اطبع هذه الصفحة


يأجوج ومأجوج العرب ..!!

نبيلة الوليدي


بسم الله الرحمن الرحيم


تقاس رفعة الأمم بمعيار أزلي , لم يتبدل ,و لم يتغير
رغم تعاقب الأزمان وتغيرها ..
ليست القوة هي هذا المعيار وليست الكثرة ..
أمة يأجوج ومأجوج كانت تمتلك القوة والكثرة , غير أن إفسادها لعيش الناس عزلها عن الحياة , وتسبب بطمسها من الوجود البشري !!
وتبعتها بقرون أمم مشابهة كالتتار والمغول , لم يقدموا نفعا يذكر للإنسانية فوضعهم التاريخ في خاناته المظلمة !!
في الحديث , قال " صلى الله عليه وسلم " : أحب الناس إلى الله أنفعهم لخلقه .
أمة العرب قبل الإسلام كان حالها أشبه ما يكون بحال هذه الأمم الظلامية , العديمة النفع للإنسانية ..
وحتى بعد الإسلام لم تصبح أمة العرب أمة نهضة وذات قيمة للإنسانية إلا بعد ما كرست جهودها لبناء شخصية الفرد المسلم , الفاعل,المنجز, ودفعت بالأمة لانتهال العلم , واكتساب المعارف , وتجريب سائر العلوم التطبيقية , وتطويرها , واختراع كلما ينفع البشر والحياة والكون , ويحسّن العيش على هذه الأرض , وهذه هي حقيقة مهمة الاستخلاف ..
ثم جاء عصر انحطاط الأمة , عندما ضلت طريقها بعدما اختل فهمها لمعيار الرفعة..
في قوله جل وعلا :" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "
إشارة لمعيار الخيرية , ومفرداتها أمر بمعروف ونهي عن المنكر وإيمان بالله , جوانب أخلاقية , عقدية ..
أما معيار النفع فهو أعم وأوسع من ذلك وأشمل..
معيار الخيرية عنصر من عناصر نهضة الأمم , وهو ليس الركيزة الوحيدة للنهوض الحضاري , بل هو جزء من المنظومة ,وسبل تحصيله سهلة وميسرة ..
لا حظنا في العقود الأخيرة بأن مشروع الصحوة قد صب كل جهوده في تنمية معيار الخيرية , وأغفل معيار النفع فكانت النتيجة مخيبة للآمال ,حصاد هش متهالك !!
وجاء الربيع العربي ليكشف وبقوة عوار التجربة !
لكن هل فات أوان التصحيح ؟؟
ساحاتنا المكتظة بالشباب الممتلئ حماسة , شباب فتيّ قويّ مؤمن , متحفز لبذل الأرواح من أجل تمكين معيار الخيرية ..ماذا قدم للإنسانية بهذه الفوضى والاقتتال والتدافع المخزي؟!!
الأكوان من حوله تنظر إليه بقلوب ممتلئة غيظا وحنقا وهلعا ..تخشاهم فتكيد لهم وتمكر بهم أشد المكر ..
فماذا لو دفعنا بهذه الطاقة البشرية الهائلة لكفة معيار النفع الشبه فارغة ؟
عندما نرجع كما كنا في عصر النهضة الإسلامية أمة نافعة للبشرية , ومحسّنة لعيش الإنسان على هذه الأرض سنستعيد موقع الريادة , وسنعود كما كنا ندعو لهذا الدين بلسان حالنا , ونمكّن له بأيادينا البيضاء , وليس بالفوضى والاقتتال والأيادي الملطخة بالدماء !


 

نبيلة الوليدي
  • مقالات دعوية
  • بحوث علمية
  • هندسة الحياة
  • سلسلة في العلاقة الزوجية
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط