اطبع هذه الصفحة


عالمنا الإسلامي في رمضان

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


أتى شهر رمضان، شهر الرحمة والغفران، على بيوت المسلمين في كل مكان، وقد تغيرت الصورة كثيراً عن العام الماضي، فقد زادت الجراح جراحاً أشد وأنكى، والقبضة الصليبية البغيضة قد نفثت سمومها هنا وهناك. وشهر رمضان المبارك لن يكون شهراَ لبث الهموم والآهات فحسب، ولكنه بإذن المولى عز وجل سيكون شهر طاعة وابتهال للعزيز المنّان، وسيكون لاستحضار صور الأحبة ومعاناتهم أبرز مكان، وسيكون لسلاحنا الفعّال صولات وجولات، سلاح الدعاء في الليل والنهار {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر:60).
وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
فبين شيوعية تمارس حرب إبادة وحشية مع غرس لمبادئ الإلحاد في أفئدة الأجيال الجديدة.. وبين رأسمالية تحارب عن طريق بث فكرها النتن الذي يرتكز على إفساد المرأة والرجل على حد سواء.. وبين علمانية تفصل بين الدنيا والدين، وأساسها فكر ملحد كافر.. وبين ماسونية جاء بها اليهود لهدم الدين الإسلامي وغيره من الأديان عن طريق ما يسمى بتوحيد الأجناس والأديان... بين هؤلاء وأولئك تبرز مآسينا، وتتمخض هذه الصراعات عن آلام تعم عالمنا الإسلامي، وقد تكون ظاهرة وملموسة عن طريق حرب معلنة، وقد تكون مبطنة تنخر في العقول والقلوب دونما أي مقاومة تذكر.
جرحِ دام يتجدد نزفه يوماً بعد يوم، سُلبت أرضه، وبات المسجد الأقصى فيه أسيراَ، يُقتل فيه الرجال والأطفال صباح مساء، ويهان على أرضه الشيوخ والنساء، وتُهدم فيه البيوت والمساجد، وتُصادر الأراضي والمزارع، همٌّ يومي متجدد، وحرقة وألم دفين.
أرض عزة وكرامة، يتميز أهلها بالنفوس الأبية الشامخة، لا تكاد أرضها تتطهر من أرجاس أعدائها حتى يتم الاعتداء عليها مجدداً، ولا تكاد بيوتها تستقر حتى يكتوي أهلها بنار حرب ضروس، عانى سكانها مسبقاً من إبادة وتهجير، ويعانون حالياً من عدوان غاشم أهلك الحرث والنسل.
ألم وحرقة على مر العصور، لم تكد تستقر حتى كانت العين الصليبية تنظر إليها بحقد وكراهية، وتقرر هذه الصليبية بصمت أن تمسك الراية عوضاً عن الشيوعية التي أغرقت أفغانستان بالدماء لسنوات طويلة.. قتل وتشريد، وطرد وتهجير، وإدخال لكل فكر خبيث بحجة الحرية الشخصية والتطوير.
منذ متى وأنت تعانين؟ وما حال أهلك بين العدا؟ كأني بصرخاتك التي تطلقينها يرتد صداها إليك، ومعاناة أفرادك تكاد تكون حكراً عليك، همكم قد طرق مسامعنا، وآلامكم قد أدمت قلوبنا، ولا نملك إزاءكم إلا أن نلهج بالدعاء لكم ولجميع أخوتنا في شتى بقاع الأرض.
آخر الآلام وأشدها على العقل والوجدان، ما بين ليلة وضحاها أصبحت كالركام، أُحتلت الأرض، وقُتل الرّجال، وروعت النساء، وشُرّد الأطفال، وتعالى نحيب الأرامل والثكالى، واشتكى الحرمان والجوع كثير من اليتامى، منذ سنوات قليلة كان العراق قوياً مرهوب الجانب، ومنارة مشعة لكافة العلوم والتخصصات، ولكن هذه القوة أقضّت مضاجع اليهود والنصارى، وهذا العلم كان مدعاة لمؤامرات دنيئة تُحاك في الخفاء، حتى كان ذلك اليوم الذي أقضّ مضاجعنا بخبر الاعتداء المروع على إخواننا في بلاد الرافدين.
لم تشفع الأكثرية للمسلمين في هذا الوضع المأساوي، فضعف العتاد وقلة ذات اليد كانا بالمرصاد للمقاومة المباركة، وكان لدعم الأقلية النصرانية هناك من قبل أعداء الإسلام والمسلمين أكبر الأثر في تدهور الأوضاع بالنسبة لأخوتنا، فأخبار المذابح التي يتعرضون لها في جنح الظلام تمزق نياط القلوب، وتخاذل الجهات الأمنية الحكومية تزيد من حجم المأساة.
وتطول القائمة المأساوية وتطول، ويعجز القلم عن أن يشملها، ولم ننس في سياق كلامنا الفلبين أو الجزائر، وغيرهما من بلاد المسلمين، ولكن الأهم من سردها بتفصيل أن نذكر الواجب علينا كمسلمين تجاه تلك القضايا، وهو أن نناصرها بكل ما أُوتينا من قوة، وللمال أكبر الأثر، وإن لم يكن فبالدعاء في كل زمان ومكان، وتوعية إخوتنا في كل مكان بالأخطار المحدقة بعالمنا الإسلامي، وضرورة التفاعل معها بكل شيء.


 

هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط