اطبع هذه الصفحة


وأطلَّت ثَلاثُون ! ..

نُـور مؤيد الجندلي

 
ثلاثون عاماً .. وكُلّ شيءٍ يتشابه ..رغم تغير طفيف ..
الحروبُ الكوارثُ وأطماع البشر ..
كلما أخمدت حربٌ أشعلت أخرى .. وكلما تحررت مدينة أُسرت مدائن ..
فكأنما الجشعُ يتكاثرُ وينمو طفيلياً على الحياة ..
يفرضُ نفسهُ بجبنٍ ليشوّه وجهها الجميل في كلّ مكان ..
......
ثلاثون عاماً .. وسهامُ العداوة تتوجه صوب الإسلام ينتشرُ الصقيعُ في الأراضي الدافئة .. ويهجّر أهلها .. وتسكنها المادّة بأثوابٍ شتّى ..
تبسطُ الغربة سطوتها في المكان فتؤلم ..
ذلك الألم الذي تتلذذ به الفئة القليلة ..
وقلوبها تنبضُ بـ " طوبى للغرباء " .
.....
ثلاثونَ عاماً .. والجُرحُ يزدادُ عُمقاً في الجسد الواحد ..
كثيرةٌ قد غدت الوجوه، ولكنّها بلا ملامح !
خفّاقة هي القلوب ولكنها بلا حياة ..
ماتت يوم ارتكبت خطيئة الخيانة ..
يوم وأدت ضميرها حيّاً
ويوم خاضت في وحل المعاصي
فأهلكها الغرورُ وقد ظنّت أنها على قيد الحياة..
.....
ثلاثونَ عاماً .. والمشاعرُ الإنسانيّة في شتات ..
الدفءُ الأسريُّ يتلاشى في صخب
ورباطُ المجتمع يتفكك ..
وترتفع شعارات تنادي .. نفسي .. نفسي ..
محضُ نداءات لم تدركها معاني الصدق ..
أكاذيب حاكوها لأنفسهم ليصدقوها .. فماتت نفوس ونفوس على شفير الانهيار!
.......
ثلاثون عاماً والمآذنُ مازالت تصدحُ في المساجد والقلوب .. تردد نداءات التكبير ..
والمنابرُ تنادي للخير .. والدعاة بإصرارٍ يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ..
والأقلام الداعية تكتب ..والقلوب الحانية تدعو ..
وكتابُ الله باقٍ رغُم كلّ شيء دستور الحياة ..
......
ثلاثون عاماً قد مضت ..
وعندي أملُ بأن نعود أجمل مما كُنّاه ..
أن ننقشَ على جدران مغاورنا قصص المجد
وأن يدون التاريخ ما أنجزناه بفخر ..
وأن نعزم على تغيير أنفسنا ونصحو يوماً نترنم فيه بأناشيد النّصر ......
ثلاثون عاماً قد بلغتُ .. فكم من سنبلة غرستُ وماذا حصدت ؟!
كأنّي بأعوامي تخبرني بأن العمر قطار يجري فوق سكّة.. تدعى الحياة ..
كأني بأيامي محطات وقوف .. أتزودُ في كل مرحلة منها زاداً يعين ..
أتوقفُ لأتبع عثراتي .. كي لا أتساءل .. ما بال الرحلة لا تمضي ؟!
عمري تطويه الأيام سريعاً لتفاجئني بعددٍ عشري جديد ..
......
ضوءُ القمرِ خجولٌ هذه الليلة في غُرفتي ..
لكنّه قد ظهر ..
شجاعاً قاوم أسراب الغيم الأسود ..
قوياً تحدّى سنا البرق ..
وغزارةَ المَطر ..
إنها تمطر في داخلي أيضاً
يتصافح الحبرُ والدمع معاً .. يتحدان عند اكتمال القمر في ليلةٍ الثلاثين .. وكلّ ما فيها حنينٌ للقرار .. وكل ما فيها مطر ..!

 

نُورٌ ومِسك
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط