اطبع هذه الصفحة


عريضة من أجل حبيبنا رسول الله

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
نحن لن نخسر الكثير لو قاطعنا بضائعهم أو حتى سحبنا سفيرنا من أرضهم، ولكننا سنخسر الكثير لو تجاهلنا أو كممنا أفواهنا أو أغمضنا عيوننا أمام هذا التصرف الأرعن...

ليلة الخميس الماضي وبينما كنت منهمكة ببعض شأني جاءني اتصال من إحدى طالباتي المجتهدات.. وللوهلة الأولى لم أجد له مبرراً، فهي في خضم موسم الامتحانات، إضافة إلى أن علاقتي بها كمدرسة انتهت، فلا منهج يجمع بيننا ولا امتحان.. إلا أن نبرة صوتها وإلحاحها على لقائي أقلقني وجعلني أشطح بعيدا،فقد اعتقدت حينها.. أن ظرفاً خاصاً ألم بها لم تتمكن معه من تفادي هذا القلق الجارف، كان لا بد - وهذه حالها - من نصحها بترك كل ما عدا التحصيل العلمي جانبا، فما هي إلا أيام معدودات تتمكن بعدها بإذن الله من النظر بموضوعية وتفرغ فيما هي بصدده.

إلا أن حديثي هذا زادها قلقا فهي لم تكن منشغلة بأمر خاص يخصها دون غيرها، بل بما ألمّ بأكثر من مليار مسلم فقد قالت: (ماذا أستطيع أن أفعل، فعلى ضعفي وقلة حيلتي لم أتمكن من تفادي هذا الإحساس بالحزن والغضب معا، مشاعر غمرت أفئدتنا جميعا جراء المساس برسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، هلا أرشدتني لما أستطيع المساهمة به. قد لا تترك مبادرتي أيا كانت تأثيراً يذكر إلا أن العزم على المبادرة في إنكار ورفض هذا التطاول الذي وجه لخير البرية عليه الصلاة والسلام لا أملك منه الفرار).

ومع يقيني بأنها لم تقدر تفاعلها حق قدره، ومع يقيني أنها لم تقدر نفسها حق قدرها، إلا أنها أصابت في تلميح جاء على لسانها يشير إلى أن أي إنكار منها أو من غيرها لن يحقق الغرض المطلوب من دون تقنين تشريعات دولية تحفظ حقنا كمسلمين في ديننا وفي رسولنا المصطفى عليه الصلاة والسلام وفي مقدساتنا، إذ إن أصواتنا ستبقى سجينة بين مخارج حروفها، إذا ما أهمل التفعيل الرسمي والشعبي وحتى الدولي لهذا الإنكار على أرض الواقع.. ومع هذا لا بد من إعلان الرفض..

أما هاتفي الجوال فقد أتخم في تلك الليلة وما قبلها وما بعدها برسائل تحمل في طياتها رفضاً وغضباً، رسائل تدعو في جملتها لتفعيل المقاطعة الشعبية لكل ما يمت بصلة للمنتجات الدنماركية والنرويجية، فمن أرضهما ظهر هذا الإسفاف، ومنها استمر ذاك الاستفزاز الإعلامي الموجه تجاه خير البرية وخاتم الأنبياء، نبي الرحمة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

وللقصة التي وصلت أخيرا لسحب المملكة العربية السعودية لسفيرها من الدنمارك، احتجاجا على سكوتها على تطاول إعلامها على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فصول عديدة، منها ما هو منفصل ومنها ما هو متتابع إلا أنها في النهاية ستكون - وبإذن الله - قصة رائعة يسطرها التاريخ العالمي بيقين وإيمان وشجاعة هذه البلاد الطيبة بحكومتها وعلمائها وأفرادها.

هذه القصة وقبل قرار سحب المملكة لسفيرها مرت داخل أروقة جامعة الدول العربية، والمؤتمر الإسلامي ومجلس الشورى ومجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية وغيرها من المؤسسات، بل نالت اهتمام علماء المسلمين على اختلافهم، وخصص للذود عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، قنوات إعلامية دعوية سخرت قدراتها لهذا الغرض، وبادر كثير من تجارنا للإعلان عن التزامهم بالمقاطعة، وبادر آخرون ببذل المال وبسخاء لهذا الهدف دون غيره، هذه القصة قد يعتقد بعضهم أنها انتهت، وقد يعتقد البعض الآخر أنها ستتوقف دون نهاية واضحة ولو بعد حين.

ولهؤلاء سواء وُجدوا بيننا أم لا.. أقول هلا اتعظتم بتتابع الأحداث، فالتشكيك في استمرارية تفعيل المقاطعة الشعبية لكل بضائع أولئك، سواء جاء على لساننا أم جاءنا من الخارج لن يجدي نفعا، هذا هو حالها ما دام هذا الاستخفاف مستمرا، فالإنسان يستطيع الحياة دون ألبانهم ودون منتجاتهم، وإمكانية استبدال منتجاتهم بغيرها أمر غير مستبعد مطلقا، كما أن تعويض بعضها ببعض منتجاتنا المحلية ممكن ومتحقق عمليا ولله الحمد.
نحن لن نخسر الكثير لو قاطعنا بضائعهم أو حتى سحبنا سفيرنا من أرضهم، ولكننا سنخسر الكثير لو تجاهلنا أو كممنا أفواهنا أو أغمضنا عيوننا أمام هذا التصرف الأرعن، سنخسر أعظم نعمة منّ الله بها علينا وشرفنا بالانتساب لهذا الدين الحنيف.
أما هم فسيفقدون بسكوتهم وتطاولهم مبالغ طائلة لا قبل لهم بتعويضها.. مبالغ دفعت لضخامتها كبرى مؤسساتهم الاقتصادية والإعلامية للإشارة إليها، بل دفعت مؤسساتهم الرسمية لتدارس سلبيات هذه المقاطعة وكيفية تفادي نتائجها.. واقع قلق فزع أكده الشيخ خالد بن عبد الرحمن الشايع نقلا عن عناوين نقشت على الصفحات الرئيسية لكبرى صحفهم المحلية.

ولمن قال إن القضية في المملكة العربية السعودية انتهت بسحب السفير، أقول إن سحب السفير كان نتيجة طبيعية لمحاولات رسمية وشعبية متكررة لإيقاف هذا التناول غير المسؤول لسيرة وشخص الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وإصراراً دفعنا بدورنا للمطالبة بالآتي:

* المطالبة الدولية بسن قوانين من شأنها تفعيل احترام العالم لديننا الحنيف ومقدساتنا الإسلامية.
* محاكمة الصحيفة ورئيس تحريرها ومن خط هذه الرسومات.. ومن ذهب مذهبها من وسائل إعلام أو أفراد.
* إلزام الصحيفة والمتورطين مثلها بدفع غرامات مالية للمؤسسات الإسلامية الدنماركية والنرويجية، غرامات تتناسب وضخامة الجرم.
* إلزام الصحيفة وأمثالها بنشر اعتذار للعالم الإسلامي، وتمويل الإعلان عنه في الصحف العالمية والإسلامية.

وأخيرا أطالب صحفنا المحلية السعودية بنشر (عريضة من أجل حبيبنا رسول الله)، عريضة ترفع صوت المواطن السعودي والمقيم، بل وحتى القنوات الفضائية الرسمية وغيرها بتخصيص برامج استثنائية مباشرة تطرح رأي المواطن والمقيم حول هذه القضية مستضيفة شخصيات علمية وفكرية سعودية وغير سعودية، لعلنا نتمكن من إيصال أصواتنا لكل من يهمه الأمر في الداخل والخارج، من ساسة أو إعلاميين أو تجار أو غيرهم، أو لمنظمات عالمية تعنى بالإنسان وحقوقه.

لم يكن مستغربا أن تختار الصحيفة الدنماركية الراعية لهذا التطاول النجمة السداسية - الصهيونية - شعاراً لها، ولم يكن مستغرباً أن يكون هذا الإصرار على ذلك التطاول نابعاً من أمثالها، ألم يقل المولى تعالى لنا: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)، ألم يقل سبحانه: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).

ويطيب لي أن أختم حديثي اليوم بوعد الله سبحانه ومن أصدق من الله قيلا: (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون).


 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط