اطبع هذه الصفحة


تعليقاً على كاريكاتير الخميس أوَ كاد المريب؟!

إكرام الزيد

 
قال عمر الفاروق رضي الله عنه: " من عرّض نفسه لتهمة، فلا يلومنّ إلا نفسه" ..!
وردت هذه الكلمة الفاروقية الحكيمة لذهني وأنا أشاهد رسم الكاريكاتير الذي نشرته الجزيرة يوم الخميس 5 / ذي الحجة 1426هـ ، إذ جاء بصورة رجل وامرأة كأنهما في ممشى، والرجل يحمل بيده لوحة كبيرة خطّ عليها كلمة: " عقد النكاح " ..

ومفهوم هذا الرسم يفيد بأنّ كل رجل سيكون محل شبهة إذا مشى مع محرمه، وأنّ الشبهة ستأتيه ممن يملكون صلاحية السؤال (وهم رجال الحسبة)، وأنّ الرجل لن يستطيع دفع هذه الشبهة عن نفسه وزوجه إلا بجعل عقد النكاح كلوحة كبيرة تلفت الناظرين، ليسكت من وقع في نفسه شيء من الظن فيهما، ولي مع هذا الرسم وقفات، نحو ما يأتي ..
1. أما إن كان أحد قد تعرض لمثل هذا الموقف وسأله المحتسبون عن علاقته بالمرأة، فلينظر أولاً إلى هيئة امرأته وإلى حجابها كيف تلفعت به، فالغالبُ أن المرأة تجلب الشبهة لنفسها ولمن معها إذا زيّنت حجابها –وهو إنما وضع لتغطية الزينة-، خاصة إن كان ضيقاً ملوناً تبدو من ورائه ملابس غير مناسبة، كما أنّ المرأة إذا كانت خارجة مع من ليس لها محرماً فإنها ستجد فرصة التزين أمام صاحبها في ردائها الخارجي، وهذا معهود منذ القدم حين كانت العرب تميز الغانيات من الحرائر بتبرج الأوليات وحشمة الثانيات..
2. الظن السيء بالمرأة التي هذه حالها يوجب ظناً سيئاً بالرجل الذي يرافقها، فالأصل غيرة الرجل على محارمه –ولايُحتج بديوث-، فإذا سكت الرجل على تلكم الحال فذلك يورد للظن أنها ليست من محارمه وأنه صاحب حاجة عارضة، لا يبالي بأي وادٍ هلكت!
3. ربما تكون الهيئة العامة للرجل والمرأة محتشمة ولائقة، إنما السلوك العام لهما فيه ريبة، بحركة ونظرة وغير ذلك مما ليست الشوارع محلاً له..ومن فعل ذلك أمام الناس فقد عرض نفسه للتهمة ولا يلومن إلا نفسه –كما قال الفاروق-، ولقد عرف عن أهل العفاف والمروءة أنّهم لا يبتدرون خصوصياتهم على الملأ، بل يجعلون بيوتهم محلاً للتبسط وإسقاط الكلفة.. فمن خالف هذا العرف فلا بد أن يجد من يستريب فيه ويستنكر أمره من أهل الصلاح والإصلاح!
4. لا يحتج أحد بأنّ هذه حرية شخصية، فللحاكم أن يلزم الناس في بلده بالتزام الآداب، مع تعزير من خالفها، كما أن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخفى لزومها، ورجال الحسبة قد التزموا ذلك بقانون رشيد من دولة التوحيد، والآداب العامة قد جاءت مطلباً شرعياً وقانونياً، ويدخل ضمنها الحجاب المتهتك، والسلوك غير السوي!
5. مالنا لا نحسن الظن؟ إن رجال الحسبة حينما يسألون فإنما يسألون حفظاً للمرأة أن تكون بيد من يخادعها ويعبث بشأنها، فإن كانت المرأة محرماً فالحمد لله، وإن لم تكن كذلك فهم يتداركون الأمر بعقوبة تأديبية ليس فيها تشهير ولا فضح ولا هتك ستر، وكم سمعنا من القصص التي تعيد فيها الهيئة الفتاة إلى بيت أهلها دون أن يضطروها لاستدعاء الولي -مع معاقبة الشاب-، كل ذلك حفظاً للأعراض أن تستباح، وللخطايا أن تكشف..!
6. قد تكون هناك أخطاء فردية من بعض الإخوة في الحسبة، وهذا قصور وارد عائد إلى اجتهادات فردية، لكن التعميم فيه تجنٍّ ظالم، ورمي لهم في نواياهم وأفعالهم، مع ما علمنا من سعيهم في حراسة الفضيلة ومحاربة الرذيلة، وغير ذلك من جهودٍ حثيثةٍ في تطبيق الركن السادس مما لا يجحده عاقل ..

هذا، ولطالما سارت النساء مع محارمهنّ – أو بدونهم - لا يرينَ إلا الإجلال والتقدير والاحترام، ويكاد دنيّ النفس خبيث الطوية أن يتجرأ عليهنّ فيردعه وجود رجال الحسبة، فليت أنّ الرسام – إن كان مريداً للحديث عما يحدث في الأماكن العامة- أن يسلط ريشته على سلوكيات غير سوية يقوم بها الغلمان في الشوارع (والمماشي خاصة) من لباس متهتك، ومعاكسة للنساء، وتشبه بهنّ، ولعل ذلك قادم منه إن شاء الله تعالى..

إكرام بنت عبد العليم الزيد
الرياض

 

إكرام الزيد
  • مـقـالات
  • قصص
  • قصائد
  • أفكار دعوية
  • ردود وتعقيبات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط