اطبع هذه الصفحة


صَفَحَاتٌ أمْ صَحَائِف !

نور الجندلي

 
عُتْمــةٌ تَسري داخِل القلب ..
الرُّوحُ تئنُّ ألماً ، تهبِطُ وتهبِطُ إلى القاع .
هنا .. في الدّنيا ..
وبينما تُحلّقُ أرواحٌ في سماء الطُّهر ..
تتمرّغُ تِلك الرّوح بطين الأرض ، تتوحّدُ معه ، ليكوّنا كتلةً طينيّة زائفة ، من كَذبٍ ، وخِداعٍ .. وذُلّ !!
هل يمكنُنا أن نذلّ ونحن نسعى إلى نجـاح ؟!
هل يمكننا أن نسقط ؛ ونحن نرومُ عُلوّاً وارتفاعاً ؟
كيف يكونُ لنا هذا المصير المؤسف ، ونحنُ أرباب فكرٍ وقلم ؟
انتقينا الأرقى دائماً في قراءاتنا ، وكثّفنا جرعات الثقافة في فكرنا ..
لكنّنا سقطنـــــــــــــــا ..! وبامتياز ..
إلى أخفض نقطة ممكنة ..
إلى قبرٍ حجارته جمرٌ مشتعل ، وترابه رمادٌ يعصفُ بنا ألماً ..
هناك .. حيث لا يمكننا التّنفس ، ولا تحريك القلم كما كنا نفعلُ في الدنيا .
هذا مصيرنا ، اخترناه بأيدينا ، حين تناسينا رفيع الأهداف ورضينا بأدناها .
وحين انتشينا ، لنجاحاتٍ رخيصة ، ما كانت فيه نوايانا خــــــــالصة .. لإلهٍ وهبنا كُلّ المواهب والنّعم .
كتبنا .. وما تساءلنا يومـاً .. لمن نكتب ؟ ماذا نكتب ؟ وكيف نكتب ؟
ألمديحٍ زائف ؟ أم لمتاعٍ زائل ، أم لانتشاء أضواءٍ وشهرة !
أسئلةٌ تطرق أعماقَ القلب بعنفٍ ، تسائله بحذر ، تحقق معه بوجل ..
ماذا فعلت ؟ وماذا اقترفت يداك في دنيا .. ؟
أوراقك أين تبعثرت ؟ وعمرك فيم تـاه ، وقلبك بأيّ شيء تعكّر ..
وهذه الرّوح ..
أما خُلقت نقيّة مضيئة شفافة ؟!
لِم أرسلتها إلى الهاوية ؟
أما تفكرت في ميعادٍ تطيش فيه الأوراق وتتطايرُ الصحف ؟
هاكَ إذن صحيفة عملك ..
ابحث فيها عن معنـاكَ الذي أهدرته ، وعن قلبكَ الذي سلبته حرّيته ، وعن حلمك الذي أضناك البحث عنه ..
ابحث .. هل من بياضٍ وسط السواد الموحل ؟
هل من نُقطة ، كانت لحظة في حيــــــاة .. عقدت فيها العزم أن تكتُب لله وحده ، أم أن السراب الخادع قد غشي رؤاك فما عدت ترى إلا نفسك !
حسابٌ عسيرٌ ينتظرك ..
لا كحسابِ البسطاء ، ومن ساروا على هامش الحياة ..
بل هو حساب عسير لمن ملكوا كنوزَ الفكر ، وحقائقَ العلم ، وأنوار الفهم في صفحاتهم ، وما فكروا يوماً كيف ستغدو في صحائفهم ..!

 

نُورٌ ومِسك
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط