اطبع هذه الصفحة


للحد من ظاهرة الطلاق

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


لم أحبها.. لم أحبه، عبارات تطرق مسامعنا، وقد تتكرر كثيراً لدى الرجال، فالمرأة قد تصمت على مضض لإدراكها أن مصيراً مجهولاً لها بالمرصاد، وتوقعاتها بأن فرصتها لحياة أفضل هي فرصة ضئيلة أو معدومة، أما الرجل، وهو فارس الحلبة المنتصر دائماً، فيعرف أن في إمكانه الحصول على العوض والبديل الأفضل شكلياً وبكل سهولة، خاصة عندما يكون غير مبالٍ بمصير أطفاله، وغير مهتم بمن تربيهم بعد أمهم. ومشكلة الأطفال إن وجدنا قصوراً في حلها لدى الرجل فعند المرأة تكون على النقيض تماماً، إذ إن غالبية النساء يفكرن ألف مرة قبل اتخاذ أي قرار لرغبتهن الأكيدة في تأمين حياة مريحة لأطفالهن، وقد تتجرع المرأة العلقم وتصمت في بيتها بالرغم من تجاوزات زوجها؛ من أجل أبنائها الذين تخاف عليهم من حياة الضياع والشتات.

نعرف أن المشاكل بين الأزواج تتنوع وتتعدد على حسب ظروف كل بيت، وقد يكون هناك مشاكل مستعصية لا يجد لها الزوجان حلاً سوى الانفصال، الذي قد يكون فيه أحياناً راحة للطرفين، ولكن المشكلة التي درجت في البيوت المسلمة في الآونة الأخيرة هي مشكلة عدم التوافق النفسي، واكتشاف كل طرف بعد سنوات من العشرة وإنجاب الأطفال أنه لا يميل عاطفياً إلى نصفه الآخر، وهذه المشكلة تعتبر خطيرة بحد ذاتها لكثرة تداولها في البيوت ومجالس الرفاق والرفيقات، فالبيت عندما تتقوض أركانه، والأطفال عندما تتدهور حياتهم بسبب العلاقة العاطفية بين والديهم فهذا أمر يحتاج إلى وقفات كثيرة.

عندما يكون بين الأزواج مشاكل كبيرة استحال حلها قد لا نعارض فكرة الطلاق إذ قد يكون هو الحل بعينه، أما أن يمسك كثير من الأزواج وبعض الزوجات بمسألة المودة والعاطفة، وأنها مصيرية تتسبب أحياناً في هدم البيوت، فهذا هو الأمر الذي يحتاج من الزوجين إلى تفكير ورويّة، خاصة عندما يكون بينهما طفل أو أكثر، فكل منهما لا يضمن عند تخليه عن الآخر أن يجد البديل ليملأ نفسه وحياته بهذا الشعور، وفي نفس الوقت فإن اتخاذ خطوة صعبة كالطلاق للخلاص من هذه المشكلة يعتبر ضرباً من الأنانية في وجود الأطفال الذين سيتعرضون نتيجة لذلك لاضطرابات تغلّف حياتهم بالطول والعرض.

وقد يكون من الأشياء المؤلمة التي يتعرض لها المجتمع عدد ساعات الليل والنهار هو تزايد أعداد المطلقات في البيوت المسلمة، فهذه لم يحبها، وهذه لم يجدها جميلة بالقدر الذي توقعه، والأخرى ليست اجتماعية، وغيرها ليست أنيقة، وهكذا ولأسباب تافهة في أغلب الأحيان نجد النساء ومن مختلف الأعمار حبيسات جدران بيوت أهاليهن، وأسيرات لمصير مجهول ينتظرهن، وقلما تحظى المطلقة بالبديل المناسب، إذ إننا ندرك تماماً النظرة المتجنية التي يوجهها المجتمع لعموم المطلقات.

ولحل مشكلة تزايد أعداد المطلقات لا بد من تضافر الجهود للوقوف على الأسباب، ولإيجاد الحلول المناسبة، وقد يكون في توعية فئة الرجال الذين يقومون بالطلاق لأسباب غير جوهرية أهم خطوة لتدارك هذه المشكلة، فهم بحاجة إلى تفهم عميق لمسألة التضحية، والتجرد من الأنا، وإيثار الآخرين على النفس من أبناء وزوجات. أما مشكلة النظرة السوداوية التي يوجهها كثير من أفراد المجتمع لمن ابتليت بالطلاق فهذا دور الدعاة والمصلحين في المجتمع، فمن الواجب عليهم رفع هذه النظرة وتغييرها؛ إذ إن كثيراً من حالات الطلاق ينفرد بها الرجل دون المرأة، والطلاق مصاب تجد المرأة نفسها فيه بالرغم منها.


 

هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط