السعوديون ... بين خط الفقر وخط الأسهم ؟؟؟

فوزية الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
الكاتب فهمي هويدى عندما تكلم عن " مصر الأخرى "فعرفها بأنها: مصر الأخرى"، التي لا تذكر في وسائل الإعلام إلا في صفحات الحوادث، ولا يشار إليها إلا مرتبطة بالكوارث والجرائم، وهي العالم الآخر الذي يقبع في المساحة المظلمة من صورة المجتمع ".

وهذا المسمى ينطبق أيضا على " السعودية الأخرى" وأهلها هم أهل الفقر والبطالة, وتجد بعضاً من أخبارهم محشورة في زوايا الحوادث مثاله :
• تلميذات سعوديات يغبن عن المدرسة بواقع أربعة أيام لكل منهن لأنهن لا يملكن سوي زي واحد. القدس العربى 3-2005
• مواطنة في الستين من عمرها تقتل نفسها بسبب الفقر والحاجة في إحدى قرى الجنوب. ! ... 2006-06-27جريدة اليوم
• اضطرت سيدة سعودية مع أبنائها السبعة أن تتخذ من أحد جسور مدينة الرياض ملاذا لها بعد أن قام زوجها المدمن بطردها إلى الشارع دون أي "رحمة أو شفقة منه"، وبقيت تهيم في الشوارع لمدة أسبوع بعد أن رفض شقيقها وأقاربها استقبالها. (العربية نت_7صفر 1427)

فدعونا نتحدث عن الفقر فيها : تلك الظاهرة التي مرّت عقود طويلة قبل اعتراف أجهزة الدولة الرسمية بوجودها أصلاً والعمل بالتالي على تكثيف الجهود لمعالجتها ..
في دراسة نشرها سنة 2005م الدكتور راشد بن سعود الباز أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في دراسته عن المدخل التقليدي بتحديد الحد الفاصل لمستوى الكفاف للمواطن السعودي بمبلغ ثابت يصل إلى 1660 ريالاً في الشهر وخط الفقر بمبلغ 1120 ريالاً في الشهر بدون حساب كلفة السكن, علماً بأن متوسط الأجرة السنوية لشقة صغيرة مقبولة للسكنى في أية مدينة من المملكة لن يقل عن 6500 ريال للفرد و 10500 ريال للأسرة المكونة من فردين و 11 ألفاً بالنسبة لثلاثة أفراد و 12 ألفاً للأسرة المكونة من أربعة أفراد أو أكثر حسب دراسة الدكتور الباز؟؟؟. (حسب ما نشر في جريدة الوطن في 12 مايو 2005 ) فهل الحل في الهجرة إلى الأرياف:
فالريف السعودي أكثر فقراً من المدن من الناحية التاريخية مما دفع بالقائمين على إعداد الإستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر إلى اعتماد خطوط فقر متحركة تبدأ من 1000 ريال في الشهر للفرد وتزيد وتنقص بحسب المنطقة؟؟؟ المؤشرات التى تدل على ان مشكلة الفقر أكبر مما نتصور:
(1) البطالة: يستشهد ببراد بورلاند كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الأمريكي الذي أشار في محاضرة له في المؤتمر الدولي التاسع عشر للطاقة في مدينة بولدر الأمريكية من أنّ نسبة البطالة في السعودية تصل إلى 15.25% من القوى العاملة، فيما تشير تقارير اقتصادية إلى أن البطالة في السعودية تُشكل 25% أو أكثر من القوى العاملة، وفي هذا السياق يُشير وزير العمل والشؤون الاجتماعية من أنّ هناك 3.2 ملايين سعودي يبحثون عن وظائف، وإذا علمنا أنّ حجم القوى العاملة المهيأة لدخول سوق العمل في المملكة وهم الذين تتراوح أعمارهم من 15 سنة إلى 64 سنة من الذكور والإناث تبلغ 7.425537 حسب إحصائيات 1999م "الخصائص السكانية في المملكة العربية السعودية، 1999"

• يتبين عظم حجم المشكلة، إضافة لارتفاع عدد المتقاعدين ممن يتقاضون معاشات محدودة فعلى سبيل المثال تُشير إحصاءات مصلحة معاشات التقاعد إلى أنّ 60% من مشتركي قطاع العسكريين تقل رواتبهم الشهرية عن 3000 ريال.
وأظهرت إحدى الدراسات أنّ غالبية المبحوثين من المتقاعدين أشاروا إلى أنّ المعاش التقاعدي غير كافٍ في الوقت الحاضر لتلبية احتياجات الأسرة. جريدة الوطن 4/ربيع الآخر 1426

(2) توفير المسكن
هناك فئة كبيرة من السكان لا يمتلكون مسكناً خاصاً، وقد أظهرت دراسة ميدانية عن المتقاعدين في السعودية أنّ 40% من المتقاعدين لا يملكون مسكناً خاصاً بهم، كما أنّ غالبية المتقاعدين في عينة الدراسة "58%" يعيشون في بيوت شعبية أو شقق "السلطان وطالب،1423 ."جريدة الوطن 4/ربيع الآخر 1426

• كشف استطلاع حديث عن ان 61.6 % من السعوديين يعيشون في مساكن مستأجرة بالرغم من الازدهار العقاري . وحسب الاستطلاع الذي نشره موقع “الردادي” على الانترنت وشمل نحو 3 الاف مواطن فان نسبة من يملكون منازل في المملكة لا تتجاوز 32.4 % . .ونشرته جريدة المدينة.

ضعف مشاركة المرأة :
• ضعف مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، حيث تقدر خطة التنمية السادسة 1415-1420هـ نسبة مشاركة المرأة بأقل من 6% من مجموع الإناث السعوديات في سن العمل. (جريدة الوطن 4/ربيع الآخر 1426)

• 3 ملايين امرأة عاطلة عن العمل منهن 800 ألف في مدينة جدة وحدها . كانون ثاني 2004 الشرق الأوسط

• وفى المقابل لدينا سيدات الأعمال في الاقتصاد السعودي، واللواتي يقدرن بنحو 2500 سيدة، واللاتي يمتلكن ما يزيد على 1500 شركة خاصة، و20% من السجلات التجارية، ومدخرات بالبنوك السعودية تقدر ما بين 15 مليار ريال (4 مليارات ريال) إلى نحو 62 مليار ريال (16.5 مليار دولار) فأين دورهن فى توظيف هذه التطورات لصالح المجتمع السعودي بما يتيح المزيد من فرص عمل المرأة ؟؟؟

خط الأسهم ..وقاصمة الظهر:
• حذر الباحث والاستاذ المشارك بقسم الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور خالد البسام: من الآثار الاجتماعية المدمرة التي قد يشهدها المجتمع السعودي والمتمثلة في اختفاء الطبقة المتوسطة وزيادة عدد الفقراء جراء الارتفاع المتواصل لأسعار مختلف السلع والمنتجات الاستهلاكية، والتي لا تجد كابحا لضبطها.

• و أعد تقريرا متكاملا عن هذه الظاهرة، أن بروز التضخم يقود الى محو واختفاء الطبقة الوسطى، والتي تمثل 90 % من المجتمع السعودي، وهي صمام الأمان والعمود الفقري للمجتمع، وتخلق التوازن المطلوب حتى لا تطغى الطبقة الفقيرة أو الثرية على النسيج الاجتماعي, مشيرا الى الأحداث التي تلت انهيار سوق الأسهم. وشبه التضخم بـ"الغول الجامح" الذي يؤذي طبقة أصحاب الدخول الثابتة.( جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية الجمعة 30-3-2007)
واننى لأتساءل في ظل هذه التغيرات القادمة ...كيف يتسنى لهذا المواطن "العادي " ان يعيش ويمارس حياته ويعلم أبناءه , ويعالجهم ، وهو أيضا مطالب بأن يدفع فاتورة كهرباء وجوال وماء وملابس للشتاء والصيف ؟؟؟ مع أن رواتبهم لا تكفى المواصلات والأكل والشرب. هذه همومه التي يتجاهلها الأعلام البيروقراطى؟؟؟!والذى مطالبه لاتتجاوز حدود قيادة المرأة للسيارة (على فرض ان الرجل لديه سيارة), وجهاز كمبيوتر في كل منزل,ونادي رياضي نسائي....
في حين ان أحلام هذا المواطن : هي سقف بيت آمن, وعلاج صحي كامل ؟؟!!فضلاً عن "الفيفادول" و"الهيستوب" والتي كوّن أبناءنا ضدها مناعة فلم تجدي نفعاً !!هذه بصراحة هي مطالب ....البسيط والعادي!!

فوزيه منيع الخليوى
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة النبوية.