اطبع هذه الصفحة


سجينة الواجب الاجتماعي !!

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


في كثير من الأحيان تبذل المرأة قصارى جهدها لأداء ما يسمى بالواجب الاجتماعي تجاه الآخرين ، لكنها قد لا تجد متسعا من الوقت لإرضاء الجميع، فالأهل يلومون، وأسرة الزوج كذلك، والأقارب، والجيران، والصديقات، والزميلات، وغيرهم ، مما يشعرها بأنها تعيش في سجن صنعه أفراد المجتمع، حيث تتركز الأنظار حولها وتتهمها بالتقصير مهماً كانت ظروفها !!

ويتعدى اللوم أحياناً كثيرة مجرد الزيارة والمكالمة، إذ يصل إلى التطلع لهذه المرأة - لا سيما إذا كانت موظفة - أن تضيف إلى رصيد المجاملات الوقتية المعنوية مجاملات أخرى مادية محسوسة ، فلسان حال محيطها يقول : وما الضرر فهي موظفة ولديها دخل شهري، ويمكنها إرضاء الجميع، فلا بأس من هدية لعروس، أو شراء قطعة أثاث لمن انتقلت إلى بيت جديد، وسيذكرها الآخرون بمولود أو مولودة فلانة، ولا ننسى مساعدة هذا أو ذاك عند زواجه، وما أكبر خطأها لو أتت من سفر ونسيت أن تحمل هدية لكل من يزورها أو تزوره !!

والغريب في هذه المجالات الاجتماعية أنها تطول المرأة وحدها بهذا الشكل المبالغ فيه، وتتعدى الرجل مهما كانت ظروفه مناسبة لتأدية هذه الواجبات حتى لو كان مقصراً، فهو لا يتعرض لما تتعرض له المرأة باستمرار من لوم فهو يتمتع دائماً بمراعاة نفس المجتمع له تجاه تلك الواجبات .
فكثيرا ما يقال : إن الرجل مثقل إذ يحمل على عاتقه كثيرا من المسؤوليات من سكن ونفقة وغيرها ، ومستلزمات الحياة صعبة وعسيرة ، وفواتير اليوم تثقل كاهل كل زوج وأب، ومن ثم لا يدخل في دائرة اللوم والتقريع !! وكأنهم بذلك ينظرون إلى الدخل المادي للمرأة على أنه من الكماليات في حياتها، وتناسوا أن كثيرا من البيوت يساهم فيها راتب المرأة جنباً إلى جنب مع راتب الرجل في الإنفاق . وأن بيوتا أخرى
قائمة على راتب المرأة فقط !

ولسنا هنا نهاجم العلاقات الاجتماعية والإنسانية الجميلة، التي تربط الناس وتنمي بينهم روح المودة والإخاء، ولكن ما نرمي إليه هو المبالغة في إلزام المرأة بأداء الواجب مرغمة لا مقتنعة .

لا شك أن تأدية الواجب الاجتماعي مطلب إنساني، يجب على المرأة القيام به أياً كانت ظروفها، ولكن يلوح في الأفق واجب من نوع آخر يلزم المجتمع وأفراده، وهو واجب التوازن والمراعاة، فالمبالغة فيما نسميه واجباً اجتماعياً قد يفقده كثيرا من أهدافه السامية، خاصة عندما تؤديه المرأة للتخلص من انتقاد الآخرين دون رغبة داخلية حقيقية، ولا بد أيضاً من مراعاة ظروف من ينظر إليهن المجتمع بأنهن مقصرات ؛ لا سيما المرأة العاملة التي قد تحول ظروفها دون أداء بعض الواجبات الاجتماعية .
 

 
 

هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط