اطبع هذه الصفحة


تحذير .. توقف متكرر !!

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كـُـنا في سـَـفـَـر ، و لمّا كنتُ في السيارة مررنا بجانب حافلة كُتب عليها ..
( تحذير .. توقف متكرر )

فخطرت في بالي فِكرة ..
فقلت :

أننا في حياتنا و في طريقنا إلى ربـِّـنا نتوقف توقفات متكررة !!
مِمـّـا يعيق سيرنا على الله و ملاقاة مرضاته .

في حياتنا كثيراً ما نرفع شعار (( تحذير .. توقف متكرر ))

خلقنا الله لنعـْـمـُـرَ الأرض بطاعته و عبادته و نحن في كل الأحوال مسافرون إلى الله
و مِنّا مَن تباطأ و مِنا مَن أسرع ..

فالمسلم كما قال ابن القيّم في كتاب الفوائد [ لله عليه في كـُـلِّ وقت من أوقاته عبودية تقدمه إليه وتقربه منه، فإنْ شـَـغل وقته بعبودية الوقت تـَـقدّمَ إلى ربه، وإنْ شغله بهوى أو راحة أو بطالة تأخر.
فالعبد لا يزال في تقدم أو تأخر ولا وقوف في الطريق البتـّـة، قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ المدثر:37 ] أهـ .


نتوقف توقفات متكررة .. لـِـنحمـِـلَ معنا من شهوات النفس و رغباتها ما يبعدنا عن الله !
و عن صراطه المستقيم المنير ..
و كأننا لا نسألِ الله كل يوم { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }
فنحن نسير ببطء ! كما تسير تلك الحافلة ببطء !!

يوقفنا فِعلُ الحرام ..
يوقفنا سوء الخُلق ..
يوقفنا الكذب ..
يوقفنا ترك النوافل من الطاعات ..
يوقفنا الانشغال عن الله بعرَض آخر و إن كان فيه خير ..

أشياء كثيرة نتوقف من أجلها ثم نحملها معنا ، فتتباطأ حركتنا !
و نسير أحياناً بِلا زاد !

و لا يمكن أن نتوقف أبداً في سيرنا إلى الله !
لأننا سائرون لا محالة و لكن مـِـنا سريع الخُطى و مِنا ثقيلها ..

يقول ابن القيـّـم ( عن العبد ) في كتاب مدارجِ السالكين [ إنْ لَمْ يكـُـنْ في تقدم فهو في تأخر ولابـُـد ؛ فالعبدُ سائرٌ لا واقـِـف ، فإمـّـا إلى فوق وإمـّـا إلى أسفل ، وإمـّـا إلى أمام وإمـّـا إلى وراء ، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة]

فحتى متى نظل نتوقف توقـّـف متكرر ؟!
و حتى متى تـُـبطئ بنا ( أحمالنا .. أعمالنا ) عن السير السريع ؟

قَـطعتَ شهورَ العُمُرِ لـهواً و غَـفلةً = و لَمْ تحترمْ فيمـا أتيتَ المحـــرّما
فلا رَجَــب وافـيتَ فـيه بِحقّه = و لا صُمتَ شهرَ الصومِ صوماً مُتَمِما
و لا في ليالي عشرِ ذي الحجة الذي = مضى كنتَ قـوّاماً و لا كُنتَ مُحرِما
فهل لكَ أنْ تمحي الذنوبَ بـعَـبرةٍ = و تبكـي عـليها حســرةً وتَندّمــــا

و سفرُنا إلى ربنا لا يحتاج لجسدٍ قوي ..
و لا عظام صلبة ..
إنما هي هِمةٌ و عزيمة ..
و معها إرادة قوية ، و عملٌ على منهج القرآن و السـُـنة .

و هذا ما قرره ابن القيّم [ فاعَلمْ أن العبد إنما يقطع مَنازلَ السيرِ إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه..
والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح ، قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ الحج:32
وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ] .
فالكيّس يقطـَـع من المسافة بصحة العزيمة وعلو الهمة وتجريد القصد وصحة النية مع العمل القليل ..
أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفر الشاق، فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة
وتطيـّـب السَـير، والتقدم والسبـْـق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم وصـِـدق الرغبة والعزيمة
فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله ]


فيا أيها العبدُ المسلم ..
أنتَ مؤمنٌ و متيقّن أنك في سفر و أنك قاطعٌ طريقك إلى الله ..
فكـُـن قائداً لذاتك ، و احمل معك زاد التقوى ..

و احذر من التوقف المتكرر ، الذي تحمل فيه ما يُـبطـّـئ سيرك إلى الله .

 

فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط