اطبع هذه الصفحة


أيها الأولاد إنّ ليَ أبٌ كما لكم آباء فلا تسخروا

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قدّر الله قبل أسبوعين أن أجلِس مع إحدى المطلقات حديثاً ..
و التي لم تكمل شهرين على طلاقها ، و كنت أجلس بجوارها و سألتها عن الحال و الأحوال ..

فقالت لي : أنها سعيدة بعدما تحررت مِن قيد زوجٍ ظالِم ! تركها في بيت أهلها بدون سؤال لأكثر مِن سنة و نِصف و معها ابنها الذي أصبح عمره الآن أربعة أعوام ، و لم يكلّف نفسه بنفقة أو حتى سؤال عن ابنه .

و كان ابنها يجلس أمامنا و كنت حريصة أن أتحدّث إليها ( حديث نجوى ) حتى لا يسمعنا ابنها .

و أخبرتني أن زوجها تنازل عن ( قطعةٍ مِن جسده و تنازل عن نفقته عليه ) ..

قلت لها : يا فلانة ، إن ظـَـلمكِ زوجكِ أو ظلَمَ ابنكِ فهو يظل أبوه ، و لن تستطيعي محو ذلك أو إنكاره ..
فلا تربـّـي ابنكِ على أن يحقـِـد على أبيه أو يكرهه ، فإنّ هذه أمانة سوف تُسألين عنها .

قالت بعدما تنهّدت بحُرقة : ( الله ياخذ عمره ) !
والله لن أرتاح حتى أسمعَ خبرَ وفاته .

و أنا مازلت أتحدث إليها بصوت منخفض حتى لا يسمعنا ابنها ..

فجأة قام ابنها و جلس في حِجر أمـّـه و احتضنها و كأنه يقول : لا تتركيني .

لمـّـا رأيت منظره و شعرت أنه يفتقد أباه تخيـّـلته يقول :

خذني يا أمي إلى حضنكِ ..
و قبــّــلي يديّ الصغيرتين ..

خذيني يا أمي و احضنيني ..
فأنا بِلا أبٍ !

بِلا أبٍ يسأل عن أحوالي ..
أو يقول : خذ ما شئت مِن أموالي ..

خذيني يا أمي و لا تتنازلي ..
أو تـُـعرِضي عني أو تتغافلي ..

أمي يا حبيبة ..
يا مسكن قلبي يا قريبة ..

ضمّي إليكِ أضلاعاً خلفها قلبٌ مضطّرب ..
و أطفئي نارَ حشا يلتهب ..

قد قالها والدي ..
خذي ابنكِ و كبـّـريه و ارعيه ..
فأنا مشغول ..
و لست بالمسئول .

أواه يا أمي ..
أواه يا مَعين حُبي ..

ليت أبي يعلمُ أنّي أحـِـبـّـه ..
و أنّ هنائي قربـُـه .

أرجوكِ يا أمي لا تـدْعي على أبي ..
و تقولي إنه القاسي الغبي ..

لا تقولي عن والدكِ : أطال الله عمره ..
ثم تقولي عن والدي : أخذ الله عمره !

فأنا أحب أبي كما تحبين أباكِ ..
و أحتاج إليه كما تحتاجين إلى جدي ..
و سأظل أحبـّـكِ يا منتهى وِدي .

سأكبر يا أمي ..
و سأسأل عن أبي الراحِل ..
فنجمه في حياتي غير آفِـل ..

لن أسمحَ للأولاد أن يسخروا بي ..
أو يعيـّـروني ..
سيسألون حين يرون جدي يذهب بي إلى المدرسة ..
و سيستفهمون حين يرون خالي يعود بي مِن تلك المدرسة ..

سأقول لهم بصوتي العالي ..
إنّ ليَ أباً غالي !

سأقول :
أيها الأولاد ..
إنّ ليَ أباً كما لكمُ آباء فلا تسخروا ..
سيأتي يوماً و يراني ..
و سأنسى أنه رماني ..

سأستقبله بالأحضان ..
كما كنت أفعل صغيرا ..
و سأجعله القائدَ الأميرا ..

أرجوكِ يا أمي ..
لا تربيني على الأحقاد ..
أو تجعلي أبي مِن شر الأفراد ..

قولي لي :
أبوك يحبـّـك و هذه نزوة شيطان ..
و سيعود إليك و يأخذك بكل الحنان .

قولي يا أمي :
إن لكَ أباً مِن واجبكَ بِرّه ..
حتى و إن نالكَ مِنه مَضرّة .

خذيني يا أمي و احضنيني ..
فإن نصفي مفقود !
و أنتِ لي كل الوجود ..

احضنيني يا أمي و لُمي أشتاتي ..
و قولي : أنتَ الأول الأخير في حياتي ..

قولي :
لن أترككَ صغيري ..
لن أرميكَ يا راحة ضميري ..

لا تستغني عني كما استغنى عني والدي ..

أمي :
دعيني أحب أبي ..
دعيني أبرّ به و أدعو له ..

أمي :
إنْ بـَـعُــدَ والدي عن جِسمي ..
فإن اسمه مرتبط باسمي ..

فكيف لي أن أنساه ..
و كيف تتمنين أن أنعاه ..

سأسكت اليوم يا أمي لأني مازلت صغير ..
لكنني غداً سأصبح الفتى الكبير ..

و سأصرخ و سأقول :
أيها الأولاد ..
إنّ ليَ أباً كما لكمُ آباء فلا تسخروا ..


 

فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط