اطبع هذه الصفحة


رُوحٌ وصَدَى ..

نور الجندلي

 
ماؤهم الرَّاكـدُ لا يُعجبك ، وسكونٌ لا يسيرُ على هواك ..
الصّمتُ في كلّ وقتٍ زينة ، شريطة ألا يكون من النوع الذي ألِفوه ..
صمتُ الحق أمام ضجيج الباطل .
يُقلقكَ حالهم ، فقد تردّى كثيراً بعد محاولاتٍ كثيرة لبلوغِ النّجاح ..
تسرَّبَ اليأسُ إلى قلوبهم رويداً حتى سكنها ، وسرى مسرى الدّماءِ في العُروق .
فَترت القوى ، وأُغمِضَت الأجفانُ على هزيمة ، ورُفعت راية الاستسلام هذه المرّة بيضاء شاحبة ، لا نصوع فيها ولا ضياء !
أيّ همٍّ ثقيلٍ قد تفشّى ، وقد غُرست في كلٍّ قلبٍ فسيلة ؟
هل تماوت بريقُ الحياة في جذورهم ، فزهدوا بأثرٍ يتركونه ؟
أم لم تَعُد للحياة قيمة ولا معنى ، فأصبحت المبادئ طلاسماً في معاجم فكرهم .
تجلسُ بعيداً جداً ، منزوياً على صخرة الحقيقة ..
كُلَّما مَرَّ يومٌ ازدادت حدودُ الصّخرة اتّساعاً .. وازدادت صخور الهمّ جثوماً في داخلك .
طعمُ اليأسِ مرٌّ لمن يتذوقه في مشهدٍ سائد .
ليس كمن اعتاد تجرّعه يوماً إثرَ يوم فاستساغه !
تهبُّ رِيحُ الهمّة لتُعرّي الحقيقة في صخرتك ، ولتنقُش لكَ رسالة تحدوكَ إلى نهوض .. فالكلُّ هناك ينتظرك ..
بعضهم قد يذكر ملامحك ، والبعض يجهلك !
لكنّهم يترقبون حضورك بين إغفاءة وأخرى ..
ذات يقظة ، والحلم قد أفَل باحثاً عنك ، تأتِي إليهم ، تحمِلُ ناقوسَ الخطر لتقرع بالخوفِ قلوبهم .
طال السّباتُ وجفّت قلوبكم ..
وغفى الحلم بعد سهدٍ طويلٍ في عُتمة فكركم !
تنقل لهم رسالة الهمّة المنقوشة على الصخرة البعيدة عن رؤاهم ، وتُقلّبُ في صحارى نفوسهم باحثاً عن بِذرة ابتلعها اليأسُ في يومٍ عاصف ..
ترفَعُ كفّيكَ ، تستسقي خيراً ، وتشتعلُ في قلبك جمرة غيرة ، ويبرُقُ الحُبُّ في خبايا قلبك ، فتعقدُ العزم على أن تجعل في حياتهم صحوة ، تُحيلُ قلوبهم جناناً سُندسيّة ..
وتأتي غَيمة ، تُلوّحُ لمن خلفها أن تعالوا ، فقد آن أوان النهضة ..
وتتوشّح السّماءُ بغيمٍ سكوب ، يتساقط على أرضهم خيراً ، فتولدُ من رحمها زروعٌ وأشجارٌ ونخيل .
تنمو .. تتحدّى القسوة في كلّ شيء ، وتتمرّدُ عاصية على الركود ، وتهبُّ واقفة بكبرياء المؤمن ، تصحبها دهشةُ الأرضِ والنهر والحجر ..
هي نفسٌ طالما أرّقها الصمتُ فلاذت إليه بلا حيلة ، وارتدته بلاحولٍ ولا قوة ، مترقبة طلوع الفجر ليحكي لها حكايا ألف همّة وهِمَّة ..
وكُنت أوّل البادئين بحديثٍ ، أطلق الأسارى .. فهبّوا جميعاً لجني القِطاف ، لحصد بيادرَ من نجاح ..
فلتوقنُ بأنَّ الماء الرّاكد لا يتحرّكُ وحده !
لابُدّ لحصى صغيرة أن تثير هدوءه ، أو لنسمة عذبة أن تداعب روح الجمال في فكره ، لتترك صداها طيّباً عميقاً طاهراً في رُوحهِ ، وفي كلّ روحٍ ألفته .
 

نُورٌ ومِسك
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط