اطبع هذه الصفحة


النفس التواقة بين الإتمام والإخلال

مرفت عبدالجبار

 
الدرجات العلى في الدنيا والآخرة مطلب كل نفس تواقة للخير لا تؤمن بحدود الواقع مادامت قادرة على التمام..
وقد قال الله تعالى ترغيباً في المسارعة إلى الخير: {... وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}(المطففين:26).
وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ...}(المجادلة:11).
لكن من المؤسف حقاً أن يجعل بعض الناس من الارتفاع في المناصب - أياً كانت- سبيلاً للتعالي على خلق الله..
بل ويصل الحال ببعضهم إلى غمط الناس, والتفريط في منصبه الموكل أصلاً لخدمة الناس والقيام على شؤونهم!
ولا أدري علام كل هذا؟!!
لو علم أصحاب هذه المناصب والأمانات الملاقاة على عواتقهم، بسؤال الله تعالى لهم عن كل ما استرعاهم إياه، هل سيكون هذا صنيعهم؟؟
وهل تراهم لا يعلمون ذلك؟!

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

رحم الله تعالى عمر بن عبدالعزيز عند توليه الخلافة حين قال لزوجه:
يا فاطمة، قد نزل بي هذا الأمر وحُمّلت أثقل حمل, وسأُسأل عن القاصي والداني من أمة محمد
وقال: إن هذه الأموال التي تحت أيدينا, وتحت أيدي إخوتك وأقربائك, قد أخذت كلها من أموال المسلمين, وقد عزمت على نزعها منهم وردها إلى المسلمين. وأنا بادئ بنفسي, ولن أستبقي إلا قطعة أرض لي اشتريتها من كسبي, وسأعيش منها وحدها.

وقال: يا فاطمة, إن لي نفساً تواقة, ما نالت شيئاً إلا اشتهت ما هو خير منه, اشتهيت الإمارة, فلما نلتها اشتهيت الخلافة, فلما نلتها اشتهيت ما هو خير منها, وهو الجنة!

وكلنا يعرف كيف كان عمر قبل تولي الخلافة والنعيم الذي كان يتقلب فيه!
فما الذي حمله على الزهد فيه؟؟
أليس خشية ربه وخوفه من السؤال؟ فأراد أن يعد له جواباً إذا وقف بين يدي الباري جل شأنه.
فيا أهل المناصب، لا نقول ازهدوا واخشوشنوا, ولكن اتقوا الله في حقوق العباد الملقاة على عواتقكم وكفى!
أما تكبركم وسوء أخلاقكم فلا شأن لنا بها مادمتم ارتضيتموها لأنفسكم!

خفف الوطء ما رأيناك شيئاً *** كلما زدت كبرةً زدت آفه
هل توهمت أن جدتك الكبرى*** تولت على الأنام الخلافه
أم لأن العلوم صيغت جميعاً*** في دماغ ما فيه إلا الخرافه
والمرء حيث يضع نفسه يرى!!
وكفى بالمتكبر مقت الله تعالى له والناس..
قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر), فقال رجل: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً, ونعله حسناً، قال: (إن الله جميل يحب الجمال, الكبر بطر الحق وغمط الناس).
فارتضوا لأنفسكم ما شئتم خلقاً، لكن لا تظلمونا!، وإن أبيتم فالله يحكم بيننا وبينكم.
وقدوتنا في الخلق الحسن رسولنا، صلوات ربي وسلامه عليه, لا سوء فعالكم..

ذاك الرسول كفاه فخراً أنه *** قد خصه الرحمن بالتفضيلِ
فكساه بالخلق العظيم كما أتى *** في سورة تتلى من التنزيل

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط