اطبع هذه الصفحة


عندما جنتْ عليَّ نظَّارتي !

كتبته : فجر الأمل

 
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عانيت قبل مدّة مِن صداع لازمني فترة مِن الزمن وقلت لعلّه عارِض فيزول ، ولكنه استمرّ أكثر مِن ثلاثة أيام فقلت لعلّه بسبب قُربي مِن شاشة الحاسوب ، فقللت جلوسي وابتعدت إلا لضرورة ولكن لا أراني عوفيت !
فكّرت وقلت لعلّ نظري اختلفت درجته ولم تعُد نظارتي تناسِبه ، فعملت فحص نظر فكان نظري ثابِت كما فحصته قبل فترة ودرجة عدستي مناسِبة .
كنت أتعجّب مِن هذا الصُّداع الذي يختفي إذا تركت لبس النظارة لمدة أيام .
وإذا عاودت استخدامها عاد معه الصُّداع !

فكنت أقلل مِن لبس النظارة تجنّبًا لهذا الصُّداع المؤلِم .
وفي أحد المجالِس كانت النساء يتحدثّن عن النظر والنظارات وبعض المواقِف ، وقالت إحداهنّ : أنّ ميلان العدسة مُضِرّ للرأس والنظر .
فتذكّرت أن نظارتي صابها عارِض فاهتزّت مساميرها ! فكنت أشدّها أحيانًا كي تستقِرّ وتسكُن !
ويبدو أنّه لا خِبرة لي فكنت أشدّها فتصبِح العدسة مائلة ولعلّ هذا سبب صُداعي .
كنت ألاحِظ ميلان العدسة لكن كنت أظنّه أمر اعتيادي ولا يؤثِّر .

بعد هذا المجلِس قررت التخلُّص مِن نظارتي وشراء نظَّارة جديدة مستقيمة الحال ! لا اهتزازات فيها ولا اضطراب !
وفِعلاً بعد تغييري للنظّارة ارتاح رأسي ! وارتاح جسدي كلّه .

تخيّلت نظّارتي أنها فتاة مُسلِمة .
خُلقت لغاية وأُوجدت لمعنى عظيم ، ولكنها حين مالت أصابت مجتمعها بالصُّداع !

فنظارتي تبدو للناظرين نظارة طبيعية وهيأتها كهيأة النظارات ، ولكن لميلانها أصبحت جناية بدلاً مِن عافية .
وهكذا الفتاة التي اضطّرب داخلها واهتزّ إيمانها فمالت عن الحقّ ، فهيأتها هيأة فتاة لكنها – للأسف – فتاة تُمرِض وفتاة لا يُنتفَع بها .

فتاةٌ جنت على نفسها أولاً ..
ثمّ جنت على مجتمعها بإفساد شبابه وشابّاته .

هذه الفتاة مالت فأمالت وصدّعت مجتمع المسلمين .

ولا تُدرِك هذه الفتاة أنها إن لم تَتُب فستُرمى كما رميت نظارتي !
فالشباب وإن استمتعوا بها لحظات أو فترات فإنهم لا ينظرون إليها إلا أداة تسلية سيتُخلَّص منها يومًا ما .
وحتى لو كان لديها صديقات ، فإنهم لا يثبتون معها ، لأنّ أهل الميل لا وفاء عندهم وهُم يتخلّصون مِن صداقاتهم بكل يُسر !

كلماتي هذه لا أوجّهها لفتيات العلاقات المُحرّمة فقط ..
بل حتى الفتيات التي لا تعرِف طريق العلاقات ، لكنها تنازلت عن تعاليم الدِّين ..
فعباءة مزركشة ، وحجاب يشكو مِن شدّة ضيقه أو انحساره ، وعيونٌ فاتِنة قد غطّت أكثرها بكُحْلٍ سيّال ولونٍ فتّان .

وفتاةٌ قد لزمت الحِجاب في الشَّارِع ، لكنها في البيوت نشكو إلى الله مِن حالها ..
لِباس ضيِّق ، وفستانٌ قصير ، وأكتافٌ لا لِباس عليها ، وظَهْرٌ قد انتصفت تغطيته وباقيه مكشوف ، وصدرٌ يئن مَن لفتات العيون إليه .

فربما سمعت كلمات إعجاب ، أو قد تظنّ أنها ملِكة المجلِس !
لكنها – والله – تَسقُط مِن أعين أهل الوقار ، وربما لاكتها الألسن في حضورها وفي غيابها .
ومَن تخدعها بإعجابها ، فسترميها عند أوّل منعطَف !
لأن أهل المعصية لا يُديم الله ما بينهم ..
وأهل المعصية ينزِع الله بركته مِنهم .
فيغدو الصَّديقُ عدوًّا ..
والحبيبُ مُنكِرًا !

حياتهم بعيدة عن ..
يوزن المرء بمن اختار وليّا
وأنا اخترتك فزدت رقياً ورقيّا
أنت لي نبع من الإخلاص يبقى أبديّا
لم أزل أحمد ربي أن لي خلاً وفيّا

فيا مَن أشبهتِ نظارتي !
لا تميلي ولا تُميلي فتُصدّعي رأس أبناء دينِكِ .

فإن كنتِ بِلا حجابٍ يُرضي ربّكِ فأنتِ مائلة وقد تُميلين معكِ الشباب فتبوئي بإثمكِ وإثمهم .
وإن كنتِ التزمتِ حجابكِ في الخارِج لكن أبى جسدكِ إلا أن يراه بنات جِنسكِ فأنتِ ملتِ وأملتِ فربما فُتنتِ بكِ امرأة أو اقتدت بكِ أخرى فتبوئين بإثمكِ وإثمها .

ويا كل فتاةٍ استسهلت معصية مهما كانت ومهما صغرت أو عظمت مِن نظرةِ حرام أو سماعِ حرام أو مشيٍ للحرام ، أنتِ قد ملتِ عن الحق ، وصدّعتِ رأس أمّتكِ لأنّ الله تعالى قد يعاقِب أمّة بعصيان أفرادها ولو كان فيها صالِحون ( لم يتمعّر وجه أحدهم في ذات الله ) .

ألا ترين – أيتها المُسلِمة – ما أصاب مجتمعكِ مِن منْع قَطر ، وغلاء أسعار ، وتهجّم الأعداء ..
أفلا نتدبّر سُنن الله ، ونعلم أنّ هذا قد يكون تسليطًا مِن الله علينا أنْ استهان بعضنا بمعصية فارتكبها ..
وآخرون رأوها فما أنكروها .

أيتها الفتاة ..
أصلحِي مِن شأنكِ وقوّمي حالكِ ..
فربما يأتي عليكِ يومٌ تُرمين ولا يُتحسّر عليكِ .
 


 

فجر الأمل
  • الحياة الأسرية والزوجية
  • العام
  • خواطر مِن فيض قلبي
  • همسات للقوارير
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط