اطبع هذه الصفحة


لا نجد على الخير أعوانا

خيرية الحارثي

 
لاريب أن علم الله محيط بظواهر الأمور وبواطنها ، وقد يُبتلى المؤمن با بتلاءات عظيمة قد تقتحم النفس وتفتح لها طريقاً من الحيرة والحرج ..
ولقد مر علىّ في هذه الليلة ابتلاء ضاق به صدري ، واحتارت فيه عواطفي بين هذا وذاك ، ووقعت في شراك عجزت أن أخرج منه .. وخانني تفكيري عن إيجاد حلاً له .
هذه الليلة ليلة عقد قران ابن أخي ، فقد انفصل أبواه ، وتربى بيننا .. وهبنا له كل الحب والحنان ، فهذه الليلة تعني الكثير بالنسبة لنا ولأمي التي تحبه حباً جماً ، فقد كنا نحلم أن نراه عريساً .
ومن عادتنا ولله الحمد الا نحضر مناسبات إلا إذا كانت سنية ( اعني سنية هذا الزمان ) المهم تكون خالية من المعازف والآلات المحرمة ، وللأسف الشديد فقد أخلفت أم العروس وأهلها الوعد ، وكانت المفاجأة أننا وقعنا في ليلة من الليالي الحمراء .. فعندما يتجلى ضعف الإيمان ، وقلة الوازع تبدو آثاره في صورة محزنة ، رقص وغناء ومجون .. والآن ماذا عساي أن أفعل ، والدتي إمرأة عابدة ولا أزكيها على الله ، ليست راضية بما يحدث ، ولكن حبها الشديد لابن أخي سيجعلها تقضي الليلة على خير .. أما أنا فمن عادتي أني إذا وجدت في مناسبة منكر فسرعان ما أ قرر الخروج منها .. أمي لا أريد أن أتسبب في إحراجها بخروجي ، الكل يترجاني ، الكل يدهده علىّ وكأنني طفلة صغيرة ..
استعنت بالله ، وأمسكت بالميكروفون وذكرت الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتكلمت عن التبرج والسفور والنقاب .. وهذا عزائي أني عملت شيئاً لله ، فالعمل مطلوب ، وإن لم يحقق ثمرة ، فإن حُققت فزنا بإذن الله ، وإلا فحسبنا أننا جاهدنا وسعينا ، وأعذرنا إلى الله .
قررت أن أصعد إلى غرفة في الأعلى لأغض بصري عن القذى ، وأحمي أذناي عن السماع ، وإن كان الصخب المؤذي للقلب والأذنيين يخترق الجدار والابواب ، إنني أشعر في هذه الساعات بالذات بوحشة تجتاح نفسي ، ولن يخفف من ألمها إلا حبسها في تلك الغرفة ، فنحن بحاجة إلى عنصر مقاومة للمغريات التي تُبث في طريقنا برشاشها المتناثر .وتذكرت حديث رسول الله الذي رواه أبو داود ( إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثله ، قلت يارسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال : أجر خمسين منكم ) وفي رواية : ( تجدون على الخير أعواناً ، ولايجدون على الخير أعواناً ) .. أسأل الله الصبر فالإدبار عن الشهوات لا يتأتى إلا لصبور . وصلتني الأخبار بما حدث فمنهم من قال أنه فيلم هندي .. ومنهم من قال أنها مسرحية ، شعارات زائفة ، ورقصات خليعة مما يحرم على المسلم أن يستمع إليها أو يحضر إليها . فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف ) فقال رجل من المسلمين : يارسول الله ومتى ذلك ؟
قال ( إذا ظهرت القيان والمعازف و شُربت الخمور ) .
من يخطط لنا هذه المسرحيات ؟ من الذين يتولون إدارة هذه القصور ؟ الجواب " لابد أنهم من النصارى ، ومن أبناء جلدتنا الذين تربوا على أيديهم . فرقة من نصارى الفلبين نساء كاسيات عاريات يقمن بالرقص بطريقة ماجنة وسط صخب من الموسيقى .. يلعب بنا هؤلاء اليهود والنصارى في عصر الانفتاح ، فياعجباً لعاقل أسلم قلبه وعقله لعدوه ، نسوا أن الله يراهم ، وأنه أقرب اليهم من حبل الوريد.. تتم في هذه الصالات أحداث ومشاهد تشمئز منها النفوس المؤمنة ، أناس لم يكترثوا فيما يرضي الله وفيما يسخطه ، خلط ومزج بين مايصح ومالايصح ..
وصدق الشاعر بقوله : ومن البلية عذل من لايرعوي ... عن غيه وخطاب من لايفهم .
ثم يبدأ المشهد الأخير وهو زفة العروسين ، وهذا المشهد مقسم إلى مشاهد وكأنك تشاهد أحد أفلام ( هوليود )
تُغلق الأنوار على الحضور ، وتُسلط الأضواء على العروسين وهما على شرفة مرتفعة ، ويقوم العروسين بإلقاء الورود على الحضور وسط صخب من الغناء والصفير والصياح ، وكأننا في حلبة مصارعة ، وبعدها تبدأ المسيرة على أغنام الموسيقى أعني ( أنغام ) الموسيقى ثم أغنية خاصة ( بالدبلة ) التي هي من عادات النصارى ..
مشاهد استمرت قرابة الساعة والنصف الساعة .. إلمام بالمحاقر دون تورع ، أناس اتبعوا أهواء النفس ، والجري وراء شهواتها إتكالاً على عفو الله ، والله عز وجل يقول ( ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ) الأعراف 156 .
ويعود الأمر جله إلى النساء ، فمن السهل إغوائهن ..فهذا الشطط يفرضه على المجتمعات في الشرق والغرب النساء ، وأشباه النساء ، ولهذا ركز أعداء الله إفسادهن بشتى طرق الدعاية ، ثم هن يلعبن بالرجال لتنفيذ أفكارهن الكاسدة ، غرهن شيطان الحضارة فاعتبروا تقليد العدوتطوراً وتقدماً فاُلبس الباطل ثوب الحق ، وافسدت المعتقدات التقاليد ، وكل ذلك للفت الأنظار النهمة ، وارتقاب نظرات الإعجاب تنهال عليهم من هنا وهناك .
وصدق من قال ( أن من يتجرع الإسلام بكماله وآدابه لايكاد يسيغه إلا متهوعاً ولاحول ولاقوة إلا بالله .
وقد قال بعض الصالحين : طلب الجنة بلا عمل ، ذنب من الذنوب .. وارتجاء الشفاعة بلا اتباع السنة ، نوع من الغرور .. وارتجاء رحمة الله مع المعاصي ، حمق وجهل ..

 

خيرية الحارثي
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط