اطبع هذه الصفحة


الرسالة أمْ .. حاملُها ؟!!

 لبنى شرف / الأردن

 
أجرت إحدى الإذاعات مرة لقاءً مع أحد المنشدين ، فأخذ يتحدث عن رسالته التي يريد إيصالها من خلال هذا النمط من الإنشاد ، فانهالت عليه الاتصالات من المستمعيـن ، بل .. من المستمعــــات !! ، وبدلاً من أن تكون الأسئلة والمداخلات حول مضمون الأناشيد ورسالة منشدها ، ونقد الأسلوب الإنشادي لديه ، جاءت أغلب المداخلات خلاف ذلك كله ، فهذه تسأل إن كان متزوجاً أم لا ، وأخرى تسأله إن كان لديه أولاد ، وثالثة تقول بأن أمنية حياتها كانت في لقائه والحديث معــه !!! .

لقد كانت هذه المداخلات وغيرها ـ وللأسف ـ مخيبةً للآمال ، فقد كان هناك افتتان بشخص المنشد ، وأما رسالته فأُهْمِلت وغُض الطرف عنها ، ولم يُلْقَ لها بال !! .

هذا مثال من عشرات بل مئات الأمثلة مما يحدث مع مختلف الشخصيات ، من منشدين ودعاة ومحاضرين وغيرهم ، فبدلاً من أن يكون الاهتمام برسالتهم ومضمون دعوتهم عبر الإنشــــــــــاد و البرامج و المحاضرات ، ترى فئة تهتم بأحوالهم الشخصية والاجتماعية ، يسألون عن أزواجهـم و أولادهم و أسرهم ، لديهم فضول لمعرفة كل ما يتعلق بشؤون حياتهم الخاصة والعامة !! .

أيها الإخوة ، وحتى نبينا الكريم ـ عليه و آله أزكى الصلاة وأتم التسليم ـ والذي هو خير خلق الله أجمعين ، لا ينبغي أن يكون تعلقنا به كبشر ، فنتغزل بشعره وعيونه وقده .. ، كما نسمع في بعض الأناشيد والمدائح النبوية ، ومن ألفاظ أخرى لا تليق بمقام النبي ـ عليه و آله الصلاة والســـلام - ، من أن غرامه ملأ الفؤاد ، وأننا مُتَيَّمون بحبه .. ، نحن نحب رسول الله ـ صلى الله عليه و آله وسلم ـ بل يجب أن نحبه أكثر من أنفسنا و والدينا وأولادنا ، ولكن هل نحبه حب عشق وغرام وتتيم ، أم حب سنته وسيرته العطرة و أخلاقه الرضية ، وحب رسالته التي جاء بها لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور ؟! .

إن حبنا للنبي ـ عليه و آله الصلاة والسلام ـ ينبغي أن يكون بإحياء سنته ، والسير على هديه في حياتنا وتعاملاتنا وتربية أولادنا ، ينبغي أن نركز على الرسالة التي جاء بها إلينا وإلى الناس أجمعين ، ففلاحنا يكون بذلك ، وإلا فلماذا لم يذكر اسم نبينا " محمد " ـ عليه و آلـــه الصــــــــــلاة و الســلام ـ في القرآن إلا خمس مرات فقط ، بينما كان جل الخطاب القرآني له بالنبــوة وبالرســــالة ؟! .

ختاماً أقول بأنه لابد أن يكون الاهتمام مُنْصَباً على الرسالة ، والعاقل يدرك ذلك ، فحامل الرسالة سيموت ، فهل ستنتهي وتندثر الرسالة بموته ، أم أن هناك من سيحملها من ورائه ؟! .

اللهم افتح مسامع قلوبنا لذكرك ، وارزقنا طاعتك وطاعة رسولك ـ عليه و آله الصـــلاة والسلام - ، وعملاً بكتابك ... اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين .

بقلم لبنى شرف ـ الأردن .
 

لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط