اطبع هذه الصفحة


الدرس الخامس من دروس فقه العبادات

لجين بنت إبراهيم غازي - السعودية



السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته

إنتهينا في الدرس الرابع من دروس فقه العبادات إلى حالات يكره فيها إستعمال الماء الطهور ، وذكرنا ما معنى كلمة ( يكره ) أي الأفضل تركه لو وجد غيره ، وإذا لم يجد فيمكنه إستعماله ولا شيء عليه .

 

نكمل في درسنا هذا الحالات التي لا يكره فيها إستعمال الماء الطهور ، وطرق تطهير الماء النجس .

 

الحالات التي لا يكره فيها إستعمال الماء الطهور:
قد يطرأ على الماء الطهور أحوال لا تخرجه عن كونه طهورا ، ويجوز إستعماله بدون كراهة وهي :

 

1- إن تغير الماء بطول بمكثه
أي تغير الماء بطول بقاءه في مكانه ، ويسمى الماء الآجن ، والدليل على عدم الكراهة أن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ بماءٍ آجن ، ويقاس عليه الماء المتغير بطول إقامته في الصنابير ( حنفية الماء ) يخرج منها أحيانا ماء لونه برتقالي بسبب الصدأ فلا يكره إستعماله.

 

2- إن تغير بطاهر ساقط فيه ، ولكن يشق صون الماء عنه.
فلا يكره إستعماله ، ولكن لو وضع في الماء شيء عن قصد وتغير به الماء سلبه الطهورية ( يعني أصبح غير طهور ) لا يجوز الطهارة به .

 

مثل: أن تنبت في الماء طحالب ، أو يسقط فيه ورق شجر أو ما تلقيه الريح أو السيول من تبن ، كل ذلك لا يسلب الماء الطهورية ولا يكره إستعماله.

 

3- إن تغير الماء برائحة ميتة بجانبه لا يكره إستعماله .
مثال: أن تموت قطة بجانب البركة فتتغير رائحة الماء بسبب هذه المجاورة ، في هذه الحالة لا يكره إستعمال الماء ولكن لو سقطت فيه صار الماء نجس لا يجوز إستعماله إلا بشروط سيأتي ذكرها.

 

4- إن سخن الماء بحرارة الشمس.
لا يكره إستعماله عند الحنابلة ، ولكن الشافعية تكره إستعماله لأنه إستدلوا بحديث ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا حُـمَـيـْراء لا تستعملي الماء المغلي بالشمس فإنه يسبب البرص ).

سؤال : هل ثبت علميا أن الماء المغلي بالشمس يسبب البرص؟

 

5- إذا بلغ الماء قـلتين
قلتين بضم القاف ، وتشديد اللام ، وهي تثنية لكلمة قُـلَّة.

 

وهي إسم لكل ما ارتفع وعلا ، والمراد هنا : الجرة الكبيرة من قلال هَجَر ، وهي قرية كانت قرب المدينة المنورة .
قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ) .

 

والقلتين تعادل قديما 500 رطل عراقي ، وبالمقاييس الحديثة تعادل 204 لتر .

 

فإذا بلغ الماء هذا الحد وخالطته نجاسة غير بول الآدمي أو عَـذْرَتَهُ المائِعَة أو الجامدة( الغائط السائل أو الجامد) ولم تغيره ، أي لم تغير طعمه ولا لونه ولا رائحته فإن الماء يبقى طهور .

 

والدليل حديث القلتين : ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ) .

 

مسألة:
إذا بلغ الماء قلتين ، وخالطته نجاسة الآدمي ( بول أو غائط) ويصعب نزحه ( يعني إزالته ) مثل الخزانات الكبيرة التي كانت تسمى قديما مصانع ، وسقطت فيه نجاسة الآدمي ولم تغيره فإنه يبقى طهورا ، أما إذا كان لا يشق نزحه فإنه ينجس.

 

وعن الإمام أحمد بن حنبل رواية أخرى : أن الماء الطهور إذا خالطته نجاسة الآدمي فلم تغير لونه ولا طعمه ولا رائحته فلا ينجس بها ، لأن بول الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب.

 

طرق تطهير الماء النجس ليصبح طهورا صالحا للطهارة:
1- المكاثرة
أن نزيد ماء طهور على الماء الموجود ويصبح مجموع الماء أكثر من قلتين أي أكثر من 204 لتر ، ولا يكون هناك أي تغير في اللون أو الطعم أو الرائحة.

2- النَّـزْح ( إزالة وسحب النجاسة )
بأن يخرج الانسان من الماء النجس ما وقع فيه من النجاسة ، ثم يتبقى بعد ذلك ماء كثير غير متغير ، عندها يطهر الماء لزوال علة التنجيس.
مثال: أن تموت قطة بجانب بركة الماء وتسقط في أحد أركانها ، فيقوم الإنسان بإزالة جثة القطة الميتة من هذا الركن ، ويجد أن الماء في الركن الآخر من البركة لم يتغير لا لونه ولا طعمه ولا رائحته عندها يكون حكم الماء طهور .

 

3- أن يتغير الماء بنفسه
كأن يبقى الماء النجس لمدة طويلة متعرضا للشمس أو الريح وتزول منه النجاسة ولا يبقى لها أي أثر.

 

مثال: أن تسقط جثة القطة في بركة ماء ، فيتركها الإنسان لمدة سنة ويهجرها ، ثم بعد فترة يعود ويجد بأن الجثة إختفت ولا يوجد لا لون ولا طعم ولا رائحة للماء في البركة ، إذن الماء هنا حكمه طهور .

 

النوع الثاني من أنواع المياه : الماء الطاهر
هو كل ماء تغير لونه أو طعمه أو رائحته أو كثير من إحدى هذه الصفات .

 

حالات لا يجوز فيها الطهارة بالماء الطاهر:

 

1- سقوط شيء طاهر في الماء
مثل: أن يسقط في الماء زعفران أو توت أو شاي فيتغير لونه أو طعمه أو رائحته ، بأي شيء يسلبه الطهورية ، يصبح الماء هنا طاهرا ، لا تصح الطهارة به .

 

2- إذا طبخ في الماء شيء طاهريسلبه الطهورية
مثل:أن يطبخ في الماء فاصوليا أو عدس وغيره.

 3- إذا استعمل الماء في طهارة واجبة كالوضوء الواجب والغسل الواجب ، أصبح الماء طاهرا يجوز إستعماله في العادات مثل الطبخ مثلا ، ولا يجوز إستعماله في الطهارة .

 

4- إذا قام الشخص من نوم ليل وغمس يده في الماء الطهور القليل ، لا يجوز في الطهارة ويجوز في الطبخ أو غيره .

 

لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا إستيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) .

 

قاعدة فقهية : (اليقين لا يزول بالشك )
من شك في الطهارة وتيقن من الحدث فهو مُحْدِثْ ، ومن شك في الحدث وتيقن الطهارة فهو طاهر .

 

مسألة:
- إذا شك في نجاسة ماء أو غيره من الطهارات ، أو شك في طهارته بنى على اليقين ، يعني هو متأكد إنه طاهر لكنه يشك إنه ممكن دخل الحمام بس ناسي ، إذن يبني على اليقين - يعني ع الشيء المتأكد منه - وهو الطهارة ، والعكس صحيح .

 

- إذا اشتبه ماء طهور بماء نجس حرم إستعمالهما ، وعليه أن يتركهما ويتيمم.

 

- إذا اشتبه ماء طهور بماء طاهر توضأ منهما وضوءا واحدا من هذا غرفة ومن هذا غرفة ( بذلك سيقطع الشك باليقين بأنه توضأ من الطهور بكل تأكيد ).

 

- إذا اشتبهت ثياب طاهرة بثياب نجسة أو محرمة فله خيارين :
1- إذا علم عدد الثياب المحرمة أو النجسة
فإنه يصلي في كل ثوب صلاة بعدد النجس ويزيد واحدة
مثال: أن يكون هناك 5 ثياب ، إثنان منها نجسة في هذه الحالة يصلي في كل ثوب صلاة بعدد النجس ويزيد واحدة ، فيصلي في 3 ثياب.

2- أن لا يعلم عدد الثياب النجسة أو المحرمة
يصلي فيها جميعا ، يعني يعيد الصلاة بعدد الثياب ، بكل ثوب يصلي مرة .

- يطهر ذيل المرأة إذا مرت بمكان مبلل وبعده مكان جاف ، ولكن عند الرجال لا يطهر وثيابه نجسه لا يجوز له الصلاة بها ( وهذا من رحمة الإسلام بالمرأة لأنها إمتثلت أمره ، ومعاقبة للرجل لأنه خالف) .

 

بهذا نكون قد إنتهينا من الدرس الخامس ، وأيضا إنتهينا من كتاب الطهارة كما هو مذكور في كتاب الرَّوْضُ المُـرْبـِعْ .

 

 

لجين بنت إبراهيم
  • مقالات
  • علوم القرآن
  • فقه العبادات
  • قصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط