اطبع هذه الصفحة


تخلّص من فكرة المخلّص..!!

نبيلة الوليدي


بسم الله الرحمن الرحيم


يقال آفة العلم النسيان وأقول آفة العقل العاطفة خاصة عندما يتوجب على المرء إعمال عقله في القضايا المصيرية..
أن نحب ونكره أمر فطري, فطر الله جل وعلا عليه بني آدم لكن أن نجهل دوافعنا عندما نحب أو نكره فهنا يحدث الاختلال ويفقد المرء توازنه ..وأن نتخذ مواقفنا بناء على الانفعال العاطفي بالقضية فهذا هو الغباء بعينه..
خرج الآلاف في الجمع والجماعات ومن على المنابر يهتفون ويتباكون.. معبرين عن محبتهم للزعيم الرمز..
ثم خلصوا أخيرا إلى النتيجة الأشد إدهاشا "إن الله يحب هذا الزعيم!!"
وهم يتساءلون بانزعاج وغيظ :"لماذا لا نحبه؟! "
وإذا قذفت بالكرة إلى ملعبهم وسألت : وأنت لماذا تحبه؟ فلن تجد لدى أحدهم إجابة شافية !!
و و الله لقد ضاق عقلي ذرعا بكل هذا..فما شأن أن نحب هذا الشخص أو نكرهه فيما نحن بصدده؟!
بل إن إحداهن سألتني باستفزاز مشككة في وطنيتي قائلة:"أنتي متأكدة أنك تحبين اليمن وتأسين لحالها؟!!" لأنها ظنت من خلال كلامي وحماسي للتغيير أني لا أحب هذا الزعيم !!
رددت وبكل برودة: "بالتأكيد أحبه وأهتم لأمره" فهزت كتفيها ومطت شفتيها باستغراب وأشاحت بوجهها عني!!
أي غباء مركب في هذه العقول التي عطلت الجزء الأيسر منها بالكلية وتعاملت مع القضية بانفعالية عاطفية ونظرة سطحية وهشاشة فكرية جعلت الحليم حيران !!
الشعور القلبي هاهنا لا يحكمه مبدأ الولاء و البراء فليس ثم كفر وإيمان بل الأمر أهون من ذلك..بل لابد من التجرد لأجل إعلاء مصلحة الوطن وإلزام قلوبنا تقوى الله لتكون الحاكمة لعاطفتنا ومواقفنا فنلتزم العدل فيما نقول ونفعل..
قال عمر بن الخطاب "وكان وقتها أميرا للمؤمنين" لأحد الصحابة : أنا لا أحبك ! فرد عليه الصحابي قائلا: "وهل يدفعك ذلك لمنعي حقا لي أو ظلمي ؟ "قال له عمر:"رضي الله عنه" لا.
رد عليه الصحابي :إذا لا ضير إنما يبكي على الحب النساء!!
فالقضية مع الزعيم ليست أن نحبه أو يحبنا بل أن يقوم على إدارة البلاد بالحكمة والعدل والدراية وإذا شعر من نفسه عجزا أو ضعفا لا يكابر أو يعاند بل يتركها ويسلم الراية لمن هو أهل لها ولكل زمان فرسانه.."وتلك الأيام نداولها بين الناس.." سنة إلهية لا يغفل عنها إلا جاهل..
إذا خلصنا من هذه الثورة بثمرة واحدة,ألا وهي تخليص العقول من الارتهان العاطفي تجاه الزعيم وفك الارتباط بينه وبين اليمن ليدرك الجميع أن الوطن فوق الزعيم وأن الزعيم ليس سوى خادما للوطن وللشعب ونزعنا عنه هالة القداسة التي أحاط بها نفسه حتى صدّق الناس أنه هو المخلّص والفارس الأخير..
سنكون قد حققنا نصرا عظيما في ساحة الفكر وطردنا من الأدمغة العاطفية كل ترهات ليس لها أي علاقة بالمنطق وأسّسنا لأسلوب صحيح في التفكير واتخاذ المواقف حيال الزعيم..

أخيرا:
نحن بحاجة لتحليل نفسي للمشهد العاطفي في هذه القضية لنجد لغة نخاطب بها هذه الفئات لأنهم جميعهم على وجه التقريب يرددون ذات العبارات ويدندنون بذات النغمة مع اختلاف مشاربهم ومستوى ثقافتهم ونوع بيئاتهم!!
لقد وحدّهم أمر غامض مبهم يستحق منا بعض الجهد لفك شفرات عقولهم...فهم باقون حتى وإن رحل الزعيم..

29_6_2011م


 

نبيلة الوليدي
  • مقالات دعوية
  • بحوث علمية
  • هندسة الحياة
  • سلسلة في العلاقة الزوجية
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط