اطبع هذه الصفحة


مَظَاهِرُ الْوَثَنِيِّةِ فِي المَسِيحِيِّةِ المُبَدَّلَةِ (النَّصْرَانِيِّة)

ابراهيم الدميجي


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ


الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله, لقد جاءت رسل ربنا بالحق, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته وأفعاله, وأشهد أن نبينا محمداً عبدُ الله ورسوله وصفيّه ومصطفاه وخليله وكليمه, البشير النذير والسراج المنير, صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه النبيين الذين أخذ الله عليهم الميثاق لئن بُعث محمدٌ وأحدهم حي ليتبِّعَنّه, عينُ كتيبتهم, وواسطة قلادتهم, وفصّ خاتمهم, كلّهم يوم القيامة تحت لواء حمده.

إيهٍ أحاديث نعمــان وســاكـنـه  ** إن الحـديث عن الأحباب أسمارُ
أفتّش الريح عنكم كلّما نفحت **   من نحــو أرضـكم نكباء معطارُ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينًا أول بدء أمره: «دعوة أبي إبراهيم, وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام» رواه أحمد وصححه الألباني, وقال صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلّات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد وليس بيننا نبي» متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وأدرك النبي فآمن به» متفق عليه, وعند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار».

ورضي الله عن آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين, وألحقنا بهم في عليين, أما بعد:

   فالنصرانية وسمّها إن شئت المسيحيّة المبدّلة أو البولسية (نسبة إلى بولس _الرّسول!_ واسمه الحقيقي شاول أو شاؤول اليهودي الفِرّيسي, المنظّر الأكبر في الديانة المسيحية الحالية على قول هارت في الخالدون) إنّما هي عبارة عن ركام خرافات أمم الأوثان عبر تاريخها الغابر المغبرّ, ومعاذ الله أن نشمت بأحد, ولكن يعزّ علينا تزييف الحقيقة, وتشويه المحجة, وتشويش الصراط المستقيم, بتزيين الباطل وإلباسه لبوس الحق والهدى.

فالتثليث, والتجسّد, والخطيئة الأزلية, والتكفير بالخلاص والصلب والفداء, وقانون الإيمان النيقاوي, والعشاء الربّاني (العشاء المقدّس) والتعميد, والميرون, والأسرار الكنسية...وغير ذلك إنّما هو دخيل على رسالة المسيح الأصليّة الأصيلة, وجناية على الإنجيل المقدّس الحقيقي بترّهات رجالات الكنيسة, وسرقات منظّريها الأدبية, وحسابات أباطرتهم الشخصية.

 ثَمَّ حقيقة يغفل عنها كثير من المنتسبين للمسيح عليه السلام, مفادها أن العقائد المسيحية المستوحاة من العهد الجديد تلتقي بشكل جذري مع العقائد الوثنية القديمة.  

والفكر الوثني بعقائده ومشاربه يقوم على تأليه قوى محسوسة, لها قدرات غيبية وشهودية بدافع الخوف أو الرجاء أو كليهما.

لهذا بعث الله تعالى المرسلين ليُخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، وليُصفّوا عقائد البشر من علائق التعلق بغير الله تعالى, ومن شوائب الشرك وتراكماته، ويُنَقُّوا نفوسهم من لوثة التشريك وظلامه, إلى طهارة التوحيد وضيائه، لهذا اتفقت دعوة الرسل على التوحيد وتعبيد الناس للإله الحق الواحد وهو الله تعالى، كما اتفقت دعوة أعدائهم على خلاف ذلك، وبين المدرستين تباين وتمايز, ولكل منهما سمات تحدد الجوهر والمنهج.

والعجب أن الطوائف الوثنية الكبرى كالهندوسية والبوذية والميثراوية والزارادشتية والقبطية الفرعونية والإغريقية تجمعها سمات ذات خلفية متحدة وأصول متشابهة وإن اختلفت ظاهرًا في الطقوس أو التعاليم.

وفي (تاريخ العالم): «إن المسيحية لم تكن عند أكثر الناس غير ستار رقيق يخفي تحته نظرة وثنية خالصة للحياة» (1).

والمؤسف أن المسيحية المبدلة الحالية (البولسية) انقلبت على مدرسة الرسل إلى مدرسة أعدائهم, فاعتنقت تلك الأسس, وتشربت تلك الأصول الوثنية للأمم الجاهلية، مما يدل على أنه قد جرى السطو على مدرسة المسيح عليه السلام النبوية لتتحول دفة السفينة إلى الوحل الوثني والخندق الشركي بكل مرارة وأسى, على يد قراصنة أظهروا حب المسيح وأبطنوا حربه، وإليك البراهين:


أ ــ في المكان الذي شيّد فيه مبنى الفاتيكان الحالي كان يوجد معبد وثني للديانة الميثراوية.

وكان أتباع تلك الديانة يقيمون طقوسًا لمعبودهم ميثرا تماثل تمامًا طقوس المسيحية الحالية في هذا الزمان!

ب ــ وفي ذلك المكان عينه الذي يضم رؤوس الكاثوليك, كان يقام احتفال وثني في يوم (25) من ديسمبر من كل عام .

فيحتفلون بميلاد ميثرا أو المخلص، الذي يعتقدون أنه مات في الفُصْحِ، وصعد بعد ثلاثة أيام إلى السماء، والمولود من أم عذراء، وهو من نسل الآلهة، وصعد للسماء ووعد أتباعه بالعودة يوم القيامة كديّان للبشرية، ويقوم كاهن برمز التناول من الخبز والنبيذ لتمجيد المخلص، ويعتقد الآكل للخبز والشارب للنبيذ أنه إنما يأكل جسد المخلص ميثرا ويشرب دمه!.

وأذكر القارئ العزيز أني أصف عقيدة أتباع ميثرا وليس المسيح!! ــ وميثرا هو معبود الفرس الذين انتشرت ديانتهم الميثراوية (2) في الشمال الشرقي لحوض المتوسط قبيل المسيحية، وكانت هناك شائعة مفادها أنه لو لم تنتصر المسيحية لعبد العالم بأسره ميثرا، وقد كانت هذه الديانة الوثنية هي المنافس الأول للمسيحية في مراحلها الأولى (3).

وهناك أوجه شبه كبيرة بين الديانتين مما يدل على سطو الثانية على تراث الأولى، من أمثلة ذلك:
1ــ في التثليث: عند الميثراوية: أوزرد (الخالق) أهردمان (المهلك) ميثرا (المخلص).
2ــ كان لميثرا (12) تلميذًا (4).
3ــ مات ليخلص البشر من خطاياهم(5).
4ــ عاد ميثرا للحياة بعد موته.
5ــ يلقب ميثرا بالمخلص وبالمنقذ(6).
6ــ لميثرا أتباع يعمّدون باسمه.

جـ ـ يتفق النصارى مع الأمم الوثنية في تاريخ الاحتفال بميلاد المسيح عليه السلام.


 فيجعلونه في (25 ديسمبر)(7)، وهذا هو وقت التحوّل الشمسي وازدياد طول النهار، فالشمس باعتقادهم تولد من جديد. ومن تلك الأمم التي وافقتها المسيحية في ذلك التحديد:
1ــ الصينيون القدماء بعيد ميلاد إلههم (جانغ تي).
2ــ المصريون القدماء ــ الفراعنة ــ بعيد ميلاد إلههم (رع).
3ــ الهندوس بعيد ميلاد إلههم (كرشنا) وهو أبرز آلهة الهند الوثنية.
4ــ البوذيون بعيد ميلاد إلههم (بوذا) وقد أخذوا اعتقادهم من الهندوس, بعد انشقاقهم عنهم
5ــ الروس القدماء بعيد ميلاد إلههم (كوليادا).
6ــ الكلدان بعيد ميلاد إلههم (كريس). ولعلهم تأثروا بكرشنا وثن الهندوس.
7ــ سكان سوريا والقدس وبيت لحم ــ قبل ميلاد المسيح عليه السلام ــ بعيد ميلاد المخلص (أتيس).
8ــ سكان فريجيا(8) بعيد ميلاد المخلص (ابن أتيس).
9ــ الإسكندنافيون(9) بعيد ميلاد إلههم (ثور)(10).
10ــ الأنجلوساكسون(11) بعيد ميلاد إلههم (جاو وابول).
11ــ الفرس القدماء بعيد ميلاد إله الشمس (ميثرا).
12ــ اليونانيون بعيد ميلاد إلههم (ديونيسس) الابن المولود للإله الأكبر.
13ــ الروم بعيد ميلاد إلههم (سول إنفكتوس) وهو عيد الساتورناليا(12)، ولقدسية ذلك اليوم عند الرومان، وبخاصة إمبراطورهم الوثني قسطنطين؛ فقد تم اعتماد ذلك اليوم عيدًا لميلاد المسيح عليه السلام(13).

د ــ استنساخ الديانتين اليونانية والرومانية:

ففلاسفة الإغريق (اليونان) بوجههم الروماني قد اعتنقوا الديانة المسيحية (البولسية) لما تحولت من المسيح النبي إلى المسيح الإله، فاتفقت فلسفتهم القائلة بأن الكون ثلاثي التكوين بهذا التثليث المسيحي، وهي الفلسفة المنسوبة لأفلاطون، حيث ركّب الآلهة الخرافية من مركب ثلاثي الأبعاد: العلة الأولى, وهي العقل أو اللوغوس, النفس وروح الكون, مع الأب والابن, فاختلطت هذه الأفكار الغامضة والتجريدات الميتافيزيقية(14) مع العقائد المسيحية البولسية(15) فاستحالا إلى صورة واحدة متداخلة، وهكذا ولدت عقيدة التثليث التي قامت عليها المسيحية الحالية(16)، لهذا فقدماء المسيحيين يكنون تقديرًا خاصًا لأفلاطون.

قال داني فيرا: «إن عبادة الصليب أصلها وثني, حيث كانوا يستخدمون الصليب في السحر قبل المسيحية، فأعجبت هذه الأفكار الأباطرة الوثنيين ليناصروا عبّاد التثليث»(17).

وقال المؤرخ أرنولد ميلر: «إن قسطنطين ومن تلاه من الأباطرة الوثنيين أدخلوا الوثنية في المسيحية»(18).

وقال الدكتور فيليب حتّى: «كان الفكر الهيليني(19) يأخذ ويعطي؛ فإن الإغريق الغربيين أخذوا بالديانات الشرقية الغنية بطقوسها وبشعائرها وبمعتقداتها الغيبية الغريبة، فراحوا يتبنون آلهة شرقية ويسبغون عليها صفات وأسماء إغريقية، وهكذا أصبح البعل عند الإغريق زفس، وعند الرومان جوبيتر المشتري كبير الآلهة، وأصبح تموز دونيس»(20).

ومن ثم انتقلت هذه الثقافة الشرقية مخلوطة بنكهة إغريقية مع إضافات رومانية في إناء الفرعونية إلى المسيحية الرومانية الحالية(21).

قال برنتن: «إن المسيحية الكافرة في مجلس نيقيّة مخالفة كل المخالفة لمسيحية المسيحيين في الجليل، ولو أن المرء اعتبر العهد الجديد التعبير النهائي عن العقيدة المسيحية لخرج من ذلك قطعًا بأن مسيحية القرن الرابع لا  تختلف عن المسيحية الأولى فحسب، بل إن مسيحية القرن الرابع لم تكن مسيحية بتاتًا»(22).

لقد كان هذا رأي بعض رجال الكنيسة، وانظر كذلك إلى ما قاله الدكتور ويليام تامبل أسقف كنيسة كنتربري وحبر أحبار إنجلترا: «إن من الخطأ الفاحش أن نظن أن الله وحده هو الذي يقدم الديانة أو القسط الأكبر منها»(23) وما في هذا الكلام من القبح والسوء إلا أنه تعبير عن سطو الأيدي الآثمة على تراث المسيح الموحى به(24).

هـ ــ تشابه أصولها مع أصول الهندوسية:

فهل حقًا ما يقال من أن كتَّاب العهد الجديد قد نقلوا عن كتب الهندوس معانيها وأساطيرها وكثيرًا من طقوسها وأقرّوا العقائد ذاتها، مع تغيير مسمى الإله كرشنا للإله يسوع!|

والجدول التالي يجيب عن هذا التساؤل(25):

م كرشنا م يسوع
1 ولد كرشنا من العذراء ديفاكي(26). 1 ولد يسوع من العذراء مريم (متى 1: 20)
2 لما ولد كرشنا كان ناندا خطيب أمه ديفاكي غائبًا عن البيت حتى أتى إلى المدينة كي يدفع ما عليه من الخراج للملك 2 لما ولد يسوع كان خطيب أمه غائبًا عن البيت وأتى كي يدفع ما عليه من الخراج للملك (لوقا 2: 1ــ 17)
3 كرشنا صلب ومات على الصليب(27). 3 يسوع صلب ومات على الصليب (متى 27: 50)
4 مات كرشنا ثم قام من الأموات 4 مات يسوع ثم قام من بين الأموات (متى 28: 9)
5 ونزل كرشنا إلى الجحيم 5 ونزل يسوع إلى الجحيم (أعمال 2: 31) (بطرس 1: 3- 19)(28).
6 وصعد كرشنا بجسده إلى السماء وكثيرون شاهدوا الصعود 6 وصعد يسوع بجسده إلى السماء والناس شاهدوا الصعود (مرقس 16: 19) (لوقا 24: 52)
7 ولسوف يأتي كرشنا إلى الأرض في اليوم الأخير، ويكون ظهوره كفارس مدجج بالسلاح وراكب على جواد أشهب 7 ومن لم يؤمن يُدَن (مرقس 16: 16) وكل فقرات الدينونة
8 ويقولون عن كرشنا: إنه الخالق لكل شيء، ولولاه لما كان شيء مما كان، فهو الصانع الأبدي. 8 ويقولون عن يسوع: إنه الخالق لكل شيء، ولولاه لما كان شيء فهو الصانع الأبدي (يوحنا 1: 1ــ 3) (كورنثوس 8: 6) (أفسس 3: 9)
9 وقد تنازل كرشنا رحمة ووداعة وغسل أرجل البرهميين، وهو الكاهن العظيم برهما وهو العزيز القادر ظهر لنا بالناسوت»(29) 9 «وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ» (يوحنا 13: 5)
10 التثليث: برهما (الأب) فشنو (الابن) سيفا (روح القدس) 10 التثليث: «الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد» (رسالة يوحنا(1) 5: 7).


وقد عدّ أحد الباحثين مسائل التوافق بين كرشنا فأوصلها إلى (46) فقرة، أما بين بوذا ويسوع فوصلت إلى (48) فقرة!

هذا وقد أقرّ رجال الكنيسة بهذا التوافق والتشابه، لكنهم زعموا أن  مردّ ذلك إلى أن أسفار الفيدا الهندية هي من أخذت من الإنجيل، ولكن المحققين أثبتوا وجود هذه الأسفار ورجوعها إلى زمن سابق لنزول التوراة فضلًا عن الإنجيل. وممن أكد ذلك (لجنة الدراسات للآثار الهندية) المكونة من علماء إنجليز وفرنسيين.

 إذن فما المسيحية الحالية إلا نسخة معدّلة عن غيرها, فتارة عن المصرية القديمة, وتارة عن الرومانية والميثراوية, وتارة عن الديانات الهندية(30) القديمة، لذلك فقد انقطعت عن وحيها السماوي واستبدلته بآراء وأفكار وعقائد أرضية لا تمت لدين الأنبياء بصلة، قال تعالى واصفًا حال المسيحية الحالية: "وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنّى يؤفكون" [التوبة: 30].

د ـ تشابهها مع أصول البوذية:


حيث بلغت أوجه التشابه إلى (48) وجهًا، وهذه أمثلة:

م بوذا م يسوع
1 ولد من العذراء مايا وهو المخلص، والأرواح تنشد مبتهجة به «وصارت الأرواح التي أحاطت بالعذراء مايا وابنها المخلص تسبح وتبارك وتنشد: لك المجد أيتها الملكة...»(31). 1

«واسم العذراء مريم» (لوقا 1: 27)

«وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب... أبشركم بفرح عظيم... مخلص هو المسيح الرب... وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين المجد لله في الأعالي...» (لوقا 2: 8ــ 14).

2 بوذا إله من ثلاثة أقانيم وجيفا هو مثلث الأقانيم(32). 2 «الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد» (رسالة يوحنا (1) 5: 7)
3 يسمونه: بوذا المسيح, والمولود الوحيد، ومخلص العالم، وأنه إنسان كامل وإله كامل تجسد في الناسوت، وقدم نفسه ذبيحة ليكفر ذنوب البشر ويخلصهم من ذنوبهم فلا يعاقبون عليها(33). 3 إنجيل يوحنا بتمامه.
4 وبعد تنسكه وتعبده ظهر له الشيطان ليجرّبه(34). 4

«وكان يقتاد في البرية أربعين يومًا يجرب من إبليس» (لوقا 4: 1).

«... ليجرّب من إبليس...» (متى 4: 11)

5 ولما مات بوذا ودفن انحلّت الأكفان بقوة إلهية وقام من بين الأموات وصعد إلى السماء، ولسوف يأتي مرة أخرى يعيد السلام، وسيدين بوذا الأموات في اليوم الآخر(35). 5

إنجيل يوحنا الإصحاح التاسع والعشرون.

و(رؤيا يوحنا اللاهوتي 22: 12) «وها أنا آتي سريعًا وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله»


رأينا مما مضى في البوذية وما قبلها من فكرة التجسد أنّها وثنية بامتياز، بل إنها الصورة النمطية السائدة للديانات الوثنية القديمة لسبر أسرار الآلهة العلويّة المتصورة في أذهانهم عن طريق تجسيدها ومخاطبتها، فإمبراطور الصين الأول مثلًا «تشيو» و«هيوتسي» ابن إله السماء من امرأة فانية، كذلك كان معظم ملوك السومريين والحثيين من أصل إلهي ــ على اعتقاد تلك الشعوب ــ وقد كان لمصر الحظ الأوفى من تلك الخرافة, فقد كان المصريون القدماء يعتقدون أن الفراعنة أبناء لإله الشمس «آمون رع» الذي اتحد مع الملكة واتخذ شكل حاكم بشري، كما في لوحات دير البحري وغيره كثير مبثوث في الرسومات والمنحوتات.

وعند الإغريق أمثلة كثيرة، وفي المكسيك «باكوب» المصلوب، أما الهند فلا تحصى آلهتهم المتجسدة ــ ولعل هذه الشناعة هندية النشأة ــ فنجد «كرشنا» و«بوذا» و«بوخص» ابن المشتري و«سليفا هانا»، وعند الفرس «ميثرا»، وعند الآشوريين «نرودك» و«أدوفي» و«لاؤكيون» وإن عدنا للصين فسنرى «فوهي» و«ستين فونك» و«هوانكتي».

قال أصحاب كتاب (الأصول الوثنية للمسيحية) أندريه نايتون وإدغار ويند وكارل غوستاف يونغ: «إن عبارة ابن الله كانت سببًا في هزيمة الديانة المسيحية بين اليهود الذين اعتبروها كفرًا وتجديفًا، فيما كانت سببًا في انتشارها ــ أي المسيحية ـ بين الوثنيين وعَبَدَةِ الأصنام الذين كانوا يعايشون هذه الفكرة منذ فترات سحيقة، وخاصة بين شعوب البلدان الهيلينية ــ أي اليونانية ــ»(36).

علمًا بأن مؤسس المدرسة الأفلاطونية الحديثة الذي تشربت المسيحية المبدّلة أفكاره كان قد رحل للهند وبقي فيها سنوات، مما أثّر بلا شك على أصوله التي شابهت أصول تلك الديانات وبخاصة الهندوسية والبوذية.

ز ــ أخذها من الوثنية البابلية:

ولعل التسرّب كان من أساطير الأسرى اليهود الذين عادوا من بابل وفارس بعدما اندمجوا مع شعوب تلك المناطق، بل إن بعضهم قد عبد أوثانهم، قال تعالى في قصة يونس بن متى عليه السلام حكاية لتشنيعه على قومه بشركهم ودعائهم (بعل) وهو معبود البابليين وجيرانهم:"أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين . الله ربكم ورب آبائكم الأولين" [الصافات: 125ــ 126].
وإلى مقارنة بين الديانتين والوثنيات الجامعة بينهما، وقد عقد هذه المقارنة المؤرخ الشهير فندلاي:
 

م بعل م يسوع
1 أخذ بعل أسيرًا. 1 أخذ يسوع أسيرًا.
2 حوكم علنًا. 2 حوكم علنًا.
3 جرح بعد المحاكمة. 3 اعتدي عليه بعد المحاكمة
4 اقتيد لتنفيذ الحكم على الجبل. 4 اقتيد لتنفيذ الحكم على الجبل.
5 كان معه مجرم حكم عليه بالإعدام وجرت العادة بالعفو كل عام عن شخص قد حكم عليه بالموت فاختار الشعب بعلًا. 5 كان مع يسوع مجرم حكم عليه بالإعدام وجرت العادة بالعفو كل عام عن شخص قد حكم عليه بالموت فاختار الشعب يسوع.
6 بعد موته أظلمت السماء. 6 بعد موته أظلمت السماء.
7 حرس قبره حتى لا يُسرق الجثمان. 7 حرس قبره حتى لا يسرق الجثمان
8 قام من الموت وصعد للسماء. 8 قام من الموت وصعد للسماء.


وكما سبق مما أوردناه من أمثلة التثليث عن الأمم الوثنية الغابرة, فكذلك هذه الديانة البابلية، فقد كان التثليث حاضرًا فيها بقوة؛ كالآلهة المثلثة (أنو، بل، أيا) ولهم تثليث آخر كذلك؛ (سن «القمر»، شمش «الشمس»، عشتار، الآلهة الحسناء الشهيرة التي احتلت مكان الإله أداد ابن الإله أنو»). والحمد لله على نعمة التوحيد والإيمان "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق"[الأعراف: 43].

ح ــ حضور العقائد الفرعونية الوثنية بقوة في المسيحية الحالية:

وتأمل هذه الأصول المصرية القديمة والأساطير الخرافية، وقارنها بالأصول المسيحية التي وصلتها عن طريق الرومان الذين ورثوها من اليونان بُنَاة الإسكندرية المصرية وتشربوا ثقافة المصريين الوثنية.

وإن أشهر الأساطير المصرية القديمة هي أسطورة الأسرة المقدسة (أوزيريس «الأب» وإيزيس «الأم» وحورس «الروح والابن»)(37)، وهي مطابقة لما ذكر في الكتاب المقدس عن يسوع مثل:

1ــ تجسد الكلمة، فيعتقد الفراعنة أن الفرعون مظهر جسدي للرب. قال فرعون(38) الذي بُعث إليه موسى عليه السلام: "أنا ربكم الأعلى"[النازعات: 24].
2ــ الاستخدام المسيحي لكلمة يسوع المسيح 
(Christ) مأخوذ من الكلمة الفرعونية (Karast) ومعناها عند الفراعنة: الممسوح بالزيت، وكان الموصوف بذلك حورس(39).
3ــ تمّ مسح (تعميد) حورس من قبل أنوبيس المقدس، وهو عين ما نقله المسيحيون عن يسوع بتعميد يوحنا المعمدان (يحيى) له في نهر الأردن(40).
4ــ ولد حورس لإيزيس العذراء بلا دنس(41).
5ــ عدد تلاميذ حورس اثنا عشر تلميذًا.
6ــ كان قدماء المصريين يحتفلون بقيامة حورس من الأموات، وكان في (25 ديسمبر).
7ــ أوصاف وألقاب حورس: المسيح ــ ابن الله الممسوح ــ ابن الإنسان ــ الراعي الصالح ــ الكلمة التي صار جسدًا ــ حمل الله(42).
8ــ قام حورس من الأموات بعد دفنه بثلاثة أيام(43).

ط ــ اقتباس كثير من أصولها من ديانات وثنية مختلفة:

1ـ فعند الإسكندنافيين تبدو قضية الثالوث أصيلة (أووين، تورا، فري) كذلك الفنلنديين، وعند المكسيكيين (تزكتلبيوكا، أهوتزليبو شتكي، تلاكوما) كذلك من ذكرنا من اليونان والرومان والهنود والفرس والصينيين وغيرهم.
2ـ عند من يعبدون الإله (أندرا) تظهر عقيدة الصلب والفداء(44) كذلك الأمم الهندية, كما مرّ معنا.
3ـ تبدو عقيدة المخلص عند: أنيس في فرجيا، وناموس في سوريا، وديوس فيوس وبرومثيوس في اليونان، وأندرا في التبت(45).
4ـ يقول أهل بابل في معبودهم تموز: «ثقوا أيها القديسون برجوع إلهكم واتكلوا على ربكم الذي قام من الأموات» ومثل هذا قيل في الآلهة باخوس وهرقل وكوتزلكوتل.
5ـ الصليب منحول من أمم غابرة، وقد سبق معنا وجوده في وثنية الفراعنة، وهو كذلك موجود عند الكلدان. ففي دائرة المعارف البريطانية: «إن شكل الصليب الحالي يرجع أصله إلى أرض الكلدانية القديمة(46) وكان يستعمل رمزًا لاسم الإله تموز لكونه يشكل حرف 
(T) وعند حلول القرن الثالث الميلادي كانت الكنائس إما أنها هُجرت أو أنها زوّرت بعض عقائد الإيمان المسيحي، ولزيادة هيبة النظام الكنسي المرتد جرى قبول الوثنيين في الكنائس دون تجديدهم بالإيمان، وجرى السماح لهم إلى حد كبير بالمحافظة على رموزهم الوثنية، وهكذا فإن الحرف (T) بعد خفض الخط الأفقي فيه جرى تبنيه ليمثل صلب المسيح»(47).
ومن أشهر من دخل في تلك الدعوة البولسية (المسيحية المبدلة) أصحاب جبل أوليمبوس(48) (جبل الأوليمب وهو جبل الآلهة اليونانية).
قال شارل جنيبر: «والدراسة المفصلة لرسائل بولس الكبرى تكشف لنا النقاب عن مزيج من الأفكار اليهودية والمفاهيم اليونانية الوثنية»(49).
6ــ كذلك العشاء الرباني قد سبق الوثنيون إليه. قال فرانز كومون: «إن أتباع أتارغاتيس (المعبودة السورية القديمة) كانوا يلتهمون السمك الذي يقدمونه لها، ثم ينشدون معتقدين أنهم أكلوا لحم معبودتهم، (كما يفعل المسيحيون في القُدَّاس)»(50).
7ــ تقوم جُلُّ العقائد الكبرى المسيحية على القواعد الفلسفية الميتافيزيقية والجدلية اليوناينة:
فاللوغوس الفلسفي (الكلمة/ الابن) كان حاضرًا دومًا في عميد الأناجيل المسيحية يوحنا(51).

ي ــ الرَّمزية الوثنية في المسيحية المبدّلة:
الرمزية هي السرداب الموصل من الحقيقة الظاهرة إلى رموز خفية حقًا كانت أم باطلًا(52).
والرمزية الوثنية هي المسافة التي يتم بها الانتقال بالإنسان من التوحيد إلى الوثنية، مثل  انتقال الشيطان بالإنسان إلى الشرك. وهذه الرمزية لها حضارات وأدبيات ولها أنموذج جامع هو الفرعونية.

أما الرموز المعبودة, فالمتفق عليه بين الديانات الوثنية هو عبادة رمزين هما الشمس والأفعى، فالحضارات الوثنية قاطبة عبدتهما، كالحضارة المصرية الفرعونية القديمة، والبابلية، والفارسية كالزرادشتية والمجوسية(53)، والهندية، والأفريقية، والأمريكية، والعربية، وأكثرهم يجعل لها رمزًا طوطميًا(54) جاعلًا من الأفعى أو الشمس معبودة له(55).

والمسيحية الحالية ليست بمعزل عن هذه الرمزيات بل إنها صارت مستودعًا لها، فالكثير من الكنائس تصور الشمس خلف يسوع، وفي رؤيا قسطنطين: أنّه رأى الصليب بجوار الشمس، وقائلًا يقول: بهذا ستنصر، فهل كان هذا من قبيل المصادفة أم أنّه من الاتفاق اللّا مباشر؟!

أما الأفعى ففي يوحنا «وكما رفع موسى الحية في البريّة هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان» (يوحنا 3: 14)(56)، قال القديس أبيفانوس: «إن الحيّة تمثل المسيح»، وقال القديس أوغسطينوس: «إن رفع الحية هو موت المسيح»(57).

ففي المسيحية الصليب رمز، والشمس رمز، والأفعى رمز، والميرون رمز، والعشاء المقدس رمز(58)، والتعميد رمز، والأسرار المقدسة رموز، أما عقيدة التجسد فهي الرمزية الوثنية في أجلى صورها؛ لأن التجسد يعني أن تكون الحقيقة والرمز المعبّر عنها شيئًا واحدًا.

ختاماً فهذه البراهين والدلائل كافية في نقض بنيان المسيحية المبدّلة لمن كان له قلب, ووُهب نفساً حرّة شريفة, تأبى الانقياد لمن لا يملكون شفاء حيرته, وإجابة إشكالاته, ولنا رجوع بإذن الله تعالى في نقوض أُخُر, تفكك تلك العقائد وتعرضها على بداهة الرأي, ومحكمات المنطق, وبراهين الأدلة, عَقَدِيّاً وفكريّاً وأخلاقيّاً وتاريخياً...والله من وراء القصد وهو الموفق.

اللهم أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتّباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعلْه ملتبساً علينا فنضلّ, اللهم قد هديتنا للإسلام ولم نسْألْك فثبتنا عليه ونحن نسألك, لك الحمد حتى ترضى, ولك الحمد إذا رضيت, ولك الحمد بعد الرضى, وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين.  


إبراهيم الدميجي
10/ 3/ 1433

@aldumaiji


مدونة: كلّنا نحب المسيح عليه السلام:
 
http://eslam100.blogspot.com/2012/01/blog-post.html

........................................
(1) (4/ 330) وكان لوبون يصفها بالديانة التركيبية؛ أي من نحل مختلفة كما في كتابه (حياة الحقائق) ص68.
(2)   أو الميثرائية، ويقال الميتراسية عند من يزيدون السين على اسمه فيقولون: ميتراس أو متراس ولعل لتسمية منطقة مدارس الهندية علاقة بذلك.
(3)   مما ساعد على سرعة اندثار الميثراوية؛ اتحاد أصولها مع المسيحية البولسية فقلّت أوجه الاختلاف حتى ذابت فيها تمامًا، والعكس هو الصحيح اللهم إلا من تغيير المسميات.
(4)   يوجد حاليًا في متحف اللوفر في باريس تمثال لأتباع الإله ــ المزعوم ــ ميثرا، يصوّرهم وهم يتناولون الخبز والنبيذ. وقد وصف الكاتب الفرنسي فرانز كومون في مجلة علم الآثار (193) هذا الأثر بقوله: «وكانوا يرمزون بذلك إلى لحم ميثرا ودمه كما يرمز المسيحيون الخبز والنبيذ إلى لحم يسوع ودمه».

(5)   في التصور الفارسي القديم للإنسان الأول الملقب (جيومارت) أنه ابن إله النور، وأنه يسقط في الظلمات، ثم يخرج منها كي ينقذ العالم (نموذج قديم للمسيح المخلص!).
(6)   قال العقّاد في كتابه (حياة المسيح في الكشوف والتاريخ): «إن عبادة ميثرا قد انتقلت للدولة الرومانية وامتزجت بعبادة إيزوريس المصرية، ومنها جاءة عبادة ديمتر».
قلت: ولا عجب فالرومان هم ورثة الإغريق الذين ورثوا الفرعونية الوثنية، وقد يكون الأمر أكثر امتزاجًا ونقلًا لعقائد الأمم الوثنية الشرقية؛ فمن أقصى شرق آسيا مرورًا بالهند ثم فارس ومصر واليونان وحوض المتوسط نَجِدُ ثمّة تشابهًا كبيرًا في الاعتقادات والطقوس.
وهذا ما حدا ببعض الباحثين أن ينكر وجود المسيح عليه السلام أصلًا، ويعدّونه واحدًا من تلك الآلهة الخرافية، ولسوف يدور هؤلاء في حلقة مفرغة حتى يهتدوا إلى الحقيقة التي كشفها وأذاعها القرآن الكريم الذي يحارب الخرافة كما يحارب الإلحاد.
وانظر: معالم في تاريخ الإنسانية، ويلز (693ــ 720)، محاضرات في النصرانية، أبو زهرة, ص42، العلمانية، د. الحوالي, ص31، 32.
(7)   الاحتفال بميلاده بتحديد هذا التاريخ (25 ديسمبر) معتمد عند الكاثوليك والبروتستانت، أما الأرثوذكس الأرمن ففي (7 يناير).
(8)   آسيا الصغرى ــ تركيا حاليًا ــ.
(9)   سكان شمال أوروبا.
(10)   كانت إحدى القبائل الإسكندنافية الوثنية تعبد إله الغابات والرعد (ثور) وتزيّن الأشجار في ذلك اليوم، ويُقدّم على إحداها أضحية بشرية، ولما دخلوا في المسيحية أدخلوا معهم فيها بدعتهم في تزيين الأشجار في عيد المولد، وانتشرت منهم في الممالك المسيحية، وهي ما تسمى بـ(شجرة عيد الميلاد).
(11)   وهم جدود الإنجليز.
(12)   كذلك فعند الرومان في هذا اليوم احتفال بعيد ميلاد إلههم (باخوس).
(13)   الخلاف شديد في تحديد يوم وشهر وسنة ومكان ميلاد المسيح عليه السلام؛ فالمشهور المتداول أنه كان بين (25 ديسمبر) و(7 يناير) ولكن لعلماء الفلك رأي آخر؛ فقد قال عالم الفلك الأسترالي ديف رينيكي «فريقه: إنهم تأكدوا بعد حسابات علمية دقيقة بأن عيد الميلاد يجب أن يكون في شهر يونيو/ حزيران وليس في ديسمبر/ كانون الأول، خصوصًا أن الرسوم البيانية لظهور نجمة الميلاد التي تحدثت عنها الأناجيل لم تكن سوى نجم لامع ظهر في سماء بيت لحم يوم (17 يونيو) وأن ذلك النجم هو عبارة عن التقاء واضح لكوكبي الزهرة والمشتري.
أما القرآن الكريم ــ وهو العمدة في الحكم على التاريخ وهو الحاكم والقاضي فيما اختلف الناس ــ فألمح إلى أن ولادة المسيح عليه السلام كانت في الصيف وليس الشتاء بدليل قوله تعال: "ىوهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيّاً" [مريم: 25] والرطب فاكهة صيفية وتنضج في يونيو أو أغسطس ونحوهما وليس في الشتاء, وإن كانت معجزات ذلك اليوم لمريم الطاهرة الكريمه وابنها المسيح عليه السلام كثيرة, فقد يكون ذلك الرطب في غير إبّانه, كما كانت تُرزق في المحراب.
كذلك فالكثير من المحققين من الباحثين في الكتاب المقدس يقررون أن ولادة المسيح عليه السلام متقدمة على السنة المعلنة بأربع سنوات، أي (4 ق.م) أما الأناجيل فالفارق بينها في تحديد سنة الميلاد قد بلغ عشر سنوات؛ ففي متى أواخر العام الخامس وأوائل الرابع قبل الميلاد، وفي لوقا بين السنة السادسة والسابعة الميلاديتين.
(14)   الميتافيزيقا: ما وراء الغيب، وبعضهم يعبر عنه بما وراء الطبيعة، ويدخل فيها الملائكة والجن وعالم الغيب.
(15)   وكان بولس من أتباع المدرسة الأفلاطونية الحديثة، وهي عقيدة فلسفية تتلخص في أن العالم صادر عن ثلاثة عناصر:
 (1) المنشئ الأزلي الأول.
 (ب) العقل الذي تولّد منه كما يتولد الابن من أبيه.
 (جـ) الروح الذي يتكون منه جميع الأرواح, والذي يتصل به المنشئ الأول عن طريق العقل.
وقد صاغ بولس تلك الخرافة الأسطورية ونفخها في المسيحية بقوّة حتى تشكّل التثليث بشكله الحالي بعده وفاته بسنين.
(16)   قضى قسطنطين أكثر من ثلاثين عامًا على عرش الإمبراطورية, فأسهم في صياغة عقيدة المسيحين المُحدثة، وهو مع ذلك لم ينقض ديانة آبائه الرومان, بل تركها على حالها كما كانت من قبل بطقوسها وعقائدها وشعائرها, وجعل لها اسمًا جديدًا هو المسيحية! حتى صلاة الرومان جهة الشرق تركها على حالها، ثم زاد على ذلك تنظيم الصليب, والقول بألوهية المسيح وتقديسه، وما أزال سوى عبادة الكواكب، وبعد موته تولى أولاده من بعده سنته وساروا على نهجه، وزادوا بأن قرروا في كل حين أشياء جديدة لم تكن في المسيحية من قبل، حيث رأى بعضهم أن يجعل يوم الأحد للمسيحيين يجتمعون فيه كما لليهود يوم السبت، وجعلوا عيدًا لمولد المسيح يوافق أعيادهم الأولى (ميلاد الزمان) وكان للروم أيامًا يصومونها تقربًا للكواكب يمسكون فيها عن أكل اللحوم فأحالوها على المسيحية... وهكذا.
لقد كان الرومان يعيشون حيرة كبيرة فعامة الشعب أبيقورية ــ نسبة إلى أبيقور (ق4) قبل الميلاد الذي يصور آلهتهم السماوية الكثيرة غائبة عنهم ــ مشغولة بصراعاتها فيما بينها عن عبيدها البشر الذين لا يعنونها في شيء، ومن ذلك قوله: «إن جوبيتير يرسل الصواعق على معبده, فهلا سحق أبيقور الذي يجدّف به»!؟ فحَمِيَ الإلحادُ في الطّغام.
 وكان من مبادئ الديانة الرومانية التثليث (جوبيتر، مارس، كورنيوس) وكانوا يؤلهون الحاكم, وكان هذا تقليدًا هلنستيا (الهلنستية هي الإغريقية الحديثة) ثم نشأت فلسفة مضادة للفلسفة الإباحية الأبيقورية, وهي الفلسفة الرّواقية, والتي كان من أهم مبادئها الانقطاع عن الدنيا وإنكار الذات. وانظر (تاريخ العالم) هاملتون 3/589، (المشكلة الأخلاقية والفلاسفة) كرسون ص87.
(17)   هل العذراء مريم حيّة، داني فيرا، ص109.
(18)   مختصر تاريخ الكنيسة، أرنولد ميلر، ص149ــ 152.
(19)   أي الإغريقي (اليوناني).
(20)   موجز تاريخ الشرق الأدنى، د. فيليب حتى، ص100ــ 102.
(21)   الديانات الوثنية الكبرى تنتسب إلى بشر مؤسسين لها. وأحيانًا تغلب القومية مسمى الديانة، ومن أمثلة الرموز المؤسسين كرشنا رمز الهندوسية في القارة الهندية، وبوذا مؤسس البوذية في الهند والصين وشرق وجنوب آسيا، ولوتس مؤسس الطاوية في الصين، وكنفوشيوس مؤسس الكنفوشية في الصين، ومهافيرا مؤسس الجينية في الهند، وزرادشت مؤسس الزرادشتية في فارس، وميثرا رمز الميثراوية في فارس وشمال شرق حوض المتوسط، وأفلاطون رمز الفلسفة المثالية الخيالية، وأستاذه سقراط الذي أعدم بتهمة إفساده العامة على الحكومة وكلاهما في اليونان وما يتبعها من بلاد، ومن المحتمل أن تكون بعض هذه الأسماء لرجال مصلحين، بل قد يكون بعضهم أنبياءً ورسلًا ثم حرّفت دياناتهم، فالله تعالى ذكر في كتابه: "وإن من أمة إلا خلا فيها نذير" [فاطر: 34]، وقال تعالى: "ولكل قوم هاد" [الرعد: 7] وقال جل شأنه: "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً" [النحل: 36]، فأمم وسط وشرق وجنوب وشمال آسيا مثلًا لم يصلنا خبر مؤكد بتسمية بني معيّن فيهم, مع أنهم لن يخلوا من بني، والله تعالى يقول: "منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك" [غافر: 78] وقد أخذ الصحابة رضي الله عنهم الجزية من المجوس لأن عندهم شبهة كتاب على المشهور (وعند ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله أخذ الجزية من جميع المشركين, وهو الراجح). وفي حديث أبي ذر بسند فيه مقال: أن الرسل تجاوزوا الثلاثمائة والأنبياء تجاوزوا المئة ألف، ولم يُذكر منهم في القرآن الكريم سوى خمسة وعشرين، فإن كان بعض من ذكرنا أنبياء, فالمتيقن أن ديانتهم كانت التوحيد والطهارة والأخلاق الجميلة والشعائر العبادية، ثم مع مرور الزمن استطالت على الناس الشياطين، فأوقعتهم في الشرك والوثنية، مع بقاء بعض الملامح الرسالية من المحافظة على النزاهة والصدق والعفاف ومنع الزنا والسرقة والخمر والظلم ونحو ذلك بل إن الوصايا العشر يكثر وجودها في كثير من ديانات الشرق, وبعضها يذكر غالب تلك الوصايا, وهي إجمالاً موجودة في التوراة حتى اليوم، والمرجع في تحديدها آيات سورة الأنعام الثلاث "قل تعالوا أتل ما حرّم ربكم عليكم" (الأنعام: 151_153) ومن استبعد ذلك فلينظر إلى الديانة المسيحية الحالية وهي قريبة العهد ــ نسبيًا ــ بمؤسسها عليه السلام, وليسأل نفسه: كم بقي من ملامح رسالة المسيح الأصيلة فيها؟!
علمًا بأن ما ذكرنا مشروطٌ بأن يكون وجودهم ليس تاليًا لعصر إبراهيم الخليل عليه السلام؛ لأن الله تعالى حصر الأنبياء في ذريته، كما قال تعالى: "وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب" [العنكبوت: 27]، فلم يرسل بعده رسول ولم ينزل كتاب إلا على من اصطفى الله من ذريته عليه السلام، وهذا ما رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وغيرهما وهو ظاهر الآية الكريمة.
والغرض من كل هذا هو كفّ الألسن والأقلام عن القدح في أناس لا نعلم حقيقتهم، وقد يكون أتباعهم اللاحقون قد حرّفوا مناهجهم ودعواتهم وشوهوها، وبالله التوفيق.
(22)   أفكار ورجال، جرين برنتن، ص207.
(23)   الجفوة المفتعلة بين العلم والدين، محمد علي يوسف، ص11، نقلًا عن: العلمانية، ص33.
(24)   قال الدكتور سفر الحوالي في (العلمانية، ص104، 105): «كانت الكنيسة تتغاضى عن عقائد وتقاليد الأمم المتوحشة, وتكتفي بدخولها اسمًا في المسيحية مقابل الخضوع لها ودفع الضرائب المستحقة, فلم تكن تهدف إلى هداية الناس, بل إلى بسط نفوذها، لاسيما وأنها ليست مهتدية في ذاتها، ومن أوضح الأمثلة على ذلك دخول الجزر البريطانية في المسيحية، فقد كان البريطانيون شديدي التمسك بوثنيتهم، وبعد صراع طويل ولما رأى البابا جريجوري ذلك اصطنع اللين معهم وأجاز لهم تحويل الهياكل إلى كنائس مع الإبقاء على عادتهم في التضحية بالثيران فيها".
وانظر: قصة الحضارة (14/ 268).
(25)   وانظر: دوان، ص282، لتوثيق هذه التشابهات العشرة، وانظر: هل العهد الجديد كلام الله؟ د. منقذ السقار.
(26)   وانظر كتاب فشنو بورانا، الكتاب الخامس، الفصل الثاني.
(27)   ذكره دوان، ص282، كذلك ذكره كويتيوني في كتابه: الديانات القديمة.
(28)   قال القديس كريستوم: «لا ينكر نزول المسيح إلى الجحيم إلا كافر» وبمعناه قال القديس كليمندوس السكندري وأوريجن وغيرهما.
(29)   دين الهنود، موسى وليس، ص144.
(30)   حتى الطاوية الصينية فيها تثليث مشابه لتثليث الهنود والمسيحيين والمصريين، ووقت نشأة الطاوية مقارب لنشأة البوذية المنسلخة من الهندوسية, فلعل مصدر تلك الفكرة الشيطانية واحد, ومنه تسللت إلى المصرية ثم الإغريقية ثم الرومانية ثم المسيحية المبدلة. قال داون في (خرافات التوراة) ص172: «إن في الطاوية تثليثًا، طاو هو العقل الأزلي الأول, انبثق من واحد, ومن هذا انبثق ثان, ومن هذا انبثق ثالث كان هو مصدر كل شيء». وتأمّل الشبه بين هذا وبين الفلسفة اليونانية في فكرتها الخرافية في العقل الفعّال... وتأمل كيف تم التلاقح بين أمم الأوثان، قال الله تعالى: "ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" [النحل: 36] ثم كيف تحولت أمة توحيدية حنيفية تجديدية إلى كومة من أساطير وفلسفات ووثنيات الأمم الغابرة!
(31)   عن المؤرخ فونبهنك، وانظر كذلك أصل الوثنية، فاير.
(32)   عن المؤرخ فونبهنك، وانظر كذلك أصل الوثنية، فاير.
(33)   راجع: هوك في رحلته، وبيل في كتابه، وموالر في (تاريخ الآداب السنسكريتية) ويظهر بوضوح أخذ البوذية هذه الأصول من الهندوسية بعد انشقاقها عنها، ولما كانت البوذية لدى العامة أكثر قابلية من الهندوكية فإن تأثيرها خارج القارة الهندية كان أكثر.
(34)   خرافات التوراة وما يماثلها في الأديان الأخرى، داون، ص292، وتأمل التشابه حتى في الألفاظ مما يثبت الانتحال.
(35)   خرافات التوراة، داون، ص293.
(36)   عن: الموسوعة الميسرة (2/ 942).
(37)   ولهم تثليث آخر في عبادتهم لآمون (آمون «الأب» موث «الأم» كونس «الابن).
(38)   يُعتقد _والله أعلم_ أنه رمسيس الثاني، ولا زالت جثته محنطة في المتحف المصري. قال الله تعالى: "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية" [يونس: 92].
(39)   كذلك أخذها اليونانيون عن المصريين واستخدموها، كما ذكره توم هاربر أستاذ اللاهوت.
(40)   الأسر المصرية التالية ضمّت حورس إلى إله الشمس «رع» ليصير الإله «رع ــ حورس» إله الشمس، وفي الصُّور يظهر حاملًا صليبًا في يده اليمنى ــ وقد نُحتت هذه الصور قبل المسيحية بثلاثين قرن تقريبًا ــ وهنا وقفة مع عبّاد الإله المفترى يسوع:
هل يعبد المسيحيون ــ في الحقيقة ــ يسوع أم حورس؟!
فحورس (وتحذف السين أحيانًا فينطق حور، ووجهه على صورة صقر فلعل لهذه التسمية أصل عربي كذلك الإله بس) هو إله الشمس عند قدماء المصريين، وقصته مشابهة لقصة يسوع!
وهل يعبد المسيحيون الشمس؟!
ولماذا تُعَلّقُ كثير من الكنائس صورة المسيح ووراءه الشمس في خلفية الصورة؟!
وهل اقتبس بولس قصة حورس الفرعونية وحورها ليسوع؟!
فعند الفراعنة أن حورس ثالث ثلاثة! وأنه ابن الأب الإله! وولد في الخامس والعشرين من ديسمبر! من العذراء أوزيريس! وفي سن الثانية عشرة أصبح معلمًا موهوبًا! وكان له اثنا عشر تلميذًا! وقد تنقلوا معًا وعملوا المعجزات كشفاء المرضى والمشي على الماء! وله ألقاب منها: ابن الإله الوحيد! والراعي الصالح! وصلب! وقام بعد ثلاثة أيام! ــ ولا نعني بذلك إنكار وجود المسيح أصلًا إنما نعني تبديل سيرته وأخباره ووصاياه ــ كذلك لماذا اختارت الكنيسة للصلاة يوم الأحد بالذات (SunDay)؟!
هل كانت مصادفة أن يكون معنى يوم الأحد: يوم الشمس؟! ــ وإله الشمس عند الفراعنة هوحورس ــ وهل وَضْعُ شعار العين فوق أكبر الكنائس العالمية له علاقة بالعين الموجودة فوق الهرم الفرعوني وفي جدران المعابد الفرعونية؟!
ولماذا اختارت الكنائس هذه العين بالذات؟!
وهل من المحتمل أن من وضع هذه الديانة كان معتنقًا ديانة الفراعنة القدماء الوثنية وحوّرَها باسم المسيح ليروج دينه؟!
قال شارل غينيبر في كتابه (عن المسيح) ص373: «إن علماء الآثار وجدوا نصوصًا على ورق البردي من مصر القديمة تدل على أن دم الإله أوزيريس كان يتحول إلى خمر» فهل كانت قصة العشاء الرباني والقربان المقدس مصادفة؟! أليس ترديد الكذبة مرارًا وانتشارها يجعلها شبيهة بضدها ظاهراً.
وقال المؤرخ مهامي: «إن محور التعليم الديني عند الوثنيين في مصر في القرون الخالية هو الإيمان بقيام الإله» أي من موته سواءً حورس أم أوزيريس أم غيرهما من الآلهة المتعددة.
الجدير بالذكر أن الأفلاطونية هي جوهر الميتفايزيقيا اليونانية المصرية التي ازدهرت في الإسكندرية ثم صارت جوهر الميتافيزيقيا المسيحية ولاهوتها المقدس، ثم دخلتها الغنوصية التي دخل عن طريقها الكثير من الأصول الوثنية الإضافية من الأديان الشرقية، فصارت المسيحية ملفقة من ذلك كله، وإنجيل يوحنا هو نقل نوعي للفكر الغنوصي الشرقي والفرعوني.
(41)   كما هو مسجل على جدران معبد الأقصر، ووجد في سراديب الموتى بروما صورة للطفل حورس بين ذراعي أمه إيزيس العذراء!
(42)   قال بونويك في كتابه (عقائد قدماء المصريين): «أغرب كلمة عم انتشارها في ديانة المصريين هي قولهم بلاهوت الكلمة!! وأن كل شيء حصل بواسطتها، وأنها منبثقة من الله، وأنها هي الله!!» وهذه هي عين العبارة التي ابتدأ بها إنجيل يوحنا. ولعلّ رجال الكنيسة الذين اختلفوا في الانبثاق أن يعودوا لهذه العبارة الفرعونية فهي فاصلة بينهم إذ هي المرجع الأصيل لدينهم وليس إنجيل المسيح عليه السلام البريء كل البراءة من ذلك الإفك الباقع .
وفي القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد (لندن 1904): «إن الصليب كان يحمل في أيدي الكهنة المصريين والملوك كرمز إلى سلطتهم ككهنة لإله الشمس، وكان يدعى رمز الحياة».
وقال البلجيكي فرانز كومون في كتابه (لا جديد تحت الشمس): «إن الوثنية قد ساهمت في تأسيس أركان المسيحية».
(43)   وحسب الأسطورة الخرافية المصرية: أن الشر بدأ في الأرض بغَيرة «ست» من أخيه «أوزيريس» على ملك مصر، فقتله بعد أن احتال عليه, وفصّل تابوتًا على مقاسه, ولمّا أغلقه عليه رماه في الماء فغرق ومات, فأخرجه وقطّعه, ثم وزع أشلاءه في مواضع مختلفة، ثم بدأت زوجته «إيزيس» بالبحث عن أشلائه وتجميعها، وبعد تجميعه أعاده الإله «رع» للحياة لمدة يوم واحد لتنجب منه «حورس» الذي يكبر ويشب ثم يقتل عمّه «ست» وينتصب «حورس» على ملك مصر وينصب «أوزيريس» حاكمًا للموت. ومغزى ذكر هذه الأسطورة؛ بيان أنها موجودة مع بعض التعديلات في كثير من الأدبيات المسيحية لمن تأمل ذلك!
(44)   ذكرها عنهم هيجن، وهو أول أوروبي دخل بلاد النيبال والتبت، كما نقل الصلب عنهم جورجيوس الراهب.
(45)   ذكر السير آرثر فندلاي في كتابه (صخرة الحق) أسماء ستة عشر شخصًا اعتبرتهم شعوبهم آلهة خلاص لأممهم. لذا قال آرثر ويجال: «إن هذه العقيدة ــ المخلص ــ دخيلة من مصدر وثني، وهي حقًا من آثار الوثنية في الإيمان».
(46)   فلعل أسرى اليهود قد جلبوها معهم من ضمن أساطير بابل، وعلقت في بعض أدبياتهم حتى دخلت العهد الجديد ولو بواسطة بعض ملاحدتهم أو فلاسفتهم، خاصة أنه قد ثبتت عبادة بعض اليهود لتموز إله الكلدان, ورمزه يشبه الصليب. أو أن بعض الوثنيين قد أدخلوه معهم مباشرة في المسيحية المبدلة.
(47)   دائرة المعارف البريطانية (6/753) (1946).
(48)   والألعاب الرياضية الأوليمبية نسبة إليه وإلى أهله الوثنيين.
(49)   المسيحية نشأتها وتطورها، شارل جنيبر.
(50)   عن الأديان الشرقية القديمة، فرانز كومون، وقد سبق ذكر طقوس أتباع ميثرا وهم يتناولون الخمر والنبيذ رمزًا للحم ميثرا ودمه.
(51)  قال الدكتور علي سامي النشار في كتابه (هيراقليطس فيلسوف التغيير): «ظهر الأثر الهيراقليطي واضحًا في فيلون السكندري (20 ق.م ــ 50م) (فيلسوف يهودي عاصر المسيح عليه السلام والقديس يوحنا وبولس) فقد أخذ بفكرة اللوغوس كما وضعها هيراقليطس, لتثبت كيف سيطر هيراقليطس وأتباعه الرواقيين على القديس يوحنا وإنجيله الذي كتبه على ضوء آراء هيراقليطس، وابتدأ إنجيله بعبارة: «في البدء كانت الكلمة» أي اللوغوس) أ.هـ. باختصار.
ويرى بعض الباحثين المحققين أن المذاهب الرواقية (أتباع الفيلسوف زينون الرواقي) هي تمهيد للإنجيل ــ أي إنجيل يوحنا ــ.
وظهر كتاب بالألمانية وقرّر أن الفلسفة الرواقية هي أصل المسيحية, وجعل هذه  العبارة بنفسها عنوانًا لكتابه. وسبق ذكر أن الفلسفة الرواقية هي ردة فعل  للفلسفة الأبيقورية الإلحادية الإباحية.
ومن المشهور لدى الباحثين أن رسائل بولس ــ الملقب بالرسول ــ هي في لهجتها ومضمونها قريبة الشبه برسائل «سنكا» ومقالات «أبكتيتوس» وتعليل ذلك؛ أن بولس قد نشأ في طرسوس، في وسطٍ شاعت فيه الأفكار الرواقية. وانظر كتاب: الفلسفة الرواقية، د. عثمان أمين، ص286ــ 293.
وللمزيد من التفصيل في الفقرات السبع الماضية ينظر: العقائد الوثنية في الديانة النصرانية، محمد طاهر التنير، ص173، اليهودية والمسيحية، محمد ضياء الرحمن الأعظمي، ص282ـ 404، المسيحية، أحمد شلبي، ص150.
(52)   ينظر بحث الشيخ رفاعي سرور: الرمزية بين الأديان، ص3.
(53)   عقيدة الزرادشتية (وهم المجوس عبدة النار والقائلون بإلهية أحدهما للخير والآخر للشر) في أصلها توحيدية، تدعو إلى عبادة إله واحد هو أهورا مزدا.
قال ابن تيمية: «ولله في كل لغة أسماء، وله في اللغة العربية أسماء كثيرة». درء التعارض (3/ 331).
وكانت الزرداشتية تحارب الشرك والوثنية وعبادة الأصنام وقوى الطبيعة، وكانت كل أدعيتها وصلواتها متوجهة إلى هذا الإله الواحد كما في سفر (اليسنا) ص158ــ 160، وقد دخل الزرادشتية فيما بعد تحريف كثير وتبديل واسع. وانتهى الأمر في عصورها المتأخرة إلى أن أصبحت ديانة مثنوية تعتقد بإلهين، وهم أمة عندهم شبهة كتاب.
قال ابن حزم: «وممن قال إنهم أهل كتاب علي بن أبي طالب وحذيفة وسعيد بن المسيب، وصحّ حديث أخذ الجزية منهم» الفصل (1/92).
ويرى بعض الباحثين أن زرادشت هو إبراهيم عليه السلام، وأن أسفار الأبستاق هي صحف إبراهيم المذكورة في القرآن الكريم، ويحتجون بالتشابه بين ما تذكره الأسفار والأساطير المقدسة عن إبراهيم وزرادشت. والصحيح أن زرادشت شخصية أخرى غير أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، ولا يمنع أن يكون زرادشت نبيًا يوحى إليه, وأنه كان له كتاب ودعوة فبُدل كتابه وحرفت دعوته كما حرفت دعوة غيره، وبما أن القرآن الكريم لم يسمّه فيسعنا السكوت عنه فلا نعلم حاله وحقيقته، والمشهور عند المؤرخين أن زرادشت إيراني الجنسية، وأنه ولد في منتصف القرن السابع قبل الميلاد في أذربيجان ثم هاجر إلى شرق إيران حتى كان آخر أمره أن قتل في بيت من بيوت النار في بلخ حين أغار عليها الطورانيون قرابة سنة (583 ق.م) وعمره نحو السابعة والسبعين. وتروي أسفارهم أنه قد أوحي إليه حين بلغ الثلاثين من العمر بعد خلوة وتأمل، ثم قضى عشر سنين يطوف إيران يدعو إلى رسالته دون أن يستجيب له أحد وتعرض خلالها للأهوال والمهالك، ثم رحل إلى الطورانيين الذي كانوا شرًا عليه من أهله، ونزل عليه الوحي سبع مرات، ثم لما بلغ الأربعين آمن به ابن عمه، وبعد سنتين أمر بدعوة ملك إيران (كشتاسب) ويسمى (يوشتاسف) فآمن به بعد أن أراه المعجزات، ومن ثم دخلت إيران في الزرادشتية، وبعد زمن بدأ التحريف والتبديل حتى غدت ديانة مشركة وثنية.
وانظر: الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام، د. علي عبد الواحد داني، زرادشت الحكيم، حامد عبد القادر.
(54)   الطوطم: الصنم البدائي.
(55)   والاتجاه بالعبادة يكون غالبًا بسبب الخوف وأحيانًا الرجاء ونادرًا المحبة.
(56)   وانظر كذلك: (العدد 21: 5ــ 9) (الملوك (2) 18: 4).
(57)   شرح إنجيل يوحنا (1/228).
(58)   عند بعضهم، وحقيقة عند الأكثر! وهو لا يخرج عن الرمزية في الحالين لامتزاج الرمز بالحقيقة، وبعض القسس يجعل الرمزية مهربًا عند بعض الأسئلة المحيرة أو المحرجة.
 

 

بحوث علمية
  • بحوث في التوحيد
  • بحوث فقهية
  • بحوث حديثية
  • بحوث في التفسير
  • بحوث في اللغة
  • بحوث متفرقة
  • الصفحة الرئيسية