اطبع هذه الصفحة


صناعة جيل مبادر ..

نبيلة الوليدي


بسم الله الرحمن الرحيم


بناء جيل قيادي فعّال , كان وما يزال حلم يراود كل صاحب رسالة سامية وكل ذي همة عالية , يطمح لاسترداد مجد الأمة الضائع..
وبعيدا عن الجدلية القديمة (هل يولد القائد أم يصنع؟)
يسعى جميع طلاب المجد ورواد صناعة التغيير_كل على شاكلته _ لتحقيق هذا الحلم وصياغة طليعة من الرواد القياديين المؤثرين القادرين على استعادة زمام الأمور وقيادة البشرية على مدارج الهداية والنور , وبعث نهضة الأمة من جديد..
وسنة النصر الخالدة تقرر بأنا لا ننصر بالكم بل بالكيف , وهذا ما تعززه العلوم الإدارية الحديثة في مجال القيادة حيث تؤكد الدراسات أن 2% فقط هم من يقودون أممهم نحو ذرى المجد وينهضون بمجتمعاتهم ويصنعون الحضارات ويحدثون التأثير على مدى التاريخ ,والبقية أتباع , يمثلون الوجه الأخر لعملة القيادة , وبقدر ما تعطهم قياداتهم من احترام وتقدير وعناية بقدر ما يعظم دورهم وتأثيرهم في قيام مشروع النهضة الحضاري.
فالأصل أن لا يخلو زمان من الأفذاذ المتوقع منهم القيام بنهضة أممهم ولكن الإشكالية تكمن في غياب المحاضن التي تتبناهم وتصقل قدراتهم وتنمي مهاراتهم.
كان عمر ابن الخطاب "رضي الله عنه " , الرجل الملهم يقول:
أريد رجلا إذا كان أميرهم كان كأنه واحدا منهم وإذا لم يكن أميرهم كان كأنه أميرهم !!
معادلة غابت عن أذهاننا دهرا !!

والآن وبعد سنوات عديدة سعى فيها المربون والمصلحون بكل دأب , وبجهد ومشقة لاستعادة مجد الأمة وبث روح الفداء والإيجابية في أبنائها ,وبعد العديد من المحاولات القائمة على التجربة والخطأ أدرك الكثير منا أن ثمة أخطاء فادحة في منهجيتنا لصناعة الشخصية القيادية منها:
1_عدم الاهتمام بتنمية المهارات القيادية لدى الأبناء منذ الصغر.
2 - تغييب الروح القيادية في أوساط الأفراد , وطمس معالمها في شخصياتهم , وبرمجتهم على السمع والطاعة دون فهم أو مناقشة للأوامر !!
ربما يرجع ذلك لأنه عند ذكر القيادة يذهب الذهن إلى معنى الزعامة وطلب الرياسة حيث يبدو أنا لم نسمو بعد بذواتنا لنبلغ مرحلة متقدمة من الصدق والتجرد في حمل الرسالة ,ولم نستطع فهم القيادة والنظر إليها بمنظور جديد كالإيجابية والمبادرة..

وتولّد من هذا علل كثيرة منها:

*_تضاؤل الإيجابية لدى الأفراد وانطفاء روح المبادرة فيهم , ذلك لأنهم تم برمجتهم ليكونوا فقط أتباعا , وربما أتباع من الدرجة العاشرة , فانخفض سقف عطائهم وطموحاتهم , بسبب انخفاض سقف توقعات قياداتهم منهم !
*_ عدم مراجعة مناهج ونظريات القيادة القديمة ,والقيام بتجديد برامج التدريب والتأهيل القيادي , وضعف الإفادة من التقنيات الإدارية الحديثة في هذا المجال.
*_ عدم إتاحة الفرصة للشباب لاستلام مواقع قيادية عليا إما لأنهم فئة مهمشة أو مكبوتة أو لأنهم لم يعدوا الإعداد اللازم لتسنم هذه المواقع , أو لتشبث القيادات الهرمة بمواقعها !!
*_ انعدام أو ندرة المحاضن المؤهلة لصناعة الشخصية القيادية بإخلاص وتجرد , وفي أجواء إيمانية محفزة , وخالية من التعصب والتحزب .

أخيرا:

على القادة والمربون والمصلحون _ إن هم صدقوا بإرادتهم النهضة لهذه الأمة _الوقوف وقفة جادة لإصلاح هذا الخلل العميق في شخصية الفرد المسلم, والذي ينشئ أحدهم بين أحضان أم جاهلة أو مهضومة الحق غير مقدرة , من قبل أب مطحون بين سندان العيش ومطرقة القهر, في مجتمعات ترزح تحت وطأة الجهل والفقر والتخلف ,ثم تتلقفه مؤسسات تعليمية يسودها الفساد والتخلف , والجهل المركب , وتغيب عنها القيم السامية ومبادئ الحق والصدق والشجاعة إلا ما رحم ربي وقليل ما هم !

 

نبيلة الوليدي
  • مقالات دعوية
  • بحوث علمية
  • هندسة الحياة
  • سلسلة في العلاقة الزوجية
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط