اطبع هذه الصفحة


العرب ومؤتمرات التخذيل

مرفت عبدالجبار

 
عندما يتخبط " شعب الله المحتار " " العرب "، في خطوات التقارب مع العدو الأشد فتكاً بهم وبدينهم، وأكثر الناس خبثاً منهجاً وسياسة على مر العصور، - على حساب الشعوب المسلمة -، وتقديم القرابين والتنازلات لرضا أمريكا وسيدتها في الخفاء، بنيّتها في العلن " إسرائيل "، وتهميش تام للحقائق والمجازر التي ترتكب، والكرامة التي تتداعى شيئاً فشيئاً، والتغافل التام عن المشروعات والمخططات التي لا تزال أمريكا تمليها على " شعب الله المحتار "، فيتسارع في التنفيد، على علم أو دون علم بالعواقب، ودون استفادة واضحة من التاريخ، أو بالأمس القريب، أو باليوم الجريح، ترقباً لمستقبل ورديّ أسيف، وإن شئت دموي قتيل، عندها يتملكك العجب والحيرة من هذه الخطوات والتنازلات غير الخافية علينا في كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، أولاً كما قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ...}(البقرة:120) ، وفي الواقع والماضي الذي شهده العالم بأسره ويشاهده ثانياً!!
اسألوا التاريخ إذ فيه العبر ** ضل قوم ليس يدرون الخبر
وعندها لا تدري إلى أي هوة يريدون أن يُردوا أمتهم فيها!!، ولا أي منهج واضح يسيرون عليه!، ولا تملك إلا النظر بعين الحليم المحتار، الذي لا يملك من الأمر إلا الحوقلة، وانتظار نتائج السلسلة التالية من جرائم اليهود التاريخية، وما الرد اليهودي الخبيث على المبادرة العربية عنا ببعيد، أو شحذ الهمم والاستعداد بكل ما يملكون لمواجهة شر محتمل مجاهدة ومصابرة في سبيل الله ثم الكرامة والأعراض والأمة بأسرها، ونعم القوم أولئك على الرغم من أنف "السِّلم"، وأي سلم يبتغى أو يؤمل مع يهود؟؟.

يقول الأستاذ/أسامة الكباريتي:
الجريمة عند اليهود قديمة وعريقة، وجذورها عميقة، وتربتها الخصبة في التوراة والتلمود، فهي تنبع من الموروث الديني العقائدي عندهم.
ومن أهم بواعث الجريمة في الديانة اليهودية ثلاثة مبادئ:
الأول: العنصرية والمتمثلة بعقيدة شعب الله المختار فيما يخص اليهود، وما سواهم من عالم آخر لا قيمه له ولا اعتبار.
الثاني: عقيدة أرض الميعاد والتي جمعتهم من الشتات إلى أرض فلسطين والتي ينبغي أن تكون نظيفة من العنصر غير اليهودي.
ويقول في موضع آخر: وقتل اليهودي للأمي لا يعد جريمة في نظرهم، بل فعل يرضي الله، وجرائمهم مع الناس قربات يثيبهم الله عليها، ولا يجوز لليهودي أن ينجي أحداً من باقي الأمم من الهلاك أو يخرجه من حفرة يقع فيها.
فعجباً يا قومي: تاريخهم بين أيدكم، وعقائدهم ظاهرة جلية أمامكم، أم تسايرون استذكائهم عليكم لينقضوا على أممكم ودياركم دون رحمة، كما قال تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}
وفلسطين والعراق شاهدتان!
كل الأمل - بعد الله تعالى- في كل ضمير شريف أبى المذلة والتخاذل، في سبيل ربه وعقيدته وكرامته، التي دافع ويدافع عنها حتى الممات، وعلى رأسهم شرفاء أمتنا البواسل المجاهدون في أي ثغر كانوا.

ولست أبالي حين أقتل مسلماً *** على أي جنب كان في الله مصرعــي

والذين فطنوا إلى أن السلام مع أولئك القوم مستحيل، وكتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم بين أيدينا، وما نشدان السلام مع إخوان القرود إلا لون من ألوان الاستماتة التي تسمى بغير اسمها!! " سلام "، أسلام مع يهود أم ضحك على العقول؟؟!!.
استوقفتني وأنا أراجع صفحات كتاب قرأته للمنفلوطي -رحمه الله تعالى- كلمات له كأنها تخاطب حدث اليوم، بل ذاك الأمس هو هذا اليوم، وذلك عندما يتخلى المسلمون عن شعار الدين ووحدته لشعارات قومية ولحمة عنصرية، فديننالم ينتصر يوماً ولن ترفع له راية إلا بـ"لا إله إلا الله" وكفى.

يقول - رحمه الله تعالى- في الجزء الثاني من النظرات:

يا أبطال برقة، وليوث طرابلس، وأنا أقول (يا أبطال فلسطين والعراق والصومال والشيشان وكل الشرفاء)، صبراً قليلاً في مجال الموت، فها هي نجمة النصر تلمع في آفاق السماء، فاستنيروا بنورها واهتدوا بهديها، حتى يفتح الله عليكم.
إن الله وعدكم النصر، ووعدتموه الصبر، فأنجزوا وعدكم ينجزكم وعده.
لا تحدثوا أنفسكم بالفرار، فوالله إن فررتم لا تفرون إلا عن عرض لا يجد له حامياً، وشرف لا يجد له ذائداً، ودين يشكو إلى الله قوماً أضاعوه وأنصاراً خذلوه.
إنكم لا تحاربون رجالاً أشداء، بل أشباحاً تتراءى في ظلال الأساطيل، وخيالات تلوذ بأكناف الأسوار والجدران، فاحملوا عليها حملة صادقة تطير بما بقي من ألبابها، فلا يجدون لبنادقهم كفاً، ولا لأسيافهم ساعداً.
إنهم يطلبون الحياة وأنتم تطلبون الموت، ويطلبون القوت وتطلبون الشرف، ويطلبون غنيمة يملأون بها فراغ بطونهم وتطلبون جنة عرضها السموات والأرض، فلا تجزعوا من لقائهم، فالموت لا يكون مر المذاق في أفواه المؤمنين.
إنكم تعتمدون على الله وتثقون بعدله ورحمته، فتقدموا إلى الموت غير شاكين ولا مرتابين، فما كان الله ليخذلكم ويكلكم إلى أنفسكم وأنتم من القوم الصادقين.
إن هذه القطرات من الدماء التي تسيل من أجسادكم ستستحيل غداً إلى شهب نارية حمراء تهوي فوق رؤوس أعدائكم فتحرقهم، وإن الأنات المتصاعدة من صدوركم ليست إلا أنفاس الدماء صاعدة إلى إله السماء يأخذ لكم بحقكم ويعينكم على عدوكم، والله سميع الدعاء. (بتصرف يسير).
إن أعداءكم قتلوا أطفالكم، وبقروا بطون نسائكم، وأخذوا بلحى شيوخكم الأجلاء فساقوهم إلى حفائر الموت سوقاً، فماذا تنتظرون بأنفسكم؟
أجلبوا عليهم بخيلكم ورجالكم، واصدقوا حملتكم عليهم، وجعجعوا بهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم، واطلبوهم بكل سبيل وفوق كل أرض وتحت كل سماء، وأزعجوهم حتى طعامهم وشرابهم، ويقظتهم ومنامهم، فما أعذب الموت في سبيل تنغيص الظالمين!
احفروا لأنفسكم بسيوفكم قبوراً، فالقبر الذي يحفر بالسيف لا يكون حفرة من حفر النار.
لا تطلبوا المنزلة بين المنزلتين، ولا الواسطة بين الطرفين، ولا العيش الذي هو الموت أشبه منه بالحياة، بل اطلبوا إما الحياة أبداً، وإما الموت أبداً.
إن هذه الأساطيل الرابضة على شواطئكم، والمدافع الفاغرة أفواهها إليكم، والبنادق المسددة إلى صدوركم ونحوركم، لا يمكن أن يتألف منها سور منيع يعترض سبيلكم في رحلتكم من الدار إلى تلك الدار، فسيروا في طريقكم إلى آخرتكم، فإن الأعداء إن ملكوا عليكم طريق الحياة لا يملكون عليكم طريق الموت.
إن كُتاب التاريخ قد علقوا أقلامهم بين أناملهم، ووضعوا صحائفهم بين أيديهم، وانتظروا ماذا تملون عليهم من حسنات أو سيئات، فأملوا عليهم من أعمالكم ما يترك في نفوسهم مثل ذلك الأثر الذي تركته في نفوسكم تلك الصحائف البيضاء التي سجلها التاريخ لأولئك الأبطال العظام.
موتوا اليوم أعزاء قبل أن تموتوا غداً أذلاء.
موتوا قبل أن تطلبوا الموت فيعوزكم، وتنشدوه فيعجزكم.
ثم يقول في موضع آخر
أيها المسلمون:
إنكم لن تجدوا بعد اليوم موقفاً هو أقرب إلى الله، وأدنى إلى رحمته وإحسانه، وأجلب لمغفرته ورضوانه، من موقفكم أمام هؤلاء الضعفاء المساكين، تطعمون جائعهم وتكسون عاريهم، وتسلحون أعزلهم، تعالجون جريحهم، وتخلفون قتيلهم في أهله وولده.
إنكم إن تحسنوا إليهم تحسنوا إلى أنفسكم، وإن تنقذوهم من كربتهم تنقذوا جامعتكم وملتكم، فإن بينكم وبينهم لحمة أقوى من لحمة النسب، ووشيجة أوثق من وشيجة القربى، وإنكم جميعاً تصلون إلى قبيلة واحدة، وتهتفون في الغداة والعشي بذكر واحد، وتتوجهون بقلوبكم في نعمائكم وبأسائكم إلى إله واحد، وتقفون في بيت الله وبين حرمه والمقام موقفاً واحداً.
وأختم بقوله:
أيها المسلمون:
إنكم إن اجتمعتم اليوم لن تتفرقوا غداً، وإن هديتم لرشدكم في موقفكم هذا لن تضلوا من بعده أبداً، وإنكم إن قدمتم بين أيديكم هذا العمل الصالح أحسن الله جزاءكم، وأعانكم على أمركم، ووفى لكم بما وعدكم من نصره ومعونته، و{... إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد:7).
انتهى قوله يرحمه الله.
 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط