اطبع هذه الصفحة


يتزوجها أم يتركها لمصيرها المجهول؟

 لبنى شرف - الأردن


أراد شاب الزواج من فتاة، والفتاة قبلت به، وأمه كذلك لم تمانع، ولكن قدّر الله أن تُصاب هذه الفتاة بسرطان المبيض، مما أدى إلى استئصال مبيضي ورحم الفتاة في عملية جراحية، وشفيت من المرض، ولكنها فقدت القدرة على الحمل.

رغم هذا الذي أصاب الفتاة، ما زال الشاب راغباً في الزواج منها، ولا يريد التخلي عنها في هذه الظروف، ولكنه في نفس الوقت يريد أن يَنعم بالولد، ومشاعر الأبوة تنازعه، والفتاة تدرك وتقدر حاجته الفطرية هذه، ولذا أخبرته أنها لا تمانع زواجه من ثانية، ولكن أمه الآن صارت تعارض هذا الزواج، فماذا يفعل؟ هل يقنع أمه كي يتزوجها؟ أم يتركها لمصيرها المجهول؟
طبعاً كلنا مصيرنا مجهول بالنسبة لنا، فلا يعلم الغيب إلا الله، والذي يخيف هذه الفتاة هو أنه: من سيرغب في الزواج من امرأة عقيم؟ فالشاب لديه فرصة في الزواج من أخرى، وهي لا تمانع هذا، ولكن دون أن يتركها، فهي تريد الزواج منه، وتريده أن يؤنس وحدتها، ويشد من أزرها في مواجهة صعوبات هذه الحياة وقسوتها، فالزواج ليس أولاداً وفقط، صحيح أن الولد نعمة عظيمة وحاجة فطرية، وهناك من لا يصبر عنها، ولكن الزواج أيضاً مودة ورحمة، وسكن واستقرار نفسي، وعفاف وستر ورعاية، وتمازج قلبين وعقلين وروحين، وتعاون على أمر الدنيا والآخرة، فلماذا نحصر منافع ومصالح الزواج في الذرية فقط؟ ولماذا نشعر بأن السعادة لن تكون إلا بوجود الأولاد؟ فنحن نرى ونسمع أن أزواجاً لم يُرزقوا بأولاد، ولكنهم مع هذا سعداء ويحيون حياة طيبة.

إن هذه الفتاة لم تصب بمرض مُنفِّر، والعقم حله في الزوجة الثانية -بإذن الله -إن كان يستطيع العدل والنفقة، والأولاد رزق من الله يهبه من يشاء، فما سبب معارضة أم الشاب لزواجه منها، وهو زواج إنساني، بل إنه –في الأصل- عن رغبة واختيار؟ ولماذا لا تُقدِّر حاجة هذه البنت للزواج كباقي النساء؟ وهل لو كان الأمر متعلقاً بزواج ابنتها، وأصابها ما أصاب تلك الفتاة، سيتغير موقفها؟ أو ماذا لو كان الحال بالعكس، وتبين أن ابنها هو العقيم؟ فنحن كثيراً ما يغيب عن بالنا أنه قد يصيبنا ما يصيب غيرنا من بلاء وشدائد وكروب! نريد من الناس أن يقدروا ظروفنا ويؤازرونا في محنتنا ونحن نتخلى عنهم في مصابهم، نعرف ما لنا ولا نعرف أو لا نريد أن نعرف ما علينا، والأم حين تبحث عن عروس لابنها بمواصفات قياسية، تنسى -أو تتناسى- أن لها بنات لسن بتلك المواصفات! تناقضات عجيبة وازدواجية في المعايير!!
ثم من يدري، لعل الله أن يفتح لهذا الشاب بهذا الزواج الإنساني باب خير كثير ورزق واسع، في ماله ودينه وعقله وعافيته، ويكرمه لأجلها، ويبارك له في حياته معها، سواء تزوج بثانية أم لا، بل إنها قد تشبع مشاعر الأبوة لديه -كما هو حاصل عند بعض الأزواج- فلا يرغب في الزواج من امرأة أخرى، فكل هذا محتمل حدوثه، والله أعلم.

ولكن لو لم يقدر الله هذا الزواج، فلتعلم هذه الفتاة أن رحمة الله واسعة، وأن الأمر كله بيده وحده سبحانه، والأمر ليس متوقفاً على هذا الشاب، فلعل الله أن يرزقها خيراً منه، ويُغنيها من فضله وسَعته، فلتجعل يقينها بالله، وتوكلها عليه، ولتفوض أمرها إليه، فهو حسبها ونعم الوكيل.


 

لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط