اطبع هذه الصفحة


لمــــــــــــــاذا يا أبي؟!!

مرفت عبدالجبار

 
في ذلك اليوم الذي استيقظت فيه لأراك...
وأركض إليك كعادتي, فتحملني وتدور بي في الهواء..
وتضمني إلى عالمك الجميل..
ذاك العالم الذي لا أرتضي به بدلاً..
فأنت من دربت خطواتي المتعثرة..
وكنت معلمي عند ألعابي المتبعثرة..

لكن ها أنت تتركتني بلا جواب..
وترحل..
رحلت بلا قبلة تطبعها على خدي فأراها في أحلامي..
رحلت بلا تفكير بما ستؤول إليه حالي من بعدك..
بلا وداعٍ مسبق، تتلاقى فيه أعيننا الحزينة جراء الرحيل..
نعم لقد رحلت وتركتني للجحيم..

لماذا يا أبي؟؟
أحتاج إليك في كل لحظة..
ويلوح لي طيفك في كل حين..
ويرنّ صوتك في أذني مع كل نداء..
ويخيل إليّ أن كل طرق أنت صاحبه..
فأهرع مسرعاً وأفتح الباب..
فلا أجد إلا شبح ذكراك..

لا أريد هداياك..
ولا أريد عطاياك..
أريدك أبي وحسب..

ما ذنبي تقتلني نظرات الناس بالعطف والشفقة..
كأنني يتيم، وليتني كذلك، فأستحقها وأصبر عليها..
وكنت لا أراها ولا أريدها وأرجوها إلا منك؟..

كسرت جناحي مبكراً جداً وأنا مازلت في سنيني الأولى..
فقل لي بربك، كيف أحلق في هذه الأجواء..
دون توطيدك لنفسي على فواجع الأقدار التي ستلاقيني؟..

كبلني انتظارك..
وقتلني - أو كاد - غيابك..
وما عاد لي جدوى إلا المنى..
فليت شعري وما تغني الأماني..
أريد أبي ولكن...
هجرني مع كلمته الأخيرة لأمي..
التي خيب فيها رجائي..
وقطع معها رمق انتظاري..
وصياحي في كل حين ((أبي))..
بل وكل ألوان عذابي وندائي..

بورقة أرسلها، مزقت عروق قلبي..
كلمة ولكنها " القاضية "
((طالــــــق))
لأعيش حسرتين..
همّ فراقه..
وهمّ انفصاله عن قلبي الثاني..
وبآخر ما أملك من صوت أقول:
عُد يا أبي إن كنت تسمعني..
لا أقول: عُد إلينا..
وابقَ إلى الأبد..
ولكني أقول، وهو أقل الرجاء إن كان يجدي:
عد فقط لتراني..
عفواً:
لا بل كي أراك..
وإلا سأموت بحسرتي، ولن تجدني بعد أن يشتد عودي، إلا شاباً نفدت من قلبه ينابيع الود، إلا إن كتبني الله تعالى من فئة الصالحين، عندها سأبحث عنك، فقط لأقوم " بالواجب "..
ولا أراك إلا مذنباً بحقي ما حييت عمري بعدئذٍ!،
إلا أن أبت الرحمة العصيان، وغلبها ودُّك القديم!
ولكن لا تؤمل..!
_ كلها كلمات جالت بخاطري وأنا أنظر إلى مازن ذي السنوات الست الذي تركه والده منذ سنتين،.. بلا رؤية، ولا سؤال..
فهل يا ترى كانت أمواج هذه الكلمات تتلاطم في نفس مازن وهو يرى كل من حوله برفقة الآباء والأمهات؟!
مساكين والله هؤلاء الصغار, يقاسون آلاماً لا يجرؤون على بثها أو التعبير عنها إن زارتهم إلا بالبكاء..
ولا يملكون حولاً ولا قوة عندما لا يسمعون إلا عبارات الأسى على حالهم، وغفلة عن تشجيعهم لمتابعة سير حياتهم, بل تزداد معاناتهم دون أن يشعر بها أحد، ظناً من الكبار أنهم لا يدركون!
حفظك الله يا مازن.

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط