اطبع هذه الصفحة


"زنقة" مسؤول..!

مرفت عبدالجبار


الحديث هنا ليس عن كبيرهم "مهدم ليبيا"، الذي "انزنق" ولم يُرَ، وهذا هو مصير الظلم والظلمة الذي تبيّنه الأيام إنصافاً للأحرار والمظلومين في كل مكان.

إنني أتحدث عن الزنقة - وإن شئتم الأزمة النفسية - التي يعانيها بعض المسؤولين عندنا عامة، والتي تمارَس بحق الأيتام وزملائهم في دار الملاحظة ودور المعاقين خاصة، وسوء معاملة بعضهم ممن وُكِّلت إليهم الأمانة بحُسْن الرعاية والتوجيه والإصلاح لشريحة من المجتمع، الذين يفقدون حتى معاني الرحمة الطبيعية التي تحملها "الأنعام" بالفطرة!

فلننظر للعناوين الصحفية الآتية:
(ضرب وتكدّس وحشرات في دار الأيتام بمكة)
(فتيات "بيت الطفل" بمكة: نعاني تعنيفاً وسوء معاملة)
(الأيتام يصرخون: الشؤون الاجتماعية في وادٍ ونحن في آخر)
(هروب اليتيمات يطرق أبواب هيئة مكافحة الفساد)
(الجرب يتفشى في دار ملاحظة جازان.. والمصابون 18)
(نزيل دار الملاحظة يؤكّد تعرضه للضرب مجدداً)
(سوء المعاملة والتكدّس والمباني تفاقم الشغب في دور الرعاية)
(مسؤولة في دار أيتام تعترف بسوء معاملة الأطفال.. وعضو شورى: أمر مؤسف!).

وغيرها كثير وكثير من الشكاوى الملحوظة منذ سنوات وسنوات! التي يُضرب فيها المثل:

لقد أسمعتَ لو ناديت حياً *** ولكن لا حياة لمن تنادي

وما الذي تفيد به بعض اعترافات المسؤولين وما تحتويه الأخبار إذا كانت مجرد اعترافات دون أن يُتَّخذ حيالها أي إجراءات فعلية وفي غاية السرعة؛ لحسم هذه الأمور المفجعة والمقيتة وغير الإنسانية، التي لا يتسع المقام لطرح تفاصيلها وأبعادها الأخرى على لسان الأيتام أنفسهم؟!!

إن التقصير والإهمال في هذه الدور والمؤسسات والجمعيات سيؤديان إلى الفوضى وانعدام الإحساس بالمسؤولية! والمشكلات والمشادّات بين المسؤولين أنفسهم، التي تصل إلى حد القذف والمحاكم، خير دليل على بيئة التوتر والفوضى التي تعيشها الدور الإيوائية.

إذا كـــان ربُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً *** فشيمـةُ أهلِ البيتِ كلهم الرقصُ

والشباب والفتيات الذين يخرجون بقائمة الشكاوى للقنوات الفضائية على أمل أن هناك من يسمع لشكواهم لم يخرجوا من فراغ، ولم يصرخوا من عبث، ولا شيء يحملهم على هذا الظهور غير الألم، الذي يقابَل بالنفي - كالعادة - أو التبرير أو التكذيب مخافة السمعة، أو اعتبارها حالة فردية لا تستوجب كثير اهتمام ومتابعة!

ومن المظاهر المنكرة تلك الأساليب الاستعلائية في استقبال هؤلاء الأيتام عند استفسار يتعلق بشؤونهم، وكأن المسؤول أو المسؤولة وُضعا في هذه الأماكن ليريا ذاتيهما فوق الجميع لا في خدمتهم، بإجابات مقتضبة، وأخلاق مفتقرة للتعامل الحسن!

إضافة إلى صرف النظر عن ظروف المطلقات والأرامل اللاتي يواجَهن بالتخلي في كثير من الأحيان، كأنهن لم يعدن جزءاً من كيان اهتمام المسؤولين وحساباتهم، وقد وفرت لهن الدولة كل السبل الممكنة للعيش الكريم! إن كان حديثي لا يُريح بعض المسؤولين في تلك الأماكن فأنا لست آسفة على صراحتي هنا؛ فلو كان لهؤلاء ركن شديد من الأهالي والآباء والضمائر الحية لدافعوا عنهم، ولم يتركوهم لتلك المعاملة المتدنية التي لا تليق ببلد كريم تربى أفراده على الأصول وتقوى الله مع إخوانهم، فضلاً عن الاهتمام بحقوقهم الواجبة دون أن يتسولوها من المسؤولين!

وإن كانت بعض المصائب والفواجع كذلك لا تترك متسعاً للإشادة إلا أنه يكفي إنصافاً للمخلصين استثناؤهم بكلمة "بعض"؛ فهم حقاً أهل لتحمّل المسؤولية، وقربهم ممن يرعونهم والوقوف على مشكلاتهم يشهدان لهم، وجهدهم مشكور، ومزيدهم مطلوب.

فعلى وزارة الشؤون الاجتماعية تفقّد أوضاع مَنْ ترعاهم كافة بأساليب حديثة وبحقيقة مجردة، وبواسطة أناس ثقات يظهرون الحقائق كاملة لا بعضاً دون بعض، أو يلمّعون، أو "ينهبون"؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "‏ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته" متفق عليه.

نشر في 16/10/2011 صحيفة سبق الالكترونية.

 

مرفت عبدالجبار
  • فكر وقضايا معاصرة
  • جهاد وهموم أمة
  • دعويات
  • أسرة ومجتمع
  • موقف وقصة
  • عامة
  • لقاءات
  • مع الحسبة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط