اطبع هذه الصفحة


الحاج توفيق الحوري ... المعطاء بلا حساب

د. نهى قاطرجي

 
بسم الله الرحمن الرحيم



يتهيب المرء عند الحديث عن قامة كبيرة شهد لها القاصي والداني، ونعاها كثير من رجال الفكر والسياسة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي قدمت تقارير مفصلة عن أعماله التي بقيت في الخفاء لفترة طويلة من الزمن.
إنه الحاج "توفيق الحوري" ، رحمه الله ، الذي تفاجأ كثير من الناس بانجازاته حتى أن أحدهم قال لي: " لو كنت أعرف بأن له كل هذه الانجازات لكنت تقربت منه لأعرف أكثر عن هذه الانجازات " .
لقد كان لي شرف معرفة الحاج توفيق والعمل معه لمدة طويلة من الزمن، علماً أن هذه المعرفة وهذا الاحتكاك لم يبدأ منذ لحظة عملي في كلية الإمام الأوزاعي الذي كان مديراً لها، بل بدأ في فترة مبكرة عندما كنت اتابع دراستي لنيل شهادة الدكتوراه في هذه الكلية ، فكان يقدم لي النصح والتوجيه منذ تلك الفترة .

حديثي عن الحاج توفيق ليس عن انجازاته في مجال السياسة والدين، ولكن عن الحاج الإنسان المسلم الحامل لهمّ الأمة والمتواضع المحب لعمل الخير، حيث يمكن أن ألخص بعض النقاط من تجربتي معه رحمه الله في النقاط التالية :


1- رؤيته لقضايا الأمة التي لا يفصل فيها بين الخاص والعام، وهذا الأمر لمسته منذ الأيام الأولى التي توظفت بها في الكلية حيث أخذ بيدي وادخلني إلى المكتبة وقال لي من هنا نبدأـ فالمكتبة وتجهيزها أخذت منه الوقت الطويل وكان لا يفوت معرضاً لا يحضره من أجل تزويدها بكل جديد. من هذه المعارض تلك التي كانت تقام كل سنة في انطلياس، ومعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، حتى تلك المعارض التي كانت تقام خارج لبنان كان يذهب إليها، منها على سبيل المثال معرض دمشق الدولي ومعرض القاهرة حيث شاركنا فيه ذات مرة كوفد من الأساتذة والخريجين. وما أذكره عن تلك الفترة أن الحاج توفيق كان يمشي ، رحمه الله، مسافات طويلة رغم كبر سنه، من أجل الاطلاع على كل جديد داخل تلك المعارض .
إن حبه للكتب وأهميتها دفعته إلى اقتناء المخطوطات والكتب الأجنبية الثمينة إضافة إلى تزويده المكتبة بأرشيف كبير من المجلات والجرائد التي جعلت من مكتبة كلية الإمام الأوزاعي واحدة من أكبر المكتبات في بيروت وأهمها ، وكان يقصدها الطلاب من جميع أنحاء العالم ومن كل الطوائف حتى يتزودوا بالعلم المجاني .

2- تتبعه لكل جديد يحدث في الفكر العربي والعالمي. فكان لهذا الهدف يرسل الأساتذة للاشتراك في دورات تخصصية من أجل التزود بالعلم ومن أجل التصدي لكل المؤامرات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين. ولقد كان لي الشرف أن أشارك في إحدى هذه الدورات التي فتّحت عيني على ما يخطط للمرأة في الدول الغربية والمنظمات الأممية ، فكانت المرة الأولى التي أسمع فيها عن اتفاقية سيداو وعن مؤتمر بكين وعن الجندر وغير ذلك من الأمور التي بدأنا اليوم نلتمس مخاطرها على مجتمعاتنا المسلمة .

3- تواضعه في التعامل مع موظفيه. حيث لم تكن العلاقة بينه وبينهم علاقة مدير ومرؤوسيه، بل بين أب وأولاده. فكل من كان لديه مشكلة يعرضها على الحاج كي يجد لها حلاً أو كي يستشيره فيها . وكل من كان يريد سلفة مالية يذهب إلى الحاج مباشرة ولا يتصل بالإدارة .. وكان يخاف دوماً أن يغمط حق الموظفين ويقول: حتى لو أخذوا أكثر من حقهم أفضل من أن أكون قد انتقصت من حقهم ويحاسبني الله على ذلك .

أخيراً رحم الله الحاج توفيق الحوري الذي كان شعاره هو شعار الكلية عند تأسيسها " نعمل ولا نَعِد، ندعو ولا ندّعي " ...
رحم الله الحاج توفيق الذي حمل همّ الوطن وبيروت والأمة العربية والإسلامية في نصحه وتوجيهاته وتقديماته....
رحمك الله يا أطيب وأحن قلب .


 

د.نهى قاطرجي
  • مـقـالات عامة
  • مـقـالات نسائية
  • مـقـالات موسمية
  • مـقـالات الأمة
  • المكتبة
  • القصة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط