اطبع هذه الصفحة


خصوصية الحالة..والمعالجة

فاطمة البطاح

 
المتأمل في الواقع ((النسوي المحلي)) سَيَلْمس ظاهرة المرأة المتغيرة وسيعثر حقا على ملامح مبعثرة لشخصيات نسائية غير مستقرة فكرا، وسلوكا. إذ تنزع حينا إلى التغير التلقائي.. وحينا آخر تراه غاية فتستهدفه!
التغير الذي تتعرض له المرأة كسنة حياتية ليسَ ثمة إشكال فيه.. خاصة أن أحد أسبابه المعتبرة ومغذياته هو الواقع الذي تحيا فيه المرأة إذ تتغير موازناته ومتطلباته من حين لآخر!
غير أن الإشكال المقلق هو ميدان التغير النسوي الآخذ بالاتساع في اتجاهات متعددة.. لاتعترف بالضوابط الشرعية.. فضلا عن الاعتبارات العُرفية!
لقد بدا واضحا أن المرأة لدينا تفتقد القدرة على التمييز بين المجالات المحتملة للتغير. والأخرى التي لايُقبل حتى مجرد التفاوض بشأنها: ماذا نقبل منها وماذا نترك؟
فالمرأة وهي تستجيب لأي فكرة تبديل في ((هيأة حجابها)) المعتادة.. وحينما تنقاد خلف دعوى واهمة: أن الحجاب يحتمل أن يكون جميلا ومزينا أيضا..
إنما تُبرز نفسها كمثال حي لعدم الثبات الذي تُعاني منه وتُصف به.. وتُحرض بهذا الانقياد الصارخ والمتعجل كثيرا من الأطروحات للظهور مستنكرة الحجاب الملفت الجديد حتى من قبل توجهات وأفكار معينة.. لم تكن من قبل ترى بأسا في تغيير وضعية الحجاب، أو تجاوز بعض شروطه!
أثق كثيرا أن الاستجابة والانقياد السريعين من المرأة ليس سببهما جهلها بالنصوص الواردة في الأمر بالحجاب وشرعيته؛ لأن هذه النصوص جزء من محفوظها الذي تلقته منذ الصغر! لكنني أثق أيضا أن الوعي بمقاصد النصوص ذاتها والمراد منها، وكذلك معنى الترابط الحتمي بين النظرية والتطبيق أو التصور والسلوك.. يبدو غائبا ومفقودا في حس المرأة اليوم.. فلا تتصور أن هيأة حجابها انعكاس حقيقي لـصحة تصورها ((الشخصي)) لمضامين النصوص، والمراد منها!
وعلى ضوء هذا .. هل نستطيع أن نحدد منشأ التحول الجديد في حجاب المرأة.. أهو تصورها الخاطئ والقاصر لمضامين النصوص الواردة ..أم هو الانفصال الحاد بين تصورها الصحيح وسلوكها الخاطئ.
يبدو هذا السؤال قاصرا ولا شك.. وهو أشبه بعملية إختزال مرفوضة..أحسب أننا لن نستطيع التخلص منها..إلا بالانفتاح الواعي على التحولات الجديدة في فكر المرأة وسلوكها والإعتراف به واقعا خاصا..ومحاولة رصده، والتعاطي معه، والبحث فيه على ضوء هذه الخصوصية واعتباراتها!
فلن يكون كافيا في مثل هذه المعالجات الاكتفاء بدراسات أخرى أُجريت في مجتمعات مجاورة وفي ظل ظروف مختلفة كالتجربة ((المصرية)) في نزع الحجاب والبدء بالسفور وانتشاره بصورة طاغية؛ لأنه وإن وُجدت نقاط مشتركة بين التجارب المختلفة فإن ثمة قسمات وملامح مفارقة..تبدو كافية لبيان خطأ أو قصور هذا التوجه!
لست أُغفل الإفادة من تجارب الآخرين من حولنا أو الإشارة إليها إذا دعت الحاجة. ولست أيضا في محاولة قاصرة لتهميش حقائق تاريخية ثابتة.. لكني فقط أشير إلى الفارق الملحوظ بين (الإفادة والإتكاء) فإن كتابا مثل ((عودة الحجاب)) لمؤلفه محمد إسماعيل مايزال سيد الموقف ومُنقذه وموضع لجوء الباحث المهتم ..منذ خمسة وعشرين عاما إلى اليوم!
فهل سيكون هذا الكتاب -على أهميته- كافيا عند إرادة رصد خطوات تغيير هيأة الحجاب الشرعي ، والتغييب التدريجي لمعناه.. في كل بلد إسلامي.. بصرف النظر عن خصوصية الحالة ومعطياتها؟!

المصدر : الأسرة 125
 

فاطمة البطاح
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط