اطبع هذه الصفحة


تغير أسعار العملات (التضخم) وأحكامه في الديون المؤجلة

د. حسين حسن أحمد الفيفي


بسم الله الرحمن الرحيم

  
هذه المسألة من أبرز المسائل الفقهية التي تناولها الباحثين في المجامع الفقهية والدراسات العلمية؛ وذلك لما يترتب على غلاء النقود أو رخصها من نقص في قيمة الديون على اختلافها وتنوعها وقد كثرت فيها الأقوال والمذاهب؛ لاختلاف أنواعها وأسبابها خاصة مع وجود التضخم النقدي وصعوبة القضاء عليه، وتبرز أهمية المسألة في أنه مع وجود هذا التضخم قد يحصل خسائر ليست باليسيرة للدائن في حال زيادة التضخم النقدي، وفي المقابل قد تحصل الخسائر على المدين في حال نقص التضخم النقدي.
فالعلاقة بينهما عكسية كلما ارتفع معدل التضخم انخفضت قيمة النقود وقوتها الشرائية, والعكس بالعكس([1]).
فهذه المسألة مرتبطة بمسألة غلاء النقود ورخصها وتغير قيمتها الشرائية عند وفاء الديون وكذلك فإن هذه المسألة ليست محصورة في العملات فقط، بل حتى في النقدين الذهب والفضة كما في مسائل الخلع إذا كان الصداق ذهباً..

الحكم الفقهي لهذه المسألة:

اتفق الفقهاء على أن النقود الرائجة ذهباً أو فضة يرد مثلها في الديون، قروضاً، أو ثمن بيوع مؤجلة، أو مهراً مؤخرا،ً فالنقص أو الزيادة في القيمة مع بقاء الرواج لا يجوز.
قال صلى الله عليه وسلم : (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح سواءً بسواء، مثلاً بمثل ، يداً بيد، فمن زاد أن استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأجناس فيبيعوا كيف شئتم)([2]).
قال في فتح القدير: "ولو استقرض فلوساً فكسدت. عند أبي حنيفة رحمه الله يرد مثلها عدداً اتفقت الروايات عنه بذلك"([3]).
وجاء في المدونة للإمام مالك رحمه الله: "قلت: أرأيت لو أن رجلاً قال لرجل: أقرضني ديناراً دراهم أو نصف دينار دراهم أو ثلث دينار دراهم. فأعطاه الدراهم ، ما الذي يقضيه في قول مالك؟ قال: يقضيه مثل دراهمه التي أخذ منه. رخصت أو غلت، فليس عليه إلا مثل الذي أخذ..."([4]).
وقال الشافعي رحمه الله: "ومن سلف فلوساً أو دراهم أو باع بها ثم أبطلها السلطان، فليس له إلا مثل فلوسه أو دراهمه التي أسلف وباع بها"([5]).
وقال ابن قدامة: "قد ذكرنا أن المستقرض يرد المثل في المثليات سواء رخص سعره أو غلا، أو كان بحاله. إلى أن قال : وأما رخص السعر فلا يمنع ردها، سواء كان كثيراً، مثل إن كانت عشرة بدانق، فصارت عشرين بدانق، أو قليلاً؛ لأنه لم يحدث فيها شيء، إنما تغير السعر فأشبه الحنطة إذا رخصت أو غلت"([6]).
فإذا كانت الزيادة من المقترض غير مشروطة فهذا لا بأس به، بل هو من حسن القضاء المندوب إليه في الشرع، دل على ذلك بعض النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه أبو رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره ، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً فقال: (أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء)([7]).
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: "يستحب لمن عليه دين من قرض وغيره أن يرد أجود من الذي عليه، وهذا من السنة ومكارم الأخلاق، وليس هو من قرض جر منفعة المنهي عنه؛ لأن المنهي عنه ما كان مشروطاً في عقد القرض"([8]).
فإذا لم يكن مشروطاً فإنه مع غلاء النقود أو رخصها عند وفاء الدين فقد يلحق الضرر بأحد العاقدين؛ لذا يرى كثير من الاقتصاديين بأن الحل لهذه المشكلة هو اللجوء للربط القياسي للدين بمؤشر منضبط، والربط القياسي للدين يتم معرفته من خلال معرفة قيمة سلعة من السلع أو عملة في وقت عقد هذا الدين، سواء كان هذا الدين قرضاً، أو ثمن مبيع مؤجل، أو صداقاً مؤخراً. ثم يعرف قيمة تلك السلعة أو السلع عند تاريخ الاستحقاق، ومن هنا يكون الفرق هو التغير في قيمة النقود، ومن هنا اختلف الفقهاء هل الواجب على المدين رد القيمة لذلك الدين أو رد المثل سواءً غلا أو رخص.

ومِن تتبع أقوال العلماء يتحصل لنا خمسة أقوال:

القول الأول: أن الواجب للدائن قيمة ما ثبت في ذمة المدين من الأوراق النقدية.
واختار هذا القول الشيخ أحمد الزرقا([9])، وابنه الشيخ مصطفى([10])، والشيخ عبد الجبار السبهاني([11])، والدكتور عبد السلام العبادي([12])، والدكتور محمد بن عبد اللطيف الفرفور([13])، والشيخ محمد المختار السلامي([14])، والدكتور محمد الأشقر([15])، والدكتور القره داغي([16])، وغيرهم([17]).

استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة أبرزها ما يأتي:

الدليل الأول: أن انخفاض القوة الشرائية التبادلية للنقود الورقية يُعدُّ عيباً فيها([18])؛ إذ القوة الشرائية التبادلية للنقود بمثابة الروح للبدن، منها تستمد النقود الورقية قدرتها على أداء جميع وظائفها. فنقصانها عيب مؤثر يحول دون إلزام الدائن بها؛ لكونها بعد نقص قيمتها الشرائية دون حقه الذي رضي به في العقد([19]).

يناقش هذا من وجهين:

الأول: بأن التغير بالرخص لا يوجب ثبوت القيمة كما لو رخصت النقود الخلقية من الذهب والفضة كما هو متفق عليه بين المذاهب([20]).
يجاب على هذا: بأنه قياس مع الفارق، فإن تغير القيمة في النقود الاصطلاحية بخلاف النقود الخلقية، كما أن قدر التغير في قيمتها قد يكون كبيراً فيلحقها بما لا فائدة فيه([21]). وعليه فإنه يمتنع القياس مع هذه المخالفة؛ لأن من شروط صحة القياس استواء الأصل والفرع في علة واحدة من غير فارق بينهما([22]).
الثاني: إن تغير السعر يشبه الحنطة إذا رخصت أو غلت، ولا يرد إلا المثل([23]).

الدليل الثاني:
أن الواجب في الديون رد مثل ما ثبت في الذمة، وانخفاض القيمة التبادلية للنقود الورقية يفوت ذلك؛ لأن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتاهما، فمع انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود لا تتحقق المماثلة في الواقع؛ لنقص مالية الأوراق النقدية([24])، ومع هبوط القوة الشرائية للنقود الورقية لا تتحقق المماثلة؛ لنقص ماليتها بذلك، فالمثلية إنما تكون بالمثل من حيث الصورة والمعنى أو بالمثل من حيث المعنى أي القيمة([25]). وبالرخص تتعذر المثلية الكاملة فتجب القيمة؛ لما فيه من الضرر على الدائن بنقص القيمة([26]).

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول: أن الثابت في الشرع هو اعتبار التماثل في القدر لا في القيمة، بل القيمة والجودة غير معتبرة في الأموال الربوية([27]).
الوجه الثاني: أن القول بأن النقد يقضى بقيمته يوم الوفاء، وليس بالمثل، يؤدي إلى الجهالة والغرر، وبيان ذلك: أن من عليه الحق لا يعلم القدر الواجب عليه أداؤه إلا حين الوفاء، بخلاف القول بأن النقد يقضى بالمثل فهو أمرٌ معلوم من حين الوجوب إلى حين الوفاء([28]).

الدليل الثالث:
أن انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود الورقية بعد التعامل بها وقبل قبضها عيب حدث، وهي في يد المدين، فيكون من ضمانه، وإيجاب القيمة للدائن وسيلة تحقيق هذا الضمان([29]).

يناقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن نقصان القيمة الشرائية التبادلية، وإن كان عيباً، إلا أنه غير مضمون على المدين، قياساً على عدم ضمان الغاصب نقصان سعر المغصوب مع أن يده عادية؛ لأنه فوات معنى لا عين([30])، فعدم التضمين في الديون بنقص القيمة من باب أولى([31]).
ويجاب: أنه قياس على أصل مختلف فيه، فإن من الفقهاء من يرى تضمين الغاصب ما نقص من سعر المغصوب([32])، فلا يصح القياس حينئذٍ؛ لأن من شرطه أن يكون الأصل متفقاً عليه.
الوجه الثاني: أن المدين لم يفعل ما يوجب الضمان؛ لأنه لم يتسبب فيما طرأ من نقص في القيمة الشرائية التبادلية للنقود. كما أنه لا يمنع نقص قيمة النقود بسبب الغلاء أو الرخص كونها في يد الدائن، بل سيطرأ عليها من النقص نظير ما ينالها، وهي في يد المدين([33]).
يجاب: بأن هذه المناقشة متوجهة في الجملة؛ لأن المدين لم يكن منه ما يوجب الضمان من تعدٍ أو تفريط، لكن يمكن القول بأن "بقاء المال عند المدين أضاع على الدائن فرصة استثماره، ولو إلى الحد الذي يحفظ له قيمة أصوله، مثلما أضاع من اشترى نسيئة على البائع فرصة تنمية ماله، فاستحق زيادة الثمن الآجل على الحال"([34])، ومن أجل هذا يضمن المدين ما حصل من نقص في القيمة الشرائية التبادلية للنقود.
الدليل الرابع: أن رد مثل ما تم التعاقد عليه إلى الدائن بعد انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود الورقية يفوّت رضاه الذي هو شرط لصحة جميع عقود المعاوضات، يقول سبحانه: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[([35])، والدائن لم يرض هذا العوض ولم يتعاقد عليه.
ويناقش: بان المعتبر في رضاه هو وقت العقد، وليس وقت القضاء، فلو لم يتحقق رضاه ابتداءً لما دخل في المعاملة.

القول الثاني:
يجب رد المثل، واختار هذا القول بعض المجامع والهيئات الشرعية([36])، واختاره كثير من الفقهاء المعاصرين([37]).
جاء في مجلة الأحكام الشرعية في المادة (750): "إن كان القرض فلوساً أو دراهم مكسرة أو أوراقاً نقدية فغلت أو رخصت أو كسدت ولم تحرم المعاملة بها ، وجب رد مثلها"([38]).

استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
الدليل الأول: أن تغيير الالتزام بعد إبرام العقد –بدفع ما يعادل ذلك بالسعر الذي كان يوم العقد- يعد مخالفاً لما أمر الله به من الوفاء بالعقد، ولما تم عليه التعاقد، ومؤدياً إلى إبطال العقد الشرعي الصحيح، وما أدى إلى ذلك فهو باطل([39]).
الدليل الثاني: ما روى ابن عمر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع([40])، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذه. وأعطي هذه من هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء)([41]).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح لابن عمر رضي الله عنهما إذا وقع البيع بالدنانير أن يأخذ بدلها الدراهم بقيمة الدنانير يوم الأداء، لا يوم ثبوتها في الذمة -وقت التعاقد- وكذلك العكس، فتبين أن القيمة إنما تعتبر يوم الأداء لا يوم ثبوت الدين في الذمة، ولو كانت المثلية المعتبرة في الديون المثلية في القيمة، لوجبت قيمة الدنانير يوم ثبوتها في الذمة، لا يوم الأداء([42])، فهذا الحديث يعتبر أصلاً في أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته([43]).
يناقش: بأن نسبة التغير بين الدراهم والدنانير يومها كان طفيفاً لا يصل إلى حد الغبن، لتعاملهم بالذهب والفضة عيناً، وقيمتها تكاد تكون ثابتة على مر العصور التي كان الذهب والفضة فيها هي العملة المتداولة([44]).
ويجاب: بأن هذا التعليل ضعيف لا دليل عليه، وهو يتعارض مع ما دل عليه الحديث.
الدليل الثالث: إن الورق النقدي يعتبر نقداً قائماً بذاته كقيام النقدين في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان([45])، وبالتالي فإنه لا يجوز الزيادة أو النقص في الديون الثابتة في الذمة سواءً غلت النقود أو رخصت أو كسدت، وسواء كان الدين قرضاً أو ثمن مبيع، أو مهراً مؤخراً.
يناقش هذا: بأن العلماء قد اختلفوا في تكييف الأوراق النقدية على عدة أقوال([46])، ولا يلزم القول بأن لها حكم النقدين إلا لمن قال به.
الدليل الرابع: أن النقود مثلية والقاعدة في المثلي أن يرد مثلياً([47]).
ويناقش: بما سبق في الدليل الثاني لأصحاب القول بأن المثلية إنما تتحقق من حيث الصورة والمعنى أو من حيث المعنى أي القيمة([48])، وبالرخص تتعذر المثلية الكاملة فتجب القيمة؛ لما فيه من الضرر على الدائن بنقص القيمة([49]).
الدليل الخامس: أن رخص النقود الاصطلاحية وغلاءها لا يبطل ثمنيتها فلا يجب غيرها([50]).
يناقش: بأنه مع وجود الرخص أو الغلاء تتعذر المثلية ويتحقق الظلم وقد ذكر الفقهاء أمثلة لعدم اعتبار المثلية إذا كانت تفوت معنى مقصوداً، فالماء على سبيل المثال مثلي فإذا غصب في غلاء أو صحراء فلا يكفي رد مثله في حال السعة والرخاء؛ لكون رد المثل يهدر القيمة والمالية فيجب اعتبار الزمان والمكان والحال في الرد([51]). وقد ذكر فقهاء الحنابلة أيضاً: "أن من أقرض حنطة ثم ابتلت أو عفنت فإنه لا يلزم الدائن قبولها إذا ردت عليه؛ لأن عليه في ذلك ضرراً([52])، و "لأنه لم يدفع ذلك على صفة حقه"([53]). وفي كلام الإمام مالك ما يشعر بعدم اعتبار المثلية الصورية في الفلوس حيث لم يرَ جواز أن يكون رأس مال المضاربة من الفلوس وعلل ذلك، فقال: "لا أراه جائزاً؛ لأنها تحول إلى الكساد والفساد فلا تنفق"([54]).
الدليل السادس: أن رد مثل الديون ولو كانت قد نقصت قيمتها أقرب للعدل من رد القيمة؛ لأن مثل الدين "مماثل له من طريق الصورة والمشاهدة، أما القيمة فهي "مماثلة له من طريق الظن والاجتهاد والأول مقدم"([55]).
يناقش هذا: بأن رد القيمة عند وجود الرخص أو الغلاء هو الذي يتحقق به التماثل. وذلك "أن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتاهما، وأما مع اختلاف القيمة فلا تماثل"([56]).
الدليل السابع: أن إيجاب رد القيمة في الديون يفضي إلى فتح باب الربا؛ لأنه اعتياض عن الدين بأكثر منه([57]).
يناقش هذا: بأن إيجاب رد القيمة ليس من باب الربا، بل هو من باب ضمان النقص الطارىء على الدين وتعويضه. فإن انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للأوراق النقدية يعد نقصاً وعيباً حال كونها في يد المدين، فتكون من ضمانه، فهي في الحقيقة تعويض لنقص القيمة التبادلية للفلوس فلا ظلم فيها، وإنما الظلم في الزيادة إذا كانت دون مقابل([58])، والزيادة هنا في مقابل ما طرأ من نقص القيمة الشرائية التبادلية، وهذا بخلاف الزيادة الربوية، فهي زيادة دون مقابل.
الدليل الثامن: أن إيجاب القيمة في وفاء الديون هو تعديل في العقود الممتدة، وهو يفضي إلى اضطراب المعاملات والعقود([59]).
يناقش هذا: بأن الاضطراب في المعاملات والعقود سببه حدوث الغلاء أو الرخص في الأوراق النقدية، لا إيجاب القيمة أو تعديل ثمن العقود، وإنما قيل بذلك تخفيفاً للاضطراب الناتج عن انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود.
الدليل التاسع: ما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: "فَلَا تَفْعَلْ. بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا)([60]).
فهذا من أصرح الأدلة على أن التماثل المطلوب في الأموال الربوية هو التماثل في القدر دون التماثل في القيمة؛ لأن الجنيب كان أغلى من الجمع بكثير، وأجود نوعاً، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر الجودة والرداءة في مبادلة بعضها ببعض، وأوجب التماثل في القدر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح سواءً بسواء، مثلاً بمثل ، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، فإذا اختلفت هذه الأجناس فيبيعوا كيف شئتم)([61])، وغيرها من الأحاديث التي تدل على أن المعتبر في الشريعة إنما هو التماثل في القدر، ولا عبرة بالتماثل في القيمة ما دامت الأموال ربوية([62]).
ويناقش: بأن المثلية لا تتحقق في حال انخفاض القوة الشرائية؛ للتفاوت في قيمتها، ولا عبرة بالمثلية الصورية الشكلية في هذه الحال([63]).
القول الثالث: أن الواجب للدائن مثل ما ثبت من الأوراق النقدية في ذمة المدين، إلا إذا كان التضخم النقدي مفرطاً يلحق ضرراً كثيراً بالدائن، وحدُّ الكثير نقص ثلث القيمة التبادلية للنقود، فالواجب رد القيمة إلا في الودائع المصرفية.
وهذا ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة، وقد ذكروا وسيلة تحقيق ذلك([64]).
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
الدليل الأول: أن من أهم مقاصد الشريعة في باب المعاملات والتجارات إقامة العدل ومنع الظلم، كما دلت عليه نصوص الكتاب، والسنة([65])، وإجماع أهل العلم([66]). وفي إيجاب رد مثل ما ترتب في ذمته من الدين، وإيجاب المضي في الالتزامات التعاقدية، دون اعتبار لما طرأ من نقص في القيمة الشرائية التبادلية للنقود إغفال لهذا الأصل الذي لا تستقيم معاملات الناس إلا به؛ لأن رد المثل في الديون بعد التضخم النقدي الكثير لا يتحقق به العدل الواجب؛ إذ المثلية منتفية في الحقيقة، وإن تحققت في الصورة. كما أن تغير القيمة عن وقت التعاقد تغيراً كبيراً يؤدي إلى ظلم أحد طرفي العقد بما لم تجر العادة بمثله، مما يستوجب تعديل الالتزام بما يحقق العدل وتحصل به مصلحة الطرفين([67]).
يناقش هذا: بأن في رد القيمة وتعديل ثمن العقود الممتدة عند انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود انخفاضاً كبيراً ظلماً للمدين والملتزم له؛ فالمدين يلزم بثمن زائد على ما تم عليه التعاقد لم يكن قد رضيه، وفي هذا ظلم له([68])، وفيه تفويت للرضا الذي جعله الله شرطاً لإباحة المعاوضات على اختلاف أنواعها كما في قول الله - عز وجل -: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[([69]). يجاب: بأنه ليس في إيجاب القيمة إلزامٌ للمدين برد أكثر مما أخذ في الحقيقة، وإن كان زيادة من حيث العدد، وإنما فيه ضمان ما نقص من القيمة الشرائية التبادلية للنقود حال كونها في يد المدين([70])، ويده يد ضمان فلا ظلم عليه. أما تعديل ثمن العقد في العقود المستمرة فليس فيه ظلم، بل فيه رفع الظلم عن الملتزم بالعقد؛ لأنه إنما رضي به قبل انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود، أما بعد هذا الانخفاض الكبير فإنه لا يرضى به.
ومنعاً من حصول الظلم في الصورتين السابقتين فقد اقترح مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة([71]) اللجوء أولاً إلى الصلح، وذلك باتفاق الطرفين عند سداد الدين الآجل على توزيع الفرق الناشئ عن التضخم النقدي بينهما بأي نسبة يتراضيان عليها، فإن تعذر الصلح، فيصيران إلى التحكيم([72])، أو إلى القضاء.
الدليل الثاني: أن انخفاض القيمة الشرائية التبادلية إذا كان انخفاضاً كبيراً فسيترتب عليه لحوق ضرر كبير بالدائن يجب رفعه عنه إعمالاً لقاعدة الضرر يزال([73]).
يناقش: بأن من قيود العمل بهذه القاعدة أن الضرر لا يزال بضرر([74])، وإزالة الضرر عن الدائن الحاصل بالغلاء أو الرخص في النقود الاصطلاحية يترتب عليه إلحاق الضرر بالمدين.
يجاب على هذا من وجهين:
الأول: أن الممنوع من إزالة الضرر بالضرر، هو إزالة الضرر بضرر مثله أو أشد. أما إزالته بضرر أخف منه فإنه غير ممنوع بل مطلوب؛ لأن من القواعد المتفرعة على هذه القاعدة أن الضرر الأشد يزال بالأخف([75]). ولا ريب أن في إيجاب القيمة في الديون والعقود الممتدة تخفيفاً للضرر؛ لأنه يتوزع على الطرفين، ولا يستقل بحمله أحدهما.
الثاني: أن تحميل المدين الضرر الناتج عن نقص القيمة له سبب، وهو أن يده يد ضمان، فيلزمه ضمان نقص قيمة الدين.
الدليل الثالث: أن انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود إذا كان كبيراً يُعدُّ عيباً، فيكون هذا النقص مضموناً للدائن يجب تعويضه عنه([76]). وطريق ذلك إيجاب القيمة في وفاء الديون، وتعديل ثمن العقد في العقود الممتدة بما يحصل به دفع هذا العيب عن الثمن. وقد ذكر الفقهاء نظائر لهذا الضمان، يجمعها أنه إذا كان للأصل قيمة حين الأخذ، وكان مثل الأصل لا قيمة له عند الرد أو نقصت قيمته فالواجب قيمته حين الأخذ([77]).
يناقش هذا: بأن تضمين المدين نقص القيمة تحميل له ما لا تسبب له فيه، وهذا ظلم له([78]).
يجاب: بأن يد المدين يد ضمان، فلا فرق بين النقص الذي هو سبب فيه، والذي لا تسبب له فيه([79]).
الدليل الرابع: عموم قول جابر رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح([80]). فإن الجوائح لا تختص الثمار فقط، بل تشمل أيضاً النقص في سائر عقود المعاوضات([81]).
ويناقش من وجهين:
أولاً: أن هناك فرقاً بين الجوائح في الأموال وبين الغلاء والرخص الذي يصيب الأوراق النقدية، حتى على القول بأن الجوائح لا تختص الثمار. وهو أن النقص في الجوائح داخل على عين المعقود عليه مباشرة أو على ما يؤثر فيها. ثم إن غاية ما في وضع الجوائح رجوع كل طرف بالذي له. أما الغلاء والرخص في النقود الإصطلاحية ففيه تضرر أحد طرفي العقد بأمر خارج، وهو رخص النقود الثابتة في الذمة، فلا يعد ذلك جائحة؛ لأن انحطاط سعر العين بعد العقد عليها لا يثبت به شيء لمن انتقلت إليه بالعقد([82]).
ثانياً: أن وضع الجوائح لا يتضمن الإضرار بأحد المتعاقدين لأجل حفظ مصلحة الآخر، بل الذي يقصد منه هو عدم أخذ المال بغير حق. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث وضع الجوائح: (بمَ تأخذ مال أخيك بغير حق)([83]). أما اعتبار الغلاء والرخص الطارئ على الأوراق النقدية جائحة فيتضمن إلحاق الضرر بأحد طرفي العقد لتخفيفه عن الآخر، ومن القواعد الفقهية المشهورة أن الضرر لا يزال بضرر([84])، فليست مراعاة حق أحد العاقدين أولى من الآخر([85]).
يجاب: بأنه حتى في مسألة وضع الجوائح يلحق الضرر بأحد العاقدين، لكنه دفع لضرر أشد بضرر أخف منه، وفيما يتعلق بقاعدة الضرر لا يزال بضرر، فإن كان الضرر المدفوع بضرر أخف فليس هناك ما يمنع منه، وقد سبق ذلك.
وقد اختلف القائلون بتخريج الغلاء والرخص الطارئ على الأوراق النقدية على وضع الجوائح في تحديد مقدار ذلك الضرر، فمنهم من قال مرده إلى العرف([86])، ومنهم من قال متى ما نقصت أو زادت قيمة النقود عن الثلث([87])، ومنهم من قال بالنصف([88]).
القول الرابع: أن الواجب للدائن مثل ما ثبت في ذمة المدين من الأوراق النقدية، إلا إذا ماطل المدين في وفاء ما وجب عليه، فطرأ التضخم النقدي أو زادت نسبته أثناء مدة المماطلة، فهنا يجب أداء القيمة.
وهذا قول الشيخ عبد الله بن منيع([89])، والشيخ محمد الحاج الناصر([90]).
واستدل أصحاب هذا القول:
الدليل الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم : (مطل الغني ظلم)([91]).
وجه الدلالة: أن الغني إذا أخَّر وفاء الدين فإنه يكون ظالماً بذلك، والظالم لا محالة مستحق للعقوبة، فيكون ضامناً لما ترتب على ظلمه من انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود([92]).
يناقش هذا: بأن كون المطل ظلماً لا يحل أن يلزم برد أكثر مما وجب في ذمته؛ لأنه ظلم له. والذي يفيده تسمية المطل ظلماً "إلزام المماطل بدفع الدين، والتوصل إلى ذلك بكل طريق: من إكراهه على الإعطاء، وأخذه منه قهرا،ً وحبسه، وملازمته. فإن الأخذ على يد الظالم واجب"([93]).
الدليل الثاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته)([94]).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الليّ، وهو المطل في وفاء الدين([95])، إذا كان المدين واجداً مما يحل عرضه وعقوبته، ومن عقوبته تحميله ما ترتب على ليّه من خسارة الدائن بانخفاض القيمة التبادلية للنقود([96]).
يناقش هذا: بأن المماطل مستحق للعقوبة، وهي الحبس أو الضرب. أما إلزامه بأكثر مما وجب عليه فلا يدخل في الحديث؛ لاتفاق أهل العلم على أنه لم يرد في عقوبة المماطل غير الحبس، فإن أصرّ عوقب بالضرب حتى يؤدي الواجب([97]).
الدليل الثالث: القياس على ضمان العارية والوديعة فيما إذا تعدى من هي في يده، وكذلك ضمان المغصوب حيث يلزمهم في جميع ذلك ضمان ما طرأ من نقص العين([98]). والقياس أيضاً على ضمان الغاصب منافع المغصوب مدة الغصب كما هو قول الجمهور([99]).
يناقش هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن القياس على ضمان العارية والوديعة والمغصوب قياس مع الفارق، فإن اليد في العارية والوديعة بعد تعدي من هي في يده يرتفع عنها وصف الأمانة فتصير اليد ضامنة بكل حال، وكذلك المغصوب مضمون على كل حال([100]). أما مطل الديون فلا ينفي عن اليد وصف الأمانة.
يجاب على هذا: بأن المطل في الديون ظلم واعتداء على أهلها بمنعهم حقوقهم، فيصير المماطل ضامناً بالمنع, خارجاً عن حال الأمانة([101]).
الوجه الثاني: أن القياس على ضمان الغاصب منافع المغصوب قياس مع الفارق، فإنه يشترط في المال المغصوب الذي تضمن منافعه أن يكون مما تجوز إجارته والنقود لا تصح إجارتها([102]).
القول الخامس: أنه إذا كان الغلاء أو الرخص في النقود الاصطلاحية مفاجئاً مفرطاً، تغيرت به تكاليف وأسعار العقود الممتدة المتراخية التنفيذ تغيراً كبيراً، يحصل به ضرر كبير على الملتزم بالتنفيذ دون أن يكون منه إهمال أو تقصير، فإن للقاضي في هذه الحال تعديل الالتزامات العقدية، بحيث تتوزع الخسارة على طرفي العقد.
وهذا ما انتهى إليه المجمع الفقهي الإسلامي بمكة في دورته الخامسة([103])، وبعض المعاصرين([104]).
واستدل أصحاب هذا القول:
الدليل الأول: النظائر الفقهية في فقه المذاهب، والتي جرى فيها تعديل الالتزامات التعاقدية نتيجة تغيرات وأمور طارئة في عقود الإجارة، والمساقاة، والمزارعة([105]).
ومن تلك النظائر:
أولاً: فسخ عقد الإجارة إذا تعذر استيفاء المنفعة بسبب الطوارىء العامة:كالحرب، والخوف العام، وما أشبه ذلك([106]). بل ذهب الحنفية إلى جواز الفسخ بالأعذار الخاصة كعجز أحد العاقدين عن المضي في موجب عقد الإجارة إلا بتحمل ضرر زائد([107]). كما ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه إذا نقصت المنفعة المعقود عليها فإنه ينقص من الأجرة بقدر ما نقصت المنفعة([108]).
ثانياً: تعديل العقود على الثمار بسبب الجوائح التي جاء الأمر بوضعها، وذلك بإسقاط ما يقابل الهالك من الثمار من ثمن العقد([109]).
الدليل الثاني: أن انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود إذا كان كبيراً مفاجئاً فإنه سيلحق ضرراً كبيراً بأحد طرفي العقد. ومن القواعد الفقهية أن الضرر يزال، ومن شروط إزالة الضرر أن لا يزال بضرر مثله، ولا بما هو أشد منه، وهو مقتضى القاعدة الشرعية "الضرر لا يزال بمثله" وطريق إزالته هنا دون أن يبوء به أحد الطرفين، ويضر به، هو بتعديل العقد بما يتناسب مع التغير في قيمة النقود، ويوزع الخسارة على الطرفين([110]).
الدليل الثالث: القياس على المظالم المشتركة التي تقع على من يجمعهم وصف واحد بغير حق، حيث يجب أن يتحمل الجميع تلك المظالم بالعدل، ولا يخص بعضهم بذلك دون بعض على ما ذهب إليه المحققون من أهل العلم([111])، فكذلك إذا وقع التضخم فإنه يشبه المظالم المشتركة؛ إذ لا يد لأحد من المتعاقدين في حدوثه، فيحتمله كل منهما بالعدل، وذلك بتقسيم فرق السعر عليهما.
الدليل الرابع: أن إلزام المدين بقيمة الدين كاملة عند حصول التضخم يرهقه، بينما يبقى الطرف الآخر لم يتأثر بذلك، مع أن التضخم كارثة عامة كغمامة تغطي المجتمع كله، فيجب أن يتحمل كل فرد جزءاً من مصيبتها وأثرها، ولا يجوز أن يقع ثقلها وبليتها على المدين وحده، ولا يتأثر الدائن بشيء منها. إن هذا مما تأباه قواعد العدل في الشريعة العادلة، وليس من فقهها في شيء، والذي يقتضيه العدل أن يقسم فرق السعر بين يوم التعاقد وبين يوم الأداء فيحمل كلٌ من العاقدين نصفه، ولا يترك ذلك على عاتق المدين وحده([112]).
ويناقش: بأن المدين منع الدائن من الاستفادة من ماله حتى انخفضت قيمته، وتحميل الدائن ذلك النقص أو جزءٌ منه فيه إضرار به.

الترجيح:

بعد استعراض الأقوال السابقة في المسألة وما يرد عليها من مناقشات وما يجاب، فإنه يترجح للباحث –والله أعلم- القول الثالث وهو أن الواجب للدائن مثل ما ثبت من الأوراق النقدية في ذمة المدين، إلا إذا كان التضخم النقدي مفرطاً يلحق ضرراً كثيراً بالدائن، فالواجب رد القيمة إلا في الودائع المصرفية. وذلك للأدلة والقرائن التالية:
1- أن في إيجاب المثل ظلماً وعدم تحقيق للعدل؛ لأن المثل إنما يكون في الصورة والمشاهدة والعدد، وليس في الحقيقة فمع اختلاف القيمة ينتفي التماثل؛ لأن المقصود من النقود ماليتها وثمنيتها وليس عينها وذاتها.
2- القياس على رد قيمة الفلوس بعد غلائها أو رخصها، بجامع أنها كلها نقود اصطلاحية، وهذا ما ذهب إليه أبو يوسف، وعليه الفتوى عند الحنفية([113])، وقول عند الحنابلة([114]) اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقل عنه([115])، والرهوني([116]) المالكي فيما إذا كان التغير كثيراً([117]).
3- ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان يقوّم([118]) الإبل في الدية على أهل القرى([119]) فإذا غلت رفع في قيمتها، وإذا رخصت نقص في قيمتها([120]). والشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الأصل في الدية الإبل، وأن الدنانير والدراهم مأخوذان عنها على أنهما قيمة لها، وهذا يدل "على أهمية اعتبار السلع الأساسية، وجعلها معياراً يرجع إليه عند التقويم"([121]).
4- قوة ما استدل به أصحاب هذا القول وسلامته من المناقشة.
وكذلك فإن الذين قالوا بوجوب رد المثل بنوا قولهم هذا على أن الأوراق النقدية الاصطلاحية تأخذ حكم النقود الخلقية –الذهب والفضة- وهذه مقدمة غير متفق عليها؛ لذا فإن نتيجة ما توصلوا إليه غير مسلم به.
ولقد أحسن الدكتور نزيه حماد إذ قال: " الذي يترجح عندي بعد التأمل ، والنظر أن هناك اختلافات جوهرية بين العملات الورقية المعاصرة وبين النقدين الذهب والفضة مما يجعل سريان بعض أحكامها عليها من حيث زكاتها، وجريان الربا فيها لا يقتضي بالضرورة انطباق سائر أحكام النقدين عليها وخصوصاً في وظيفة الدفع المؤجل في حالة التضخم وانهيار قوتها الشرائية .... ومن ثم فإنني أرى أن أقوال الفقهاء السابقين واستدلالاتهم حول تغيرات النقود (بالخلقة أو بالاصطلاح) كساداً وانقطاعاً ورخصاً وغلاءً لا تنطبق على الورق النقدي المعاصر، ولا يصح تخريج أحكام تغيرات النقود الورقية عليها. فالورق النقدي نقدٌ قائم بذاته، له طبيعته وخصائصه وتغيراته ومشكلاته التي تنشأ في ظل نظامه النقدي، ولابدّ في التعرف على أحكامه الشرعية في ظل تغيراته من نظر اجتهادي جديد، وخصوصاً في قضية ربط الديون والالتزامات الآجلة بمؤشر تكاليف المعيشة في حالات التضخم "([122]). ويقول الشيخ عبد الله ابن بيه -حفظه الله-: " إنّ مسألة قضاء ما ترتَّب في الذمة من غير النقدين عند انخفاض قيمته بما يساوي قيمته ليست منصوصة للشارع لا بنفي ولا إثبات إلاَّ من خلال بعض العمومات أو القياس، ولذلك فهي مسألةٌ اجتهادية"([123]).

وبناءً على ما ترجح من أن الأصل هو رد المثل في الديون فإنه يترتب على ذلك:
أولاً: أنه لا يجوز الاتفاق على الربط القياسي بمستوى الأسعار ابتداءً عند التعاقد.
ثانياً: أنه لا يعمل بالربط القياسي بمستوى الأسعار في كل تغير، بل في التضخم النقدي الذي يلحق الدائن به ضرر زائد على العادة، يتغابن الناس بمثله([124]).
ثالثاً: أن الحد الذي يعرف به مقدار الرخص أو الغلاء في النقود الاصطلاحية يرجع فيه إلى العرف وليس إلى الثلث؛ لأن تحديده بالثلث قد يكون فيه ضرر لأن كل ما لم يُحدّ في الشرع فالمرجع في تحديده إلى العادة والعرف([125]).([126]).
 
 
 

-------------------------------
([1]) ينظر: موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية ص (860), ومبادئ الاقتصاد الكلي للدكتور خليل ص (658).
 ([2])أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الذهب بالذهب، (2/643) برقم (2175)، ومسلم، كتاب البيوع، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، (5/44) برقم (4147).
 ([3])فتح القدير، لكمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي ـ سنة الوفاة 681هـ، دار الفكر، بيروت، (7/157)، وينظر: بدائع الصنائع (5/542)، والمحيط البرهاني، لمحمود بن أحمد بن الصدر الشهيد النجاري برهان الدين مازه، دار إحياء التراث العربي، (7/287)، واللباب في شرح الكتاب، لعبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني، تحقيق: محمود أمين النواوي، دار الكتاب العربي، (1/134).
 ([4])المدونة للإمام مالك بن أنس، (3/445)، وينظر: حاشية الرهوني (5/121 -122)، ومنح الجليل (2/534).
 ([5])الأم، (3/33).
([6]) المغني، (6/441– 442).
([7]) أخرجه مسلم في البيوع، باب جواز اقتراض الحيوان، (3/1224)، برقم (1600) وغيره، والبكر هو: الفتي من الإبل، كالغلام من الذكور. ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير، (1/149)، والرباعي هو: ما دخل في السنة السابعة. ينظر المرجع السابق (2/188).
([8]) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (4/119).
 ([9])ينظر: شرح القواعد الفقهية. للشيخ أحمد الزرقا، ص (174).
 ([10])ينظر: شرح القواعد الفقهية، ص (174)، وفتاوى مصطفى الزرقا، اعتنى بها مجد مكي، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى، 1420هـ، ص (630).
 ([11] كما في بحثه في مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الاقتصاد الإسلامي، المجلد (11)، 1419ه، ص(3).
 ([12])كما في مناقشته في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (2/773).
 ([13])كما في بحثه في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس (3/1756).
 ([14])ينظر: مفهوم كساد الأوراق النقدية ، ص (34).
 ([15])ينظر: النقود وتقلب قيمة العملة، مجلة مجمع الفقهي، العدد الخامس (3/1689).
 ([16])ينظر: قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي. للدكتور علي القرة داغي، الناشرون العرب، الطبعة الأولى،1413ه، ص (235).
 ([17])منهم: الدكتور ناجي محمد شفيق، والدكتور محمد علي القري، والدكتور منذر قحف، ينظر: عرض البحوث في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (2/446)، وتغير القيمة الشرائية للنقود الورقية. تأليف: هايل عبد الحفيظ يوسف داود، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى،1999م، ص (287-288)، والأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي قيمتها وأحكامها. تأليف: أحمد حسن، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1420هـ، ص (357)، وأحكام الأوراق النقدية التجارية في الفقه الإسلامي. تأليف: ستر بن ثواب الجعيد، مكتبة الصديق، الطائف، الطبعة الأولى، عام (1413هـ)، ص (563).
 ([18])تنبيه الرقود، ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ص (62)، مطالب أولي النهى (3/242).
 ([19])دراسات في أصول المداينات في الفقه الإسلامي ص (226).
 ([20])ينظر: المبسوط (14/30)، والبهجة في شرح التحفة (2/223)، ومغني المحتاج (2/17)، وشرح منتهى الإرادات (3/325)، وكشاف القناع (3/314-315).
 ([21])ينظر: بدائع الصنائع (5/242).
 ([22])التحبير شرح التحرير (7/3116-3125).
([23]) المغني، (6/441– 442).
 ([24])ينظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (29/414)، الدرر السنية (5/112)، قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي ص(235).
 ([25])ينظر: المبسوط (14/16)، بدائع الصنائع (5/26- 27، 6/160، 7/149)، المجموع شرح المهذب (10/107)، المغني (7/480).
 ([26])ينظر: المبسوط (14/30)، المنثور في القواعد (2/337)، كشاف القناع (3/314)، شرح القواعد الفقهية للزرقا ص (174).
 ([27])ينظر: المغني (6/442).
 ([28])ينظر: نزهة النفوس في بيان حكم  التعامل بالفلوس، تأليف: الشيخ أحمد محمد الهائم، (753-815ه)، تحقيق وتعليق: الدكتور عبد الله محمد الطريقي، الطبعة الثانية، 1411ه-1991م، ص (72).
 ([29])ينظر: تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية ص (298)، آثار التغيرات في قيمة النقود وكيفية معالجتها، موسى آدم عيسى ص (397-398).
 ([30])ينظر: تبيين الحقائق (6/91)، المغني (7/385).
 ([31])ينظر: المختارات الجلية للسعدي ص (125)، الموسوعة الفقهية الكويتية (25/10).
 ([32])ينظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/180)، روضة الطالبين (5/31)، الإنصاف (6/155).
 ([33])ينظر: مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الاقتصاد الإسلامي، المجلد (11)، 1419ه، ص(3)، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (2/562-564)، أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه الإسلامي ص (565).
 ([34])وجهة نظر في تغير قيمة النقود، عبد الجبار السبهاني، ص (27).
 ([35])سورة النساء آية (29).
 ([36])ومنها: مجمع الفقه الإسلامي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم: 9/د3/07/86، وهيئة كبار العلماء حول الأوراق النقدية، ينظر: أبحاث هيئة كبار العلماء، (1/92).
 ([37])منهم:
-       الدكتور علي السالوس، كما في بحثه مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس، (3/1748).
-       والدكتور الصديق الضرير، كما في كتاب "ربط الحقوق والإلتزامات الآجلة بتغيير الأسعار" ص (160-171).
-        والدكتور محمد تقي العثماني، كما في كتابه "بحوث في قضايا فقهية معاصرة" ص (175-179).
-       والدكتور صالح البقمي كما في بحثه ضمن كتاب "قضايا معاصرة في النقود والبنوك" ص (175).
-       والدكتور محمد عبده عمر كما في بحثه في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثالث (3/1800).
([38]) مجلة الأحكام الشرعية، للشيخ أحمد بن عبد الله القاري، تحقيق الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان والدكتور محمد إبراهيم أحمد علي، الطبعة الأولى 1401 هـ - 1981م. مطبوعات تهامة.
([39]) ينظر: ربط الحقوق والالتزامات الآجلة بتغير الأسعار، ص (177-178)، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثالث (3/1798-1800).
 ([40])البقيع: اسم يقال للموضع الذي فيه شجر. والبقعة الموضع من الأرض، وتجمع على "بُقَع، وبِقاع" ولا يسمى بقيعاً إلا وفيه شجرٌ أو أصولها، والبقيع موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، كان به شجر الغرقد، وهو كبار شجر العوسج، فزال وبقي الاسم.
ينظر: مختار الصحاح ص (24)، النهاية في غريب الحديث (1/145)، معجم ما استعجم من أسماء البلدان (1/265)، معجم البلدان (1/473).
 ([41])أخرجه الإمام أحمد، (2/33)، برقم (4883)، وأبو داود في كتاب البيوع، باب في اقتضاء الذهب من الورق، (2/270)، برقم (3354- 3355)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في الصرف، (3/544)، برقم (1242)، والنسائي في كتاب البيوع، باب أخذ الورق من الذهب، (7/281-283)، برقم (4593)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب، (2/760)، برقم (2262).
وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر". وقد صححه الحاكم في المستدرك (2/44)، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان كما في الإحسان، (11/287)، برقم (4920)، وابن عبدالبر في التمهيد (6/292)، والنووي في المجموع شرح المهذب (9/273)، وحسنه السبكي في تكملة المجموع شرح المهذب (10/110-111)، وقد ضعفه ابن حزم في المحلى (8/504). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه احمد ورجاله رجال الصحيح" (4/115).
([42]) ينظر: بحوث في قضايا فقهية معاصرة، للعثماني ص (178).
([43]) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (2/387).
([44]) ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس (3/1619).
([45]) ينظر: قرار هيئة كبار العلماء حول الأوراق النقدية، أبحاث هيئة كبار العلماء، (1/92)، وقرار رقم: 9/د3/07/86 من قرارات مجمع الفقه الإسلامي.
([46]) ذكر بعض الباحثين أن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة على ثمانية أقوال وهي إجمالاً:
الأول: أن الأوراق النقدية كالفلوس.
الثاني: أن الأوراق النقدية نقد خاص.
الثالث: أن الأوراق النقدية نقد قائم بذاته كالذهب والفضة.
الرابع: أن الأوراق النقدية بدل عن الذهب والفضة.
الخامس: أن الأوراق النقدية من عروض التجارة.
السادس: أن الأوراق النقدية سند بدين.
السابع: أن الأوراق النقدية سند بدين خاص.
الثامن: أن الأوراق النقدية مستند ودائع.
ينظر: التضخم النقدي، رسالة دكتوراه، للدكتور خالد بن عبد الله المصلح، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، العام الجامعي 1424-1425ه، ص (48).
 ([47])ينظر: قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي. للدكتور علي القرة داغي، ص (54).
 ([48])ينظر: المبسوط (14/16)، وبدائع الصنائع (5/26- 27)، (6/160)، (7/149)، والمجموع شرح المهذب (10/107)، والمغني (7/480).
 ([49])ينظر: المبسوط (14/30)، والمنثور في القواعد (2/337)، وكشاف القناع (3/314)، وشرح القواعد الفقهية للزرقا ص (174).
 ([50])ينظر: المبسوط (14/30)، بدائع الصنائع (5/242).
 ([51])ينظر: الفروق للقرافي (1/214)، قواعد الأحكام (1/180-181)، الأشباه والنظائر للسيوطي ص (518)، مغني المحتاج (2/282)، مطالب أولي النهى (4/53).
 ([52])كشاف القناع (3/314).
 ([53])الممتع شرح المقنع (3/208).
 ([54])المدونة الكبرى (5/86).
 ([55])المبدع (5/181).
 ([56])الدرر السنية (5/112)، ينظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (29/414).
 ([57])ينظر: تكملة شرح فتح القدير (9/328)، النقود وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية. لعلاء الدين محمود زعتري، الطبعة الأولى، 1417هـ، ص(497)، أحكام الأوراق النقدية والتجارية ص (560).
 ([58])ينظر: مجموع الفتاوى (20/341،250، 29/419)، إعلام الموقعين (1/387)، الموافقات (4/40)، قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي ص (231).
 ([59])ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي (5/3/1814، 2229).
  ([60])سبق تخريجه، ص (170).
([61]) تقدم تخريجه، ص (37).
 ([62])ينظر: الشروط التعويضية في المعاملات المالية، د. عياد عساف العنزي، دار كنوز اشبيليا، الرياض، 1430ه، (1/285-286).
 ([63])ينظر: مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الاقتصاد الاسلامي، المجلد (11)، ووجهة نظر تغير النقود، د. عبد الجبار السبهاني، ص (11).
 ([64])ينظر: البيان الختامي، التوصيات والمقترحات، للدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي ص (2، 4).
 ([65])الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي. لخالد بن عبد الله المصلح، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى، 1419هـ، ص (27-30).
 ([66])مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والمعتقدات. لابن حزم، دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الثانية 1400ه، ص (67).ـ
 ([67])ينظر: البيان الختامي، التوصيات والمقترحات، للدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي ص (4)، مجلة مجمع الفقهي الإسلامي (8/341).
 ([68])ينظر: الأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي ص (363).
 ([69])سورة النساء آية (29).
 ([70])فتاوى الرملي، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي (المتوفى : 1004هـ)، (2/160).
 ([71])البيان الختامي، التوصيات والمقترحات، للدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي، ص2-3.
 ([72])التحكيم: هو تولية الخصمين حاكماً لفصل خصومة بين مختلفين. وهذه التولية قد تكون من القاضي, وقد تكون من قبل الخصمين. ويختلف التحكيم عن الصلح من وجهين:
أحدهما: أن التحكيم ينتج عنه حكم قضائي , بخلاف الصلح فإنه ينتج عنه عقد يتراضى عليه الطرفان المتنازعان. وفرق بين الحكم القضائي والعقد الرضائي.
والثاني: أن الصلح يتنازل فيه أحد الطرفين أو كلاهما عن حق , بخلاف التحكيم فليس فيه نزول عن حق.
ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (27/324)، القاموس الفقهي، تأليف: سعد أبو حبيب، دار الفكر، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1402هـ، ص (96).
 ([73])البيان الختامي، التوصيات والمقترحات، للدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي، ص (3-4).
 ([74])ينظر: غمز عيون البصائر (1/283)، الأشباه والنظائر للسيوطي ص (87)، المنثور في القواعد (2/321).
 ([75])المصدر السابق.
 ([76])ينظر: دراسات في أصول المداينات في الفقه الإسلامي ص226، البيان الختامي، التوصيات والمقترحات، للدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي ص (2-4).
 ([77])البحر الرائق (3/154)، قواعد الأحكام (1/180)، المنثور في القواعد (2/337).
 ([78])ينظر: النقود وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية ص (496)، والأوراق النقدية في الاقتصاد الإسلامي ص 363، أحكام الأوراق النقدية والتجارية ص (580).
 ([79])نظر: قواعد الأحكام (1/182)، المنثور في القواعد (2/323).
 ([80])أخرجه مسلم، كتاب المساقاة ، باب وضع الجوائح، (5/29) رقم (1554).
 ([81])ينظر: الذخيرة للقرافي (212 - 215)، والقوانين الفقهية ص (173)، وروضة الطالبين (3/562) ، ومغني المحتاج (2/92)، وشرح منتهى الإرادات (2/212-213).
 ([82])ينظر: إعلام الموقعين (2/339).
 ([83])أخرجه مسلم، كتاب المساقاة ، باب وضع الجوائح، (5/29) رقم (1554).
 ([84])ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص (96)، والأشباه والنظائر للسيوطي ص (176).
 ([85])ينظر: حاشية الرهوني (5/121).
 ([86])حكم الشرع في تعديل ما ترتب بذمة المدين، للشيخ عبد الله بن بيه، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد (30)، ص (50).
 ([87])أحكام تغير قيمة العملة النقدية وأثرها في تسديد القرض. لمضر نزار العاني، دار النفائس، الأردن، الطبعة الأولى،1421هـ، ص (130)، مجلة مجمع الفقه الإسلامي (9/2/446)، ومستندهم في تحديده بالثلث، قوله صلى الله عليه وسلم: (الثلث، والثلث كثير). أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس (1295)، ومسلم كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث (1628).
 ([88])مجلة مجمع الفقه الإسلامي (9/2/446).
 ([89]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي (5/3/1848).
 ([90])المصدر السابق.
 ([91])أخرجه البخاري، كتاب الحوالة، باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة، (38/1)، برقم (2287)، (3/76)، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغني وصحة الحوالة (7/22) برقم (1564).
 ([92])مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس (3/1712، 1846، 2185).
 ([93])طرح التثريب في شرح التقريب، للحافظ زين الدين أبي الفضل العراقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، (6/163).
 ([94])الحديث. راويه هو الشريد بن سديد الثقفي رضي الله تعالى عنه. وأخرجه: البخاري تعليقاً في صحيحه: 2/845. كتاب الاستقراض. في ترجمة باب (لصاحب الحق مقال)، وأبو داود في السنن، (4/45)، كتاب الأقضية. باب في الحبس في الدين ونحوه. رقم (3628)، والنسائي في السنن، (7/316)، كتاب البيوع، باب مطل الغني، حديث رقم (4689)، وابن ماجه في السنن، (2/811) كتاب الصفقات، باب الحبس في الدين والملازمة، رقم (2427)، والإمام أحمد في المسند، (7/117) رقم (19473) مسند الشاميين، والحاكم في مستدركه، وصحّحه (4/102).
 ([95])ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (لوا) ص (847).
 ([96])مجلة مجمع الفقه الإسلامي (5/3/1847).
 ([97])ينظر: أحكام القرآن للجصاص (1/474)، والتمهيد (18/289)، وتبصرة الحكام (2/315)، والزواجر عن اقتراف الكبائر (2/199)، والسياسة الشرعية، لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (51).
 ([98])ينظر: تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية ص (304-305).
 ([99])ينظر: حاشية الدسوقي (3/443)، المنثور في القواعد (2/120)، كشاف القناع (2/112).
 ([100])ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (28/259).
 ([101])ينظر: المنثور في القواعد (1/104)، المغني (7/222).
 ([102])ينظر: المهذب (3/416)، ومغني المحتاج (2/283، 286)، ومطالب أولي النهى (4/60)، ومجلة جامعة الملك عبد العزيز، الاقتصاد الإسلامي، التعويض عن الضرر في المماطلة، للدكتورين محمد الزرقا، محمد القري، العدد (3)، ص (33-34).
 ([103])مجلة مجمع الفقهي الإسلامي (8/341).
 ([104]) ومنهم: الشيخ مصطفى الزرقا، كما في بحثه "قضايا معاصرة في النقود والبنوك" ص (197-198-200-202)، وكما في بحثه في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (2/366).
والدكتور نزيه حماد كما في كتابه: "قضايا فقهية معاصرة في المال والاقتصاد" ص (504).
واختارا: بأن يكون توزيع القاضي للخسارة بين العاقدين بالنصف، فيقسم فرق السعر بين الدائن والمدين، ويحمل القاضي كلاً منهما نصفه.
 ([105])المساقاة: معاقدة دفع الشجر والكروم إلى من يصلحها بجزء معلوم من الثمرة. والمزارعة: عقد على الزرع ببعض الخارج منه .
ينظر: القاموس الفقهي. تأليف: سعد أبو حبيب، ص (158-176).
 ([106])ينظر: بدائع الصنائع (4/196)، والفواكه الدواني (2/115)، ونهاية المحتاج (4/248)، (5/323)، وكشاف القناع (3/413)، (4/14)، والمحلى (8/187).
 ([107])ينظر: المبسوط (15/159)، والبحر الرائق (8/40).
 ([108])مجموع الفتاوى (30/153، 289)، الاختيارات للبعلي ص (262).
 ([109])مجلة مجمع الفقهي الإسلامي (8/338).
 ([110])مجلة مجمع الفقهي الإسلامي (8/339-340).
 ([111])ينظر: مجموع الفتاوى (25/50)، (30/337-355).
 ([112])ينظر: ربط الحقوق والالتزامات الآجلة بتغير الأسعار، ص (197-198)، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (2/359-360).
 ([113])ينظر: المبسوط (22/34)، والبحر الرائق (6/219)، ومجموع رسائل ابن عابدين، تنبيه الرقود ص (58)، وحاشية رد المحتار (4/534).
 ([114])الفروع (4/203)، الإنصاف (5/127)، المبدع (4/207).
 ([115])منح الشفا الشافيات في شرح المفردات. لمنصور البهوتي، المطبعة السلفية، القاهرة، 1342هـ، ص (170)، الدرر السنية (5/110-111).
 ([116])محمد بن أحمد بن محمد الرهوني، فقيه مالكي، آلت إليه الفتوى في المغرب، له تآليف مفيدة، منها: حاشيته على شرح الزرقاني، توفي سنة (1230هـ).
ينظر: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص (378)، معجم المؤلفين (3/109).
 ([117])ينظر: حاشية الرهوني (5/121)، وحاشية المدني (5/118).
 ([118])التقويم: يقدِّر قيمتها.
ينظر: مغني المحتاج (4/419)، والمطلع على أبواب المقنع ص (403)، والتقويم في الفقه الإسلامي ص (33-35).
 ([119])القرى جمع قرية، وهي المدن والأمصار وسميت بذلك الاسم لأنها الموضع الذي يجتمع فيه الناس. وأهل القرى يقابلهم أهل البادية.
ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/348)، مفردات القرآن ص (669).
 ([120])رواه أبو داود، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء، رقم (4564)، والنسائي في كتاب القسامة، رقم (4805). كلاهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولفظه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوِّم دية الخطأ على أهل القرى أربعمائة دينار أو عدلها من الورق يقوِّمها على أثمان الإبل فإذا غلت رفع في قيمتها وإذا هاجت رخصاً نقص من قيمتها.
وقال عنه ابن الملقن في تحفة المحتاج (2/455): رواه أبو داود ولم يضعفه، وقال عنه في خلاصة البدر المنير (2/271): "رواه الشافعي وأبوداود وابن ماجه والبيهقي بإسناد فيه مقال". وقد ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، ولم يتكلم عليه بشيء (4/54).
 ([121])قاعدة المثلي والقيمي في الفقه الإسلامي ص (221). وينظر: تغير القيمة الشرائية للنقود الورقية ص (294).
 ([122])ندوة ربط الحقوق والإلتزامات الآجلة بتغير الأسعار (102).
 ([123])الفتوى بين الانضباط والتسيب، د. يوسف القرضاوي (ص72).
 ([124])ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني عشر (4/10)، والعدد الخامس (3/ 1609)، والعدد الثامن (3/608)، والشروط النقدية لاقتصاد السوق، تأليف موريس آليه، ص (32).
 ([125])ينظر: نثر الورود على مراقي السعود (2/580)، والعرف وأثره في الشريعة والقانون، للدكتور أحمد المباركي، الطبعة الأولى، عام 1412هـ، ص (109).
([126]) هذا البحث من رسالة تقدم بها الباحث/ د. حسين بن حسن الفيفي لنيل درجة الدكتوراه في الفقه المقارن في جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية (المعهد العالي للقضاء) وهي بعنوان: التحوط ضد مخاطر الاستثمار في المصارف الإسلامية، غام 1433ه

 

بحوث علمية
  • بحوث في التوحيد
  • بحوث فقهية
  • بحوث حديثية
  • بحوث في التفسير
  • بحوث في اللغة
  • بحوث متفرقة
  • الصفحة الرئيسية