اطبع هذه الصفحة


حكم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النسيان

د. حسين بن عبدالعزيز باناجه
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فقد سألني بعض الأحبة كتابة بحث في حكم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النسيان وقد انتشر عن بعض أهل الفضل والعلم المعاصرين إنكارُ ذلك لضعف الحديث الوارد –وسيأتي-. فكتبت هذه الورقات سائلاً المولى أن يرزقني فيها الإخلاص والصواب وأن ينفع بها إنه سميع مجيب.

حكم المسألة ينجلي إن شاء الله ببيان أربع مقدمات:


المقدمة الأولى:
الاستدلال بقول الله تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} على مشروعية ذكر الله عند نسيان شيء مطلقاً.
وممن صرح بهذا الفهم من الآية غير واحد من المفسرين كالثعلبي والبغوي والزمخشري والبيضاوي وابن كثير والماوردي والعز بن عبد السلام وأبي حيان والفخر الرازي والقرطبي وإلكيا الهراسي والألوسي وابن عجيبة وأبي السعود والشنقيطي والسعدي في تفاسيرهم، ومن المحدثين والفقهاء الباجي في المنتقى..
والآية مما اختلف المفسرون في تأويلها في حيثيات عدة. فالخلاف من حيث تعلق الآية بما قبلها وبما بعدها وعدم تعلقها، ومن حيث تعيينُ المخاطَب، وهل يعم غير النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ومن حيث المراد بالذكر، ومن حيث المراد بالنسيان. وليس الخلاف في ذلك بمضعف للقول السابق. بل القول به من القوة بمكان.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (4/61) ملخِّصاً أبرز الخلاف في تفسير الآية: (( قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}. في هذه الآية الكريمة قولان معروفان لعلماء التفسير:
الأول : أن هذه الآية الكريمة متعلقة بما قبلها، والمعنى: أنك إن قلت سأفعل غدا كذا ونسيت أن تقول إن شاء الله ، ثم تذكرت بعد ذلك فقل إن شاء الله; أي: اذكر ربك معلقا على مشيئته ما تقول أنك ستفعله غدا إذا تذكرت بعد النسيان، وهذا القول هو الظاهر; لأنه يدل عليه قوله تعالى قبله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } ، وهو قول الجمهور. وممن قال به ابن عباس والحسن البصري وأبو العالية وغيرهم .
القول الثاني: أن الآية لا تعلق لها بما قبلها. أن المعنى: إذا وقع منك النسيان لشيء فاذكر الله; لأن النسيان من الشيطان، كما قال تعالى عن فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} ، وكقوله: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ } ، وقال تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} . وذكر الله تعالى يطرد الشيطان، كما يدل لذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} ، وقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)} الآية; أي: الوسواس عند الغفلة عن ذكر الله، الخناس: الذي يخنس ويتأخر صاغرا عند ذكر الله، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان.
وقال بعضهم : {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} ، أي : صل الصلاة التي كنت ناسيا لها عند ذكرك لها، كما قال تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}. وقول من قال { إِذَا نَسِيتَ}، أي : إذا غضبت - ظاهر السقوط .))
والعلة -التي أشار إليها الشيخ الشنقيطي، وسبقه لذكرها الحافظ ابن كثير في تفسيره (5/150)، من أن النسيان من الشيطان، والشيطان يطرد بالذكر؛ فالذكر يطرد النسيان- تعم أنواع الذكر مع تفاوتها في المقصود من ذلك. والاستدلال بهذه العلة دليل ثان يضاف للاستدلال بالآية كما لا يخفى.
فيتقرر مما سبق الاستدلال على مشروعية ذكر الله عند طروء النسيان .
ويبقى أن دلالة الأمر -في الآية {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} -: مطلقة غير مقيدة .
والقاعدة أن المطلق يبقى على إطلاقه، ويكون امتثاله بفعل أي فرد من أفراده. وإن كان لفظ الآية مطلقاً فنص العالِـم على بعض أفراده من باب التمثيل والبيان، لا من باب التقييد إلا بدليل.

المقدمة الثانية:
هي أن ذكر الله جنس، له أنواع عدة؛ فمنه قراءة القرآن، والتهليل والتكبير، والتسبيح والتحميد، والاستغفار والدعاء. ومنه الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(وقد قيل إن الذكر شرعاً: قول سيق لثناء أو دعاء. وقد يستعمل لكل قول يثاب قائله) قاله ابن علان في دليل الفالحين (7/224).
قال الإمام ابن القيم في الباب الخامس من كتابه جلاء الأفهام في ذكر الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ص(253): ((التاسعة والثلاثون: أنها متضمنة لذكر الله تعالى وشكره ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله، فالمصلي عليه صلى الله عليه وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله كما عرفنا ربَّنا وأسماءَه وصفاته وهدانا إلى طريق مرضاته وعرفنا مالنا بعد الوصول اليه والقدوم عليه...
الأربعون: أن الصلاة عليه من العبد هي دعاء. ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان:
أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار فهذا دعاء وسؤال وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه .
والثاني: سؤاله أن يثني على خليله وحبيبه ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره ورفعه . ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه. فالمصلي عليه قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله، وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو. بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على ما يحبه هو، فقد آثر الله ومحابه على ما سواه... ))
فالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنواع الذكر، ومشتملة على نوعيه: الثناء والدعاء.

المقدمة الثالثة:
ورود أحاديث عدة في طلب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النسيان طلباً للتذكر .
منها ما رواه الحافظ أبو موسى المديني من طريق محمد بن عتاب المروزي، حدثنا سعدان بن عبدة أبو سعيد المروزي، حدثنا عبيد الله بن عبد الله العتكي، أنبانا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا نسيتم شيئا فصلوا علي تذكروه إن شاء الله) قال الحافظ أبو موسى: وقد ذكرناه من غير هذا الطريق في كتاب الحفظ والنسيان .
ذكره الإمام ابن القيم في جلاء الأفهام (239) .

والكلام على إسناده كما يلي:
محمد بن عتاب: إن كان هو أبا لبيد السرخسي فقد وثقه ابن حبان في الثقات، وعده من الحفاظ المتقنين (9/60) .
وسعدان بن عبدة القداحي: "غير معروف" قاله ابن عدي في ترجمة عبيد الله العتكي في الكامل (4/1639). ونقله عنه الذهبي في الميزان (2/119).
عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكي رأى أنس بن مالك رضي الله عنه ، وأكثر روايته عن التابعين، فيحتمل أن تكون روايته عن أنس منقطعة، لكن روايته ههنا بصيغة "أنبأ" وهي تدل على تحمله عنه -إن صح السند إليه- .
وهو مختلف فيه. وأكثر الأئمة على توثيقه. فنص على كونه "ثقة" ابنُ معين وعباس بن مصعب وأبو عبد الله الحاكم. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء. وقال: يحول عنه. وقال أبو داود: ليس به بأس. وووثقه النسائي مرة، وضعفه أخرى. وقد أخرج له فيدل على أن تضعيفه له ليس بمسقط. وقال ابن عدي: وهو عندي لا بأس به.
وضعفه غير واحد من أهل العلم، فقال البخاري: عنده مناكير. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقال البيهقي: لا يحتج به. انظر ترجمته في تهذيب الكمال (19/80)، وتهذيب التهذيب (4/20).
وأولى الأقوال باعتبار ضوابط الجرح والتعديل أنه صالح الحديث، وليس به بأس، وليس من الثقات المتقنين، وبه ينتظم قول ابن معين وأبي حاتم وأبي داود وابن عدي وغيرهم من الأئمة المتقدمين والمتأخرين. وقد اعتمد توثيق ابن معين له الذهبيُّ في تاريخ الإسلام معرضا عن الأقوال الأخرى فيه، وأورده فيمن تكلم فيه وهو موثق. والركون لقول أكثر أهل العلم -وفيهم المتشدد كابن معين وأبي حاتم، والمتوسط كأبي داود وابن عدي- أولى.
وما ذكر من أن عنده مناكير فهو بمعنى أنه لا يتابع على حديثه، وليس ذاك تضعيفا من كل وجه لكل حديثه، بل ينظر فيه لحال الراوي وشيخه والحديث المعين كما هو معلوم. والحديث الذي معنا يحتمل تفرده به لكونه ليس أصلاً ولم يخالف الراوي فيه ما هو أولى منه. إضافة لكون تضعيفه معارَضاً بقول الأكثر.
ومما سبق فيظهر أن إسناد الحديث مع ما فيه من ضعف إلا أن ضعفه محتمل، وليس شديداً. وقد نص الحافظ أبو موسى المديني -فيما نقله عنه الإمام ابن القيم- على رواية الحديث من غير هذا الطريق . لكن لم يصلنا كتابُه للأسف.
ومجرد حكاية الإمام الحافظ وجودَ الإسناد لاشك أنه معتبر، فكم من إسناد اطلع عليه المتقدم من أهل العلم وحكم بموجبه، ولم يصل للمتأخر. وأقرب شاهد له علل الإمام الدارقطني فيكثر أن لا نجد الطرق التي يمليها الإمام الدارقطني من حفظه في المطبوع من الكتب. فاعتبار ذلك ضرورة توجبها معرفة فضل علم السلف على الخلف والمتقدم على المتأخر.
وللحديث شاهد عن عثمان بن أبي حرب؛ فقد روى ابن السني في عمل اليوم والليلة ص (141) ح (286) حدثنا محمد بن حمدان بن سفيان، ثنا الحسين بن الحكم الحيري، ثنا إسماعيل بن أبان، عن الربيع بن بدر السعدي شيخ من أهل البصرة، عن عثمان بن أبي حرب الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أراد أن يحدث بحديث فنسيه، فليصل علي؛ فإن في صلاته علـيّ خلفاً من حديثه، وعسى أن يذكره» وعزاه له المتقي الهندي في كنز العمال (15/421).
وإسناده ضعيف جداً فالربيع بن بدر التيميمي السعدي (ت: 178هـ) أكثر العلماء على أنه ضعيف جداً، وبعضهم صرّح أنه متروك. قال ابن معين: "ضعيف ليس بشيء". وقال أبو حاتم: "لا يشتغل به، ولا بروايته؛ فإنه ضعيف الحديث، واهي الحديث". وصرح بعدم كتابة حديثه أبو داود والنسائي. ونص على تركه النسائي ويعقوب بن سفيان وابن خراش والدارقطني والأزدي وابن حجر. انظر تهذيب التهذيب (2/147).
ويلاحظ من تاريخ وفاته بُعْد احتمال روايته عن الصحابة، ولهذا تعلق بما سيأتي من الكلام على انقطاعه.
وعثمان بن أبي حرب المذكور في الإسناد يحتمل أنه عثمان بن حرب الباهلي -ويكون ذكر "أبي" في الاسم خطأً- قد عده الذهبي فيمن يروي عن التابعين، ونقل عن البخاري أنه قال: مجهول. انظر ميزان الاعتدال (3/31)
وقد أورد حديثه السخاوي في القول البديع ص (437)، وسماه "عثمان بن أبي حرب"، ونسب حديثه للديلمي، وضعف سنده، ثم قال: "وقال -أي الديلمي- ليس عثمان صحابيا" فهو تأكيد لكونه المقصود في كلام البخاري والذهبي.
وقد أورد الحديث الحافظ ابن بشكوال في كتاب القربة إلى رب العالمين بالصلاة على سيد المرسيلين له ص (101) ح (100) لكن فيه عن أبي الطيب الوراق، حدثنا حميد بن الربيع السعدي شيخ من أهل البصرة، عن عثمان بن أبي حرب" .
ويغلب على الظن وقوع التصحيف في قراءة المخطوط، إذ لم أجد في الرواة بعد البحث "أبو الطيب الوراق" ولا "حميد بن الربيع" . ولعل الصواب هو ما في إسناد ابن السني عن إسماعيل بن أبان الوراق، ويكنى بأبي إسحاق أو أبي إبراهيم، عن الربيع بن بدر التميمي السعدي البصري عن عثمان به.
ويؤيده أن السخاوي بعدما ذكر روايةَ الديلمي له والكلامَ على سنده قال: "وهو عند ابن بشكوال وأوله :"من همّ بأمر فشاور فيه وفّقه الله لرشد أمره، ومن أراد أن يحدّث..." فذكر مثله سواء"
وللحديث شاهد موقوف يقويه في المعنى: أقصد أثر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التذكر وعدم النسيان. وهو ما أخرجه ابن بشكوال - فيما عزاه إليه السخاوي في القول البديع (437)، وليس في كتاب القربة المطبوع - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "من خاف على نفسه النسيان فليكثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " وحَكَم السخاوي على سنده بالانقطاع، فيما حكم عليه الفيروزأبادي في الصِّلات والبِشَر ص (65) بالصحة عنه.
فملخص بحث الأحاديث والآثار الواردة أنها قد جاءت بأسانيد مختلفة، بعضها شديد الضعف: كحديث عثمان بن حرب الباهلي. وبعضها أحسن حالاً: كحديث أنس بن مالك رضي الله عنه. إضافة للخبر الموقوف وهو منقطع أو صحيح. وهي مندرجة تحت أصل عام سبقت الإشارة إليه في المقدمة الأولى.

المقدمة الرابعة:
في رعاية مذهب جماعة من أهل العلم من العمل بالحديث الضعيف إن كان مندرجا تحت أصل، ولم يكن ضعفه شديداً.
قد نص الإمامان النووي وملا علي القاري على انعقاد الإجماع بجواز العمل بالخبر الضعيف في الفضائل -بشروط منها ما ذُكر-.
وسواء قُبِل هذا الإجماع وحده في المسألة أو لم يقبل؛ فإني أعرض لمذهب الإمامين أبي حنيفة وأحمد في عملهما بالضعيف في غير الفضائل، وتقديمهما له على القياس والرأي. .
قال الإمام أبو حنيفة: الخبر الضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من القياس.
وقال الإمام ابن حزم: جميع الحنفية مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة أن ضعيف الحديث عنده أولى من الرأي.
وقال الإمام ملا علي القاري في المرقاة: إن مذهبهم القوي تقديم الحديث الضعيف على القياس المجرد الذي يحتمل التزييف.
وقال الإمام أحمد -فيما نقله عنه ابنه عبد الله-: الحديث الضعيف أحب إلي من الرأي. وفي لفظ آخر (أقوى) بدل (أحب) .
وقال الإمام الخلال في معرض ذكر مذهب الإمام أحمد: إن الحديث إذا ضعف إسناده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له معارض قال به، فهذا مذهبه.
وقال القاضي أبو يعلى: قد أطلق أحمد القول بالأخذ بالحديث الضعيف. فقال مهنا: قال أحمد: الناس كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام والكساح. فقيل له: تأخذ بحديث: (كل الناس أكفاء إلا حائكا أو حجاما) وأنت تضعفه؟! فقال: إنما نضعف إسناده، ولكن العمل عليه. انظر قواعد في علوم الحديث للتهانوي (95-97)، والحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به ص (253)
وليس المراد بالضعيف في مذهب الإمامين الْـحَـسَن لمخالفته الظاهر، ومعارضته لعمل الإمام، وبناء المذهب على ذلك، ولرجوعه -لو صح- على المسألة بالإبطال لعدم اختصاص الإمامين بهذه النكتة ولعدم الفائدة.
ومما تقدم من المقدمتين الأولى والثانية يتبين مشروعية الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النسيان عملاً بأحد أفراد الأمر المطلق في قوله تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}.

ومما تقدم من المقدمتين الثالثة والرابعة يتبين تأكيد هذه المشروعية، بأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من غيرها في هذا المقام من حيث ورود الحديث الضعيف فيها، وليس في السنة ما يعارضه نصا.


وقد اعتمد غير واحد من أهل العلم ذلك، فذكروا أن من مواضع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم النسيان
كأبي موسى المديني فيما نقله عنه ابن القيم، وابن بشكوال في كتابه القربة ص (101)، وابن القيم في كتابه جلاء الأفهام ص (239)، والسخاوي في كتابه القول البديع ص (427)، وابن حجر الهيتمي في كتابه الدر المنضود ص (238).

هذا ما تيسر. وأسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه.


 

بحوث علمية
  • بحوث في التوحيد
  • بحوث فقهية
  • بحوث حديثية
  • بحوث في التفسير
  • بحوث في اللغة
  • بحوث متفرقة
  • الصفحة الرئيسية