اطبع هذه الصفحة


أيها الخاسر !!

فوزية منيع الخليوي
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

 
في الاونه الأخيرة تكالبت على مجتمعاتنا خسائر شتى ,كان بحق أقساها من كان خاسرٌ لماله... مبغضٌ لحاله!
يدعو على نفسه بالموت..ويرفع فيه الصوت ..
ضاقت عليه الدنيا بفضائها...وعجز عن تنسم هواءها..
فأصبح كاره لملذاتها..
متحسر على فواتها..
مطالب بوفاتها..

ليس من مات فاستراح بميّت *** إنما الميتُ ميّتُ الأحياء.

ونسي إن الله عز وجل بادئ ذي بدئ هو من أعطاه هذا المال.
وبدله من حال إلى حال..
وكساه بالجمال..
وطالبه بالحلال..
وان ما سواه إلى زوال..
ولكن النفوس أبت إلا إن تُعمي أنظارها !
فجللتّ أبصارها!
وأصمت آذانها!
وانغمست فيه بحد غير معقول..وجاوزت الوضع المقبول!!
فكانت النهاية التي غفل عنها الكثير,..ولم يدركها إلا الخبير!!
فلا تبكي لضياع مالا يبقى !!
وتتأسف على ما يفني!!
فيما هو زائل ويمحى !!
قال تعالى " ما عندكم ينفد وما عند الله باق" النحل 96 وانظر لهذا المال فقد يكون قد داخله شيء من الحرام فأفناه, قال سعد الكاتب: كان الجويني صديقي , وكان يشرب الخمر, فكان مرة يكتب مصحفاً وبين يديه مجمرة , وقنينة خمر, فقال : لم يكن بقربي ما أندى به الدواة, فصببت من القنينة في الدواة , وكتبت وجهاً ونشفته على المجمرة , فصعدت شرارة فأحرقت الخط دون بقيه الورقة, فرعبت وقمت فغسلت الدواة والأقلام وتبت إلى الله (سير إعلام النبلاء للذهبي 21/ 234 ) ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم أتى بتمر الصدقة, فأخذ سبطه الحسن ابن على تمرة منها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها وزجره فقال :كخ كخ!! ليطرحها ..اما تعلم أننا لانأكل الصدقة (رواه البخاري 1491) وانطلاقا من هذا المفهوم أوصى أبو المعالي زوجته ان لاتمكن أحداً من إرضاع ابنه فدخل مره, وقد أخذته إحدى الجارات فرضع قليلاً فما كان منه الا ان أدخل أصبعه فى فيه ولم يزل يفعل ذلك حتى قاء جميع ما شربه وهو يقول: يسهل علىّ ان يموت ,ولا يفسد طبعه بشرب لبن غير أمه.(وفيات العيان لابن خلكان3/ 169) أما سفيان الثوري لما قدم البصرة أجر نفسه على احد البساتين على إن يحفظ لهم الثمار فمر به احد العشارين, فقال له:من أين أنت ياشيخ؟
قال: من أهل الكوفة !!
قال: اخبرني رطب البصرة أحلى أم رطب الكوفة؟؟ فقال : إما رطب البصرة فلم أذقه!أما رطب الكوفة فحلو!!
فقال: ما أكذبك يا شيخ!! الكلاب والبر والفاجر يأكلون الرطب الساعة, وأنت تزعم انك لم تذقه,فرجع إلى العامل ليخبره بما قال لتعجبه!!
فقال العامل: ثكلتك أمك أدركه فان كان صادقاً فانه سفيان الثوري لتتقرب به إلى أمير المؤمنين,فرجع فلم يجده. (وفيات الأعيان لابن خلكان 2/388) أما الوليد بن مسلم عالم أهل الشام , كان أبوه من رقيق الأمارة , وتفرقوا على أنهم أحرار, وكان للوليد أخ جلفٌ متكبر, يركب الخيل ,ويركب معه غلمان كثير , فقام الوليد بن مسلم بحمل دية عن نفسه وأداها إلى إلى بيت مال المسلمين, اذ اشتبه عليه أمر أبيه !!فوقع بينه وبين اخيه فى ذلك جفاء وقطيعه,وقال: فضحتنا ما كان حاجتك الى ذلك(سير اعلام النبلاء9/213)

قومٌ إذا غسلوا الثياب رأيتهم *** لبسوا البيوت وزرروا الأبوابا.
 

فوزيه منيع الخليوى
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة.

 

فوزية الخليوي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط