اطبع هذه الصفحة


لقد اتصلت بي صديقات يشكون أزواجهنَّ !

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لمّا شرَعَ اللهُ الزواج جعلَ له ضوابِطه وشروطه ، ومقدّماته ..
لأنّ الله تعالى هو خالِق الأنفس وموجِدها .
فهو يعلمُ سبحانه ما يُصلِحُها وما يصلُحُ لها .

ومَن يتتبّع القرآن الكريم فسيجِد أنّ الله تعالى حدد المقوّمات للحياة الزوجية
وأخبرنا بطرُق التكافؤ بين الزوجين ..
فيذكُر سبحانه قِصص الأنبياء والذين خلّصهم الله تعالى مِن زوجاتهم كنوح ولوط عليهما السلام .
لأنّ مقام الأنبياء لا يصلح لهم أمثال تلك الزوجات .
ثمّ يذكر لنا سبحانه قِصّة امرأة فرعون وكيف اختارها الله عنده كي تعيش حياةً كريمة ليس فيها كُفر فرعون وأذاه .
وفي آية أخرى يقول تبارك وتعالى { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ } .
في بيانٍ منه سبحانه إلى أنّ الزواج لا يعني رجُل وامرأة !
وإنما هو حياةٌ مِن الانسجام والتكافؤ أساس اختيارها هو الدِّين والخُلق ، وهذا فصّله عليه الصلاة والسلام في حديثين ..
في شأن الخاطِب [ إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه فأنكحوه ] حسّنه الألباني .
وفي شأن المخطوبةِ قال عليه الصلاة والسلام [ تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ ] مُتّفَقٌ عَلَيْهِ .

ولمّا كان يلتبِس على النَّاسِ قديمًا ما يلتبِس عليهم حديثًا مِن أن الكفاءة المُعتبرَة هي كفاءة النَّسب أو كفاءة المنصِب أو كفاءة الخِلقة فقد جاء حديث سهل رضي الله عنه حيث قال :
مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا؟
قالوا: حريٌّ إنْ خطبَ أن يُنكَحَ وإن شَفع أن يُشفَّعَ وإن قال أن يُستمع .
قال: ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: ما تقولون في هذا ؟
قالوا: حريٌّ إن خطب أن لا يُنكح وإن شَفع أن لا يُشفَّع وإن قال أن لا يُستمع .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير من ملء الأرض مثل هذا .

فالزواج في نظر الشريعة مفهومٌ راقي ، ومنظومة فيها عِدّة كفاءات وأوّلها وأهمّها الدِّين وكذلك معه الأخلاق .
ثمّ تأتي الأمور الثانوية الأخرى التي عدم وجودها ليس بمعولٍ هدّام في الحياة الزوجية ، ما دامت تُحتمَل معها الحياة أمّا إذا لم تُحتمَل فقد شرَع الله الانفصال وفي السُنَّة النبويِّة قِصص تدلّ على ذلك
فهاهي فاطمة بنت أبيّ تطلب مِن رسول الله أن يخلعها مِن زوجها ثابت بن قيس وتقول :
يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام .

.....
قلت هذه المقدِّمة حتى يُردّ على بعض النِّاسِ الذين يظنون أنّ الزواج تناكحٌ وتناسُل !
وكأنّهم يريدون أن ينقلوا فِكرة ( تزاوج البهائم ) إلى حياة الناس !

فكم نسمع مِن امتعاض بعض الناس واستنكارهم لرفضِ فتاةٍ لأحد الخطّاب لأنّ دينه ضعيف أو أخلاقه سيئة .
وكم سمعت ولا زلت أسمع بعض النساء يقلن لماذا يُرفَض فُلان ألقلّة صلاته أو تهاونه في الجماعة ؟
فكلّ الشباب كمثل شاكلته ! وليس هذا بسبب للرفض ؟!!

سبحان الله لا يرونه سببًا للرَّفض ، لكن لو رفضت الفتاةُ الشابَّ لأنه ليس مِن أصول قبيلية فلن تُلام أبدًا !

وكم مِن الفتيات أعرفهنَّ لمّا تقدّمت أعمارهنّ بغير زواج ، اخترنَ لهنَّ في النهاية زيجة غير مُرْضيَة !
والسبب ..
هروبٌ مِن حياة العزوبية ! وإيقافٌ لزحفِ سِنِّ العنوسة !

اتصلت بي صديقتي الأولى وسردت لي شكواها مِن زوجها وما يفعله بها .
واتصلت بي صديقة ثانية لتحكي لي بعض معاناتها مِن زوجها ووالِد أبنائها .
وأُردِف اتصالٌ ثالث مِن صديقة ثالثة تُخرِج لي متنفَّس حروفها عن زوجٍ غير مُحسِن .

فكان سؤالي الأوّل لكلّ واحدة منهنَّ ..
كيف صلاة زوجك ؟
فتفاوتت الإجابات ، بين رجلٍ تاركٍ للصلاة ! إلى رجلٍ مُهمِلٌ أدائها في أوقاتها إلى رجُل يجمعها جميعًا إلى آخِر الليل ثمّ يصلّيها .
فكان التهاون في الصلاة هي القاسِم المشترَك الأكبر بين الرِّجال .
والمؤسِف أنّ الصديقات الثلاث مُحافِظات على فروض ونوافِل الصلوات والسُنن الرَّواتِب .

إذن ما الذي جرّكنَّ للموافقة ؟
فكانت الإجابات ..
كنا نظنُّ أنه سيحصل تغيير !
والبعض خُدعت مِن زوجها فكان يوهِمها أنّه مِن أشدّ المحافظين على الصلاة !

وسؤالي ..
مَن يحافِظ على الصلوات ألن يُعرَف في مسجده ؟

فهل سُئل عنه في مسجده ؟

الجواب : لا !

ولكن سُئل عن عمله ومنصبه وأصوله ؟!!
والصلاة لم تكن ذات بال حتى يُسأل عنها !

سبحان الله ليست صديقاتي فقط ، بل كل امرأة تشكو مِن زوجها ، نجِد أنّ عدم محافظته على الصلاة هي الأساس ..
سواءًا صلاة الجماعة أو الصلاة عمومًا .

نعم هناك أزواج يصلّون ولا يحسنون ..
لكن هؤلاء لا يقيمون الصلاة ! بل يصلون كما اعتادوا كل يوم !

سبحان الله كيف نجِد للصلاة عظم التأثير في سلوكِ الإنسان ومعاملته .
وكلما كان الإنسان أشدّ حِرصًا على صلاته كلما وُفِّق لحُسن العِشرة مع كل الناس وليس زوجته فقط .

بل إن لصلاة الليل تأثيرًا عجيبًا جِدًا في هذا التوفيق .
ولقيام الليل أثر في الوجه وفي اللسان وفي السلوك .
وليُنظَر إلى محييِّ الليل بصلاةٍ ..
كيف هي حياتهم مع أزواجهم ومع الناس .
وكيف يُوفِّقهم الله تعالى للرأي السديد والحِكمة .
يقول فضيلة الشيخ صالِح المغامسي - سدده الله - : غالِب الأمر أنّ مَن وُفِّق لقيام الليل يُوفَّق للرأي في النَّهار .
فلا يَخذِلُ اللهُ عبدًا خلا بربِّه في ليله وبثَّ شكواه وعظَّم ربَّه في صلاته وناجاه جَلّ ذِكره ، فإنَّ هذا بعيدٌ أن يُخذَل في يومهِ ونهاره .

وقال فضيلة العلامة الإمام محمد العثيمين – رحمه الله ورضي عنه - :
أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلُق والدين ، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي .
لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلُق ؛ لأنَّ صاحب الدِّين والخلُق لا تَفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا أمسكها بمعروف ، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان .
ثمَّ إنَّ صاحب الدِّين والخلُق يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها ، تتعلم منه الأخلاق والدين ، أمَّا إن كان غير ذلك فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة ، أو مَن عُرف بشرب الخمر - والعياذ بالله - .
أمَّا الذين لا يصلُّون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات ، ولا هم يحلون لهن ، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين .
أما النسب فإن حصل فهذا أولى ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه فأنكحوه ) ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل .
فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 702 ) .
المصدر موقِع الإسلام سؤال وجواب – عجّل الله برجوعه - .

نسأل الله حُسنَ الطِّاعة ودوامها على الوجهِ الذي يُرضيه عنِّا وأن يهب لنا قُرّة العين في الدنيا والآخِرة .

 

فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط