اطبع هذه الصفحة


الذوق العام ... والحس الجمالي

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
حفظاً للذوق العام... ومراعاة للحس الجمالي... كان لا بد من طرح وجهة نظر لقضية داخلية، أجزم سلفاً أنها ستلقى موافقة الأغلبية، لذا سأترك العنان للحديث عن هم لازمني لسنوات... هم ضقت به كما ضاق بي.. هم عرضته يوما باستحياء عبر إحدى الصحف الوطنية، إلا إنه لم يلق الاهتمام الذي كنت آمل... ولأني ممن يؤمن أنه لا يأس ولا قنوط من رحمة الله، ها أنا أعيد الكرة... لعلها تجد القبول.. لعل حالها اليوم لا يكون كأمسها، و لو على فرض أنها لن تجد من المنظمين الدراسة التي أعتقد أنها تستحق.. أعاهد قارئ هذه السطور على إعادة الكرة مرات عدة... فإهمالها لن يثنيني عن تجديد الأمل والمحاولة من جديد ولو بعد حين..
الفكرة ببساطة تتلخص في الفرق الشاسع فيما هو معروض من خرائط هندسية معمارية في المكاتب الهندسية التي يديرها بطبيعة الحال القطاع الخاص، وما هو مشاهد على أرض الواقع... فمن يتوجه منا لمكتب هندسي، سيعرض عليه أهل الخبرة والاختصاص ـ وبعد مداولات طويلة تكاد توصف بالمملة للطرفين ـ صورا لخرائط هندسية لن تماثل الواقع في مضمونها الخارجي -إلا فيما ندر -، أما للتصاميم الداخلية لتلك المباني ،فترك الإشارة إليها هنا أولى لي ولكم، إذ إن أوضاعها وتقسيماتها الداخلية ترجع في المقام الأول لمالك العقار ،.. أما حديثي عن الواجهة الخارجية لتلك المباني ففي ذلك وجهة نظر مختلفة ،إذ إننا كمواطنين نشارك المالك في الانتفاع من هذا الجانب من الناحية الأدبية على الأقل ، وهذا ما سأسعى لتبيانه لكم..

وقبل أن أصل لتلك الغاية... آمل أن لا يلحقني غضب ملاك العقار لرؤيتي هذه ،فيبادروا إلى تفسيرها من باب التدخل في شؤون الآخرين وخصوصياتهم، وأنا هنا أطمع في مشاركتهم لي في النظر من خارج الدائرة ... فالصورة في تلك الحالة ستكون بلا أدنى شك أوضح لكلينا،... عندها قد أطمئن لحيادية موقفهم سواء كان رفضاً أو قبولاً أو كان وسطا بين هذا وذاك ...
إن قناعتي ثابتة أن المظهر الخارجي لأغلبية المباني الحالية مع الأسف الشديد، تفتقد للحس الجمالي، ومؤذية للذوق بشكل عام، فالمباني التي كان مصمموها يتباهون بها وبإعدادهم لرسومات خرائطها المعمارية، ويحرصون كل الحرص على تذييلها بتوقيعاتهم، التصاميم الهندسية التي خرجت إلى النور عبر قنوات أكبر الشركات الهندسية في وطننا،لم تكن في مجملها على أرض الواقع كما ينبغي أن تكون..
فما إن يبادر المقاول المنفذ بالإمساك بالرسم المعتمد للعقار، حتى يحوله بقدرة قادر إلى مبنى أشبه ما يكون بمعمل للحدادة، فيعمل وبشكل عشوائي على تعليق المكيفات التي تطل علينا بخلفياتها القبيحة، وليتحول معها المعمار الهندسي الرائع التصميم ،إلى هيكل لا يمت إلى الإبداع لا من قريب ولا من بعيد ، يحدث هذا على مرأى من المكتب الهندسي الذي استلم مشكوراً ثمن التصميم كاملاً.. ودون معارضة منه، ودون إلزام المالك أو الأمانة له بعمل هندسي لإخفاء خلفيات المكيفات بشكل لا يضر بجمال المبنى، والذي بالتأكيد يمكن تحقيقه دون تكبد مالك العقار من جراء تنفيذه مصاريف إضافية مكلفة..
نعم عمائرنا حولت مدننا إلى ورش كهربائية.. وما عليك للتأكد من استحقاقها لهذا الوصف إلا تكليف نفسك النظر خارج نافذتك.. أو توجيه نظرك أثناء تجوالك داخل أحيائنا للمباني التي تنتصب عاليا على حواف شوارعنا الرئيسية والفرعية، وإن كنت على يقين إنك لست في حاجة لذلك فما أعايشه يوميا تعايشه، كما يعايشه كل مواطن... وما أراه يوميا تراه ،كما يراه كل مواطن..

وفي هذا الاتجاه لا يمكن أن أعفي وزارة البلديات من المسؤولية، فقبل أن تسمح بدخول الكهرباء والماء للمباني المشيدة، كان الأجدى أن تكلف مختصاً مراقبة تماثل البناء والتصميم المرخص ، كان الأجدى أن تتأكد من إخفاء فتحات المكيفات بشكل هندسي يضيف الجمال على مدننا ولا ينقصه..
وفي هذا المضمار حبذا لو فرضت الوزارة تعليمات على المكاتب الهندسية بهذا الخصوص، تنص على عقوبات تلحق المخالفين،من مكاتب ومقاولين وأصحاب عقار كل منهم على حسب مسؤوليته..المكاتب الهندسية على سبيل المثال تتكلف بدفع غرامة مادية مع إصلاح الخلل،وفي حالة ثبات تكرار الإهمال تمنع من مزاولة المهنة لفترة معينة أو نهائياً حسب نوعية المخالفة... وكذا الحال ومكاتب المقاولات،أما صاحب الملك فبعدم إمداد عقاره بالكهرباء أو الماء إلا بعد التأكد من تنفيذه للتعليمات..
أو بحلول أخرى سيصل إليها أصحاب الاختصاص بالتأكيد، لو عزموا الأمر على إيجاد حل سريع لتحسين المظهر العام لمدننا وأحيائنا،ومحاولة تنفيذها على الأقل في المباني الحديثة التي هي في مرحلة الإنشاء...

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط