اطبع هذه الصفحة


ذئاب بشرية

 لبنى شرف


اللهم إنا نعوذُ بك من وَعْثاء هذه الحياة، وكآبة المناظر التي نراها هنا وهناك؛ اللهم إنا نعوذ بك من غِلاظِ الأكباد، الذين هتكوا الحُرُمات، وقتلوا العباد، وأحرقوهم أحيائًا وأمواتًا، دون وازع من دين أو ضمير أو إنسانية أو أخلاق.

اللهم عليك بهذه الذئاب البشرية، ذات القلوب الشيطانية؛ فقد طَغَوْا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصُبَّ عليم سَوْطَ عذاب.

اللهم إنا نعلمُ أنه لن ينزلَ علينا غضبُك إن لم نكسوا الكعبة بثوب مطرز بالذهب يكفي ثمنه لإطعام آلاف البطون الجائعة، وكسوة آلاف الأجساد العارية؛ ونعلم أنه لن يحل بنا سخطُك إن لم نزخرف المساجد بأموال كان الأولى أن ننفقها في إيواء المُشَرَّدين، ولكن هل ترضى عن أمة لا تغيث الملهوف، ولا تنتصر للمظلوم، ولا تأخذ على يد الظالم؟ أمة ضاعت فيها الحقوق، وامتلأت فيها البيوت بالمظالم؟

إنهم يدعون: اللهم حرر المسجد الأقصى.. اللهم فك أسر المأسورين.. اللهم انصر المستضعفين والمظلومين.. فهل فعلوا شيئًا لفكاك الأسرى وتحرير الأقصى، ونصرة المستضعفين والمظلومين؟ يتساءلون: أليس في هذه الأمة من هو مُستجاب الدعوة؟ سبحان الله! وهل الأمر بالمعجزات؟ أما علموا أن لله سننًا، وأن للنصر أسبابًا؟ ومن يأخذ بأسباب النصر يأتِه المدد من الله.

ما دَرَوْا أن الأمر ليس بالتباكي والأماني؛ وإنما بالعزم الصادق الثابت واليقين المستبصر، فمن صدق في عزمِه بصَّرَه الله بالطريق، وأمَدَّهُ بمدد من عنده. قال ابن القيم: «على قدر نية العبد وهِمَّتِه ومُرادِه ورغبتِه يكون توفيقُ الله له وإعانتُه؛ فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هِمَمِهِم».

قد عجزنا حتى شكا العجز منا.. وبكينا حتى ازدرانا البكاء

 

لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط