اطبع هذه الصفحة


إني تذكرت والذكرى مؤرقة...

مرفت عبدالجبار

 
تاريخنا المجيد يحمل صوراً متتالية من العزة والإباء, منذ شروق شمس الإسلام..
ورسم لنا طريقاً أوحد لا نحيد عنه ولا نميل؛ لأننا إن فعلنا سنفقد عزتنا وكرامتنا، وسيصيبنا الذل والهوان من حيث علمنا أو لم نعلم...
تاريخنا زاخر بالأمجاد وتاج النصر الذي لم يفارق رأس أمتنا منذ ولادتها؛ لأنها كانت لا ترضى المجد إلا من مصادره..
فسادت، وخشي منها البعيد قبل القريب، وحُسب لها ألف حساب...
وصدق الباري جل شأنه حين قال: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}(محمد:7).
لكننا - بحكم وهننا وضعفنا عن نصرة الله تعالى في أنفسنا- عجزنا، وسنظل كذلك إلا أن يبرم الله تعالى لنا أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة..
أقول: عجزنا عن نصر أمتنا تباعاً, فكان ما ترون اليوم من مشاهد مكررة في كل شبر من أراضي أمتنا إلا قليلا:

تجري دماء الأبرياء على الثرى ** نهراً، وعالمنا المخدر يشهد
إني لأبصر وجه طفل تائهٍ ** وسؤاله الحيران: أين المرشد؟
يبكي ولا أم تكفكف دمعه ** يشكو وليس له أب يتودد
سرق النظام العالمي ثيابه ** وسهام أوروبا إليه تسدد
ماذا جنى هذا الصغير، أما هنا ** رجل إلى قول الحقيقة يرشد؟!
إني لأسمع صوت مسلمة لها ** قلب، وليس لها على الباغي يد
ظلت تصيح وتستجير فلا ترى **من قومها من يستجيب وينجد
نادت ونادت، فاستجاب لها الصدى ** إن الذي يحمي الحمى لا يوجد
لا تصرخي، فصلاح دينك غائب ** وحصان معتصم الإباء مقيد

حتى ذاك القليل لم ينأ بنفسه عن السير خلف أعداء الملة والدين, حذو القذة بالقذة, كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، صلوات ربي وسلامه عليه: (لتتبعن سَنَن من كان قبلكم، شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم).
ولا مخرج، ثم لا مخرج، من هذا الشرك والذل العظيم إلا بالإسلام, ونصرة الله تعالى بالنفس والمال، قال عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).
حديثي العابر هنا ليس عن الذل الحاصل والقائم فينا, بل عن ملامح العز في ظل الذل المتتابع علينا, وعن مظاهر الفخر في زمن عز فيه النصر والرفعة لكلمتنا ورايتنا نحن المسلمين الموحدين..
لكن مع هذا وذاك, يظل في كل شبر من أمتنا خير كثير, مادام إسلامنا باقياً, وشعائره قائمة..
ومادام في الأمة شرفاء حملوا على عاتقهم نصرة دينهم بشتى السبل والوسائل...
هؤلاء الأبطال أنموذج يفخر به التاريخ, رحمهم الله تعالى جميعاً, لم يستسلموا لمر الواقع وسطوة الجلاد, ويجلسوا في بيوتهم على الأرائك يرقبون عزاً ونصراً على طبق من ذهب!
بل رسموا الطريق, وأعدوا العدة، وباشروا العمل, فكان ما كان من خزي لأعداء الله على أيديهم.
{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (التوبة:14).
ومثلهم الشرفاء في أرض الرافدين, والصومال, وفي كل مكان...
لم يركنوا راية النصر جانباً يراقبون مجد أمتهم وإسلامهم وكرامتهم يضيع هدراً..
بل قاتلوا وحاربوا ودافعوا, وهذا أقل ما يقدم في سبيل الله, ومن أجل الحفاظ على كرامتهم وكرامة أمتهم...
ومعلوم أن نصر الدين لا يختزل في قضية دون أخرى, بل كل ركن يُدعى فيه إلى الله وينتصر فيه المرء على النفس بإقامة الخير في نفسه وأهله ومجتمعه يصب في جملة النصر لهذه الأمة المباركة, غير أن ذروة سنام الإسلام لا يوازيه عمل, وفي كلٍّ خير.
هذه جملة من وسائل نصر الأمة جمعها الأخوة في موقع "الموحدون" أنقلها مع الاختصار:
1- إخلاص النية ووضوح الهدف.
ودليله قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}(الأنفال:39).
2- الصبر على العبادات.
3- المثابرة على مواجهة الأعداء.
4- المرابطة بالمداومة على العبادة والثبات.
5- تقوى الله في جميع الأُمور والأحوال.
ودليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(آل عمران:200).
6- الثبات عند اللقاء.
7- الإكثار من الذكر والدعاء.
8- طاعة الله ورسوله في الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
9- الابتعاد عن النزاع والاختلاف.
ودليله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(الأنفال:45-46).
10- الإعداد حسب الاستطاعة.
11- الإنفاق في سبيل الله.
ودليله قوله تعال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}(الأنفال:60).
12- محبة الله ورسوله.
13- خفض الجناح للمؤمنين والتواضع لهم.
14- إبداء العزة وتحقير أعداء الله (فعلى المؤمن أن يكون ضحوكاً مع أولياء الله، قَتّالاً لأعدائه).
15- عدم الخوف أو التردد للامتثال لأوامر الله (وتطبيق شرع الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
ودليله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(المائدة:54).
16- عدم الارتياب في دين الله، وكمال الثقة بنصره.
17- الجهاد بالمال والنفس.
ودليله قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(الحجرات:15).
18- الغلظة على الكفار والمنافقين ومجاهدتهم (بالنفس، والمال، واللسان، والدعاء...).
ودليله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}(التحريم:9).

وهنا روابط ذات صلة:
أسباب الهزيمة وعوامل النصر:
http://saaid.net/mktarat/flasteen/31.htm
كلمة جميلة للشهيد بإذن الله سيد قطب:
http://saaid.net/mktarat/flasteen/32.htm
من معاني النصر للشيخ ناصر الأحمد:
http://saaid.net/arabic/ar17.htm
كلمة فخر بالفارسة المسلمة للكاتب لويس عطية الله:
http://mervatabdljbar.jeeran.com/archive/2007/4/195854.html

والله أسأل أن ينصرنا على أنفسنا وعلى أعدائنا، ويعز الإسلام والمسلمين، ويذل الشرك والمشركين.


 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط