اطبع هذه الصفحة


للصحافة النسائية حدود!!

هيا الرشيد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


تغيرت المجتمعات، واستجدت أمور لم نكن نعرفها مسبقاً، وتغير الوضع كلية عمَّا كان عليه قبل عقود قليلة من الزمان، ومع إدراكنا لأهمية وجود كثير من المتغيرات يلزمنا ـ بل يجب علينا ـ أن نرتكز على ركيزة أساسية نسير بمقتضاها، ونتصرف وفق ما تمليه علينا، فنحن مجتمع مسلم، ولا يحق لنا بأي حال من الأحوال أن نقول إنهم في أمريكا يفعلون كذا، أو في أوربا يقولون كذا؛ إلا إذا كان ما يُقال ويُفعل هنا وهناك متوافقا مع تعاليم ديننا الإسلامي، وإلا فقدنا هويتنا المسلمة تحت وطأة التغيرات والمستجدات التي تسير على غير هدى ويسعى العالم إلى إقحام مجتمعنا عنوة فيها. خرجت جيوش من المعلمات على مدى عقود من الزمان وفق ضوابط شرعية، وبعدها جاءت أفواج من الطبيبات، واللاتي وجدنا (بفضل من الله) كثيرات منهن متمسكات بتعاليم ديننا ومنضبطات في عملهن، وبعدها تداعت الأعمال على النساء أشكالا وألوانا، لم يكن لمجتمعنا عهد بها. ونقول للعمل النسائي أياً كان في هذا الزمان: ألف أهلاً ومرحباًً.. إذا كان منضبطاً شرعاً، وتحافظ من خلاله المرأة على حجابها كاملاً، وتعمل بعيدة عن الرجال. ومن هذه الأعمال الصحافة النسائية في بلادنا؛ فما حدث في المجتمع النسائي من تطورات على مستوى الأعمال الرسمية أو الأعمال التطوعية يحتاج بلا شك إلى عمل صحفي يدعمه ويشد من أزره، ويأخذ بيده إلى النور ويخرج صوته إلى عموم الناس. أعمال وأنشطة نسائية تحتاج بالفعل إلى صحفيات قديرات يرسمن للمجتمع بكل مصداقية طبيعة العمل النسائي ونتائجه، وقد يتعدى عمل الصحفيات المجتمع النسائي إلى إجراء مقابلات مع بعض الرجال لإشراكهم في بعض التحقيقات، ولكنّ لهذا الأمر أيضاً كثيرا من الأصول، فلدينا تقنيات تفي بهذا الغرض من جميع النواحي ليكون عملاً منضبطاً من الناحية الدينية والاجتماعية. فهذا ناسوخ، وهذا بريد إليكتروني، وهذه رسالة جوال، وسيكتمل العمل الصحفي من جميع جوانبه دون الوقوع في مواقف محرجة، ودون الحاجة إلى التعامل مباشرة مع الرجال حتى ولو عن طريق الهاتف. وهذا الكلام قد يكون موجهاً بالدرجة الأولى لمن ترى أن الصحفية لا بد أن تأخذ نصيبها في العمل الصحفي كزميلها تماماً، فتحمل الكاميرا والورقة والقلم وتهب لتغطية الحدث في أي مكان كان، ومهما كانت الظروف، وهذا بالفعل يحدث في جميع دول العالم حتى بعض الدول الإسلامية، ولكن الواجب أن يكون لهذا العمل في عالمنا الإسلامي خصوصية أكبر تنعم من خلالها المرأة بالاحترام وتحصيل الأمان، وتتميز من خلاله عن غيرها بالعمل الناجح الذي يفي بالغرض، مع المحافظة على سمتها وهويتها كصحفية مسلمة متميزة. قد يعتقد بعضهم أن وجود صحافة نسائية وصحافة رجالية يعد شذوذاً اجتماعياً غريباً على المجتمعات بعمومها، ولكن الأمر في حقيقته سهل ومطلوب لتحقيق التوازن في مجتمعنا المسلم، فقياساً على المدارس الخاصة بالبنات والكليات، والخطوة الجديدة لبعض المستوصفات، نستطيع أن نُكمل العقد من خلال الصحفيات، وقد تعارض إحداهن وتجادل وتتحدث عن السبق الصحفي والفرص والإمكانيات التي لن تتوفر أحياناً إلا من خلال اقتحامها لعالم الرجال، أو الوقوف أمامهم الند للند، فلا نملك إلا أن نقول لهذا الصنف إن الصنف الأول اللاتي اقتنعن بممارسة هذا العمل في النطاق الضيق الذي أقرَّه الدين ووفق أحكام الشرع المطهر سيكون لهن تفوق من نوع آخر، وستكون الغلبة من نصيبهن بشكل قد يجهله بعضهن، فشتان بين صحفية مسلمة نجدها في مؤتمر صحفي تلقي بأسئلتها على الشخصية المستضافة بكامل زينتها، وبين أخرى قد آثرت ستار العفة المتميز، وأمسكت بهاتفها تطارد ما تستطيع تحصيله من منزلها وبين ضجيج أطفالها، والفرق شاسع بين من أمسكت بأوراقها وأقلامها وشقت صفوف الرجال في حدث كبير، وبين من اختارت حدثاً نسائياً خاصاً في إطارٍ محدود النطاق؛ همها من هذا القناعة المحافظة على عزتها وكرامتها. قد تستطيع تلك الصحفية الجريئة التي تركز على نوعية الأحداث وتحرص على السبق في كل شيء أن تتفوق في الشكل وتجعل من اسمها شيئاً مميزاً ولامعاً بين الأسماء، ولكن سيكون هذا بكل تأكيد نجاحا ظاهريا مجردا لا طعم له ولا رائحة، فخسارتها لهويتها وتميزها كمسلمة تعتز بحجابها ورمز عفتها ستكون أكبر بكثير من ذلك النجاح الشكلي الذي قد يكون عقداً مزيفاً صاغه لها شياطين الإنس لتسلك ذلك الطريق وتستشعر طعماً زائفاً لنجاح وهمي.


 

هيا الرشيد
  • الأسرة والمجتمع
  • الفكر والثقافة
  • القصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط