اطبع هذه الصفحة


الشيء من معدنه لا يُستغرب

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
عنصرية مقننة حصل عليها الكيان الصهيوني، أو ظن أنه كذلك!
هذا ما طالعنا به قانون أمريكي جديد نصّب الولايات المتحدة الأمريكية قاضي القضاة.. قانون من الحكمة أن يظل حبيس الورق إن لم يملك موقعه الشجاعة الكافية لسحبه، و من ثم الاعتذار للعالم الذي أساء بتطاوله عليه، و للأمم التي لا تمتّ له بصله وتتباهى بعدم تبعيتها لهذا أو ذاك، ولمنظمة الأمم المتحدة الذي تجاهلها واستخف بها، وبقراراتها وباستقلاليتها، والتي لا شك يسعى لفرض عقوباته عليها هي الأخرى، إذا ما تجرأت وأصدرت إدانة ولو مبطنة على جرائم الكيان الصهيوني ضد الإنسان الفلسطيني..!!
إن محاولة تمرير هذا القانون على أرض الواقع فيه خطورة لا على شعوبنا العربية ولا على شعوب العالم؛ فهذه الشعوب قادرة بعون الله على رفض ومقاومة هذا الاستفزاز.. بطريقة حضارية أشك في فهم الإدارة الأمريكية لأبجديتها.
إن الخطورة في حقيقة الأمر تنطلق من وعلى الوحدة الوطنية الأمريكية.. خطورة لا أعتقد أن الرئيس بوش أخذها بالحسبان؛ فما يهم إدارته لا يعدو ربح الحرب الانتخابية ضد خصمه جون كيري، وفي سبيل هذه الغاية يهون مستقبل أمريكا واتحادها! فلم لا والغاية تبرر الوسيلة؟!
إن الشعب الأمريكي متعدد الأقليات والأديان، وشعب هذه خصائصه لا أعتقد أنه سيقبل هذا القانون بارتياح ولا سياسة تنتهج هذا التحيز من إدارته؛ وعليه فالحرب الأهلية قائمة لا محالة.. حرب ستنتهي لفرض استقلال ولاياتها عن هذا الاتحاد ولو على مدى بعيد نسبياًً، هذا ما يظهر لي -والله أعلم-؛ فأغلبية الشعب الأمريكي مسيحي الديانة، ثم تأتي الديانة الإسلامية في المرتبة الثانية من تعداد السكان، لتحل اليهودية في المرتبة الثالثة، ومع ذلك فالابن المدلل للإدارات الأمريكية السابقة والحالية بشكل خاص لا يعدو القلة القليلة من مواطني الأرض الأمريكية، وبالتالي القلة القليلة من دافعي الضرائب، وبالتالي القلة القليلة للسكان.. والتي هي بالمفهوم الغربي، لا قيمة لها؛ فالإنسان الأمريكي يؤمن بالديمقراطية التي تتطلع دوما للأغلبية، وقانون كهذا لا يتناسب جملة وتفصيلاً مع المفهوم الأمريكي للعدالة؛ إذ إنه تغاضى عن حقوق الأغلبية وركز جل اهتمامه على الأقلية المزدوجة الانتماء..
إنه مما لا شك فيه أن انتماء هذه الجالية الأول للصهيونية ثم يأتي انتماؤها لأمريكا الأرض الحاضنة لتطلعات الصهيونية الاحتلالية.. تطلعات أعلن عنها ساستها بكل صراحة: (شارون) غني عن التعريف، ولا حاجة لنا هنا للحديث عن جرائمه، و لنسمع معاً (عيزرا وايزمن) الرئيس الأسبق للصهيونية الذي أعلن إيمانه التام بالإرهاب الصهيوني بقوله: "إن اللجوء إلى العنف والإرهاب، والتعاون مع الشر أمر لا بد منه لإقامة الوطن القومي لليهود". أما (بيغن) فقد قال بدوره ما يؤكد معاداته للجنس العربي: "أنتم الإسرائيليون يجب ألا تأخذكم شفقة.. أو رحمة عندما تقتلون عدوكم، عليكم أن تدمروا حضارة العرب، التي ستشيد على أنقاضها حضارتنا اليهودية"! ومن مقولاته: "لا يمكن أن نشتري السلام مع أعدائنا العرب؛ فالسلام الذي يمكن أن يُشترى هو فقط سلام القبور"! أما (نتنياهو) فمن أقواله التي يعتز والتي حرص على أن يوردها في كتابة (حرب الإرهاب) قوله: "إن الإسلام هو عدو إسرائيل، وعلى إسرائيل أن تتهيأ جيداً لمحاربة الإسلام.."! وقوله: "لا يمكن أن يقوم السلام، إلا إذا زالت إحدى الديانتين اليهودية أو الإسلام"! وخلال حكمه هدّد حلفاءه الأميركيين، بحرق واشنطن والبيت الأبيض الأميركي، إذا لم تخضع الإدارة الأميركية لشروطه في السلام مع الفلسطينيين!.

وبعد هذا التهديد المعلن بحرق واشنطن والبيت الأبيض إذا لم تخضع الإدارة الأمريكية لشروط سيدها الصهيوني، يأتي الوجيه الأمريكي (لاري سمرز) رئيس جامعة (هارفورد) ووزير الخزانة السابق في فترة رئاسة الرئيس الأمريكي( بيل كلنتون) ليشير في خطاب له إلى توازي مفهومي معاداة السامية، ومعاداة الصهيونية.. معتبراً إن أي رفض لإسرائيل هو في حد ذاته معاداة للسامية!
أقترح أن يُعدّل القانون ليكون ( قانون مراقبة انتقاد اليهود للعرب والمسلمين) لعله يتماشى مع واقع الصهيونية، فإن كانت الإدارة الأمريكية راضية بتطاولها عليها؛ فنحن المسلمين والعرب نأبى الضيم سواء كان واقعاً علينا أو على غيرنا..

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط