اطبع هذه الصفحة


الدَّسيــــسَة !( 3 - 3 )

إكرام الزيد

 
" 3"
الدســيسة !

وليـسَ النبتُ ينبتُ في جنانٍ *** كمـثل النبتِ ينبتُ في فـلاةِ
وهل يُرجى لأطفالٍ كمـالٌ *** إذا ارتضعوا حليبَ الناقصاتِ!

طرحتُ في الجزئين السابقين موضوع الإعلام للبنات، وتحويل المرأة إلى قضية القضايا، ووصلنا إلى أنّ الإعلام والمناضلين في قضية المرأة –كما يعتبرون أنفسهم- قد أطنبوا في المطالبة بالحقوق المفقودة، واستخدموا في هذه المطالبات مصطلحاتٍ مبهمةٍ في التعبير، كمصطلح: تمكين المرأة، المشاركة الاقتصادية، الصحة الإنجابية، المساواة بين الجنسين، السلطة الأبوية، النوع .. وغير ذلك.
وأعتقد أنّ القارئ والقارئة الكريمان إذالم يكونا قد اطلعا على خلفيات هذه المصطلحات، فإنهما سيريان فيها معاني فضفاضة مختلفة، تحتاج إلى تحديد وتوضيح من الذين يستخدمونها، حتى نعرف المقصود منها تماماً، فإن علمنا المعنى على حقيقته: أخذنا منه الحق ورددنا منه الباطل..
والأصل في هذه المصطلحات أنها مترجمة عن مصطلحات غربية تابعة لهيئة لأمم المتحدة بمنظماتها الـ 180، التي تقدم البرامج الإنمائية والإنسانية والصحية والتعليمية للعالم (يقولون ذلك!)، لكنهم يتحفون كلّ هذه الخدمات بـمعاهدات وأفكار مقدمة على طبق غربي الشكل والمضمون، أشهر ما يمثلها: وثيقة تدعو إلى المساواة التامة بين الرجل والمرأة تسمى بوثيقة السيداو، توقع عليها الدول وتلتزم بما فيها بالتفصيل، وهي وثيقة تستخدم النظرة الغربية فقط للإنسان والحياة، وللإنصاف فإنّ فيها مواداً استندت على واقع يحتاج تغييراً كالعنف ضد المرأة ومنع النفقة وحرمان الحضانة والتعليم، ولكن فيها أيضاً قرارات خطيرة مثل تعزيز المساواة والتمكين والحرية المطلقة المخالفة للشريعة الإسلامية (التي تنبع منها هويتنا)، لذلك .. فإنّ اتفاقنا على وجود المشكلة لا يعني اتفاقنا على طريقة العلاج!!
وقد صارت مثل هذه الأفكار والمصطلحات تطرق الأسماع في (الصحف، التلفاز، الندوات .. وحتى في قاعات الجامعات)، ولعل أبرز حدثين سمعنا فيهما هذه الألفاظ الفضفاضة، هما ندوة المرأة والحوار، وكذلك منتدى المرأة والأهداف الألفية للتنمية الذين أقيما في الرياض في أول شهر ذي القعدة ومنتصفه..

ندوة المرأة والحوار ظهرت فيه هذه المصطلحات على استحياء .. بينما في المنتدى الذي أقيم في الرياض فقد ظهرت جلية في محاور أساسية لأوراق العمل وورشها، وبمناسبة الحديث عن المنتدى، فقد أثارت السرية التي أحاطت به كثيراً من التساؤلات..وسأطرح تساؤلاتي بعيداً عن الأدلجة والتصنيف، في محاولة لحوار هادئ:
إذا كانت البرامج مقدمة للمرأة السعودية خاصة، فما السبب الذي يقصي وجودها من مثل هذه المحافل التي تطبخ فيها القرارات؟ وما سبب الانتقائية في الاختيار التي اشتكى منها البعض؟! وإن كنتُ أجد الجواب عند إحدى المنظّمات التي سألتها عن سبب هذا الانتقاء فقالت: لا نريد أن نظهر أمامهم بمظهر غير صحي!
المصطلحات المستخدمة مبهمة وغامضة، فلماذا لا يتم شرحها بجميع أبعادها وضوابطها لتتضح عند المتلقي، ومن ثمّ يتجاوب مع المنظمة إن كانت ذات أفكار سديدة كما تقول؟!
بشكل عام، هل لنا الحق –في حال المشاركة في صنع القرار- بأخذ ما نريد من حلول مناسبة لنا وترك ما لا نريد مما يخالف؟!
الشابات، وهنّ الفئة التي ستقع عليهنّ القرارات بالدرجة الأولى، هل يعرفنَ بهذه الأهداف وأبعادها وخلفياتها؟ أم أنهنّ مغيّبات تماماً عن الساحة -تعمداً أو بدون تعمد-؟ لماذا لا يتم فسح المجال للشرائح النشيطة المتطلعة –بالحد الأدنى من التواجد المفترض- ليدلين بصوتهنّ الحقيقي في قراراتٍ تخصهن؟ وحتى يعرفنَ ماذا سيُعْطِينَ وماذا سيُعطَيْن؟
الذي فهمناه أن تطبيق قوانين السيداو إلزامي، فإن كنا نرى في مرجعيتنا كفاية واستقلالاً، ونروم حل مشاكلنا بطرائقنا السليمة، فلماذا نلزم بما لا نريد؟! وما أسباب هذا الإلزام؟؟
إذا كان المنظمون يرون أنّ طرحهم لا يخالف الشرع وأنّهم يؤمنون بالكتاب والسنة حكماً، فنحن إذن متفقون على أرضية صلبة نستند عليها وهي ، فهل يرضون إذن أن نحتكم بالأفكار والسلوكيات المقترحة إلى الشرع؟ وهل سينفذون أحكامه إذا خالفت ما يريدون؟
إننا جيل متطلع، بدأ يعي القضايا من حوله، ويظهر صوته ويطالب بحقوقه، وعلى كل من يرى أنه مهتم بأمرنا أن يحدثنا وجهاً لوجه، بصراحة ووضوح وشفافية، وسيجد بإذن الله محاورة واعية متسندة على حفظا لثوابتنا، وتمسكنا بهويتنا، وتطلعنا لمستقبل أكثر جمالاً وإشراقاً..بإذن الله!

إكرام الزيد
22 / 11 / 1426 هـ

 

إكرام الزيد
  • مـقـالات
  • قصص
  • قصائد
  • أفكار دعوية
  • ردود وتعقيبات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط