اطبع هذه الصفحة


إذا قيل ( الله يعطيك ويهب لكِ ) فلا تقولي آمين !

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا لَمْ أستعِـن بِكَ يا إلـهي = فمَن عوني سِواكَ ومَن مجيري
تضيق بِنا الحياة وحين نهفو = إلى نجــواكَ نحظى بالسرورِ

حين تضيق الحياة ..
وتلمّ الملمّات ..
وحين نفقد كل وسيلة ويُسدّ في وجهنا كل طريق ..
فإن النفس بفطرتها ترفع عينًا إلى السماء تسأل خالقها ..

ولكن مهلاً !
قبل الدعاء .. قبل النداء .. قبل طلب الغوث ..

تعالي معي نرى ماذا حكى الله تبارك وتعالى لنا عن نبيه زكريا – عليه السلام - ..
قال الله عز وجل { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) }
ثمّ ماذا كانت النتيجة { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) }

وفي موضعٍ آخَـر يقول الله تعالى عن زكريا حين دعاه { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) }
والنتيجة { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) }

فتأمّلي طِـيب الطلب وزكاته ..
طلب – عليه السلام - ذرية طيبة ، ووليّ ، ووراث للنبوة ، وأن يكون رضيًّا .
فأعطاه الله ما سأل ، فكان يحيى ابن زكريا سيّدًا وحصورًا ونبيًّا مِن الصالحين .
إنّ ما يحصل اليوم مِن أخطاء العباد الفقراء المحتاجين أنهم يطلبون الله وكفى !
ولا يشترطون في دعائهم ..
وربما كان هذا العطاء نِقمة ومِحنة ، بدل أن يكون نِعمة ومِنحة .

أحد الذين ابتلاهم الله بالعُقم سنوات طويلة وصلت الخمس عشرة أو تزيد ، كان يطلب الله الولد ، وكان حلمه أن يرزقه الله ولدًا مهما كان هذا الولد ..
فأعطاه الله ولدًا فلما كبُر ، كان عاقًا ، ونغّص على والديه حياتهما ، حتى دعا عليه والده فمات الولد .

وأخرى رزقها الله بأبناء ذكور ، وكانت تتمنى أن تُرزق بأنثى ، فكانت تقول : يارب ارزقني ببنت حتى لو شعرها خشن !
فأعطاها الله على نيتها ! ، ورُقت ببنت شعرها خشن والأم لها شعر ناعم جدًا .

إنّ الله تعالى ، كريم عليم رزّاق ..
يستحي أن يرد عبدًا دعاه ..
ولكن العبد الفقير ينسى دائمًا أنّ الله هو العليم الحميد ..
فيسأله ثمّ لا يشترط طِـيب المسألة ..

هذه امرأة عمران تقول كما قال الله تعالى في كتابه { رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) }
كانت تشتهي الذرية ، ولكن طلبت أن يكون هذا الرزق صالحًا ، { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا }

فاشتراط طِـيب الرزق دقيقة مِن دقائق سؤال الله جلّ وعلا ..
فربما أعطى الله عبده فطغى !
وربما فرّج عنه ففجَـر !

فليست كل نعمة هي سبيل للسعادة والطمأنينة والسكينة ..

فقد يغترّ الإنسان وقد يضلّ حتى يصيّر نعمة الله مركبًا وسبيلاً للمعصية .

وتأملي – أيتها الكريمة – كيف يعلّمنا الله أدبًا في السؤال ، فقال عن عباد الرحمن :
{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }
فلم يكتفوا بسؤال الزوج والذرية ، بل اشترطوا أن تكونَ قُـرة أعينٍ لهم .

فإلى كل محتاجة وكل سائلة ..
إذا سألتِ فاشترطي طيّب الرزق ..

وإذا دُعي لكِ ، فلا تقولي آمين حتى تشترطي طيّب الهِبة ..

فإنكِ إنما تسألين كريمًا جوادًا .
وقولي : اللهم هَبْ لي كذا واجعله في رضاك ..
و { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا }


 

فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط