اطبع هذه الصفحة


"لا".. خير من ألف نعم!!

نبيلة الوليدي


بسم الله الرحمن الرحيم


الكذب رذيلة وسلوك مشين وعلامة على خسة الطبع ودناءة الخلق والجبن وهو أحد صور الخداع والاستخفاف بالناس ,عندما يقف الكذاب أمامك يردد الوعود التي يعرف أنه لن ينفذها إنما يمارس عليك الخديعة وعندما تعطيه ظهرك يضحك في سره من غباءك لأنك صدقته..وعندما يبدأ الكذاب بسرد تبريرات لك من صنع مخيلته إذا أمسكت به وسألته عن وعوده التي لم ينجز منها شيئا تراه ينغمس في مستنقع الذل ويتوشح الجبن لأنه لم يقدر أن يقولها صراحة :لا أقدر ..لا أريد..
وعود ووعود لاتنتهي أسماها الناس"حبل الكذب القصير والذي يلتف حول إيمان المرء فيزهقه" قال "صلى الله عليه وسلم":يطبع المؤمن على كل الخلال إلا الكذب والخيانة" والكذاب خائن لأنه يغتال من الأمة فضيلة الصدق .

لا أدري لماذا يكذب المسلم؟!
ومن المسؤول عن تفشّي هذه الخصلة الدنيئة في المجتمع المسلم وكيف استشرت حتى غدت معروفا وهي أنكر المنكرات؟!
عبارات برّاقة وأضواء خادعة تدعوك للتعامل مع جهة ما,فتقبل عليها بكل براءة وإيمان عميق بصفاء السرائر وصدق الأهداف فلا تلبث إلا قليلا حتى تكتشف أنك ركضت وراء سراب كاذب فتعود القهقرى تجرجر أذيال الخيبة وتبقى زمنا تلعق جراح قلبك المكلوم..
وبجهد ورياضة تتمكن من استعادة طاقاتك وتسترد ثقتك بنفسك وتستعيد احترامك لعقلك وحسن تقديرك للأمور,ثم تبرق لك من بعيد أنوارا أشد توهجا وسط جلبة أقوى تدعوك لهدف أكثر نبلا فتتحرك بتؤدة وحذر ومازلت تتلمس أثر الندب المحفورة في قلبك من النكبة الأولى ,تتقدم بتوجس ..تتقدم خطوة وتتأخر خطوات ثم تندفع :هؤلاء مختلفون,لن يختفي الصدق من أمة الصادق الأمين.لكن للأسف بعد قليل تنكشف لك أمور فتصاب بصدمة أشد من الأولى فتنسحب لتنزوي دهرا..لكن قلبك لايزال ينبض بالصدق ,تريد فعل شيء ما..تريد العمل الجماعي..
تريد التواصل الإنساني ..تبحث عن إنسان صادق لتضع يدك في يده وتمضيا لاقتحام المستحيل..تشتاق أن تشتم عطر الصدق في عباراته ..تتطلع لتستضيء بنور الصدق المشع من جبينه ,تريده أن يسبقك إلى مكان الوعد ويبادرك لبناء المجد ويشاطرك حياة الصدق.
لماذا يظن الكثير من الناس أن على أحدهم أن يعد ويعد ثم لا يفعل شيئا مما يعد به,ويعلم أنه لن يفعل ويظل يقطع الوعود الكاذبة ويرى أنه من العار ألاّ يعدك بشيء عندما تأتيه لحاجة ثم لايرى غضاضة في أن ينسى ما وعدك به بمجرد ذهابك من أمامه..إنه يخجل أن يردّك صفر اليدين من وعد ولا يخجل عندما يكتب عند الله كذابا..
لقد ساهم المجتمع في صناعة الكذب واستنساخ الكذابين عندما اعتبر كلّ من لايجيد الوعود شخصا سلبيا, ورضي جميعهم من المرء أن يقطع الوعد وقد ينصرفون من أمامه وهم موقنون أنه لن يفعل مما وعد به شيئا ولكنهم مكتفون منه بذلك الوعد الكاذب الذي أسموه لباقة وكياسة وأدبا وماهو إلا كذبة خطت في ديوان أعماله وأهّلته لنيل إحدى خصال النفاق..وقد قال "صلى الله علي وسلم":يأتي على الناس زمان يقال فيه للرجل ما أكيسه,ماأظرفه وهو لا يساوي عند الله شيئا"
لنتوقف عن ذلك كله ولنكفّ عن صناعة المزيد من الكاذبين لئلا يختفي الصدق من أمة الصادق الأمين.

جمادأول1428هجرية



 

نبيلة الوليدي
  • مقالات دعوية
  • بحوث علمية
  • هندسة الحياة
  • سلسلة في العلاقة الزوجية
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط