اطبع هذه الصفحة


بين العراق والشيشان

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


منذ أن بدأت رأس الكفر أمريكا بحشد حشودها حول العراق الشقيق ثم احتلاله والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يندد ويستنكر، ويتحدث دون انقطاع عن الشرعية الدولية التي خرج عنها بوش وإدارته !!
يحار المرء في تصديق نوايا بوتين الحقيقية ؛ فهذا المندد والمستنكر لجريمة أمريكا يقوم بالجريمة ذاتها على أرض مسلمة أخرى وهي أرض الشيشان ، أو بالأحرى يكمل جريمة بدأها غيره منذ سنوات ضد شعب أعزل !!
ففي إطار عمليات تصفية شاملة للشعب الشيشاني تحت شعار " مكافحة الإرهاب "، يقوم الجنود الروس باغتصاب الشيشانيات وقتل الحوامل ، قائلين لكل ضحية عند قتلها: أنت حامل بإرهابي!!
وتصف جمعية مراقبة حقوق الإنسان في نيويورك في تقرير لها قرى شيشانية تعرضت لعملية تطهير من قبل الجنود الروس قائلة: إن تلك العمليات تتجاوز كل أشكال العنف والقهر الممارس ضد المرأة والشعب الشيشاني .
فهل غزو العراق حرامً على أمريكا ، بينما غزو الروس للشيشان أمر مباح ؟! وهل يعتقد بوتين أن القتل والدمار اللذين يحلان بالعراق مختلفان عما يحدثه جنوده على أرض الشيشان ؟! لعله يعتقد بأن كلامه سيجد آذانا صاغية ! أو لعلها الرغبة في التواجد والظهور على الساحة ومواكبة الأحداث ، وعلى كل حال لن يكون الكلام مقبولاً منه ولا من سواه من قادة الدول المتجبرة التي عاثت في ديار المسلمين قتلاً وتدميرا ً.
كلهم مجرمون.. فالجندي الأمريكي والبريطاني (في حربهما على العراق) لا يختلفان عن الجندي الإسرائيلي (في قمعه للشعب الفلسطيني) أو الجندي الروسي (في قمعه للشعب الشيشاني)، كلهم يقترفون جرائم ضد المسلمين ولا يسلم من قتلهم النساء والأطفال !!
لقد أدرك الجميع أن الشرعية الدولية التي يتحدثون عنها مجرد شعار لخدمة الكبار ، وتسويغ أهداف أبعد ما تكون عن التعامل الإنساني تجاه الشعوب وقضاياها ، فهي كأصنام قريش يصنعونها بأنفسهم فإذا جاعوا أكلوها !!
عندما نعقد مقارنة أخرى بين العراق والشيشان يحدونا الأمل بنصر مؤزر وإن لم يكن قريب ؛ فجحافل الروس قد وجدت في الشيشان محرقة مهلكة لجنودها، وأصابت البقية الباقية منهم بالرعب والخوف، وبالرغم من مرور سنوات لذلك الغزو السافر إلا أن المعتدي لم يحصل على ما كان يصبو إليه ، والفضل في ذلك يعود لله سبحانه وتعالى ، ثم للمجاهدين الشيشان ومن يساعدهم من أبناء الأمة الإسلامية ، فترصدهم لحركات العدو وانقضاضهم عليهم بصورة دائمة وعدم استسلامهم للغاصب والمحتل قد جعل الجيش الروسي في حالة مد وجزر، فهو جيش مضطرب لا يهنأ بعيش ولا يهدأ له بال.
وفي العراق نأمل أن تتكرر الصورة ، فرغم كل الحنق على طغيان صدام من الشعب العراقي إلا أن هذا الشعب قاوم الغزاة ويتوقع أن تزداد المقاومة بعد سقوط الطاغية ؛ فمحاربة المحتلين الأمريكيين في العراق تخلو الآن من أي شبهة لدعم الطاغية صدام . لقد انتهت معركة النظام وبدأت معركة الشعوب ؛ فالشعب العراقي الأبي لن يقبل أن يدنس أرضه جحافل الصليبيين .


 

هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط