اطبع هذه الصفحة


تسوّل الأطفال في المملكة

فوزية الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
محمد طفل في العاشرة يقف عند الإشارة لبيع المناديل, بينما ترقب عيناه بخوف وحذر أخاه الأصغر سناً في الجانب الآخر، وهو يبيع عبوات المياه الصحية!!

لا شيء أقسى على الإنسان من أن يرى فلذة كبده تلفحه رياح الظهيرة!! تسود وجهه شمس الصيف الحارقة!! يقف وحيداَ أمام سيل متدفق من السيارات المسرعة!!
أي رقيّ للمجتمع في ضياع من يعّول عليهم أن يكونوا صُنّاع الحياة, ومن يديرون دفة هذا المجتمع إلى برّ الأمان..عالة في الطرقات, يفترشون الأزقة, ويقتاتون الجوع, ويتوسّدون الوحدة!!

انتشرت عمالة الأطفال في مدن المملكة بشكل واضح، فتجدهم أمام ساحات الحرمين, وعلى الكورنيشات والمتنـزهات العامة, وعند مفترق الطرق والإشارات!!

وفي تقرير لمنظمة العمل الدولية ( حول مكافحة عمل الأطفال ) ( نقلاَ عن أمان ): أن عدد الأطفال العاملين (246) مليوناً, (127) مليون طفل أقل من (14) عاماَ يعملون في المنطقة الآسيوية!! منهم (73) مليون طفل عامل تقلّ أعمارهم عن عشر سنوات! وأشار التقرير إلى عدم وجود بلد خالٍ من الأطفال العاملين!!

ومن أهم العوامل التي ساعدت في نشوء هذه الظاهرة في المملكة:

1- الفقروالحاجة: والتي شكلها تواجد الجنسيات الوافدة بشكل غير رسمي في أحياء مشهورة في مدن المملكة.

2- تدني ثقافة الأسرة وتفكّكها: ورضا الوالدين أن يزجّوا بأبنائهم الصغار الذين لم تكتمل قدراتهم العضلية والعقلية من أجل حفنة من الريالات.

3- تهريب الأطفال: يشكل تهريب الأطفال إلى السعودية قلقاًَ بالغاًَ للحكومة اليمنية التي نفّذت دراسة ميدانية حول هذا الموضوع كشفت فيها أن الفقر يقف عاملاً رئيساَ وراءها, وصدر تقرير عن منظمة اليونسيف يؤكد أن خمسين ألف طفل وطفلة يمنيين تتراوح أعمارهم ما بين(7-18) سنة هُرِّبوا خلال العام الماضي). صحيفة بترا عدد 8 أيار 2005.

4- عدم وجود التعليم الإلزامي.

5- عدم وجود أوراق ثبوتية للطفل كالجنسية.

6- الجهل بقوانين عمالة الأطفال.


مخاطر عمالة الأطفال:

1- انقطاعهم عن التعليم: في تقريرأصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة(اليونسيف) يقدر عدد الأطفال في العالم (12) مليون طفل, (5,7) ملايين طفل في الوطن العربي لم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة الابتدائية! وتقف المدارس موقفاً سلبياً من هذه الظاهرة، ولا أدلّ من ذلك من وقوف الكثير من الأطفال الباعة أمام المدارس بكل هدوء مما يؤثر سلباً على الأطفال ويشجعهم على السير على شاكلتهم!!

2- الجنوح للجريمة: في دراسة للدكتور عدنان الدوري 1985م , أشار إلى أن غالبية الدراسات العلمية أشارت إلى أن معظم المجرمين دخلوا عالم الجريمة السفلي من باب الجناح المبكر, وأن معظم الجنايات الخطيرة يرتكبها اليوم أشخاص تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة في المجتمعات الكبيرة.

3- المخاطر الصحية: يتعرض هؤلاء الأطفال لمخاطر الطرق والمواصلات كالإرهاق الجسماني المستمر, كما أن فئة منهم تعمل بجمع القمامة مما يعرّضهم للأمراض من جرّاء أكل الأطعمة الملوثة الفاسدة, وقدّرت اليونسيف70% يعملون في الزراعة؛ مما يعرضهم للمواد والمعدات الخطرة.

4- الاستغلال الجنسي: وفقا لتقرير اليونسيف (أمان) هناك (4,8) مليون طفل يُستغلون في أعمال مخلة, (2,1) مليون يُستغلون في أعمال التهريب. ونتيجة لاحتكاكهم الدائم برفقاء السوء, وأرباب العصابات مع غياب الرقيب العائلي, أصبحوا فريسة سهلة للانحراف الأخلاقي ففي المملكة عدد الأطفال اللقطاء المكتشفين عام2002 هو (278) طفل (الشرق الأوسط عدد 17 كانون الثاني (2004) .

5- التسوّل: بسبب انقطاع فرص العمل عنهم فيضطرون للتسول لتأمين لقمة العيش, وجاء في تقرير لجريدة الرياض (عدد شباط6- 2005): إنها قامت بجولة في موسم الحج على الأطفال المتسولين, فوجدت أن دخلهم يتراوح بين (1000-2000) يومياُ؟!هذا في مكة, أما في جدة كما نقلت الشرق الأوسط( عدد19أيلول 2005) فإن مركز إيواء الأطفال المتسولين التابع لجمعية البر رحّل (1933) طفل متسول وأعاد(1188) إلى أسرهم منذ إنشائه!!

6- حرمانهم من الضمان الاجتماعي, والتأمين الصحي.

7- ارتفاع نسبة الوفيات: أشار تقرير منظمة اليونسيف إلى ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال في العالم العربي حيث يسجل (225) حالة وفاة لكل ألف ولادة, وهي خامس أعلى نسبة وفيات في العالم (نقلاًَ عن المركز التقدمي لدراسات المرأة).

العلاج:

1- التعليم الإلزامي: ففي تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة ( اليونسيف) أن نسبة الانتظام الصافي في المدارس الابتدائية للذكور والإناث في السعودية 56% خلال الفترة من 1992م-2002(نقلاً عن أمان)

2- عمل بحوث اجتماعية في الأماكن الحرفية ,والمصانع والورش.

3- تأهيل أطفال من سن (10-15) ورعايتهم صحياً ونفسياً, وتدريبهم على بعض الحرف التي تتناسب مع أعمارهم, وتكوينهم الجسمي والنفسي.

4- توعية الأسر التي تدفع أبناءها إلى العمالة بخطورة المشكلة.

5- افتتاح مركز لإيواء الأطفال المشردين, أسوة باليمن التي قامت بافتتاح مركز مماثل في منطقة حرض الحدودية مع السعودية.

6- وضع المشاريع الجادّة للقضاء على هذه الظاهرة, مع الوضع بعين الاعتبار العائد المادي للقضاء عليها!! كما جاء في دراسة قامت بها منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة "إن المنافع الاقتصادية التي تعود بها عملية مكافحة تشغيل الأطفال على مستوى العالم تتجاوز تكاليفها بمعدل(6,6- 1) فمثلاً في شمال إفريقية والشرق الأوسط ستكون الفوائد هي الأكبر مقابل التكاليف (8.4- 1)
 

فوزية الخليوي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط