اطبع هذه الصفحة


القلوب الضائعة

مرفت عبدالجبار

 
بندر: ((أبي هو سبب انحرافي وضياعي))..
خالد: ((أنا لم أكن أعرف للمخدرات طريقاً, ولا للسرقة يداً))..
شروق: ((خلاص أنا تدمرت أنا انتهيت.. كان لازم أسرق.. كان لازم أعيّش أخواني ولا أذل أمي للناس))..
هند: ((أنا انولدت دون أم وأب.. محرومة من عاطفة الأبوة والأمومة، وهذا سبب انحرافي))..
أمجد: ((ما في أحد يساعدني.. ما في أحد يفهني))..
سارة: ((أعيش مع زوجة أبوي.. في جحيم في عذاب, حاطة حرتها فيني))..!!
سعد: ((خلاص ملّيت من حياتي، وأفكر في الانتحار، ما في وظايف وش أسوي, أصير مجرم عشان يرتاح المجتمع؟؟))..
مروة: ((قررت أترك الالتزام, وأعود لما كنت عليه؛ لأن الجو في بيتنا لا يساعد، الكل ضدي، ما حد يفهمني، أعيش بغربة الروح والدين في بلد الإسلام، وأسرتي هي السبب))..!!
مثل هذه المشكلات في مجتمع الشباب والفتيات..
في هذه الأسطر لن ألقي باللائمة على الأب الغافل..
أو الأم اللاهية..
أو المجتمع المقصّر..
بل سألقي اللوم على معاشر الفتيات والشباب.. فقط!
لا لإخراج المجتمع والأسرة من دائرة المسؤولية..!
بل إنهم يتحملون جُلّ المسؤولية..!

وكذا المجتمع, وكل من كان له واجب وحق على الشباب..!
ولكن من باب تحميل الشباب المسؤولية كاملة من الجنسين..!
أنا لا أتكلم عن الشباب كوني من خارج كوكبهم أو أفوقهم علماً أو عقلاً أو مثالية مزعومة! كما علق البعض عليّ في أحد الموضوعات التي تخص الشباب..!
بل أتكلم من واقعهم ذاته, كوني فرداً منهم.. لنا هموم مشتركة، وأفكار متقاربة، وقد أكون أقل علماً وفهماً منهم..!
ومن هذا المنطلق أتحدث.. عن مشكلاتنا وهمومنا المشتركة..
فكون الفتيات أو الشباب..
يقعون في الأخطاء تلو الأخطاء، ويصرون عليها بحجج واهية، ويعلقون قبح فعالهم على الآخرين كشماعة، - بعض الأحيان -!
وهذا أمر مرفوض تماماً..
من هذا المنطلق كانت لي هذه الكلمة الأخوية ..
أيها الشباب عامة: ألم يمنحكم الله تعالى عقلاً وفهماً وإدراكاً وميزاناً تزنون به الأمور..؟؟!
فلماذا هذه الفوضوية وتعليق أخطائكم على الآخرين!
أبي فعل, أمي السبب, أخي كذا, المجتمع...!
لِمَ تقترفون الأخطاء بأيديكم ثم تقولون أنها بسبب هذا وذاك؟!
أين عقولكم؟؟
أين غيرتكم على أنفسكم؟؟
أين شريعة ربكم التي تأمركم وتنهاكم؟؟
أنتم في مرحلة الرقابة الذاتية..
هل من شكر النعم إهدار الأوقات, واقتراف الأخطاء, وإيذاء الناس، أو الكسل والتقاعس عن تحقيق آمالكم، بحجة أن لا معين لكم؟!
فلتكن ما تكون...!
لكن، من الذي برر لك اقتراف أخطائك بهذه الحجج التي يُمليها عليك عقلك..؟؟!
في حالة اقتراف الخطأ.. هل سيدخل والداك معك قبرك؟؟
هل سيحشر أحد منهما معك يوم القيامة؟؟
هل سينجيانك من النار ولهيبها؟؟
هل.. وهل؟؟
ألست تؤمن بأن لك في الحياة رسالة؟؟
أليست لك طموحات وآمال؟؟
كيف ستربّي أبناءك؟؟
ألست مكلفاً بأوامر ونواهٍ؟؟
أليس لك عقل تزن به الأمور بميزان الشرع والعقل؟؟
ألا تفكر بمستقبلك الدنيوي والأخروي؟؟
لِمَ جعلت للشيطان عليك سبيلاً؟؟

إحزاناً وإيلاماً, وقد صدق عليكم إبليس ظنه؟؟
على مشاعر سلبية بحجة أن والديك أو أحدهما قصرا في أمر ما؟؟
على السرقة والجرم بحجة أن المجتمع أو الدولة قصرت في كذا وكذا؟؟
على الضلالة بحجة أنك تربيت بهذا الشكل؟؟
إن أخطاء الغير لا تطبق علينا بالضرورة..
فلكل فرد ذاته وهويته، وهو يشكلها على النحو الذي يريد، ما دام الأصل استشعار المنهج السوي في ذاته...
هذه المشكلات التي يمر بها الفرد منا ليست مسوغاً أبداً لتكرار المشكلة بطريقة أخرى وتعقيد الأمور أكثر مما تستحق...
قد تختلف المشكلة من فرد إلى آخر..
لكني لا أجد مبرراً يجعل الشباب أو الفتيات يقعون في الأخطاء والمشكلات النفسية، وعدم التفكير بطريقة مجدية في حلها والتخلص منها وتجاوزها...
أنت أيها الشاب من يقرر, وليس الآخرون من يفرضون عليك الوصايا والمسار المنحرف الذي اخترته..!
فلم يجبرك أحد على السرقة، ولم يجبرك أحد على الانتحار! ولم يجبرك أحد على الهرب من المنزل!
مهما كانت الظروف والمشكلات...!
فأنتم أيها الشباب من يقرر، لا المجتمع ولا الأهل!
لو جعل كل منا شعاراً لنفسه هو "رضا المولى"، سواء فسد الناس أو صلحوا؛ لما كانت هذه الهموم والمشكلات التي تقود إلى الجرائم واليأس والإحباط..!

عساك ترضى وكل الناس غاضبة *** إذا رضيت فهذا منتهى أمــــــلي

أما لنا في محمد صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة؟!
فلم يكن والداه على قيد الحياة ليسانداه، بأبي هو صلى الله عليه وسلم وأمي، ولم يكن الناس مؤمنين برسالته فيصدقوه! ولا كانت قلة المال عائقاً في طريقه! ولا كانت مظاهر الانحراف سبباً في انحرافه! صلوات ربي وسلامه عليه..
تعجبني تلك النماذج العليا التي لا تركن إلى ظروف المجتمع، أو إهمال الأهل، أو مذلة يتم.. أو.. أو...
وما أكثر هذه النماذج في المجتمع، بحمد الله..
يقول الأخ فهد: توفي والدي عندما كان عمري 10 سنوات، ولي أخ واحد فقط و6 أخوات..
وهذا لم يؤثر فيّ بحمد الله.. بل كافحت وكافحت، وعملت ودرست ومازلت أدرس الدكتوراه..
كي أرفع رأس والدي الذي لو كان حياً لتمنى رؤيتي رافعاً رأسه, وكي أكفي والدتي فلا تحتاج إلى قريب أو بعيد.. وأحمل معها الهمّ، جزاء ما قدمت من أجلنا...
وها أنا اليوم أملك محلاً تجارياً لدهن العود, وأدرس الدكتوراه خارج المملكة..!

_ وتقول الأخت أمل: قدّر الله لي أن أعيش اليتم عند أسرة أبعد ما تكون عن مظاهر الالتزام والعناية به, وكان مجال الشر مفتوحاً لي..
ولكن مع كل هذا وذاك صبرت حتى منّ الله عليّ بالتوفيق، وخرجت مرفوعة الرأس محافظة على ديني.
وغيرهم كثير من النماذج المثالية في المجتمع التي لم تركن إلى صعوبة الحياة وإهمال الآخرين..
لإدراكهم أن الرقابة والمسؤولية تنبع من داخل الذات...
وأكرر: لا يُفهم من كلامي هذا أني لا أحمّل الوالدين أو المجتمع أو الدولة شيئاً من التقصير، بل هم - كما أسلفت - قد يتحملون جزءاً كبيراً من المسؤولية, كيف لا والشاعر يقول:
وينشأ ناشئ الفتيان منا... على ما كان عوّده أبوه
لكن المسألة مسألة اهتمام بالمصلحة الشخصية {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ...}(الإسراء:13).
أسأل الله التوفيق والصواب للجميع, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط