اطبع هذه الصفحة


هل أصبح تبني الأطفال موضة؟

مرفت عبدالجبار


كثير من العادات أو الصيحات الغربية، وآخر مستجدات الموضة، دائماً ما تكون حاضرة لكل متلقفيها من العرب، حسنة كانت أو قبيحة. والآن بدا ملحوظاً ما يفعله مشاهير الغرب، ممن تصادفنا أخبارهم على صفحات الإنترنت، من تبني الأطفال والتنافس عليه، لأي دافع كان!

ولعل الأمر لم يصبح موضة منتشرة لدينا تقليداً لأولئك المشاهير والشهيرات بالمعنى الحرفي بعد، ولا عجب إن حدث بهذه الصورة؛ فقد سبقه منذ وقت بعيد التقليد في تربية القطط والكلاب!! وكل ألوان التقليد بمعناه في صغائر الأمور وعظائمها..!

إلا أن الفَرْق هنا أن الموضة ستكون على حساب نفس إنسانية بريئة، بمباركة بعض الجمعيات التي قصَّرت في التقصي التام لمن سيؤول أمر هذا الطفل المسكين. وأقول "بعض" إنصافاً للبعض الآخر الذي كان ولا يزال رائداً وحريصاً في مراعاة الأمانة والمهام التي وُكِّلت إليه.

وأعني بالتبني هنا: الكفالة أو الحضانة بصورتها الإسلامية المتعارفة، وهو ما حثّ عليه الدِّين الحنيف، قبل أن يتهافت عليه مشاهير الغرب أو المنظمات الحقوقية، أو الأخرى التنصيرية، ورابعة تسوّلية، وخامسة وسادسة.. تتعدد الأسباب وللطفل حاضن! لكن أن يصبح هذا الأمر لدينا "موضة" هذا ما أخشى أن يكون، إن لم يكن قد كان بالفعل!

وبالطبع، جميع فئات المجتمع تشترك في هذا الحديث، لكني أخص النساء بالذكر؛ لأنهن محاضن التنشئة، صحيحة كانت أو فاسدة، وأقول لمن كان فعلها هذا يدخل في دائرة "التقليد"، سواء على طريقة تتبع أخبار المشاهير، أو لأن الجارة والقريبة فعلت، أو غيره مثل ملء فراغ، وحماس بلا دراسة للأبعاد، أقول لكل واحدة من هؤلاء:

اسألي نفسك على الأقل إن كنت ستوفرين لهم ما وفرته هؤلاء الشهيرات من عناية فائقة، وتربية لنفس إنسانية، وإنْ كانت على طريقتهم، ولكنهم يعتقدون فائدتها تعليماً واهتماماً، وهل تخلصتِ من إهمالك لأسرتك وأطفالك أولاً، أم ستربين طفلاً تخرجينه للمجتمع بإهمال حاجياته النفسية والعاطفية وأحياناً الاجتماعية كافة، وحينئذ يكون تعهدك بحسن التربية من أجل السمعة، أو المكافأة، أو التقليد؟.. فكل هذه الطرق في النهاية تؤدي إلى الإهمال.

أعلم أن هناك نماذج راقية حملت على نفسها عبء تبني هؤلاء الأطفال لأجل الأجر والمثوبة، وأخرجوهم خير رجال ونساء في المجتمع، ويكفيهم ما سيحظون به -إن شاء الله تعالى- من صحبة نبيه الكريم الذي أوصى بهذا الطفل خيراً فقال صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا"، وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما شيئاً. رواه البخاري.

وهذا الذي نريد ونشجع عليه بكل ما نملك، وهو أمر موجود في مجتمعاتنا المتراحمة بحمد الله منذ وقت طويل.

أما أن يصبح الأمر "موضة" فلا وألف لا، واسألوا من تجرّع مرارة الإهمال من هؤلاء الأطفال كيف كانت حياتهم، وكيف أصبحوا اليوم؛ بسبب من تجنَّى عليهم بأخذهم وإهمالهم، أو تلك الحالات التي تشهد نبذهم وإخراجهم من الجو الذي تربوا فيه وهم في أمسّ الحاجة إليه، وعودتهم للدور التي أخرجتهم بتبعات نفسية مدمَّرة.


نشر في 21-05-2011 صحيفة سبق الالكترونية


 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط