اطبع هذه الصفحة


ونبضت في النفس الكرامة

 لبنى شرف - الأردن


أحقيقة ما يجري، أم تُراه ما يراه النائم؟ هل صحت أمتنا من سباتها العميق، واستيقظ فيها الوجدان؟ هل تحركت في النفوس ما تبقى من ذرات الكرامة فأسرعت لتلبي نداء الداعي إلى العزة؟ هل خلعت عنها ثوب الخنوع، وسئمت العبودية، ونبذت حياة البهيمية؟ هل عادت إليها إنسانيتها بعد أن أُشربت كأس المذلة والمهانة على أيدي الطغاة المستعبدين؟ فكما قال سيد قطب: (ليس أشد إفسادًا للفطرة من الذل الذي ينشئه الطغيان الطويل، والذي يحطم فضائل النفس البشرية، ويحلل مقوماتها، ويغرس فيها المعروف من طباع العبيد: استخذاء تحت سوط الجلاد، وتمردًا حين يرفع عنها السوط، وتبطرًا حين يتاح لها شيء من النعمة والقوة).
وهل يا ترى بدأت أو ستبدأ قافلة الأحرار المسير، وسترفع قريباً شعار: "يا قدس، إنا قادمون"؟ إن كان ذلك كذلك، فالله أكبر ولله الحمد، وله وحده الفضل والمنة.

بدأ المسير إلى الهدف *** والحر في عزمٍ زحف
والحر إن بدأ المسير *** فلن يَكلّ ولن يقف

يا أمتي، لن يحرر الأقصى من رضي بقيد العبودية، ومن لم تَتَنَسَّم روحُه رَوْحَ الحرية، ولن يرفع راية الحق من كان الاستخذاء شعاراً له وهوية، وإنما لا بد من دماء ودموع وآلام، وتعب ونصب، لا بد من ثمن، وسلعة الله غالية.
يا أمتي، هل يطيب عيشنا إن تركنا الجهاد ونصرة المستضعفين؟ ولم نأخذ على أيدي العتاة الظالمين، والعابثين المفسدين، والمغتصبين الحاقدين؟ هل نرجو النصر والتمكين إن أخلدنا إلى الأرض، وأسرفنا في المعاصي، وتبلد فينا حس الكفاح، وعدونا يمكر ويكيد؟

تبلد في الناس حس الكفاح *** ومالوا لكسب وعيش رتيب
يكاد يزعزع من همتي *** سدور الأمين، وعزم المريب

يا أمتي، سنة الله لا تتبدل ولا تتحول...

سنن الله في الخلائق تمضي *** لا تني ساعة، وليست تحول
وخلال الأحرار منها، فليست *** عن جهاد عن الحق يومًا تزول

ولكن، أما وأن تحرك الشعور، وتدفق الدم في العروق، فأرجو أن تكون انتباهة بعد طول غفلة، وخروج من تيه هِمْنا فيه منذ أمد بعيد.

 

لبنى شرف
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط