اطبع هذه الصفحة


عندما تكون المرأة السعودية مدبرة منزل

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


ليس الحديث على خلفية تصريح وزارة العمل باستحداث مسمى مدبرات للمنازل من الجنسية السعودية ولا يعد الحديث عن هذا الموضوع وما شابهه تأييداً ولا رفضاً لما يتم طرحه بين الحين والآخر بقدر ما هو استفهام عن طبيعة مثل هذه الموضوعات ومدى جدواها ورأي أصحاب الشأن فيها وهن النساء المعنيات بمثل هذه الأمور!!
هل نتوقع أن الشجب والامتعاض لموضوع أن المرأة السعودية تكون مدبرة منزل - وهي عبارة مهذبة عوضاً عن القول بعاملة منزلية أو خادمة – هل نعتقد بأنه الحل الأمثل لمشكلة المعنيات بهذه الفكرة، أم ترانا نناقش ونبحث عن الحل لهذا الطرح لدى أستاذات جامعيات أو مهتمات بشئون المرأة ممن يتقاضين رواتب مجزية نهاية كل شهر أو يعشن ظروفاً مادية وأسرية مستقرة، أو حتى معلمات التعليم العام اللاتي تربعن على عرش مهنة التعليم سنوات كفلت لهن عيشاً رغيداً ومستوى مادي مرتفع؟؟
هذه الفئات حتماً ستقول – لا – ولا أقول – نعم – ولكن الرأي يجب أن يكون لدى من التوت أيديهن من فرط الحاجة المادية، والكلمة الفاصلة نأخذها ممن غدر بهن الزمان وتنكر لهن القاصي والداني، واكتوت أفئدتهن من حرارة الحاجة وانكسرت نفوسهن لذل السؤال، يجب أن نستفهم ممن لا عائل لهن والواحدة منهن تحتضن عدة أطفال بعد وفاة والدهم أو طلاقها منه!!!
لنذهب لهؤلاء النسوة ونخبرهن بما سمعنا وقرأنا ونسألهن صراحة ما الأفضل لهن ولظروفهن؟؟
لنرى بماذا تجيب من تمزق حذاؤها وهي تلف بيوت أهل الخير بفاتورة الكهرباء التي انقطعت عنها منذ أيام..
لنستمع لوجهة نظر من تضيق بها الدنيا ذرعاً عندما يطرق صاحب البيت بابها يطلب الإيجار الذي لم تستطيع تأمينه.
لنذهب لصاحبات الشرف والعفاف اللاتي وجد أهل الباطل طريقهم إليهن لمساومتهن مقابل حفنات من المال..
الطرح يجب أن لا يكون مفتوحاً للمرفهات المنعمات للبت فيه، ولا لمن لا يعرفن معنى الحاجة المادية ولا ذل السؤال ؛ لأن الرأي حينئذ سيكون معبراً عن عزة وأنفة يستشعرنها لظروفهن ولن تكون على أي حال مسوغاً للتعبير عن أخريات يمسهن الموضوع ويتعلق بهن.
قبل أن نؤيد الطرح أو نشجبه لا بد لنا من معرفة ملابساته، وإدراك سلبياته وإيجابياته، وقبل أن نستشعر بإمكانية وجود حلول قد لا يمكن إيجادها قبل عقود من الزمان لا بد أن نقيد آراؤنا بحلول آنية تستفيد منها المعنيات، فهل نتحدث عن المصانع والمعامل وخلافها من خلف مكاتب لامعة وعلى كراسٍ مستديرة وهؤلاء النساء تحت وطأة العوز والحاجة هن وأطفالهن، فهل تدبير المنزل وخدمته أكثر إذلالاً وبؤساً من طلب الخلق حيث يعطون مرة ويمنعون مراراً؟؟
هل خدمة البيوت أصبحت عاراً؟؟ هل نراها الآن مهنة وضيعة ننشغل بانتقادها عن سلبيات انتشرت في مجتمعنا ولم نعد نناقشها؟؟
أين المحارم من مولياتهم وحاجتهن؟؟
أين الأعمام من أبناء أخيهم المتوفى؟؟
أين الآباء من أبناؤهم بعد طلاق أمهاتهم؟؟
أين الترابط والتراحم الذي أمر به ديننا الحنيف؟؟
هل ننسى كل هذا ونترك مناقشته ونركز على الحل الذي هو مجرد فكرة للتفريج عن هؤلاء النساء..
هل من العدل أن ننسى الطبقة المطحونة في مجتمعنا وننسى معاناتها وحاجتها كونها(امرأة سعودية)؟؟
أم نتغاضى عن وجودها أساسا لنظهر أمام الآخرين بأننا لا نحتاج لهذا العمل لعدم وجود من تشغله أساساً في مجتمعنا؟؟
هل نغض الطرف عن نساء الأحياء الشعبية اللاتي يبتن الليالي أسيرات الهم المادي في العود والحلة وعتيقة؟؟
وهل نتجاهل وجودهن في بيوت متهالكة تفتقر إلى بعض أو جميع الاحتياجات التي باتت ضروريات في الزمن الحاضر؟؟
وسؤال آخر نضيفه إلى أكوام تساؤلات لا تنقضي:
لماذا تغير المجتمع عن السابق؟؟ وما الظروف والملابسات التي أفرزت لنا مثل هذه الفئات؟؟ ومن المسؤول عن ذلك؟؟
نعرف مسبقاً أن الفقر ليس عيباً، ولكننا قبل سنوات قليلة لم نكن نجد هذه الفئة بهذا العدد الكبير، ولذلك وبناءً على واقع مجتمعنا يتحتم علينا أن لا نقف ونقول – لا – بل أن نعد الحل ونوجد البديل الواقعي الملموس وبعد ذلك نقول ألف – لا – وليست – لا – واحدة.
 

 
 

هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط