اطبع هذه الصفحة


** على ضفاف النهر**

عطاء " أم معاذ "

 
على ضفاف نهر الحياة التي تتضجر من كل ساكن ...

وقفت أنظر إلى صورتــي الباهتة التي انعكست على

صفحة المــــاء الصافيـــة..

نظرت إلى تلك الصورة الساكنة التي بدت واضحة جداً

وكأن مــاء النهــر الزجاجي أكسبها وضوحاً وشفافية

أكــثر من الحقيقة ....

نعـــــم

هــذه أنــا

هذا وجـــهي

هاتــــان العينـــان لي....إنــهما تنظــران إلي وكأنــــما

تريدان سبــــر غوري ,والغــوص بداخلي....

وهـــذه ابتســـامتي الشاحبة ,التي لاتكــاد تعطيــك إلا

انطبــاعــاً واحداً عن هذا الشخص الذي تراه.......

وفي كــل الأحوال تخرج باستنتاج واحد ..خلافاً للحقيقة

القابعة في داخل تلك النفس المنزويـــة.....

أوووه !

ذلك الوجوم الذي أراه مــاثلاً في تلك الصورة المنعكسة

يكــاد يقتلني ....!!!!!!

كأنــما تآمر هو وكل شيء علي ...ليشعرني بالسكون

والوحشة ...والغربة..

هــــــــــدوء يسيــطر على المكــــان ....رغم الضجيج

في الجهة الأخرى من عــــــالمي..

كلمــــا ازداد الضجيــج في الجهة المقــابلة ...يزحف

الهــــدوء إلى نفــسي....

شعـــور ٌ بالمــلل يخنق كل صوتٍ للحيـــاة في نفسي

أكــــــــاد أختنــــق....

كل ماحولي يوحــــي بالسكـــون ....

سكــونٌ قد يحــلم به من يريد الهـروب من ضجيج

المدينة وصخبـــها ...بل من ضجيج نفســه ومعاركها

الطــاحنة مع أعدائـــها...

ولكـــني....

ولكنـــي....مللــــــ....................

( دون أن أشعر ...قطع تلك الحيــرة ..صوت حجرٍ صغير

سقــط في النهــر ليخترق صفحة الماء فينفذ إلى العمق

...ويبدد السكون..)

بعـــثر ذلك الصوت سكوني ...وقطع حبل أفكـــــــاري

المحتضــرة...

حدّثتُ نفســـي ....( لمَ لا أتقدم قليلاً لأنظر ما يجري!!)

لامســـت أقدامي برودة المـــاء ....

آآآآح ....كم هو بــــارد....!

برودة المــــــــاء أنستنـــــــــي ذلك الصوت ...ولكـــن..

ما الذي قطع علي سكونــي ؟

نعــم !تذكرت .. إنه حجـــــر!

سأحاول..

أمسكت بحجر صغيــر ..وتركته يسقط في الماء ليخترق

تلك الصفحة الزجـــاجية ...ويكسرها ..بل يهـــوي بهــــا

إلى مكـــان مجهــول....

يــــــــــاالله ....إنه جميـــل !

كم هو جميل صــــــوته..!!

حجــرٌ آخـــر أكبــر من الأول ..ألقيتُ به....وبقوة ...لأرى

صفحة الماء تهتـــز......وترتعش لتصنع دوائــر جميلة ...

فترتعش معهـــا نفسي الذابلة ...

وصوت الماء يكــــاد يبلل كل عرقٍ عطش في نفســي

فيجعل شراييني تتدفق بالحياة ...

يا الله !! كأنني أسمع ذلك الضجيج بداخلـــي!

أكوام ٌ من الحجارة تمكنتُ من جمعهـــا ........

سأحـــاول الآن ....ودون توقف ..!!

بســـم الله ..هذا ......وهذا ...وإليك بهــذا .....

يا الله !! صوت الماء يعلو....ويرتفع ....وتتحرك صورة

وجهــي الواجم...وتضطـــرب ..لتبتعد مع تلك الدوائر

التي صنعتها حجارتــــي ....

سأحاول مرة ثانية....

حسناً ...إليك يانهـــري الصغيــر بهذا الحجر ...وهذا...

وهذا .....وهــــذا ....

ويرتفع صوت الماء .....ويبدد السكـــون ....ويتناثر رذاذ

ماء النهر ليبلل وجهي وثيابي ..ويطفىء عطشي بعذوبته

كأنني أسمع ضحكـــات تشاركني هذا الشعور الغامر

بالسعـــادة....

لن أتوقف.....

هذا ....وهذا ...وهذا ....وهذا...

ويرتفع صوت المــاء ..ويعلو ..ليعزف على كل عرق كاد

يتوقف نبضه في نفسي....أعذب الألحــــــان...فيشعرني

بدفق الحيـــاة ....نعم أشعر به...


أنا لاأحلم ...أشعر به من حولي...

يا الله ....المكـــــان يضج بالحياة ...أنا لست وحدي ...

أنا لست وحدي ...

هل تسمعـــون؟

أنا لست وحدي ..

بل كل الكون ينشد معـــي ...ألا تسمعون؟!

ألا تسمعون؟؟

أنا لست وحدي..

لست وحدي...
 

صفحة عطاء
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط