الطبقة الأولى والثانية : فعليها اعتماد
المحدّثين ، وحوم حماها مرتفعهم ومسرحهم ، وأما
الثالثة : فلا يباشرها للعمل فيها والقول بها إلا النحارير
والجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال ، وعلل الأحاديث ، وربما أخذت
المتابعات والشواهد وأما الرابعة :
فالاشتغال بجمعها ، أو الاستنـباط منها نوعُ تعمّق من المتأخرين .
أنواعُ الكتبِ المصنّفة في علمِ الحديث
( 7 / 52 ) الجامع : ما يوجد
فيه جميع أقسام الحديث – أحكام – عقائد – آداب – تفسير – مناقب – سير –
فتن
أحاديث الأحكام : من كتاب الطهارةِ إلى كتاب
الوصايا ، تسمّى " سنـنًا " .
أحاديث العقـائد : " التوحيد " لابن خزيمة "
الأسماء والصفات " للبيهـقي .
أحاديث الرقاق : " الزهد " للإمام أحمد ،
وابن المبارك و ، الأداب " الأدب المفرد " للبخاري .
أحاديث التفـسير : " تفسير ابن جرير ،
والديلمي ، وابن مردويه ، والدر المنثور يجمعها كلها " .
أحاديث الفتن : " الفتن " لنعيم بن حماد ،
وأحاديث المناقب : " القول الجلي في مناقب علي " الرياض النضرة " .
فالجامع ما يوجد فيه أنموذج من كل فن من هذه
الفنون ، كالجامع للترمذي ، والبخاري ، وأمام مسلم فليس فيه تفسير ولا
جزء القراءة ، فلا يقال له الجامع .
ومنها " جمع الجوامع " للسيوطي و "
جامع الأصول لأحاديث الرسول " لأبي السعادات
الجزري ( 606 هـ ) و " مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
" للهيثمي ( 802 هـ ) و " جمع الفوائد من جامع
الأصول ومنبع الفوائد " للفاسي و " إتحاف
المهرة بزوائد المسانيد العشرة " للبوصيري ( 840 هـ ) مرتبٌ على
مائة كتاب .
أولًا : السنن ، سنن أبي داود ، والنسائي ،
وابن حبان ، وابن السكن ( 353 ) والبيهقي ( 458 ) والدارقطني ،
والدارمي مع أنّ ابن الصلاح قد عدّه في المسانيد وهو وهمٌ! وقال ابن
حجر : لو ضمّ إلى الخمسة كان أمثل من ابن ماجهْ .
ثانيًا : المسانيد ، وإما تكون على ترتيب
الصحابة ، بتوافق حروف الهجاء ، أو السابق إسلاما ثم الخلفاء فأهل بدر
والحديـبية ، ثم مسلمة الفتح ، ثم أحاديث النسوة الصحابيّات ، أو
القبائل ، كبني هاشم ثم الأقرباء لهم .
مثل : مسند ابن راهويه ، ويعقوب بن شيبة ، والطيالسي ، وأحمد بن حنبل ،
وأبي حنيفة ،
ثالثًا : المعاجم ، وهو ما يكونُ على ترتيبِ
الشيوخ ، بتقدم وفاته ، أو الهجاء ، أو الفضيلة ، كمعاجم الطبراني .
رابعًا : الأجزاء ، وهو ما يؤلف بجمع أحاديثِ
رجلٍ واحدٍ ، كجزء حديث أبي بكر ، وأبي هريرة ، أو في موضوع خاص ، كذم
الدنيا ، وباب النية ، لأبي بكر بن أبي الدنيا ، و " رؤية الله "
للآجري و " رفع اليدين في الصلاة والقراءة خلف
الإمام " للبخاري .
خامسا : الأربعون حديثًا ، تجمع في باب واحد
، أو أبوابٍ شتى ، وأما الحديث المعتمد عليه فهو ضعيفٌ وإن كثرتْ طرقه
، منهم من قصد الأحكام ، أو المواعظ ، وكم من حديث كثرت رواته وتعددت
طرقه لا يزيده إلا ضعفًا .
سادسًا : المستخرجات ، بأن يأتي المصنف ،
فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، فيجمتع معه في
شيخه ، أو من فوقه ، كالمستخرجات على صحيح البخاري للإسماعيلي
والبرقاني وبن مردويه ، وعلى مسلم لأبي عوانة ( 316) وأبي بكر بن رجاء
النيسابوري ، والشاذلي ، والجوزقي ، وعليهما : للأصبهاني ، والأخرم ،
والخلال ، وللمستخرجات فوائدُ كثيرة منها " العلو " و " القوة " و "
تبـيين التدليس والعننعة والانقطاع والمهمل والمبهم إلخ .. "
سابعًا : المستدركات ، وهو : ما فاتَ من
كتابٍ آخر على شريطته .
ثامنًا : العلل ، ككتاب " التمـييز
" للإمام مسلم و " العلل الصغير " للترمذي .
تاسعًا : كتب الأطراف ، بأن يذكر طرف الحديث
، الدال على بقيته ، كـ" الأشراف على معرفة الأطراف
" لابن عساكر ، وهو محدث شامي ، رفيقٌ للسمعاني ، صنف "
التاريخ الكبير " لدمشق ، و" تاريخ بغداد "
( 571هـ ) . و و" تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف
" للمزي ، و " مختصر أطراف المزي " للذهبي ،
و" أطراف الكتب السنتة " للمقدسي
عاشرًا : المسلسلات ، وهو : ما تتـابع رجال
إسناده واحدا فواحدا على صفة واحدة ، أو حالة واحدة ، للرواة والرواية
، كمسلسل تشبيكـ اليد ، والإيمان بالقدر ، وبـ إني أحبك ، وبرواية
العيد .
الحادي عشر : الأمالي ، وهو جمع الإملاء بأن
يقعدَ عالمٌ وحوله تلامذته معهم المحابر والقراطيس ، فيتكلم ، فيملي
التلاميذ ، ومنها " أمالي ابن حجر " و " وابن عساكر" قال ابنُ عدي :
كنا نشهد مجلس الفريابي وفيه عشرة آلاف وأكثر! قال أبو الحسين بن
المبارك : كان مجلسه يُحزر بأكثرَ من مائة ألف إنسان .
فصل / في ذكرِ الكتبِ الستةِ المعروفة
بـ " الصحاح ِ الستةِ " .
اعلمْ أنَّ أهلَ العلمِ قد دوّنوا الأحاديث ، واختلفتْ
مصنّفاتهم = لكن الكتب الستة اشتهرتْ غايةَ الاشتهار ، واختيرت للقراء
والإقراء ، والسماع والإسماع ؛ لما فيها من الفوائد ، وللبخاريِّ لمن
أرادَ التفقّه مقاصد جليلة ، ولأبي داود في حصر أحاديثِ الأحكام
واستيعابهما ما ليس لغيره ، وللترمذي في فنونِ الصناعةِ الحديثيّةِ ما
لمْ يشاركه غيرُه ، وقد سلكَ النّسائي أغمض تلكَ المسائل وأجلها .
قال الحافظُ ابنُ حجر : وأوّل من أضافَ ابن ماجه إلى الخمسة " الفضلُ
بن طاهر " في أطرافه ، ثم الحافظ عبد الغني المقدسي في " الكمال في
أسماء الرجال " لكثرةِ زوائدِه على الخمسةِ بخلافِ الموطأ ؛ لكنْ فيهِ
أحاديثُ ضعيفةٌ بل منكَرةٌ نقل عن الحافظِ المزّي : أنّ الغالبَ فيما
انفردَ به الضعف ، وجعلَ رزين والمجد ابن الأثير السادسَ الموطأ .
وقال الحافظ : وينغي أنْ يُجعلَ مسند الدارمي سادسًا للخمسةِ بدله ،
فإنه قليل الرجال الضعفاء ، نادرَ الأحاديث المنكرة والشاذة ، وإنْ كان
فيه أحاديث مرسلة وموقوفة .
ذكرُ مصنفِ " البخاريّ " .
· أصحُّ الكتب بعد اللهِ عزّوجلّ ، وأصحُّ الصحيحين على
الترجيح من مذهب الجماهير وأهلِ الإتقانِ والحذق والغوص ، وما رُويَ عن
الشافعيِّ أن الموطأ أكثرُ صوابًا فذلكَ قبلَ وجودِ البخاريِّ ، وهو
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبهْ الجُعْفي ، أبو عبد
الله البخاري = روى عنه الترمذي في الجامع ، ومسلم في غير الجامع ،
وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وابنُ أبي الدنيا ، وحدث عنه محمدُ بن نصرٍ
المروزي ، وابنُ خزيمة ، وابن أبي داود = حفظ تصانيف ابنِ المبارك وهو
صبيٌّ ، وصنّف كتابه " التاريخ " عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم في
الليالي المقمرة .
وقد اختلف في اسم جدّه ، فقيل " يرذبه " وقيل " يزدبه " كان مجوسيّا ،
وأول من أسلمَ البخاريُّ ، ونسبةُ البخاري إلى سعيدِ بن جعفر الجعفي
والدي خراسان ، وكان له عليهم الولاء ، فنُسِبُوا إليه .
· قال الذهبي ( قدْ أفردتُ مناقبَ هذا الإمام في جزءٍ ضخمٍ فيها العجب
) وفن بعد الظهر من عيدِ الفطر .
ذكرُ مصنّفِ " مسلم " .
أبو الحسين ، مسلمٌ بن الحجاج بن مسلمٍ القشيري النيسابوري ، صاحبِ
الصحيح ، رحل إلى الحجاز والعراق والشام ومصر ، سمع من يحيى بن يحيى
النيسابوري ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وعبد الله بن مسلمة
القعنبي ، وروى عنه الترمذي ، قال ابن أبي حاتم ( كتبتُ عنهُ وكان ثقةً
من الحفاظ له معرفة بالحديث ، وسئل أبي عنه فقال:صدوق ) وقال بندار (
حفاظ الحديث أربعة = محمد بن إسماعيل ، أبو زرعة ، الدارمي ، مسلم ) .
أجمعوا أنّه وُلد بعد المائتين ، ولم أرَ أحدًا ضبطَ عمرَه ومولدَه (
قلت أبو الهمام : يرجعُ لتلخيص المنهاج شرح مسلم بن الحجاج ) .
ذكرُ مصنّفِ " أبي داود " .
iو سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني
ولد ( 202 ) ، روى عن ابن حنبل ، وابن معين ، وقتيبة بن سعيد ، وعثمان
ابن أبي شيبة ، وروى عنه الترمذي والنسائيُّ وأبو عوانة وابنُه ابقال
أبو داود { كتبتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم خمس مائة ألف حديث
انتخبت ما ضمّنتُه وجمعت في كتابي هذا أربعة آلاف حديثٍ وثمانمائة حديثٍ
من الصحيحِ وما يشبهُه ويقاربُه} ، ويكفي من الأحاديث :
(1) إنّما الأعمال بالنيات (2) من حسنِ
إسلامِ المرء تركه ما لا يعنيه (3) لا يكونُ المؤمنُ مؤمنًا حتى يرضى
لأخيه ما يحبه لنفسه (4) الحلال بين ، والحرامُ بين ، وبين ذلك مشتبهات
لا يعلمهن كثيرٌ من الناس .
فالأول لتصحيح العبادات ،والثاني : لمحافظة الأوقات ، والثالث :
لمراعات الحقوق ،والرابع :مدافعة الشكوك والترددات
قال يحيى بن زكريا الساجي { أصلُ الإسلامِ كتابُ اللهِ ، وعمادُه سننُ
أبي داود } وقد عرضه على الإمامِ أحمد بن حنبل فاستجادَه وأحسنَه ،قال
الحافظ أبو بكرٍ الخطيب { كتابُ السنن لأبي داود كتابٌ شريفٌ لم يصنّف
في علم الدين مثل، وقد رزق القبول من كافةِ النّاس ، وطبقات الفقهاء
على اختلافِ ، وعليه معوّل أهل العراق ومصر وبلاد المغرب ، وكثير من
أقطارِ النّاس .... يجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السننِ والأحكام
أخبارًا وقصصًا ومواعظَ وأدبًا .
قال ابنُ الأعرابي { لو أنّ رجلًا لمْ يكنْ عندَه من العلمِ إلا المصحفِ
، ثم كتاب أبي داود لم يحتجْ معهما شيءٌ من العلم }
قال الخطابي { وهذا لا شكّ فيه ، فقد جمعَ في كتابهِ هذا من الحديث في
أصولِ العلم ، وأمهاتِ السنن ، وأحكام الفقه ما لم يعلمْ متقدما سبقه
إليه ، ولا متأخرًا لحقه فيه } .
شروح سنن أبي دود
(1) معالمُ السنن ؛ للإمامِ الخطّابي ، ولخصه
شهاب الدين المقدسي ، وسماه " عجالةُ العالمِ من كتاب المعالم " .
(2) شرح الإمام النووي ، ولكنه لم يتم .
(3) شرح الحافظ ابن القيم ، فقد ذكر أنّ
المنذري قد أحسن في اختصاره ، فهذبتُه وزدتُ عليه من الكلام على العللِ
، وتصحيح الأحاديث ، والكلامِ على المتون المشكلة ، وبسط الكلام على
مواضع لا يجدها في غيره .
(4) شرح الزوائد على الصحيحين ، لسراج الدين
عمرو بن علي بن الملقن .
(5) شرح أبي زرعة أحمد بن الحافظ رزين الدين
العراقي (826 ) كتبَ من أوله إلى سجود السهو في سبع مجلدات ، ولو كمله
لجاء في أربعينَ مجلدًا .
(6) شرحُ شهاب الدين أبي محمد أحمد بن محمد
المقدسي ، من أصحابِ المزي (765) وسماه {انتحاء السنن واقتفاء السنن }
.
(7) مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود ،
للسيوطي .
(8) فتحُ الودود على سننِ أبي داود ، لأبي
الحسن السندي ابن عبد الهادي ( 1139 ) .
لـانَ الحـديـثُ وعـلمُـهُ بـكمَـالهِ ** ** لإمـامِ أهـليـه إلـى داود
مـثل الـذي لـان الحديث وسـبكـه ** ** لنـبـيّ أهـلِ زمـانـه داود
سنن النّسائي ( المجتـبى ) .
هو : أحمدُ بن شعيب بن علي بن سنان أبو عبد
الرحمن النسائي ، نسبةً إلى " نسأ " روى عنه ابنه عبد الرحمن ، وابن
السني ، وأبو عوانة ، وأبو جعفر العقيلي ، وأبو جعفر الطحاوي .
صنّفَ في أولِ الأمرِ كتابًا يُقال له " السنن الكبير " وهو كتاب لم
يجمع مثله في طرقِ الحديث ، وبيانِ مخرجه ثم اختصره بـ" المجتـبى " أو
" المجتـنى "
وذلك بأمرِ أميرٍ بأن يجرّد الصحيحَ ، وكلّ حديث تُكلم في إسناده أسقطه
، وإذا أطلق في الكتب الستة فالمراد به المجتبى وقال أبو علي والحاكم
والخطيب : له شرطٌ أشدُّ من شرطِ مسلم! وقولهم غير مسلّم .
قال ابنُ كثيرٍ : إن في النسائي رجالًا مجهولين ، عينًا أو حالًا ،
وفيهم المجروح وفيه أحاديث ضعيفة ومنكرةٌ
قال الشوكاني : أقل السننِ الأربعِ بعد الصّحيحِ حديثًا ضعيفًا ، وقال
الذهبي وتاج الدين السبكي : إنه أحفظُ من مسلم
كانَ لا يحدّثُ بحديثِ ابنِ لهيعةَ ، عاشَ ثمانيًا وثمانين سنةً ، توفي
مقتولا وشهيدًا {303}.
{ سننُ ابنِ ماجهْ }
أبو عبد الله = { محمد بن يزيد بن ماجه} الربعيّ
بالولاء ، القزويني الحافظ المشهور ، كان إمامًا عارفًا بالحديث وعلومه
، وقد ولد ( 209 ) توفي ( 273 ) وصلى عليه أخوه أبو بكرٍ ، وتولى دفنه
أبو بكرٍ وعبد الله ، وابنه عبد الله .
تنـبيه : اختِلف في " ماجهْ " فقيلَ : لقب والدِه ، وقيل : اسمُ أمّه ،
وعلى القولين تكتب الألف على لفظ " ابن " ليعلم أنّه وصفٌ لمحمد لا لما
يليه ، فهو مثل عبد الله بن مالك ابن بحينة ، وإسماعيل بن إبراهيم ابن
عليه .
من ألزمَ الشيخان بأحاديث ، لم
يلتزماها !
الوجه الأول :الشيخان
لا يكتفيان بمجردِ تصحيحِ الراوي في العدالةِ والاتصال ، دون النّظرِ
إلى مَنْ روى عنه في كثرةِ ملازمِته وقلّتِه ، أو كونه من بلدِه
ممارسًا لحديثه ، أو غريبًا مِنْ بلدِ مَنْ أخذَ عنهُ .
الوجه الثاني :أنهما يرويانِ عن أناسٍ ثقاتٍ
ضُعّفُوا في أناسٍ مخصوصين من غيرِ الذين ضُعّفوا فيه ، كأنْ يُقال (
هيثـم عن الزهري ) فليس هذا على شرطهما ، إنما أخرجا لهيثم من غيرِ
حديثِ الزهري ؛ لأنّ هيثما حدّث عن الزهريّ عشرين حديثًا ثم جاءت ريحٌ
فذهبت الأوراق ، فصار يحدّث من حفظه ، ولم يكن أتقنها فوهم!
وكذا همامٌ ضعيفٌ في ابنِ جريجٍ ، معْ أنّ كلًّا منهما أخرجَ لهما من
غير هذه السِّلْسِلة ِ ، وكذا خرجا لخالد بن مخلد القطواني عن سليمان
بن بلال ، ولم يخرجا حديثه عن عبد الله بن المثنى ، فإنّ خالدًا غير
معروفة بالرواية ِ عن ابن المثنى .
الوجه الثالث :من روى إسنادًا بلفظه منْ
رجالِهما ، كسماكٍ عن ابنِ عبّاسٍ ، فسماكٌ على شرطِ مسلم ، وعكرمة
انفردَ به البخاريّ ، فالحق أنّه ليسَ على شرطِ واحدٍ منهُما .
الوجه الرابع :أن يرويا عن رجلٍ قبلَ
اختلاطِه ، كأحمد بن عبد الرحمن ابن أخي عبد الله بن وهبٍ ، فقد اختلطَ
بعد الخمسين ومائتين بعد خروجِ مسلمٍ من مصر ، وإنّما أخذ عنهُ قبلَ
ذلك .
الوجه الخامس :أخرجَ مسلمٌ عنْ بعضِ الضعفاءِ
، ولا يضرّه ذلك فإنّه يذكر أولًا الحديث بأسانيدَ نظيفةٍ ، ويجعلُه
أصلًا ثم يُتبعه بإسنادٍ أو أسانيد فيها بعضُ الضعفاءِ على وجهِ
التأكيد والمبالغة ، فمن أتى بسندٍ فيه هؤلاء فقد أتى على رجال مسلم
بعينه لا على شرط مسلم .
الوجه السادس :يروي مسلمٌ سندا صحيحا ،
لكنّه نازلٌ ، فيرويه بإسنادٍ أعلى ، وليسوا بدرجةِ الإسناد النازل .
توكيد / كانَ سفيانُ يقول : حدثني فلانٌ وهو كذّابٌ ،فقيل له : أنتَ
تروي عنه وتقول كذاب؟ قال : إنّي أعرفُ كذِبَه من صدقِه ، وهذا يعطيك {
روايةُ غيرِ الشيخينِ عن رجالِ الشيخين لا يوجبُ مساواةَ مرويه
بمرويهما } .
الصّحاحُ غير الكتب الستة .
(1) صحيحُ ابنِ خزيمةَ
= أبو بكرٍ محمدُ بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح السلمي
النيسابوري ، ولد ( 223 ) سمع من إسحاقَ بن راهويه ومحمود بن غيلان ،
حدّثَ عنه الشيخان خارجَ صحيحهما
قال أبو بكر بن جعفر { سمعت ابن
خزيمة وسئل من أين أوتيتَ العلم ؟ فقال : قال رسول الله " ماء زمزم لما
شرب له " ولما شربتُ ماءَ سألت اللهَ علمًا نافعًا } وقد كان يحفظُ
الفقهيّات من حديثه كما يقرأ القارئ السورة ، ومصنفاته تزيد على أربعين
ومائتين ، وله فقه حديثِ بريرة في ثلاثِ مجلدات ، واستوعبَ الحاكمُ
ترجمتَه .
قلت( أبو الهمام ) وأستبعدُ أنْ
يكون الشيخانِ قد حدّثا عن ابن خزيمة ، فالفارق بينهما خمسين سنةً
تقريبًا .
(2) صحيحُ ابنِ حبانَ
= أبو حاتم بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي البُستي ، سمع من النسائي
وابن خزيمة ، وحدّث عنه الحاكم ، كان على قضاءِ سمرقند زمانًا ، وكان
من فقهاء الدين وحفّاظ الآثارِ ، عالما بالطبّ والنجوم وفنون العلم ،
صنف المسند الصحيح ، والتاريخ ، والضعفاء ، وفقه الناس ، بسمرقند ، مات
( 354 ) .
(3) صحيح ابن عوانة =
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري ، صاحب الصحيح المسند المخرج على
صحيح مسلم ، حدث عنه ابنُ عدي ، والطبراني ، من علماءِ الحديثِ
وأثباتِهم ، توفي ( 316 ) وكان أولمن أدخلَ كتبَ الشافعي ومذهبه إلى "
أسفرائين " أخذ ذلك عن الربيعِ والمزني ، وهو ثقةٌ جليلٌ .
(4) صحيح ابن السكن =
أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي ، ولد ( 194 ) سمعَ
أبا القاسم البغوي ، ومحمد بن يوسف الفربري ، روى عنه : ابنُ منده ،
وتوفي ( 353 ) .
قلتُ ( أبو الهمام ) عل أصبعَ الطابع ِ قد زلّت
فكتب ( 194 ) بل هي ( 294 ) هـ .
(5) صحيحُ الإسماعيلي =الإمام
الحافظ شيخ الإسلام ، أحمدُ بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس
الإسماعيلي الجرجاني ، كبيرُ الشافعية بناحيته ، ولد ( 277 ) سمع من
ابن أبي شيبة ، وأبي يعلى ، وابن خزيمة ، وله معجمٌ مرويٌّ من جملتها "
مسند عمر رضي الله عنه " قال الذهبي : طالعتُه وعلقتُ منه ، وابتهرتُ
بحفظ هذا الإمام ، وجزمتُ بأنّ المتأخرين على إياسٍ من أنْ يلحقوا
المتقدمين بالحفظِ والمعرفة! حدّث عنهُ الحاكم والبرقاني والسهمي .
قال أبو محمدٍ الحسن بن علي = كانَ الواجبُ للشيخِ أبي بكرٍ أنْ يصنّف
لنفسِه شيئًا ويختار ويجتهد ، فإنّه كان يقدرً عليه لكثرةِ ما كان كتبَ
ولغزارةِ علمه وفهمه وجلالته ، وما كانَ له أن ينبغي أن يتقيّد بكتاب ِ
محمدِ بن إسماعيل ، فإنه أجلّ من أنْ يتبعَ غيرَه ، قال الحاكم : كان
واحد عصره ، وشيخ المحدثين والفقهاء ، وأجلهم في الرياسة والمروءة
والسّخاء مات سنة ( 371 ) .
(6) صحيح المستدرك للحاكم = الحافظ الكبير
إمام المحدثين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن
نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بـ " ابن البيّع " ولد ( 321 )
سمع البلادَ من ألفيْ شيخٍ روى عن أبيه ، وعن أبي العبّاس الأصم ، وأبي
بكر النجاد ، وابن درستويه ، حدث عنه : الدارقطني ، وأبو ذر الهروي ،
وأبو يعلى الخليلي ، وأبو بكر البيهقي ، قال الخطيب { كان ثقةً يميلُ
إلى التشيّع ، فقد أتى بحديث الطير ، وزعم أنه على شرطيهما } قال
الذهبي : وفي مستدركه أحاديثُ موضوعة ، وأما أحاديث الطير فله طرق
كثيرة مجموعها يوجب أن يكون له أصل ، وأما حديث " من كنت مولاه فعلي
مولاه " فله طرق جيدة
اتفق له من التصانيف ما يبلغ – لعل – ألف جزء مع تخريج الصحيحين ،
وتاريخ نيسابور ، والمدخل إلى علم الصحيح ، والإكليل ، وفضائل الشافعي
.
قال الحاكم " " شربتُ ماءَ زمزمَ وسألت اللهَ
أنْ يرزقني حسنَ التصنيفِ " " وقال ابنُ حجر
{ تساهلُ ابن الجوزي ( في التضعيف) والحاكم
(في التصحيح ) أعدمَ النفي بكتابيهما ، إذْ
ما منْ حديثٍ فيهما إلا ويمكن أنّه مما وقعَ فيه التساهل فلذا وجبَ على
الناقد الاعتناء بما ينقلُه منهما من غيرِ تقليد لهما }
واعتنى الذهبي بمستدرك الحاكم ، فتعقب وتوقف ، وجرّد بعض الحافظ منه
مئة حديثٍ موضوعٍ ، ولم أقفْ على من اعتنى بكتاب ابن الجوزي ، فقدْ
أردفتُ تلخيصَه في مؤلف وجيزٍ ، أذكرُه على طريقةِ الأطرافِ ثم أردف
توثيقه أو متابعاته وشواهده ، وأنبه على من أخرجه من الأئمة المعتبرين
في شيء من كتابه الجليل .
ما حكمُ ما انفرد به الحاكمُ في تصحيح
حديث ؟!
قال ابن الصلاح {
الأولى أن نتوسطَ في أمرِه ، فنقول : ما حُكِم بتصحيحه ولم نجدْ فيه
لغيرِه من الأئمة فهو من قبيلِ الحسن يحتجّ به إلا أنْ تظهرَ فيه علة
توجب ضعفه ، ويقاربه صحيح ابن حبان البُستي } قال المباركفوري : الذي
حملَ ابنَ الصلاح ما ذهبَ إليه ِ أنّ أمـرَ التصحيحِ قد انقطعَ ولم يبقَ
له أهلٌ ، والصحيحُ أنّه لم ينقطعْ وأنه سائغٌ لمن كملت أدواته وكان
قادرًا عليه .
(7) المختارة ، للحافظ ضياء الدين أبو عبد الله بن
عبد الواحد المقدسي ، ثمّ الدمشقي الصالحي الحنبلي ولد (569)سمع
من ابنِ الجوزي ، وأبي مظفر السمعاني ، من العلماء الربانيـين شديد
التحري ، منقطعٌ متواضعٌ زاهدٌ حافظٌ متقنٌ حجّةٌ نبِهٌ عفيفٌ ، عاش
أربعًا وسبعين سنةً ، توفي ( 643 ) .