صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ملتقى " قيمة المسئولية في الأسرة " تميز وتألق

د.أميرة بنت علي الصاعدي
‏@Dr_AmerahSaeidi

 
بسم الله الرحمن الرحيم


عقد قبل أسبوعين الملتقى الثالث للرابطة العالمية للمنظمات النسائية الإسلامية في استنبول بعنوان :
" قيمة المسئولية في الأسرة " ، وكان متميزاً في عنوانه ، عميقاً في طرحه ، قوياً في فعالياته ، لافتاً في حضوره.
ففي ظل اختلال المسئوليات الأسرية ، نشأت عدة مشكلات ، وضاعت مهام وأدوار ، وبرزت قضايا وتحديات معاصرة ، وساهم في هذه الاختلالات ما تطالب به الاتفاقيات الدولية وتنادي به لجانها ومواثيقها.
وتميز الملتقى بالتأصيل الشرعي في طرح القضايا ومعالجتها ،والتركيز على غرس القيم وتعزيزها ، وتحديد المسئوليات الأسرية ضمن مسودة دليل المسئوليات الأسرية الذي عقد حوله عدة ورش عمل لتنقيحه وإنضاجه ، ليكون مصدراً مهماً لجميع أفراد الأسرة من زوج وزوجة وأبناء وخدم وأقارب وغيرهم .
ومما يميز الملتقى الحضور العالمي من القيادات الشرعية والتربوية والاجتماعية والقانونية ،مما أضفى على الملتقى تنوع خبرات ، وثراء أفكار ، وتبادل تجارب ، وعقد شراكات .
كما يميز الملتقى حسن التنظيم وكرم الضيافة وجودة المخرجات ، وخصوصية الحاضرات ، حيث اجتمعت ممثلات المنظمات النسائية في جو نسائي خاص في قاعات منفصلة غير مختلطات بالرجال ، وتم الربط بقاعة الرجال بشبكة تلفزيونية عالية الجودة ، مما أوهم البعض أن ملتقى الرابطة العالمية النسائية بلا نساء مع أن البث المباشر نقل أوراق العمل والمداخلات النسائية على الهواء .
جاء ملتقى الرابطة العالمية للمنظمات النسائية الإسلامية ، ليعزز في النفوس أهمية العمل للدين ، وضرورة المشاركة النسائية الإسلامية في العمل الدعوي التوعوي في المجتمعات الإسلامية لمواجهة التحديات المعاصرة ، وقد ساهمت المرأة المسلمة منذ القرون الفاضلة في الحركة العلمية والدعوية ، وتفرق الصحابة ومنهن الصحابيات في الأمصار لنشر العلم وخدمة الدين ، وتأسست المراكز العلمية في مختلف البلاد ، وأوردت كتب التراجم والسير لنا تراجم لنساء فاضلات وعالمات جليلات من محدثات وفقيهات ، نشرن السنة وتعلم منهن الرجال والنساء ، فهذه أم عطية انتقلت إلى البصرة في آخر عمرها واستفاد الناس من علمها وفقهها .
وإن استشعار المسلمة بأهمية دورها في صلاح الأسرة وبناء المجتمع الإسلامي ، يدفعها لسد الثغرات ودفع الهجمات وحماية الثوابت ، من خلال الجمعيات والمؤسسات والمراكز الدعوية ، مع مراعاة الضوابط الشرعية ، والمسئوليات الأسرية المناطة بها دون إخلال ، ابتغاء لمرضاة الله تعالى .
ولا يخفى على المتابع للعمل النسائي الدولي أنه يقوم على جهود نسويات ليبراليات راديكاليات ، تحررن من الدين وانسلخن من الفطرة السليمة ، وتمردن على القيم والأعراف ، فهذه هيئة الأمم المتحدة تخصص لجنة لوضع المرأة بلغت جلساتها الستون ،تأسست في عام 1946 وهي تعتبر الهيئة الأساسية الرئيسية المخصصة حصراً لصنع السياسة العالمية فيما يتعلق بالمساواة ما بين الجنسين والنهوض بالمرأة . تهدف لجنة وضع المرأة إلى إعداد التوصيات والتقارير للمجلس حول تعزيز حقوق المرأة في المجال السياسي والاقتصادي والمدني والاجتماعي والتعليمي.
وفي كل عام يجتمع ممثلي الدول الأعضاء في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في مدينة نيويورك لتقييم التقدم في مجال المساواة ما بين الجنسين وتحديد التحديات ووضع معايير عالمية ووضع سياسات ملموسة لتعزيز المساواة ما بين الجنسين وتمكين المرأة في جميع انحاء العالم.
في كل عام يجتمعون لتقرير مصير نساء العالم ، ويرسموا الخطط لتمكينهن (تقويتهن) وتنميتهن بعيداً عن الدين والقيم والأخلاق ، ويشجعوا على ممارسة الرذيلة ومحاربة الفضيلة ، ويسعوا لهدم استقرار الأسرة ، وإشعال وقود الصراع بين ركني الأسرة الرجل والمرأة ، وتكريس مبدأ الفردية ، لتعيش المرأة في عزلة عن احتياجاتها الفطرية وخصائصها النفسية ، وبعيداً عن محيط أسرتها ، تصادر حقوقها المشروعة ، وواجباتها الأسرية ، لتحيا حياة البؤس والشقاء ، تتخبط بين اتفاقيات لا مشروعة ، تسلبها أمومتها ، وتنادي بوأدها حية بإباحة الإجهاض ، فشابهت الجاهلية وزادت عليها ، ونادت بحريتها دون قيود أو حدود ، وحملت المرأة مسئولية فقرها وتبعية طلاقها .
انطلقت هؤلاء النسويات منذ قرابة قرن من الزمان في منظمات غربية لها استراتيجيات مهدفة منظمة مستمرة وبأجندات خاصة ، لقضية اسمها ( المرأة ) ، يحاربن أنوثتها وفطرتها ، ويقتلن أمومتها ، ويكلفنها مالا تطيق .
ومن أولويات مجالات التركيز في لجنة وضع المرأة : العنف ضد المرأة – السلم والأمن – التمكين الاقتصادي – وحقوق الإنسان ، وإن نظرة إلى واقع المرأة الفلسطينية والسورية والعراقية والمسلمة في العالم ، ليسقط شعارات هذه اللجنة ويفقد مصداقياتها ويطعن في ثقتها ويشكك في نواياها ، فلم يعرض في اجتماعاتهم السنوية ما يمارس من عنف ضد المرأة في الحروب ، وما آلت إليه من فقر وحاجة ، وما فقدت من أمن وسلام في عقر دارها وبلدها ، وما تعرضت له من ظلم واضطهاد من أجل ممارستها لحريتها الدينية .

وبفضل الله هيأ الله تشكيل هذه الرابطة العالمية للمنظمات النسائية الإسلامية ويندرج تحتها (77) جمعية نسائية ، بإدارة نسوة مؤمنات وبمساندة علماء ودعاة أجلاء ، اجتمعن من أنحاء العالم شرقا وغربا وجنوبا وشمالاً ، لخدمة الدين وحماية حقوق المرأة الشرعية ، ورعاية استقرار الأسرة ، فأسسن رابطة نسائية تسعى لأهداف سامية :
1) نشر الوعي بقضايا المرأة والأسرة .
2) توحيد وتوجيه جهود المنظمات النسائية وفق مجال عمل الرابطة.
3) بيان قضايا المرأة والأسرة في المحافل الدولية والإقليمية والمحلية.
4) رصد وبيان الفكر النسوي المعادي لتعاليم الإسلام والفطرة السوية.

يأتي هذا الملتقى الثالث للرابطة بعد ثلاث سنوات من تأسيسها ، ليؤكد على استمرار الأهداف ، وثبات المبدأ ، ونصرة قضايا المرأة والأسرة ، ومعالجة مشكلاتها ، وطرح الحلول ومواجهة التحديات المعاصرة .
وخلال الملتقى تم تدشين الإصدار الأول للرابطة وهو :
" رؤية نقدية حول أبرز القضايا التي اشتملت عليها أهم المواثيق الدولية الخاصة بالسكان والمرأة والطفل "
وبمشيئة الله يصدر " دليل المسئوليات الأسرية " بعد عرضه على الخبراء واعتماده من الرابطة .
وستبقى الرابطة شمساً تسطع لتبدد ظلام الاتفاقيات الدولية ، وأملاً يحي في النفوس جمع الجهود النسائية تحت مظلة مشروعة وأهداف مدروسة نحو نصرة الأمة وإعلاء كلمة الدين ، وستعلو الرابطة لتنشر نور الحق وتصحح زيف الباطل ، وما تقوم به الأخوات في الرابطة من جهود أداء للواجب وتحقيقاً لقوله تعالى :
" وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " ، والإنذار : الإخبار بما يتوقع منه شر . والمراد هنا الإنذار من المهلكات في الآخرة .
وأي إنذار أعظم من شر هذه الاتفاقيات وما يترتب عليها من مهلكات دينية ودنيوية .
وللرابطة علينا حق النصرة والدعم ، ولهم منا الدعاء بأن يبارك الله الجهود ، ويسدد الخطى ، ويؤلف بين القلوب ، ويوحد صفهم ، ويصلح ذات بينهم ، ويكفيهم شر الفرقة والنزاع .
أثناء كتابتي لهذا المقال بلغني خبر وفاة إحدى الأخوات الفاضلات التي حضرت الملتقى الأخير وهي :
د. فتحية حسن ميرغني، أستاذة الشريعة ، ونائب رئيس الشؤون العلمية بجامعة أم درمان الإسلامية ، من أول من حذر من سيداو في الثمانينات الميلادية ، ولها جهود في الدعوة ، وكان لها مداخلات قيمة في الملتقى ، غفر الله له ورحمها وأكرم نزلها وجبر مصاب أهلها ومحبيها ، وبلغها الفردوس الأعلى ، فاللهم جازها بالإحسان إحساناً ، وبالسيئات منك عفوا وغفراناً ، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صارت إليه ، واخلف على الأمة بخير .


7/7/1437 ه
د. أميرة بنت علي الصاعدي
المشرفة العامة على مركز إسعاد

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.أميرة الصاعدي
  • مقالات
  • أبحاث
  • تعظيم البلد الحرام
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط