اطبع هذه الصفحة


حوار مع الداعية والكاتب الإسلامي د.مهدي قاضي... "ملحق الرسالة "

مرفت عبدالجبار

 
د.مهدي قاضي : "المرأة لم تُشعَر بأهمية دورها الدعوي بالقدر اللازم"
"لازلنا مقصرين في حق شباب الأمة، فالأمواج تتقاذفهم من كل جانب".

حوار -مرفت عبدالجبار

هو داعية إسلامي، كان ولازال الهم الدعوي جزءا لا يتجزأ من حياته، وبخاصة ذلك الجهد الكتابي الدعوي الملموس عبر موقعه المعروف «عودة ودعوة» و«الساحة العربية» و«صيد الفوائد»، وغيرها من المواقع والمنتديات، وله مؤلفات مطبوعة، وإسهامات في وسائل الإعلام المختلفة، والتي تنصب في همه الذي يحمله، ألا وهو «هم الأمة الإسلامية»، إنه الدكتور مهدي علي قاضي «استشاري طب الأسرة والمجتمع، والداعية الإسلامي المعروف»، كان لـ«الرسالة» هذا الحوار المكتوب انطلاقا من جهود الدكتور الخيّرة الملحوظة في الدعوة إلى الله تعالى في عدة ميادين:

" فكرة الإنشاء"


كيف جاءت فكرة إنشاء موقع «عودة ودعوة»، وهل الموقع جاء نتيجة تداعيات وأحداث معينة؟ ثم ما الرسالة التي توجهونها من خلاله؟
أولا جزاكم الله خير الجزاء على هذا الحوار، ونشكركم على حسن ظنكم. وهذا السؤال لعله يسبقه سؤال: كيف جاءت فكرة كلمة أو شعار «عودة ودعوة»؟ ففكرة هذه الكلمة أول ما لاحظتها تدور في نفسي بوضوح أثناء مأساة البوسنة والهرسك وما حصل فيها وبعدها من مآسٍ ومجازر للمسلمين، وكان يؤلمني أن التركيز من الأمة تجاه تلك المآسي كان فقط على الدعم المادي والدعاء، ونقَصَ التركيز بالشكل الكافي على الجانب الهام الأساس الذي به يحصل الحل الحقيقي لكل مآسينا ويحصل عن طريقه الوصول للوضع المتمكن الحازم الذي يجعل الأمة قادرة على إيقاف هذه المذابح من أساسها، بل منع حدوثها وتأديب من يؤذي الأمة ويفتك بأبنائها، ألا وهو العودة إلى التمسك الحق الكامل بأوامر الدين ونصر الله كي ينصرنا سبحانه، ويكتب للأمة العز والتمكين، ودعوة الآخرين إلى هذا الطريق أي «عودة ودعوة».ومن ثم بعد أحداث 11 سبتمبر التي بيّنت الأخطار المتزايدة على الأمة والحاجة الماسة للعودة وإصلاح المسار بدأتُ بنشر كتابات وكتيبات عن هذا الموضوع في مواقع في الشبكة الإلكترونية وعن طريق الطباعة والنشر، وبعد ذلك بسنتين في عام 1424هـ انطلقت فكرة إنشاء موقع على الشبكة الإلكترونية ليحمل هذا الشعار وليساهم بإذن الله في تذكير وتحفيز الأمة لهذا الجانب الذي يستفيد من الألم الذي نعيشه ليكون دافعا للأمل «العودة والتغيير». والموقع رسالته تركز بالذات على دور الفرد المسلم في إحياء الأمة وإنقاذها.

" صورة مؤلمة "

كنظرة خاطفة لأوضاع الأمة الحالية... كيف ينظر الدكتور مهدي لحاضرها ومستقبلها؟ وما المرتكزات التي برأيك ستسهم في نهضتها؟?
حاضر الأمة به صور مؤلمة غاية الإيلام، وبه صور مشرقة مفرحة مبشرة، فأما المؤلم فهو ما لم يعد يخفى من ذل وهوان وضعف وإبادة وتسلّط لأعداء الدين على الأمة وإهانة لقيمها، والمؤلم أكثر من هذا عدم تحقق الأوبة والعودة الكاملة القوية السريعة التي الأمة بأمس الحاجة لها الآن، أولا لإرضاء ربنا العظيم، وثانيا لأنها الحل الأساس لكي تخرج الأمة من هذا النفق المظلم الذي تعيشه، وهذا مما يزيد واجب هذه العودة وهذه الأوبة.وأما الصور المشرقة فهي أنه على الرغم من كل هذه الواقع فهناك صحوة مباركة في أرجاء الأمة لا تزال بفضل الله تنمو وتزداد، على الرغم من كل الحرب والمكائد من أعداء الدين التي تحاك ضدها، بل إن ما حدث ويحدث في السنين الأخيرة من ازدياد في حرب الأمة وفي إبعادها عن التمسك بدينها بشتى الوسائل سببه ما لاحظه الأعداء من تنامي اليقظة والصحوة في الأمة، على الرغم من كل ما عملوه سابقا لإجهاضها، فما كان منهم لما رأوا ذلك إلا أن كثفوا الحرب للأمة بوسائل مختلفة وصلت إلى حد الإبادة وتدمير الشعوب والبلاد، ولكن أخطر وسائل هذه الحرب الإلهاء والإفساد والتضييع للأمة، وبخاصة شبابها وإبعادها عن التمسك الكامل الحق بدينها والذي يمارس وينفذ بصفة خاصة عن طريق القنوات الفضائية؛ لأنها متى ما ألهيت الأمة وجعلت في وضع تكون مصرّة فيه على المعاصي لا تنتصر ولا يتحقق لها الفلاح، فالله سبحانه وعد به عند نصره والتزام أوامره {...إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ...}(محمد:7). ومستقبل الأمة مرهون بمدى إرضائها الله وتمسكها بشرعه، وتغييرها ما بنفسها، والمرتكز الأهم والأساس الذي سيسهم في نهضتها هو أن يعي كل فرد من أفراد الأمة مسؤوليته ودوره في تقريب الأمة من طريق النصر والفلاح والمساهمة الإيجابية في كل ما يعز الأمة ويعلي شأنها في كل جانب من جوانب الحياة.

" مقصرون في حق الجيل "


الشباب... الكل يدّعي أنه يقدم خدمات جليلة ونافعة لهم، ما نصيب الشباب من اهتمامكم؟ وكيف يمكن تفعيل تلك الطاقات الشبابية في بناء الأمة الواحدة؟?
لازلنا بشكل عام مقصرين في حق شباب الأمة الذين أصبحوا الآن حقا تتقاذفهم الأمواج من كل جانب، ومن ضمن كتاباتي المتواضعة فقد خاطبت الشباب برسالة أرجو أن تكون من القلب وأتمنى أن تصل لقلب كل واحد منهم، وهي الكلمة التي طبعت بشكل كتيب وعنوانها «أما آن أن نعود يا شباب الأمة؟!»، وهذه الكلمة موجهة للشباب، لكن أملي أن تصل رسالتها لكل مسلم.وتفعيل طاقات الشباب مرتبط بإنشاء وزيادة عدد وإمكانيات المحاضن التربوية والإيمانية التي تحتضنهم لتخرجهم قمما فاعلين في بناء الأمة، مع أهمية أن تبعَد عنهم وسائل التضييع التي تهدم أثر هذه المحاضن وتضيعه وتضعفه...
متى يبلغ البنيانُ يومًا تمامَه*** إذا كنتَ تبنيهِ وغيرُك يهدمُ?

" الإعلام العربي "


في رسائلكم للإعلام العربي دائما ما تتطرقون لقضايا تتعلق بدوره السلبي في الأمة، ما موقف الإعلام من قضايا الأمة الكبرى؟ وهل غيّب حقيقة أم أريد له ذلك؟ أم أن الآلة الإعلامية العربية مرتهنة لقنوات غربية عدة؟ وما الإيجابيات التي قدمها؟?
الإعلام العربي بشكله العام وخصوصاً بعد البث الفضائي مليء بما لا يرضاه الدين ويضيّع الأمة وبخاصة شبابها وفي مرحلة مؤلمة خطيرة نعيشها، ولاشك في أن في بعض قنواته برامج مفيدة طيبة تتكلم عن قضايا الأمة، ولكن يُذهِب أثر هذه البرامج البرامج الأخرى التي تبعد الأمة عن إرضاء الله وطريق النصر، سواء بما يعرض فيها من سفور وتبرّج، أو بما فيها من أفكار وغزو فكري أو إلهاء ومجون. وبالطبع لا يُنسَى الأثر الإيجابي لعدد من القنوات الهادفة المتمسكة بأوامر الشرع، والمحاولة بما تستطيع تحفيز الأمة لقضاياها الكبرى والأخذ بيدها لطريق النصر والفلاح.

" واجب الدعوة "


تخصصتم في طب الأسرة، مما أعطى انطباعا عاما بأن رسالة المسلم لا تنفك عنه في أي مكان كان... برأيك هل المجتمع المسلم اليوم يطبق هذه القاعدة؟ وهل النتيجة الحتمية لذلك التطبيق هي ريادة الأمة؟?
هناك الكثير ممن طبقوا واجب الدعوة وأدوه، وإن كان تخصصهم في غير العلوم الشرعية، وهذا واجب علينا وبخاصة وسط واقعنا الحالي، ولكن الأكثرية من الأمة لم يبادروا للدعوة، وهذه الظاهرة جزء من ظاهرة البعد الذي تعيشه الأمة في المعرفة والتطبيق للعديد من أوامر الدين، وكل الأمة فيها الخير الكبير لولا عوامل الغفلة التي تتعرض لها. ولا شك في أن النتيجة الحتمية بإذن الله لتوجه الأمة بكل فئاتها وكل أبنائها للواجب الهام الكبير الدعوة إلى الله هو التغيير الذي تحدث به الريادة والتمكين والنصر والفلاح لنا في أمر دنيانا وآخرتنا.

" الأفكار العلمية "


كيف ننمي في نفوس الناشئة الاهتمام بأمر المسلمين؟?
ينمى هذا الجانب بالتذكير المتواصل، وببرامج أو أفكار عملية ترسخ هذه القضية، مثل التصدق لإخواننا المضطهدين باستمرار وفي بعض المناسبات والمواسم، وبمثل عمل اللوحات أو النشاطات التي تذكر بمآسي المسلمين، وبتذكيرهم بأهمية بذلهم الجهود في أي جانب يعين الأمة بما فيها مثابرتهم في دراستهم، وأيضا بالجانب الذي نركز عليه في «عودة ودعوة» أثر معاصينا وذنوبنا في تأخير نصر الأمة، ومع الدعاء لأبنائنا بأن يعيننا الله على تربيتهم لتحقيق هذا الشعور. أيضا لا تُنسَى أهمية القدوة بأن يكون الآباء والكبار قدوة لأبنائهم في هذا الجانب؛ ولذا فمأساةٌ عندما يغفل الآباء والكبار عن هذه المسؤولية الكبيرة.

" دور المرأة "


الضعف الحاصل في دور المرأة... هل هو بسبب النظرة القاصرة لدورها مقابل دور الرجل؟ أم أن عدم اتجاه المرأة لأدوار اجتماعية واقتصادية وسياسية -خاصة من المرأة الداعية- سبب هذا الضعف؟ وما المطلوب من الخطاب النسائي المعاصر لكي ينجح في إيصال الرسالة الإسلامية الهادفة؟?

وجود ضعف في الدور الدعوي حاصل بشكل عام سواء من الرجال أو النساء، ولكن ربما لا تزال المرأة لم تُشعَر بأهمية دورها الدعوي بالقدر اللازم، وأيضا لم تُوفَّر لها حتى الآن بالشكل الكافي المراكز والجمعيات التي تنطلق منها لدعوة المجتمع بشكل أكبر نفعا وأعمُّ خيرا، ولكن يبقى الأساس هو حصول الهمة العالية والشعور بأهمية ووجوب البذل والعطاء الدعوي الذي يدفع، سواء المرأة أو الرجل، لأن يكون قمة في عطائه الدعوي وإن قصرت السبل والإمكانيات.والمطلوب هو بذل الجهود والجهود على كل المستويات وفي كل الأماكن «العمل، الحي، العائلة، الإعلام، والمجتمع بشكل عام»؛ لتصل الرسالة والدعوة إلى أكبر عدد ممكن، مع أهمية التركيز والتواصل في الجهد الدعوي مع المدعوين ليبقى الأثر وتحصل الثمار المرجوة بإذن الله.

نشر بملحق الرسالة الجمعة 26/12/1428هــ

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط