اطبع هذه الصفحة


الاعتزاز بالهوية

مرفت عبدالجبار

 
الحمد لله الذي أعز المرأة بدينه.. ورفع شأنها في كتابه..
وجعل لها من الدين وشرائعه ما تسموا به على مرّ الأزمنة والعصور...
والصلاة والسلام على نبيه الأمين الذي لطالما حث على كل ما فيه رفعة للمرأة وإعلاء لمكانتها...
صلوات ربي وسلامه عليه...
يا أخواتي، ما أروع تكريم الإسلام للمرأة, فقد حازت في ظله ما لم تحز مثله شرفاً فوق أي أرض وتحت أي سماء..
كما جعل الإسلام لها حقوقاً وأمدها بكل المميزات؛ تكريماً لها ورفعة لشأنها, فهي الأم والمربية والمعلمة, والداعية والطبيبة المعتزة بهويتها في كل الأحوال..
وما زلت أردد ذلك:
أخت الرجال بلا شقاق أو جدال... وحقيقة ليست تهدم باحتيال
قد جاء دين الله يُعلي شأنها... ويعزها قرآنه مثل الرجال
_فحري بمن هذه صفاتها, وهذه مكانتها في دين ساوى بينها وبين الرجل، أن تعتز بهذا الدين, وترفع به الرأس, ويكون لها الفخر بهدي خير البشر، صلوات ربي وسلامه عليه..
_أيتها الأخت الكريمة: حديثي إليك ليس حديث توجيه, ولا إرشاد, ولا وعظ!!
ولن آتيك بجديد لم تعرفيه, أو غريب لم تسمعي به, بل هو حديث آتٍ من واقع تعيشينه أنتِ، وتستشعرينه في كل حين!
وإني لراجية منك أن تصغي إليّ بقلبك, وتستنتجي هذا الواقع الذي أتحدث عنه بكل يقين ومصداقية وتطبيقاً على أرض الواقع!
_أختاه، من أنتِ قبل الإسلام؟
وما مكانتك في الجاهلية؟ وكيف أنت لو كنت بغير الإسلام؟
كيف لو أنك تعيشين مع غير المسلمين؟
كيف لو لم تكوني شيئاً يذكر ولم يسطره التاريخ؟؟
_بالفعل! أنت لولا الإسلام لما كنت شيئاً! ولو كنت شيئاً لما كنت شيئاً ينظر إليه بعين الاعتبار!
ولكنتِ أنبذ المخلوقات على وجه الأرض عند ذلك الإنسان الجاهلي الذي كان يشعر بالعار لمجرد ذكر اسمك!
ولعلت فوق مكانتك في أنفسهم "البهائم "، أجلك الخالق!
كيف لا والمرء قديماً كان يفضل خيله وماله عليك؟ ولكان مصيرك الوأد تحت التراب..!!
بل لو كنت تعيشين في كنف غير كنف الإسلام لعشت ممتهنة, مبتذلة, مطرودة من سن الخامسة أو الثامنة عشرة من بيت أبيك, ولكنت لحمة شهية لعين كل وغد وطامع...
ولكنت بلا أب يحميك, ولا أخ يغار عليك, ولما كنت ملكة بيت, بل لكنت في بيت تضعين فيه النصف بالنصف، شئت أم أبيت...
ولكنت, ولكنت, ولكنت...
_ إن واقع المرأة غير المسلمة في واقعنا المعاصر, وفي أغلب بقاع العالم, يجعل المرأة المسلمة تعتز كثيراً بهذا الدين...
وتزداد به تمسكا وفخراً, وذلك إذا نظرت بعين البصيرة للبواطن الخفية التي تنطوي عليها الحكم والأمور، لا بمنظار الهوى, أو بمنظار فعال الآخرين التي لا تمت للإسلام بصلة!
بل بمنظار من تنظر إلى الإسلام كما هو وتطبقه في واقعها وتعتز به أينما كانت!
ومن مظاهر الاعتزاز بهذا الدين أن ترتدي المسلمة حجابها في كل مكان!

في بلدها وخارجه ممتثلة لشرع الله تعالى..
وليس كما تفعل بعض الأخوات هدانا الله تعالى وإياهن، ما أن يصعدن الطائرة لبلد غير مسلم إلا ونزعن الحجاب!؟
وغيرها كثير من المظاهر التي لا ينبغي أن تأتي ممن تعتز بهويتها في كل مكان!
_لو قالت إحداهن، ولا أظن أن مسلمة ممتثلة لشرع الله يراودها مثل هذا السؤال!
ولكن فرضاً لو قالت قائلة: لماذا أرتدي الحجاب؟؟
فهو ثقيل على النفس! مقيد للحرية! حاجب للزينة! لم يفرض علينا نحن! بل فرض على أمهات المؤمنين - رضي الله تعالى عنهن _ وحسب!
وغيرها كثير من الشبه والعلل التي تعتري بعض المخدوعات في وقتنا الحاضر!
ولكن أنت أيتها المبصرة أدركتِ يقيناً سبب ارتداءكِ للحجاب!
وأعلم أنكِ لن تسألي سؤالاً كهذا..
فإذا كان ربك جل وعلا يقول في كتابه الكريم: {.. وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..}(الأحزاب:53).
تأملي معي هذه الآية!
الله أكبر! أطهر لقلوب من يا أختاه؟؟
قلبي، أم قلبك، أم قلب فلانة من الناس؟؟
بل قلوب خير نساء هذه الأمة على وجه الأرض خاصة!
فإذا كان الله عز وجل يخص طاهرات القلوب بهذا الفضل, وهن الطاهرات المذكورات في القرآن من فوق سبع سموات!
فحري بمن هن دونهن بالفضل والمكانة امتثال هذا الخطاب!
_ ومظاهر الاعتزاز بالدين لا تحصى...
تأتي في طليعتها:
((الاعتزاز بالهوية))

وقد تقول قائلة: وما الذي يدعوني للاعتزاز بهويتي الإسلامية, وأنا في وسط بلاد الإسلام وأهله؟؟
أقول غاليتي: إنك الآن تحاربين من حيث لا تعلمين, فأعداء الأمة اليوم يعدون العُدد ليل نهار, ويعقدون آلاف المؤتمرات, تلو المؤتمرات, والجلسات تلو الجلسات, لماذا؟؟
لأجلك أنت, أنت يا فتاة الحرمين خاصة, ويا ابنة الإسلام عامة!
لماذا؟؟
هل لأجل المساهمة في مزيد من الرفعة لك, هل من أجل مشروع يفيدك ويرقى بأمتك؟؟
كلا، بل حقداً وحسداً من عند أنفسهم, على ما وصلت إليه وتفردت به على كل بلاد العالم, وإن اختلفت الأسماء وإن تزينت شعارات هذه المؤتمرات بغير حقيقتها السوداء التي تبطنها.
فلو لم تكن للمرأة تلك المكانة والقدرة على تغيير المجتمع لما اجتهد المجتهدون منهم لزعزعة هذا الكيان الذي تعيشينه في ظل العقيدة.
_ وهنا يبرز دورك أنتِ, فأنت إما موافقة لهذه الدعوات الدخيلة التي لاقت تأييداً من المغترات المنبهرات بهذه المظاهر الغربية المزيفة التي يسميها البعض ((حضارة)).
وما هي في الحقيقة (حضارة)؛ لأن تعريف الحضارة عند المسلمين: بناء الإنسان السوي الكامل في إنسانيته بعقيدة صافية ومبادئ سليمة وأخلاق كريمة.
وليست الحضارة هذه المظاهر الأوروبية من تقنيات مادية، ودور ترفيه، وسينما.. ونحوها.
ولكن بعض المخدوعات - أو بالأحرى المنبهرات بما عند الغرب- لا ينظرن إلا إلى هذه الأمور!
بينما يغفلن أو يتغافلن عن الحضارة الأوروبية الحقة في هدم القيم، والدعوى إلى التبرج والاختلاط, وانتهاك حقوق الإنسان, والواقع المعاصر خير شاهد على ذلك!
بل حتى حقوق الإنسان في البلاد المغزوة لا حقيقة لها!
فلا الأطفال ترحم, ولا النساء تعفى, ولا الإنسانية تحترم, وإلا الكرامة تحفظ.
هذه هي حضارتهم التي يود الأعداء نشرها في بلاد المسلمين.
وإن اختلفت الأسماء.
فالمخدوعة والمسايرة للركب تجدينها معهم، وتنافح عن حقوق المرأة المسلوبة في زعمها معهم, ولا ترينها إلا نسخة شكلية وفكرية مثلهم!
صنعوها بأيديهم للتحدث نيابة عنك أنتِ وعن أخواتك المسلمات زعماً وزوراً.
وأخرى إمعة لا تدري مع أي الفريقين هي, وما أسهل التأثير في مثل هذه النماذج سلباً وإيجاباً, ولكن السلب أكثر لعدم اكتراثهن بالواقع! وهنا يبرز دورك بالتوجيه والنصح, حتى لا تصبح الأخيرة معول هدم في الأمة، شعرت أم لم تشعر!
أما النموذج الأمثل الذي ما أكثر حاجتنا إليه هذه الأيام, فهو أنت أيتها الأخت المسلمة الحرة الأبية! نريد منك كلمة واحدة في وجه هذه الدعاوى, كلمة لا تقال قولاً عارضاً, بل نريدها تترجم على أرض الواقع بقلمك, ولسانك, وتدعم باعتزازك بهويتك... والرضا كل الرضا بهذا الدين وجزئياته.
نريد منك تلك المرأة المسلمة التي لا تجد مدخلاً يوصل رسالتها إلى العالم إلا سلكته, وطرقت بابه, والوسائل بحمد الله اليوم كثيرة، فلابد من أن تجعلي لك أثراً, لا بد من أن توصلي هذه الكلمة إلى أولئك الشرذمة الذين يسعون في الأرض فساداً لزعزعة هذا الكيان الشامخ!
أختاه: لا بد من أن تتركي أثراً في الأمة، ولا يكفي أن تعتزي بإسلامك داخلياً, نريد هذا الاعتزاز بالهوية يظهر جلياً للعالم...
فكم من متعطشة لم تعرف الإسلام أو تود معرفته أكثر, أو جاهلة مسمومة الفكر بما يكيله أعداء الإسلام للإسلام!
فهنا يبرز دورك.
والكلام عن الاعتزاز بالهوية يطول ويطول..
وأكتفي بهذا القدر...
وأسأل الله أن ينفعنا وإياك بما نقول.



 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط