اطبع هذه الصفحة


**.....هنــ جرىـــ دمعي ــا......**

عطاء " أم معاذ "

 
(1)
وتشوّفت نفسُ الكريم للقيا إخوته..
وتأمّلت أن تمحو أيام صبا مضت وولّت كيدإخوة
وتبيّض صفحة الزمان من منافس ٍ في حبّ الأبِ ,فيغيب الغلامُ في غيابات جُبٍّ ..
فيرقب بعيني مظلوم كيف يُساق الحرُّ لأسر ..
ويصمتُ , ليجري قدر الله فيُمسك عن لسان استغاثة ليُخطّ في صفحة المقادير
أنّ الله على كل شيءٍ قدير..((وأوحينا إليه لتنبئنّهم بأمرهم هذا وهم لايشعرون))
وتسوقُ أقدام المقادير الصدِّيق ليحطّ برحاله في بيت العزيز..
فيترعرع الفتى في ملك سيده ليشتد ساعد ويُصنع على عين الله..
وتمضي الأيام لتطوي صفحة الصبا ..فيشتد ساعد ..ويكتمل الرجل علماً وقوة .
((وكذلك مكّنا ليوسف في الأرض ولنعلمه ُمن تأويل الأحاديث))ويفر منه كل عزّ ليبقى له عزإيمان وذلّة للواحد الديّان
ويتقلّب في ملك عزيز مملوكاً , فتراوده الفتنة وقد ازدانت له في أبهى حلّة
((وقالت هيت لك)) ,فيسابق ضيق أبوابٍ غُلّقت إلى بابٍ لايحجب عن أحد,فيعصمهُ الله
(( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنّه من عبادنا المخلصين))
ويتقلّب يوسف في أحوال عافية ويتنسم نسائم عفة تزكو بها الروح فيغدو في عافية من زلة قدم
..وتضيق دائرة على نفس تتآمر على اغتيال عفة فتساوم على فضيلة..((ولئن لم يفعل ماآمره ليسجنن وليكوناً من الصاغرين))
ويستظلّ العفيف في أفياء عفةٍ ممتدة, فتعلو روحٌ عن دنس رذيلة فيفك روحه من قيد نفس
تدعوه ليحطّ رحاله في أرض رعونة((إنّ النفس لأمّارةٌ بالسوء ))..
لكنّ كريم النفس يفرّ إلى فسحة ((رب السجن أحبُّ إلىّ ممّا يدعونني إليه))
فلا يقبل مساومة رخيصة,ويلوذ بجناب ربه منطرحاً بين يديه مظهراً فاقة..وقد أحاطت به نار الفتنة واستعرت أوراهافي نفوسٍ لاهثة,ماثلة لقيد شهوة..((وإلا تصرف عني كيدهنّ أصبُ إليهنّ وأكن من الجاهلين))ويمضي يوسف العفّة في السجن بضع سنين ,أيام طويلة يطوي بعضها بعضاً
ويذل لسان العبد الصالح بالتوحيد داعياً فلا تغفل نفس عن دعوة للحبيب القريب
((ياصاحبي السجن ءأربابٌ متفرّقون خيرٌ أم الله الواحد القهّار))وينقلبُ الزمانُ على أهله ,فيعلو صوت الحق ليسفر عن حقيقة ((ارجع إلى ربك فسئله مابالُ النّسوة اللاتي قطعنّ أيديهنّ إنّ ربي بكيدهنّ عليم))فتسفر شمس الحق عن لثام مكر وخديعة لتبرىء الصّديق من كيد نسوة ((الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه))
فيرسم في صفحة الكون لكل يائس صفحة رجاء((والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لايعلمون))وتمضي عير القوم لحاجة فتحط رحالها بباب العزيز ,فيكيل بكيل للإخوةإحسان
و يرقب وجوهاً قد طواها الزمان عن عينٍ فآيست من التقاء ولقاء, فيعلو الوجيب ..وتتناثر مشاعر شوق ,فتسافر لأخٍ صغيروأب شيخاً كبيراً ترجو قرباً والتقاء..((ائتوني بأخ ٍ لكم من أبيكم)) ويكيد االقدير ليوسف الصبر ويصيبه برحمته..ويدور الزمان ليمحو ماكان من الصبية..
حين نزغ شيطان بكيد ..ويأت الإخوة تسوقهم حاجة وفاقة فتحملهم مراكب رجاء إحسان العزيز لقاصديه وفادة..ويكيد الله ليوسف ليغلب أمره على كل أمر..وتبادر فؤاد الصدّيق يوسف عليه السلام خنجرمسمومة ,لتفتق جروح وتجترصورة مضت لكيد إخوة..
((إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل))
ويحملها في نفسه على مرارة يتجرع صبراً
((فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدهالهم قال أنتم شرٌ مكانًا والله أعلم بما تصفون))
فتغدوالنفس الكريمة مشرقة بيضاء نقية من كل حسدٍ وغل وتبسط في النفوس
بياض صفاء..((لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين))

(2)
ويقلبُ كفي حيرة..ويذرع البيت طولاً وعرضاً..وتتوق نفسه لنصرة نصير وعون معين((لو أنّ لي بكم قوة أو آوي إلى ركن ٍ شديد))ويقضي يوماً من أيام العمر عصيب..اين يفر من سفه قوم سوء فاسقين..
ويسمع خصف نعالهم ويضطرب فؤاد..لخزي ومهانة في عقر دار وتنطلق كلمات راج
((فاتقوا الله ولاتخزون في ضيفي))(( هؤلاء بناتي هن أطهر لكم)) ويمضي القوم يتآمرون وهم في سكرتهم يعمهون
وحديث مناجاة يبدد ظلمات بعضها فوق بعض..
ويودع العبد الصالح أرض ميعاد في ليلة لانجوم فيها ليطوي صفحة سوداء
ولايلتفت فيسمع صريخ القوم وقد أصبح صبح العذاب عليهم ((فأخذتهم الصيحة مشرقين *فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل))

 

صفحة عطاء
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط